تصاعد المخاوف من ركود في أوروبا رغم النمو المفاجئ في ألمانيا

رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد (رويترز)
رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد (رويترز)
TT

تصاعد المخاوف من ركود في أوروبا رغم النمو المفاجئ في ألمانيا

رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد (رويترز)
رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد (رويترز)

سجّل الاقتصاد الألماني نموا غير متوقع في الفصل الثالث من العام، وفق ما أظهرت بيانات رسمية الجمعة، لكن التباطؤ في فرنسا وإسبانيا زاد المخاوف من احتمال
أن يتسبب ارتفاع معدلات التضخم وأزمة الطاقة بالمنطقة في حالة ركود، بحسب ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.
ويستعد الأوروبيون لشتاء صعب فيما قلّصت روسيا إمدادات الغاز غداة حرب أوكرانيا، ما يؤدي إلى ارتفاع فواتير التدفئة وتفاقم أزمة تكاليف المعيشة للملايين.
ورغم التوقعات القاتمة، فاجأت ألمانيا المحللين بالإعلان عن نمو فصلي بلغت نسبته 0,3 في المائة، مدفوعا بشكل أساسي بإنفاق المستهلكين.
في الأثناء، سجّلت كل من فرنسا وإسبانيا نموا نسبته 0,2 في المائة من يوليو (تموز) حتى سبتمبر (أيلول)، في تباطؤ شديد بعد النمو البالغ 0,5 و1,5 في المائة الذي سجله البلدان في الفصل السابق.
وذكرت وكالة «ديستاتيس» الفدرالية الألمانية للإحصاءات في إشارة إلى البيانات الأولية أن »الاقتصاد الألماني تمكّن من الثبات رغم وباء كوفيد-19 المتواصل واضطراب سلاسل الإمداد وارتفاع الأسعار والحرب في أوكرانيا».
وتمكّنت ألمانيا من تحقيق نمو نسبته 0,1 في المائة في الفصل الثاني من العام، بعد توقعات المحللين بأن ينكمش أكبر اقتصاد في أوروبا بنسبة 0,2 في المائة في الفصل الثالث.
لكن خبراء اقتصاد حذّروا من أن بيانات الجمعة لا توفر إلا فترة راحة قصيرة ومن أن التراجع الاقتصادي آتٍ، في وقت تؤدي الحرب الروسية على أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة.
وفي هذا السياق، أظهرت بيانات أولية نشرتها «ديستاتيس» الجمعة أيضا أن معدل التضخم ارتفع في أكتوبر (تشرين الأول) في ألمانيا مسجّلا 10,4 في المائة. لكن وتيرة ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية كانت أبطأ من الأشهر السابقة.
وأوضحت البيانات أن الارتفاع مدفوع بتكاليف المواد الغذائية والخدمات بينما كان ارتفاع أسعار الطاقة أقل حدة. وبلغ معدل التضخم في سبتمبر 10,0 في المائة.
وقد غذّت الحرب التضخم في منطقة اليورو إذ سجّل معدلا قياسيا بلغ 9,9 في المائة في سبتمبر، فحرم العائلات من المداخيل ورفع التكاليف بالنسبة للشركات.
وقال خبير الاقتصاد لدى «آي إن جي» كارستن برزيسكي إن «بيانات النمو الإيجابية الصادرة اليوم تشكّل مفاجأة مرحّبا بها. لكنها لا تعني أن الاقتصاد الألماني سينجح في منع حدوث ركود... الركود تأخر فحسب، لكن لا يمكن القول إنه غير وارد».
كانت ألمانيا التي تعد صناعاتها المستهلكة للطاقة مفتاح نجاحها كدولة مصدّرة، تعتمد بشدة على الغاز الروسي قبل الحرب وكانت أكثر تأثرا من دول الاتحاد الأوروبي الأخرى بتراجع إمدادات الغاز الروسية.
وتتوقع الحكومة الألمانية أن ينكمش الاقتصاد بنسبة 0,4 في المائة عام 2023.
وفي فرنسا، ثاني أكبر قوة اقتصادية في الاتحاد الأوروبي، ساهمت الاستثمارات التجارية القوية في المحافظة على الزخم، لكن انتعاش قطاع الخدمات عقب رفع تدابير الإغلاق يتراجع، بحسب محللين.
وقال خبير الاقتصاد لدى «أليانز تريد» ماكسيم دارميه إن النمو الهزيل الذي حققته فرنسا في الربع الثالث قد يكون «آخر فرحة قبل الركود». وأضاف أنه مع ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية في فرنسا إلى أعلى مستوياتها منذ العام 1985، ستشعر العائلات «بشدة بتراجع قدرتها الشرائية».
وتعهّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مقابلة تلفزيونية مؤخرا دعم العائلات في هذه الفترة الصعبة، بعدما شهدت البلاد أسابيع من الإضرابات احتجاجا على أجور العاملين في مصافي النفط ومستودعات الوقود.وأما في إسبانيا، فأُرجع تباطؤ النمو بمعظمه إلى تراجع أداء قطاع العقارات حيث انكمش النشاط بنسبة 2,5 في المائة، وإلى انخفاض الصادرات والاستثمارات التجارية.
ولفت خبير الاقتصاد لدى «آي إن جي» ووتر تييري إلى أن الموسم السياحي القوي وازدياد الطلب المحلي جنّبا إسبانيا الانكماش.
لكن في وقت تبدو العديد من المؤشرات سلبية، قال تييري «نتوقع ركودا معتدلا في الاقتصاد الإسباني خلال الفصلين المقبلين».
وأعلن الخميس رفع معدلات الفائدة مجددا لمكافحة التضخم، لكنه أقر بأن ارتفاع تكاليف الاستدانة سيعمّق الصعوبات الاقتصادية.
وقالت رئيسة المصرف كريستين لاغارد إن احتمالات تسجيل ركود في منطقة اليورو «تلوح أكثر في الأفق».


مقالات ذات صلة

خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

الاقتصاد خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

يتجه المصرف المركزي الأوروبي الخميس إلى إقرار رفع جديد لمعدلات الفائدة، وسط انقسام بين مسؤوليه والمحللين على النسبة التي يجب اعتمادها في ظل تواصل التضخم والتقلب في أداء الأسواق. ويرجح على نطاق واسع أن يقرّر المصرف زيادة معدلات الفائدة للمرة السابعة توالياً وخصوصاً أن زيادة مؤشر أسعار الاستهلاك لا تزال أعلى من مستوى اثنين في المائة الذي حدده المصرف هدفاً له.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد انقسام أوروبي حول خطط إصلاح قواعد الديون

انقسام أوروبي حول خطط إصلاح قواعد الديون

واجه وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة، اقتراحا من قبل المفوضية الأوروبية لمنح دول التكتل المثقلة بالديون المزيد من الوقت لتقليص ديونها، بردود فعل متباينة. وأكد وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر أن مقترحات المفوضية الأوروبية لمراجعة قواعد ديون الاتحاد الأوروبي «ما زالت مجرد خطوة أولى» في عملية الإصلاح.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد نمو «غير مريح» في منطقة اليورو... وألمانيا تنجو بصعوبة من الركود

نمو «غير مريح» في منطقة اليورو... وألمانيا تنجو بصعوبة من الركود

ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بنسبة بلغت 0,1 % في الربع الأول من العام 2023 مقارنة بالربع السابق، بعدما بقي ثابتا في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2022، وفق أرقام مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات). بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي برمّته، انتعش نمو الناتج المحلي الإجمالي بزيادة بلغت نسبتها 0,3 % بعد انخفاض بنسبة 0,1 % في الربع الأخير من العام 2022، وفق «يوروستات». وفي حين تضررت أوروبا بشدة من ارتفاع أسعار الطاقة عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما يغذي تضخما ما زال مرتفعا للغاية، فإن هذا الانتعاش الطفيف للنمو يخفي تباينات حادة بين الدول العشرين التي تشترك في العملة الموحدة. وخلال الأش

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد «النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

«النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

قال مدير صندوق النقد الدولي لمنطقة أوروبا اليوم (الجمعة)، إنه يتعين على البنوك المركزية الأوروبية أن تقضي على التضخم، وعدم «التوقف» عن رفع أسعار الفائدة، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». وأوضح ألفريد كامر، خلال إفادة صحافية حول الاقتصاد الأوروبي في استوكهولم، «يجب قتل هذا الوحش (التضخم).

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد أوروبا تشتري الوقت لتقليص الديون

أوروبا تشتري الوقت لتقليص الديون

من المقرر أن تحصل دول الاتحاد الأوروبي المثقلة بالديون على مزيد من الوقت لتقليص الديون العامة، لتمكين الاستثمارات المطلوبة، بموجب خطط إصلاح اقترحتها المفوضية الأوروبية يوم الأربعاء. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين: «نحتاج إلى قواعد مالية ملائمة لتحديات هذا العقد»، وأضافت «تمكننا الموارد المالية القوية من الاستثمار أكثر في مكافحة تغير المناخ، ولرقمنة اقتصادنا، ولتمويل نموذجنا الاجتماعي الأوروبي الشامل، ولجعل اقتصادنا أكثر قدرة على المنافسة». يشار إلى أنه تم تعليق قواعد الديون والعجز الصارمة للتكتل منذ أن دفعت جائحة فيروس «كورونا» - حتى البلدان المقتصدة مثل ألمانيا - إلى الا

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
TT

«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)

علَّق البنك المركزي الصيني شراء سندات الخزانة يوم الجمعة، مما رفع العائدات لفترة وجيزة وأثار تكهنات بأنه يكثف دفاعه عن عملة اليوان التي تتراجع منذ انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة.

وتقطع هذه الخطوة خمسة أشهر من الشراء، وتتزامن مع موجة بيع شرسة في أسواق السندات العالمية، مما يشير إلى أن بنك الشعب الصيني يحاول أيضاً ضمان ارتفاع العائدات في الداخل بالتوازي، أو على الأقل وقف الانخفاض، كما يقول المحللون.

وعقب الإعلان عن الخطوة، ارتفعت العائدات التي تتحرك عكسياً مع أسعار السندات، رغم أن أسعار الفائدة القياسية لأجل عشر سنوات كانت أقل قليلاً بحلول المساء.

ويشير التحول في السياسة واستجابة السوق الحذرة، إلى محاولة بنك الشعب الصيني إحياء النمو الاقتصادي من خلال الحفاظ على ظروف نقدية ميسرة في حين يحاول أيضاً إخماد ارتفاع السندات الجامح، وفي الوقت نفسه استقرار العملة وسط حالة من عدم اليقين السياسي والاقتصادي.

وقال محللون في «كومرتس بنك» في مذكرة: «لقد أشار البنك إلى استعداده لتخفيف السياسة بشكل أكبر... ومع ذلك، فإن ضعف اليوان بسبب الدولار القوي واتساع الفارق مع أسعار الفائدة الأميركية من شأنه أن يعقد موقف بنك الشعب الصيني».

واستشهد بنك الشعب الصيني بنقص السندات في السوق كسبب لوقف عمليات الشراء، والتي كانت جزءاً من عملياته لتخفيف الأوضاع النقدية وتعزيز النشاط الاقتصادي.

وكان عائد سندات الخزانة الصينية لأجل عشر سنوات قد ارتفع في البداية أربع نقاط أساس، لكنه انخفض في أحدث تداولات بأكثر من نصف نقطة أساس إلى 1.619 في المائة. وارتفع اليوان قليلاً رغم أنه كان يتداول عند مستوى ثابت حول 7.3326 يوان مقابل الدولار، وهو أدنى مستوى له في 16 شهراً.

وقال كين تشيونغ، كبير استراتيجيي النقد الأجنبي الآسيوي في بنك «ميزوهو»: «أحد الأسباب الرئيسية لانخفاض قيمة اليوان هو اتساع فجوة العائد بين الصين والولايات المتحدة، لذا فإن البنك المركزي يرسل إشارة إلى السوق بأن معدل العائد من غير المرجح أن ينخفض ​​أكثر».

وقال البنك المركزي الصيني في بيان إنه سيستأنف شراء السندات عبر عمليات السوق المفتوحة «في الوقت المناسب حسب العرض والطلب في سوق السندات الحكومية».

وكانت أسعار السندات في الصين في ارتفاع مستمر منذ عقد من الزمان - وهو الارتفاع الذي بدأ في الزيادة منذ ما يقرب من عامين حيث تسببت مشكلات قطاع العقارات وضعف سوق الأسهم في تدفق الأموال إلى الودائع المصرفية وسوق الديون.

وهذا الأسبوع شهدت السوق موجة بيع عالمية، والتي زادت بفضل الطلب الذي لا يقاوم على الأصول الآمنة ومراهنات المستثمرين على المزيد من خفض أسعار الفائدة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وحذر بنك الشعب الصيني لشهور من مخاطر الفقاعة مع انخفاض العائدات طويلة الأجل إلى مستويات قياسية متتالية، على الرغم من أن السلطات في الوقت نفسه توقعت المزيد من التيسير. وهبطت العملة بنحو 5 في المائة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، ويرجع ذلك إلى حدٍ كبير إلى المخاوف من أن تهديدات ترمب بفرض تعريفات تجارية جديدة ستزيد من الضغوط على الاقتصاد الصيني المتعثر.

وقال هوانغ شيويفينغ، مدير الأبحاث في شركة «شنغهاي أنفانغ برايفت فاند كو» في شنغهاي، إنه يتوقع استمرار الاتجاه الهبوطي في عائدات السندات مع «استمرار السوق في التعامل مع وضع التكالب على الأصول»، حيث يوجد نقص في فرص الاستثمار الجيدة... ويوم الجمعة، نقلت «فاينانشيال نيوز»، وهي مطبوعة تابعة لبنك الشعب الصيني، عن أحد خبراء الاقتصاد قوله إن السوق يجب أن تتجنب التوقعات المفرطة بشأن تخفيف السياسة النقدية.

وفي الأسواق، أنهت أسهم الصين وهونغ كونغ الأسبوع على انخفاض مع امتناع المتداولين عن زيادة استثماراتهم في السوق وانتظار تدابير تحفيزية جديدة من بكين.

وأغلق مؤشر «سي إس آي 300» الصيني ومؤشر «شنغهاي المركب» على انخفاض بنحو 1.3 في المائة يوم الجمعة. وانخفض مؤشر هانغ سنغ القياسي في هونغ كونغ 0.9 في المائة. وعلى مستوى الأسبوع، انخفض مؤشر «سي إس آي 300» بنسبة 1.1 في المائة، بينما انخفض مؤشر هانغ سنغ بنسبة 3.5 في المائة.

وقال محللون بقيادة لاري هو، من مؤسسة «ماكواري» في مذكرة: «السؤال الرئيسي في عام 2025 هو مقدار التحفيز الذي سيقدمه صناع السياسات. سيعتمد ذلك إلى حد كبير على تأثير التعريفات الجمركية، حيث سيفعل صناع السياسات ما يكفي فقط لتحقيق هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي. ويشعر عدد قليل من المستثمرين أن السوق صاعدة، حيث تظل أرباح الشركات ضعيفة وسط ضعف الطلب المحلي. والرأي السائد هو أن السيولة ستصبح أكثر مرونة في عام 2025 ولكن النمو الاسمي سيظل بطيئاً».