مشاهد من اقتحام نابلس: قوات إسرائيلية متخفية وطائرات مسيّرة... والصدفة كشفت العملية

استمرت العملية نحو ثلاث ساعات ونصف ساعة

جندي إسرائيلي يقف إلى بجانب كتلة إسمنتية في قرية حوارة الفلسطينية جنوبي نابلس (أ.ف.ب)
جندي إسرائيلي يقف إلى بجانب كتلة إسمنتية في قرية حوارة الفلسطينية جنوبي نابلس (أ.ف.ب)
TT

مشاهد من اقتحام نابلس: قوات إسرائيلية متخفية وطائرات مسيّرة... والصدفة كشفت العملية

جندي إسرائيلي يقف إلى بجانب كتلة إسمنتية في قرية حوارة الفلسطينية جنوبي نابلس (أ.ف.ب)
جندي إسرائيلي يقف إلى بجانب كتلة إسمنتية في قرية حوارة الفلسطينية جنوبي نابلس (أ.ف.ب)

عند دقات الساعة الثانية عشرة بعد منتصف الليل، دوّت انفجارات وأصوات طلقات رصاص. سمعتها ميس الشافعي، الشابة الفلسطينية، التي تقيم في مدينة نابلس، كما سمعها أغلب سكان المدينة، قبل أن تكتشف، لاحقاً، بعد سلسلة اتصالات مع بعض زملائها وجيرانها، أن عملية اقتحام القوات الإسرائيلية للبلدة القديمة بدأت عبر المدخل الغربي.
اكتشاف اقتحام القوات الإسرائيلية تم عبر «الصدفة»، بعد تعرف أحد سكان البلدة القديمة، على عناصر تابعة للقوات الخاصة عند المدخل الغربي لمدينة نابلس، ومناداته بصوت عالٍ لتنبيه السكان ببدء عملية الاقتحام الإسرائيلي، قبل أن تقتله القوات، بحسب الشافعي، التي تعمل في وسيلة إعلام محلية.
تزامنت هذه الحادثة مع تعرف عدد من سكان المدينة على أفراد تابعين لوحدة المستعربين العسكرية الإسرائيلية، مرتدين لباساً مدنياً، داخل سيارة تحمل أرقاماً فلسطينية في منطقة دوار الشهداء، وفقاً لثلاث شهادات من سكان المدينة.
و«المستعربون»، هي وحدات أمنية سرية وخاصة، تابعة للشرطة الإسرائيلية، يتخفى أفرادها بملابس مدنية، ويضعون الكوفية الفلسطينية ليندسوا في التجمعات الفلسطينية، وسرعان ما ينقلبون ضد المتجمّعين عنفاً واعتقالاً لصالح القوات الإسرائيلية.
قالت الشابة الفلسطينية، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إن سكان المدينة خرجوا «بأعداد كبيرة»، محاولين دخول البلدة القديمة للدفاع عن سكانها، أمام مساعي القوات الإسرائيلية لتطويق نابلس، لكنهم عجزوا عن الوصول لهذه المنطقة؛ بسبب كثافة إطلاق قنابل الصوت والغاز من جانب الطائرات الإسرائيلية الاستطلاعية المسيرة، التي كانت تحلق على مسافة قريبة.
وجاءت عملية اقتحام نابلس، المحاصرة منذ أكثر من 15 يوماً، مع إصرار إسرائيل على القضاء على مجموعة «عرين الأسود» المشكلة حديثاً هناك، كما تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد ووزير دفاعه بيني غانتس.
 
أكدت الشابة الفلسطينية أن «الخيارات الإسرائيلية لن تقف عند هذا الحد؛ ففاتورة الدم لن تنتهي، وما حدث في نابلس بداية لعملية اغتيالات واقتحامات مقبلة، وسيكون هناك تصعيد مضاد من جانب قوات الاحتلال، سيزيد حالة تضييق الخناق على المدينة وحصارها».
إلى جانب السكان، مُنع المسعفون ورجال الإنقاذ من دخول البلدة القديمة لتقديم الإسعافات الأولية للمصابين، الذين بلغ عددهم نحو 21 شخصاً و5 قتلى، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.
«س.ص»، هو أحد هؤلاء المسعفين، وقد مُنع من دخول منطقة الاشتباكات بالبلدة القديمة في نابلس، حتى انسحبت القوات الإسرائيلية بعد ثلاث ساعات ونصف من تبادل إطلاق النيران، وسُمح لهم بدخول المنطقة التي شهدت سقوط مصابين وقتلى من الجانب الفلسطيني، وتم نقلهم إلى أقرب المستشفيات.
قال المسعف الفلسطيني، الذي تحفظ عن ذكر اسمه، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إن أحد الشبان انفجرت فيه عبوة ناسفة أدت إلى احتراقه، لكن لم يتم السماح لنا لإسعاف المصابين حتى انسحاب القوات الإسرائيلية بعد انتهاء العملية.
وغلب الاختناق على إصابات سكان البلدة القديمة في نابلس، وهو ما يفسره المسعف بالإلقاء الكثيف لقنابل الغاز من الطائرات المسيرة الإسرائيلية المُحلقة في الهواء.
آثار اقتحام القوات الإسرائيلية مدينة نابلس، انعكست على تأزم وضع المدينة الاقتصادية، التي تُعد أكبر مركز حضري في الضفة الغربية، والتضييق على حركة سكانها، الذين يبلغ عددهم نحو 380961 نسمة، ويشكلون ما نسبته 8.1 في المائة من مجمل سكان فلسطين، بحسب تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
قال ياسين نوفل، أحد سكان قرية بيت دجن في نابلس، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إن الخروج من المدينة ودخولها باتا شبيهين «بالولادة المتعثرة»، بعدما تسببت نقاط التفتيش التي أقامتها القوات الإسرائيلية، على مداخل المدينة، في تحويل نابلس «لمدينة محاصرة»، يُمنع سكانها من الدخول والخروج.
https://twitter.com/QudsNen/status/1585257992730996736
أضاف نوفل، أن الوافدين إلى نابلس يضطرون للوقوف عند نقاط التفتيش لنحو سبع ساعات، وقد ينتهي الحال بهم بعد هذا التوقف إلى المنع من دخول المدينة، موضحاً أن أغلب سكان القرى يعملون في المدينة، والأوضاع الحالية تجعل دخول المدينة أمراً «صعباً».
إلى جانب نقاط التفتيش، شيدت القوات الإسرائيلية حاجزاً عسكرياً من المكعبات الإسمنتية والسواتر الترابية، عند منطقة دير شرف، غربي نابلس، «فشلت» حركة الناس وعطّلت الحياة التجارية بشكل كامل، وحولت نابلس لمدينة معزولة، فقدت حيويتها المعتادة، لتزيد معاناة سكانها الذين يواجهون، كما بقول نوفل، «احتلالاً يسعى لكسر شوكة المدينة» التي كانت حاضرة دوماً في أحداث فلسطين الكبرى.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي «مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

«مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

قتلت إسرائيل 3 فلسطينيين في الضفة الغربية، الخميس، بعد حصار منزل تحصنوا داخله في نابلس شمال الضفة الغربية، قالت إنهم يقفون خلف تنفيذ عملية في منطقة الأغوار بداية الشهر الماضي، قتل فيها 3 إسرائيليات، إضافة لقتل فتاة على حاجز عسكري قرب نابلس زعم أنها طعنت إسرائيلياً في المكان. وهاجم الجيش الإسرائيلي حارة الياسمينة في البلدة القديمة في نابلس صباحاً، بعد أن تسلل «مستعربون» إلى المكان، تنكروا بزي نساء، وحاصروا منزلاً هناك، قبل أن تندلع اشتباكات عنيفة في المكان انتهت بإطلاق الجنود صواريخ محمولة تجاه المنزل، في تكتيك يُعرف باسم «طنجرة الضغط» لإجبار المتحصنين على الخروج، أو لضمان مقتلهم. وأعلنت وزارة

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

في وقت اقتطعت فيه الحكومة الإسرائيلية، أموالاً إضافية من العوائد المالية الضريبية التابعة للسلطة الفلسطينية، لصالح عوائل القتلى الإسرائيليين في عمليات فلسطينية، دفع الكنيست نحو مشروع جديد يتيح لهذه العائلات مقاضاة السلطة ورفع دعاوى في المحاكم الإسرائيلية؛ لتعويضهم من هذه الأموال. وقالت صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية، الخميس، إن الكنيست صادق، بالقراءة الأولى، على مشروع قانون يسمح لعوائل القتلى الإسرائيليين جراء هجمات فلسطينية رفع دعاوى لتعويضهم من أموال «المقاصة» (العوائد الضريبية) الفلسطينية. ودعم أعضاء كنيست من الائتلاف الحكومي ومن المعارضة، كذلك، المشروع الذي يتهم السلطة بأنها تشجع «الإرهاب»؛

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

دخل الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب وقصف بدباباته موقعاً في شرق مدينة غزة، أمس الثلاثاء، ردّاً على صواريخ أُطلقت صباحاً من القطاع بعد وفاة القيادي البارز في حركة «الجهاد» بالضفة الغربية، خضر عدنان؛ نتيجة إضرابه عن الطعام داخل سجن إسرائيلي.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

صمد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي دخل حيز التنفيذ، فجر الأربعاء، منهيا بذلك جولة قصف متبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية استمرت ليلة واحدة (أقل من 24 ساعة)، في «مخاطرة محسوبة» بدأتها الفصائل ردا على وفاة القيادي في «الجهاد الإسلامي» خضر عدنان في السجون الإسرائيلية يوم الثلاثاء، بعد إضراب استمر 87 يوما. وقالت مصادر فلسطينية في الفصائل لـ«الشرق الأوسط»، إن وساطة مصرية قطرية وعبر الأمم المتحدة نجحت في وضع حد لجولة القتال الحالية.

كفاح زبون (رام الله)

ما حدود الدعم العربي لسوريا بمواجهة الفصائل المسلحة؟

نازحون فروا من ريف حلب يركبون سيارة تحمل أمتعتهم بجوار إشارة طريق في حلب (رويترز)
نازحون فروا من ريف حلب يركبون سيارة تحمل أمتعتهم بجوار إشارة طريق في حلب (رويترز)
TT

ما حدود الدعم العربي لسوريا بمواجهة الفصائل المسلحة؟

نازحون فروا من ريف حلب يركبون سيارة تحمل أمتعتهم بجوار إشارة طريق في حلب (رويترز)
نازحون فروا من ريف حلب يركبون سيارة تحمل أمتعتهم بجوار إشارة طريق في حلب (رويترز)

اتصالات عربية مع دمشق تتواصل بشأن التطورات الميدانية في شمال سوريا، كان أحدثها مناقشات وزيري الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره السوري بسام صباغ، التي تناولت «سبل الدعم العربي للدولة السورية في ظل التطورات الأخيرة، خاصة في إطار جامعة الدول العربية» بعد سيطرة فصائل مسلحة على مناطق بمحافظتي حلب وإدلب.

مسؤول حكومي سوري، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، يؤكد «أهمية الاتصالات العربية السورية، وأن يشمل الدعم العربي، بخلاف إمكانية عقد اجتماعات بالجامعة العربية، عدم توفير ملاذات آمنة للإرهابيين وتقديم المعلومات ومساعدات عسكرية، سواء عبر خبراء أو بجهود منظمة كما حدث من قبل في الموصل»؛ في إشارة إلى تدخل دولي كالذي حدث سابقاً ضد تنظيم «داعش» الإرهابي في العراق.

تلك الاتصالات العربية - السورية تعد، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، الأكبر منذ 2011، وتتوافق بشكل مباشر على مساندة دمشق، متوقعين أن تحمل دعماً عبر مستويات سياسية وقانونية ودبلوماسية وإغاثية وإمكانية عقد اجتماع طارئ بالجامعة العربية. وأحد الخبراء استبعد التدخل العسكري العربي في ظل «عدم التوافق على هذه الآلية حالياً».

وعلى مدى الأيام الماضية، شنّت فصائل مسلّحة في شمال غربي سوريا، بقيادة «هيئة تحرير الشام»، هجوماً عسكرياً سيطرت خلاله على مناطق في محافظتي حلب وإدلب، خاضعة لسيطرة الحكومة، بعد أربع سنوات من الهدوء النسبي.

وتلقى عبد العاطي، الأربعاء، اتصالاً هاتفياً من صباغ «تناول آخر المستجدات والتطورات الميدانية في شمال سوريا، والتداعيات الوخيمة لهذه التطورات على أمن واستقرار سوريا والمنطقة بأسرها»، مجدداً «موقف القاهرة الثابت والداعم للدولة السورية وسيادتها ووحدة وسلامة أراضيها والأهمية البالغة لحماية المدنيين»، وفق بيان للخارجية المصرية.

وعن مستجدات المواقف العربية، قال مستشار مجلس الوزراء السوري عبد القادر عزوز، لـ«الشرق الأوسط» إن «المباحثات العربية - السورية مستمرة، وخاصة أن جميع الأشقاء العرب لهم دور كبير، لأن ما يحدث يهدد استقرار المنطقة وليس شأناً سورياً على الإطلاق»، موضحاً أنه «عندما تسيطر جبهة النصرة، فرع تنظيم (القاعدة)، على الشمال السوري، فهذا أمر يقوض الأمن والاستقرار، وسيجعل هناك تمكين أكبر للتنظيمات الإرهابية، وقد يحرك الخلايا النائمة في دول المنطقة».

ويعد هذا التحرك العربي الرسمي المباشر للدولة السورية، هو الأكبر منذ 2011، وفق تقدير الخبير في العلاقات الدولية، الدكتور بشير عبد الفتاح؛ في إشارة لمطالب الدول العربية بدعم استقرار الدولة ووحدة ترابها.

وبحث الاتصال الهاتفي بين وزيري خارجية مصر وسوريا أيضاً «سبل الدعم العربي للدولة السورية في ظل التطورات الأخيرة، خاصة في إطار جامعة الدول العربية»، وفق بيان صحافي للخارجية المصرية، الأربعاء، فيما أكد رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الأربعاء، في مؤتمر صحافي بالقاهرة «دعم مصر لدولة سوريا الشقيقة ووحدة أراضيها، في ضوء التحدي الراهن الذي تواجهه».

وبرأي مستشار مجلس الوزراء السوري عبد القادر عزوز، فإن «أشكال الدعم العربي بخلاف إمكانية عقد اجتماع بالجامعة العربية لبحث تقديم الدعم، تتمثل في تقديم المعلومات للدولة السورية، وعدم توفير ملاذات آمنة لهؤلاء الإرهابيين، وعدم السماح باستغلال الثروات السورية».

ولا يستبعد المسؤول السوري إمكانية أن «يصل الدعم للشكل العسكري، خاصة أن أحد صنوف مكافحة سيطرة الإرهاب على مدينة هو مواجهته عسكرياً، كما حدث في الموصل من قبل».

ويري نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور مختار غباشي، أنه قد يكون هناك اجتماع عربي طارئ بالجامعة العربية لدعم سوريا، غير أنه يرى أن الدعم الدبلوماسي لن يكون مفيداً بالشكل الذي يماثل وجود دعم حقيقي على الأرض بالمعدات العسكرية مثلاً.

وباعتقاد غباشي، فإن سوريا تريد دعماً حقيقياً عربياً لتأكيد عودتها التي تمت للجامعة العربية مؤخراً، بعيداً عن الحاضنة الإيرانية، وبالتالي تطورات الموقف العربي والدعم على الأرض هما الأهم حالياً، خاصة وأن الموقف شديد الخطورة، وقد «يجعل سوريا مختطفة مرة أخرى».

وعن إمكانية تفعيل معاهدة الدفاع العربي المشترك، التي تم توقيعها عام 1950، استبعد عبد الفتاح وصول الأمر لدعم عسكري؛ لأنه «لا توجد أي آلية عربية واضحة لهذا الإطار، ولا يوجد توافق بهذا الخصوص»، مؤكداً أن «الدعم سيكون على جميع المستويات سواء السياسية والقانونية والدبلوماسية والإغاثية لوقف إطلاق النار ومنع التدخلات الخارجية».

ويرى «أهمية النظر للبعد الإنساني في سوريا، حيث هناك 7 ملايين نازح و16 مليوناً يحتاجون للمساعدات والتركيز على هذا الجانب مع التحرك في المسارات القانونية والدبلوماسية الأخرى ضد التدخلات الخارجية، والعمل على دعم وحدة التراب السوري وتمسك الدولة السورية ومؤسساتها، خاصة أن هناك تداعيات كبيرة للأزمة».

وخلال جلسة لمجلس الأمن بشأن التطورات السورية، الثلاثاء، أكد ممثل الجزائر لدى مجلس الأمن، عمار بن جامع، أنه لا يوجد حل عسكري للأزمة السورية، وطالب بضرورة التوصل إلى حل سياسي يحافظ على وحدة وسيادة سوريا.

وفي كلمته، وجه المندوب السوري لدى الأمم المتحدة قصي الضحاك، أصابع الاتهام إلى إسرائيل وتركيا قائلاً إن «الهجوم على شمال سوريا لم يكن من الممكن تنفيذه دون ضوء أخضر وأمر عمليات تركي إسرائيلي مشترك»، مطالباً بإلزام «الدول المشغلة لهذه التنظيمات» بالعدول عن سياساتها.

فيما أكدت نائبة السفير التركي لدى الأمم المتحدة سيرين أوزغور، خلال الجلسة، أن عودة النزاع للظهور مرة أخرى في سوريا تعكس التحديات العالقة. وقالت: «سوريا ستبقى في حلقة العنف دون إطلاق عملية حقيقية للمصالحة الوطنية»، مضيفة أن وجود التنظيمات «الإرهابية» في سوريا يقوض أمن تركيا، التي قالت إنها «ستواصل اتخاذ كل التدابير المطلوبة لحماية أراضيها ومصالحها».

وفي ظل تلك المتغيرات، حذر مستشار مجلس الوزراء السوري عبد القادر عزوز من «خطر إحياء تنظيمي (القاعدة) و(داعش)»، مطالباً «بتحرك عربي قبل فوات الأوان، وتهديد ذلك الخطر للمنطقة كلها».

ويتفق عبد الفتاح مع هذه المخاطر، قائلاً إن المشهد في شمال سوريا يحمل تداعيات خطيرة أبزرها عودة «داعش»، مثلما تحذر الولايات المتحدة، مع البيئة المتوفرة لظهور ذلك التنظيم الإرهابي مع هشاشة الحالة السورية، معتقداً أن تلك التداعيات قد تحمل ارتدادات سياسية واقتصادية وأمنية واسعة تهدد دول الجوار وتنقل اضطرابات لدول بالمنطقة.

وفي جلسة سرية للبرلمان العراقي، الأربعاء، أكد رئيس الحكومة محمد شياع السوداني قدرة الأجهزة الأمنية على ضبط الحدود، ومنع أي اختراق أمني، في ظل التوترات السورية، وقالت مصادر برلمانية لـ«الشرق الأوسط»، إن «السوداني قدم عرضاً مفصلاً حول الوضع في سوريا، والاحترازات الأمنية التي يقوم بها العراق، خصوصاً على الحدود»، وأشارت إلى أن «رئيس الحكومة أكد انخراط الدبلوماسية العراقية في حوارات إقليمية ودولية لإعادة الاستقرار في سوريا».

وبرأي عبد الفتاح، فإن الموقف العراقي تحرك سريعاً منذ بداية الأحداث ولم ينتظر الموقف العربي، غير أنه غير متفائل بإمكانية إبداء الرئيس السوري أي تنازل في أي حوار مستقبلي قد يحدث.