فيما بدا سباقاً جديداً بين الجبهات المتصارعة داخل تنظيم «الإخوان» (تصنفه السلطات المصرية إرهابياً)، أطلق ما يسمى بـ«تيار الكماليين» قناة جديدة حملت اسم «حراك 11 - 11»، وسط تحشيد إلكتروني من عناصره ودعوات للتظاهر، وذلك بعد أقل من يوم على إعلان جبهة «إسطنبول» إطلاق قناة حملت اسم «الشعوب» من العاصمة البريطانية لندن. وقال مصدر مصري مطلع على ملف «الإخوان» لـ«الشرق الأوسط» إن التنظيم «يتجه إلى تعزيز منظومته الإعلامية، وسيتخذ من لندن مرتكزاً جديداً له، بعد تشديد السلطات التركية من إجراءاتها ضد تحركات الوجوه الإعلامية للتنظيم، والضغط عليها لتخفيف خطابها الإعلامي المعادي للسلطات المصرية، وترحيل عدد من مذيعي القنوات (الإخوانية) من تركيا». وأوضح المصدر المطلع أن القناة الجديدة تتبع التيار الثالث المتصارع على قيادة التنظيم، بعد احتدام الصراع بين التيار الذي يقوده القيادي محمود حسين ويعرف بـ«جبهة إسطنبول»، وبين التيار الذي يقوده القيادي إبراهيم منير، ويُعرف بـ«تيار التغيير».
وأضاف المصدر أن التيار الجديد الذي تأسس لإحياء نهج القيادي بالتنظيم محمد كمال، الذي لقي مصرعه في مواجهة مع الشرطة المصرية عام 2016 «يسعى إلى إثبات حضوره واستقطاب مزيد من شباب التنظيم الذي يبدو غير راضٍ عن صراع القيادات القديمة»، فضلاً عن «تصعيد نبرة الخطاب المعادي للسلطات المصرية، والدعوة إلى استخدام العنف في الداخل المصري للضغط على النظام». وأدانت تحقيقات وأحكام قضائية مصرية عضو مكتب إرشاد تنظيم «الإخوان»، محمد كمال، بتأسيس مجموعة من التنظيمات المسلحة التي استقطبت عدداً من شباب التنظيم الغاضبين عقب الإطاحة بحكم الرئيس الأسبق محمد مرسي بعد احتجاجات شعبية حاشدة عام 2013. ونفذت تلك المجموعات مثل «العقاب الثوري»، و«المقاومة الشعبية»، و«كتائب حلوان»، وحركتي «حسم»، و«لواء الثورة» كثيراً من عمليات الاغتيال والتفجير واستهداف مؤسسات الدولة وقوات الأمن المصرية. وتحدث المصدر عن وجود ما وصفه بـ«دعم واضح لتمويل منظومة إعلامية (إخوانية) ستتمركز في العاصمة البريطانية، وكثير من المدن الأوروبية، التي تمنح عناصر التنظيم حرية الحركة»، وأن إطلاق «جبهة إسطنبول» لفضائية «الشعوب»، التي سيديرها الإعلامي معتز مطر، المطلوب على ذمة قضايا جنائية في مصر، والذي سبق ترحيله من تركيا بعد وقف برنامجه على فضائية «الشرق»، سيكون بداية لمجموعة أخرى من الأدوات الإعلامية التي تستهدف مصر بشكل أساسي.
وأكد أنه «تم إطلاق مجموعة من المنصات الرقمية انطلاقاً من لندن، شملت قنوات على موقع الفيديوهات (يوتيوب)، كما أسس المعارض والمرشح الرئاسي الأسبق أيمن نور، والمتحالف حالياً مع تنظيم (الإخوان)، شركة إعلامية جديدة في لندن، تحت اسم (الشرق للخدمات الإعلامية) ستكون بديلاً عن القنوات التي تم إغلاقها في تركيا».
من جانبه، قلل اللواء يحيى كدواني، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب المصري (الغرفة الأولى للبرلمان)، من أهمية الحراك الإعلامي الذي يقوم به تنظيم «الإخوان»، وأشار في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن تلك الخطوة تعكس حالة «اليأس السياسي» الذي يعيشه التنظيم، بعد فشله في تحقيق أي نجاح لدعواته لإثارة المصريين على مدى السنوات الماضية، ولفت إلى أن «إطلاق قنوات جديدة تدعم التنظيم الإرهابي، أو تحاول دعوة المصريين إلى التظاهر عبر بث الشائعات والأخبار الكاذبة، لن تغير من الواقع شيئاً»، لافتاً إلى أن المصريين «باتوا يدركون جيداً حقيقة هذا التنظيم الذي يستهدف إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء، وتهديد ما تحقق من استقرار سياسي واقتصادي واجتماعي في مصر بعد الإطاحة بحكم (الإخوان)، وأن المواطنين الذين رفضوا الاستجابة لدعوات سابقة للتظاهر، سيكررون تجاهلهم للدعوة الجديدة».
وحول الأسباب التي يرى أنها تقف وراء إطلاق «الإخوان» لهذه القنوات الجديدة، رغم ما تعانيه من انقسامات داخلية، أشار إلى أنها «تستهدف التشويش على ما حققته الدولة المصرية خلال السنوات الأخيرة، وربما اختيار التوقيت في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) لمحاولة التأثير سلباً على استضافة مصر لقمة المناخ العالمية في شرم الشيخ، وهو الحدث الذي يرسخ لدور مصر ومكانتها على الساحة الدولية». ويضيف عضو لجنة الدفاع والأمن القومي أن التنافس بين تيارات التنظيم على إطلاق قنوات ومنصات إعلامية تستهدف مصر «يعكس بالدرجة الأولى محاولة كل تيار إثبات وجوده على الساحة، وربما توجيه رسالة لداعميه ومموليه بأنه لا يزال قادراً على الفعل والتأثير». في السياق ذاته، قالت الإعلامية فريدة الشوباشي، عضو مجلس النواب، إن قرار تنظيم «الإخوان» إطلاق مجموعة من القنوات والمنصات الإعلامية في توقيت متزامن «ليس مفاجئاً».
وأوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن تلك الخطوات «تحاول الحفاظ على كيان التنظيم من التمزق، بعد انهياره من الداخل، والحفاظ على ما يتلقاه من تمويل سخي من دول وأجهزة في كثير من الدول المعادية لمصر». وأشارت إلى أن التنظيم سعى إلى توظيف سلاح الإعلام منذ سنوات بعيدة، وكثف من استخدامه عقب الإطاحة بحكمه في مصر وفي عدد من الدول العربية، وأن دعواته للتظاهر واستخدامه لأدوات التحريض عبر منصاته الإعلامية «باءت جميعاً بالفشل»، وتوقعت «أن يكون الفشل أيضاً مصير دعوته الجديدة للتظاهر، رغم الحشد الإعلامي الكبير وحرص عناصره على استخدام منصات بديلة لما تم إغلاقه من قنوات في تركيا، والانتقال إلى لندن، التي يحظون بوجود تاريخي بها، منذ أن ساهمت بريطانيا في تأسيس التنظيم عام 1928». وحول اختيار توقيت إطلاق تلك القنوات والمنصات الإعلامية التابعة للتنظيم، أوضحت الشوباشي أنه يستهدف عدة أهداف، منها «التشويش على قمة المناخ، التي تراهن مصر على نجاحها لتعزيز حضورها الدولي، وكذلك محاولة مواجهة حراك إعلامي مصري على المستوى الإقليمي، بإطلاق مجموعة من القنوات الإخبارية التي تستهدف تعزيز وجود مصر إعلامياً على الساحة العربية، وهو ما كان يراهن التنظيم على عدم حدوثه، واقتصار المؤسسات الإعلامية المصرية على الداخل فقط».
قناتان تلفزيونيتان لـ«تنظيم الإخوان»... لماذا الآن؟
قناتان تلفزيونيتان لـ«تنظيم الإخوان»... لماذا الآن؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة