أزمات الصين الاقتصادية تشكل عوائد استثمارية للهند

شركات عالمية بدأت تنتقل من بكين إلى نيودلهي

بدأت شركة «آبل» الأميركية إنتاج «آيفون» 13 و14 في الهند (إ.ب.أ)
بدأت شركة «آبل» الأميركية إنتاج «آيفون» 13 و14 في الهند (إ.ب.أ)
TT

أزمات الصين الاقتصادية تشكل عوائد استثمارية للهند

بدأت شركة «آبل» الأميركية إنتاج «آيفون» 13 و14 في الهند (إ.ب.أ)
بدأت شركة «آبل» الأميركية إنتاج «آيفون» 13 و14 في الهند (إ.ب.أ)

يشهد عام 2022 نقل الكثير من الشركات العالمية أعمالها من الصين إلى الهند، وبدأت شركة «آبل» الأميركية العملاقة إنتاج «آيفون» 13 و14 في الهند، ما يشكل خطوة هائلة نحو تنويع جهود التصنيع بعيداً عن الصين. وفي الوقت الحالي، تجري جهود الإنتاج بالفعل داخل مصنع في جنوب الهند، كما طلبت الشركة جهات التوريد بنقل بعض من جهود إنتاج سماعات «إيربودز» و«بيتس» إلى الهند، وذلك للمرة الأولى منذ إطلاق المنتج.
في الوقت الحاضر، لا تزال «آبل» تعتمد بشدة على الصين، إذ تكشف الأرقام أنه في عام 2021 شكلت الصين أكثر من 95 في المائة من قاعدة التصنيع العالمية للشركة.
كما تخطط شركة «غوغل» التكنولوجية العملاقة، لنقل عمليات تجميع إحدى علاماتها التجارية الرائدة بمجال الهواتف إلى الهند، بسبب استمرار تضرر وتيرة أعمال التصنيع في الصين جراء عمليات الإغلاق بسبب جائحة (كوفيد - 19)، وطلبت «غوغل» من الشركات المصنعة في الهند تقديم عطاءات لتجميع ما بين 500 ألف ومليون وحدة من هواتف «بيكسل» الذكية التي تنتجها الشركة.
جدير بالذكر أنه خلال السنوات الأخيرة، جرت العادة على تصنيع هذا الهاتف على نحو شبه كامل داخل الصين.
علاوة على ذلك، تخطط الكثير من الشركات الأخرى لتحويل أعمالها إلى الهند لتقليل اعتمادها على الصين كمركز تصنيع وكذلك كسوق. وفي هذا الصدد، أعرب سارات تشانداران، المحلل المالي، عن اعتقاده بأن «هذا التحول يأتي استجابة للمخاوف الزائدة بشأن التوترات الجيوسياسية واضطرابات سلسلة التوريد التي تسببها الجائحة، والتي شملت الصين في السنوات القليلة الماضية. ولطالما كانت الصين مركزاً لتصنيع الإلكترونيات عالية التقنية في العالم، ولم يكن لها مثيل لها في قدرتها على تأمين جحافل من العمال ذوي المهارات العالية والقدرة الإنتاجية للتعامل مع الطلب على الأجهزة الإلكترونية ذات الشعبية الواسعة».
في الوقت ذاته، أعلنت شركة «ووترغين»، التي تتخذ من إسرائيل مقراً لها، والتي تستخرج المياه من الهواء، أنها تعكف على نقل منشآتها التصنيعية الأربع في الولايات المتحدة والصين (بواقع منشأتين بكل بلد) من أجل بناء مصنع في الهند. ومن المقرر أن تطلق على المنشأة الجديدة «ووترغين إنديا بي في تي ليميتد».
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد أعلنت «فون بي» المملوكة لشركة «وولمارت» أنها أنجزت عملية نقل مقرها من سنغافورة إلى الهند.
وأعلنت وزيرة المالية الهندية، نيرمالا سيترامان، في وقت قريب أن الشركات الأجنبية تتطلع نحو الخروج من الصين ونقل عملياتها إلى الهند؛ لإيمانها بالنمو الذي تحققه البلاد.
وأضافت الوزيرة أن الحكومة ستبذل قصارى جهدها لإقامة منظومة بيئية مواتية للصناعة تيسر الاستثمار في الهند. جدير بالذكر أن البلاد أقرت سياسات مثل الحوافز المرتبطة بالإنتاج وتخفيضات ضريبية من أجل دعم الصناعات الخاصة في الهند، حسبما استطردت الوزيرة. تواجه الصين حالة من التباطؤ الاقتصادي لأسباب محلية وجيوسياسية، علاوة على الاضطرابات التي ضربت قطاع العقارات، وعمليات الإغلاق المتكررة لمواجهة الجائحة، وعليه فمن المتوقع أن يتراجع معدل النمو الاقتصادي للبلاد إلى 3.5 في المائة خلال العام الجاري.
بجانب ذلك، ربما يتفاقم التوتر المتنامي بين الولايات المتحدة والصين حول تايوان ليتحول إلى حالة من غياب الاستقرار على الصعيد الجيوسياسي تؤثر سلباً على ثاني أكبر اقتصادات العالم.
في المقابل، يرى سوجان هاجرا، كبير الخبراء الاقتصاديين لدى مؤسسة «أناند راثي آند ستوك برذرز»، أن مثل هذه التطورات ستكون لها تداعيات إيجابية على الهند.
وقال: «بادئ ذي بدء، من الممكن أن تزيد الشكوك داخل الصين جاذبية الهند كمركز تعهيد عالمي بديل. ثانياً: فإنه في إطار جهود تخصيص الأموال من جانب المستثمرين العالميين للأسواق الناشئة، من الممكن أن ترتفع حصة الهند على حساب الصين».
من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الهندي بنسبة قوية تبلغ 7 في المائة هذا العام. ويأتي ذلك مقابل متوسط نمو متوقع بين الأسواق الناشئة يبلغ 3.7 في المائة، حسب بيانات صندوق النقد الدولي.
من جهتها، قالت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، في تصريحات حديثة إن الهند تستحق أن يطلق عليها النقطة المضيئة في أفق يبدو مظلما، بفضل نموها السريع، حتى خلال مثل هذه الأوقات العصيبة. ونوهت بأن هذا النمو تقف خلفه إصلاحات هيكلية.
تعمل الهند، التي تمثل ثالث أكبر اقتصاد في آسيا، جاهدة لتضع نفسها كمركز جذاب للتصنيع والصادرات للشركات متعددة الجنسيات.
من ناحيتها، قالت الصحافية البارزة بالمجال الاقتصادي، سوشما راماشاندران: «لقد تفوقت الهند على المملكة المتحدة لتصبح خامس أكبر اقتصاد في العالم، ومن المتوقع أن يتحسن وضعها في السنوات القادمة بفضل النمو الاقتصادي المطرد... تملك الهند سوقاً محلية كبيرة ومواهب وفيرة منخفضة التكلفة. وتجاوزت صادراتها من البضائع 400 مليار دولار بعد الثبات عند 300 مليار دولار لما يقرب من عقد من الزمان».
وتبعاً لما ذكره تقرير صادر عن وزارة المالية الهندية، تلقت البلاد 17.3 مليار دولار في صورة استثمارات أجنبية مباشرة خلال الربع الأول، ما يضع الهند في مرتبة متقدمة على أقرانها من الاقتصادات الناشئة.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

الاقتصاد «الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

للمرة العاشرة منذ مارس (آذار) العام الماضي، اتجه البنك الاتحادي الفيدرالي الأميركي إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة أساس، يوم الأربعاء، في محاولة جديدة لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، التي يصارع الاتحادي الفيدرالي لخفضها إلى 2 في المائة دون نجاح ملحوظ. وأعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع سعر الفائدة الرئيسي 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.00 و5.25 في المائة، لتستمر بذلك زيادات أسعار الفائدة منذ مارس 2022 وهي الأكثر تشدداً منذ 40 عاماً، في وقت يثير المحللون الاقتصاديون تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيادة ستكون آخر مرة يقوم فيها الاتحادي الفيدرالي برفع الفائدة، أم أن هناك مزيداً من الخطوات خلال الفت

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

لا تتوقف تداعيات الحرب التجارية الدائرة منذ سنوات بين الولايات المتحدة والصين عند حدود الدولتين، وإنما تؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، وكذلك على جهود حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي. وفي هذا السياق يقول الكاتب الأميركي مارك غونغلوف في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إن فرض رسوم جمركية باهظة على واردات معدات الطاقة الشمسية - في الوقت الذي يسعى فيه العالم لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ومكافحة تضخم أسعار المستهلك وتجنب الركود الاقتصادي - أشبه بمن يخوض سباق العدو في دورة الألعاب الأوليمبية، ويربط في قدميه ثقلا يزن 20 رطلا. وفي أفضل الأحوال يمكن القول إن هذه الرسوم غير مثمرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الدولار يتراجع  في «ساعات الترقب»

الدولار يتراجع في «ساعات الترقب»

هبط الدولار يوم الأربعاء بعد بيانات أظهرت تراجع الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة، فيما ترقبت الأنظار على مدار اليوم قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي صدر في وقت لاحق أمس بشأن أسعار الفائدة. وأظهرت بيانات مساء الثلاثاء انخفاض الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي خلال مارس (آذار)، وسجلت معدلات الاستغناء عن الموظفين أعلى مستوياتها في أكثر من عامين، ما يعني تباطؤ سوق العمل، وهو ما قد يساعد الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي  أقل من 70 دولاراً للبرميل

النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي أقل من 70 دولاراً للبرميل

واصلت أسعار النفط تراجعها خلال تعاملات أمس الأربعاء، بعد هبوطها بنحو 5 في المائة في الجلسة السابقة إلى أدنى مستوى في خمسة أسابيع، فيما يترقب المستثمرون المزيد من قرارات رفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد 2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

أظهر تحليل أجرته منظمات دولية تشمل الاتحاد الأوروبي ووكالات الأمم المتحدة المختلفة أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يشهدون أوضاعا تتسم بانعدام الأمن الغذائي ارتفع في مختلف أنحاء العالم في 2022. وتوصل التقرير الذي صدر يوم الأربعاء، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن أكثر من ربع مليار شخص عانوا من جوع شديد أو من مجاعات كارثية العام الماضي.

أحمد الغمراوي (القاهرة)

معرض البناء السعودي يشدد على تبني تقنيات الطاقة الخضراء

إحدى جلسات معرض البناء السعودي في الرياض (الشرق الأوسط)
إحدى جلسات معرض البناء السعودي في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

معرض البناء السعودي يشدد على تبني تقنيات الطاقة الخضراء

إحدى جلسات معرض البناء السعودي في الرياض (الشرق الأوسط)
إحدى جلسات معرض البناء السعودي في الرياض (الشرق الأوسط)

ناقش المتحدثون على هامش ختام معرض البناء السعودي 2024، ملف الإسكان الذكي وفرص الأعمال في هذا المجال، إلى جانب العلاقة الوثيقة بين المنازل الذكية والطاقة النظيفة، مشددين في الوقت ذاته على الحاجة إلى تبني تقنيات الطاقة الخضراء.

ونجح المعرض في استقطاب أكثر من 30000 زائر، مسجلاً إقبالاً غير مسبوق، يعزز مكانته كحدث رائد في قطاع البناء والتشييد. واستضاف المعرض، الذي أقيم برعاية وزارة البلديات والإسكان من 4 إلى 7 نوفمبر (تشرين الثاني) في مركز الرياض الدولي للمؤتمرات والمعارض، نحو 600 شركة من 31 دولة، ما يعكس أهمية الحدث بصفته وجهة رئيسية للمستثمرين والخبراء في مجالات التشييد والبنية التحتية المستدامة.

وشهد المعرض توقيع العديد من الاتفاقيات الاستراتيجية شملت قطاعات متنوعة؛ بهدف تعزيز التعاون وتبادل الخبرات، وتسريع التحول الرقمي ودعم الابتكار، إضافة إلى تطوير حلول مبتكرة في مجال البناء المستدام والبنية التحتية الذكية.

واختتم المعرض، اليوم الخميس، بجلسات نقاشية تناولت الاتجاهات الحديثة في الإضاءة المستدامة والإسكان الذكي، حيث استعرضت الجلسة الأولى حلول الإضاءة المتطورة، مع التركيز على قضايا مثل تلوث الضوء وأثره على رؤية السماء الليلية، ومبادئ تصميم الإضاءة التي تأخذ بعين الاعتبار التكيف البشري وإدراك الألوان والتسلسل البصري.

وسلط المتحدثون الضوء على أهمية التحكم في السطوع والتباين لتسليط الضوء على النقاط المهمة في المساحات العامة. وفي الجلسة الثانية، تناولت التحديات التي تواجه المستثمرين في هذا القطاع، والحاجة إلى الابتكار وربط الأبحاث بحلول قابلة للتسويق.

واستعرضت الجلسة أيضاً التوجه نحو المدن الذكية وممارسات البناء الأخضر، حيث شدد المتحدثون على أن قانون البناء السعودي يضع معايير صارمة للاستدامة، فيما تهدف وزارة الطاقة إلى تحقيق نسبة 50 في المائة من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.

كما تم استعراض نماذج ناجحة لهذا التحول، من ضمنها استبدال مصابيح الشوارع التقليدية بمصابيح LED في العديد من المدن.

يذكر أن معرض البناء السعودي في نسخته الحالية حقق نمواً ملحوظاً ورقماً قياسياً جديداً في عدد الزوار والمشاركين بنسبة 30 في المائة، مقارنة بالعام الماضي، ما يعزز دوره بوصفه محركاً أساسياً للتطوير في قطاع البناء ووجهة أساسية للمهتمين بتطورات القطاع على المستويين المحلي والإقليمي.