العادات والتقاليد البريطانية تبدو غريبة بعض الشيء لمتابعي الأحداث السياسية المتسارعة والبروتوكول الملكي، تماماً مثلما لاحظنا في سبتمبر (أيلول) الماضي بعد وفاة الملكة وما رافقها من عادات غير مألوفة خلال الدفن وتنصيب الأمير تشارلز ملكاً على عرش بريطانيا، فتعرفنا على الكثير من العادات التي دفعت كثيرين من داخل بريطانيا وخارجها للتساؤل والتعجب منها.
اليوم يتساءل كثيرون عن قصة المنبر الذي يقف خلفه رئيس الحكومة خارج باب مسكنه في «10 داونينغ ستريت»، والسبب هو أن تسارع الأحداث التي رافقت استقالة رئيسة الحكومة السابقة ليز تراس التي وقفت للمرة الأخيرة وراء منبرها الخشبي لإعلان تخليها عن المنصب ووصول ريشي سوناك ليحل محلها، وبسرعة غير عادية، جعلنا نلاحظ أن منبر تراس ليس المنبر نفسه الذي وقف خلفه سوناك في أول ظهور رسمي له كرئيس حكومة وإدلائه بأول خطاب.
القصة هنا تفيد بأن لكل رئيس حكومة يتولى زمام الحكم في بريطانيا منبراً خاصاً به يقوم هو باختياره ليعكس شخصيته ويحمل بصمته وأسلوب إدارته لمنصبه، فعلى سبيل المثال فقد جاء منبر الرئيسة المثيرة للجدل ليز تراس بشكل غير مسبوق، وبقاعدة ملتوية غير مألوفة، قامت هي باختياره لأنها أرادت أن تمثل كل قطعة خشب من المنبر والمرصوصة على بعضها مقاطعة من مقاطعات بريطانيا، وفي حين رأى المهتمون بالقضايا السياسية في بريطانيا أن هذا الشكل هو أشبه بلعبة معروفة باسم «جينغا» تعتمد على التوازن من خلال وضع قطع صغيرة من الخشب فوق بعضها، ومقابل وضع كل قطعة نخرج قطعة من القسم السفلي.
والفكرة من ورائها هي الحفاظ على التوازن وانتزاع القطعة التي لا تسهم في انهيار البرج المكون من قطع الخشب، ولاقى تصميم منبر تراس الكثير من السخرية ممن يرون أنها السبب في انهيار الاقتصاد ببريطانيا ويعتقدون أن شكل منبرها يشبه أفكارها «الملتوية» التي أدت إلى استقالتها في وقت قصير لم يتعدَّ الـ44 يوماً، مسجلة بذلك رقماً قياسياً للفترة التي يمضيها رئيس حكومة بريطاني في منصبه.
وظهر رئيس الحكومة الجديد ريشي سوناك خلف منبر من الخشب، يقال إنه جلبه من غرفة المكتبة التابعة لمقر الحكومة الرسمي، ولم يكن لديه الوقت لتصميم منبر خاص به لأنه تولى المنصب على عجلة وفي ظروف غير عادية، ليكون الرئيس الأول الذي لم يكن لديه منبره الخاص. والمعروف عن المنبر أنه يستغرق نحو ثلاثة أسابيع لتصميمه وتنفيذه، وتبلغ تكلفته ما بين 2000 و4000 جنيه إسترليني، ويقال هنا إن تراس كانت تود تصميماً أكثر تعقيداً ولكنها تراجعت عن الموضوع بعدما تبين أن التكلفة ستكون عالية جداً، وقد تثير غضب دافعي الضرائب في البلاد.
وكما نلاحظ في صور المنابر التي ألقى وراءها رؤساء الحكومة في بريطانيا خطاباتهم فهي مختلفة تماماً، فمنبر الرئيس السابق بوريس جونسون كانت داكنة اللون، وبقاعدة غليظة على عكس تصميم منبر تيريزا ماي بقاعدته الرفيعة، ويقال إنها رأت فيها نوعاً من «الأنوثة» وساعدت في تصميمها فيونا هيل المسؤولة عن الموظفين في مقر رئاسة الحكومة.
أما بالنسبة لمنبر ديفيد كاميرون فقامت بتصميمه البارونة ساغ كبيرة الموظفين التنفيذيين لديه، والفكرة من وراء التصميم كانت إيصال رسالة بأن كاميرون يركز على «الرجولة».
توني بلير اختار تصميماً يعرف بالأسلوب «الطافي» وكانت له قاعدة بعجلات فسرها البعض بأنها تعني أن حزب العمال متقدم ومرن وقابل للتأقلم.
هل كنت تعلم أن لكل رئيس حكومة بريطانية منبره الخاص؟
سوناك لم يتمكن من تصميم واحد خاص به وتراس اختارت شكلاً ملتوياً
هل كنت تعلم أن لكل رئيس حكومة بريطانية منبره الخاص؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة