اعتبر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، يوم السبت، أن الولايات المتحدة تضغط على بلاده بدعم الاحتجاجات في أعقاب وفاة مهسا أميني؛ لانتزاع تنازلات في الملف النووي، مؤكداً أن بلاده لا تزال تتلقى رسائل أميركية بشأن المباحثات النووية.
وقال عبد اللهيان: «يواصل الأميركيون تبادل الرسائل معنا، إلا أنهم يحاولون إذكاء نيران ما يحصل هذه الأيام في إيران»، وذلك في تصريحات خلال زيارة يقوم بها لأرمينيا، وزعتها الوزارة في طهران.
وتابع وزير الخارجية الإيراني: «أعتقد أنهم يتطلعون إلى ممارسة ضغوط سياسية ونفسية، ويريدون كسب التنازلات في المفاوضات»، مشدداً على أن طهران «لن تقدّم أي تنازلات للجانب الأميركي. نتحرك في إطار المنطق وإطار الاتفاق الذي يحترم الخطوط الحمر» لإيران. وأشار عبد اللهيان إلى «تناقضات بين كلام الأميركيين وسلوكهم»، مشدداً على أن «تقييمنا من رسالة الجانب الأميركي أن التوصل إلى اتفاق هو من أولوياتهم، وهم مستعجلون لذلك».
وأضاف أن طهران طلبت إنهاء تحقيق الوكالة الدولية رداً على رسالة أميركية جديدة لإبرام الاتفاق.
- التصريحات الأميركية
وأتت تصريحات وزير الخارجية الإيراني بعد أيام من تصريحات أميركية تستبعد إحياء الاتفاق النووي في مدى منظور.
وكان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، قال في 13 أكتوبر (تشرين الأول) إن الرئيس جو بايدن «لا يزال يعتقد بأن النهج الدبلوماسي هو الأفضل» في الملف النووي الإيراني، مضيفاً: «لكننا لسنا قريبين من ضمان تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة».
وأكد أن تركيز واشنطن ينصب حالياً على «محاسبة» السلطات على تعاملها مع «المتظاهرين الأبرياء».
ومنذ العام الماضي، أجرت طهران والقوى الكبرى مباحثات، بتنسيق من الاتحاد الأوروبي ومشاركة غير مباشرة من الولايات المتحدة، بهدف إحياء الاتفاق النووي لعام 2015، والذي انسحبت الولايات المتحدة منه في 2018.
وتعثرت المباحثات مطلع سبتمبر (أيلول)، بعدما اعتبرت الأطراف الغربية أن الرد الإيراني على مسودة تفاهم طرحها الاتحاد الأوروبي كان «غير بنّاء».
وتراجع التركيز على الملف النووي في العلن منذ اندلعت في إيران احتجاجات على وفاة الشابة مهسا أميني في 16 سبتمبر، بعد ثلاثة أيام من توقيفها من قبل «شرطة الأخلاق» على خلفية عدم التزامها القواعد الصارمة للباس.
ودعمت دول غربية عدة هذه الاحتجاجات، وفرضت عقوبات على طهران بسبب «قمع» السلطات لها.
من جهتها، تتهم طهران «أعداء»، تتقدمهم الولايات المتحدة، بالضلوع في الاحتجاجات التي تشهدها إيران.
- إضرابات جديدة
في غضون ذلك، نفّذ تجار وعمّال في عدّة مدن إيرانية إضراباً، السبت، في إطار الاحتجاجات التي اندلعت قبل أكثر من شهر إثر وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني بعد توقيفها.
وأدت حملة قمع الاحتجاجات، التي تعدّ الأوسع منذ الاحتجاجات التي شهدتها إيران في عام 2019 على ارتفاع أسعار الوقود، إلى مقتل 122 شخصاً على الأقل من بينهم أطفال، وفق منظمة حقوق الإنسان في إيران التي تتخذ في أوسلو مقرّاً. وتتقدم الشابات الإيرانيات الحركة الاحتجاجية، من دون أن يضع عدد كبير منهن الحجاب، ويردّدن هتافات مناهضة للسلطة، كما يتواجهن مع القوات الأمنية.
ودعا ناشطون إلى تظاهرات جديدة يوم السبت، وهو اليوم الأول من الأسبوع في إيران، لكن من الصعب تقييم حجم هذه التحرّكات بسبب القيود التي تفرضها السلطات على الوصول إلى الإنترنت.وقالت الناشطة أتينا دائمي، في رسالة عبر «تويتر» مرفقة بصورة امرأة من دون حجاب ترفع قبضتها، «سنكون معاً من أجل الحرية».
ووفق قناة «1500 تصوير»، فقد «نُفّذت إضرابات في مدن من بينها سنندج وبوكان وسقز»، وهذه الأخيرة مسقط رأس مهسا أميني.
وأشارت منظمة «هينغاو» الحقوقية إلى إضراب للتجار في بوكان، شمال شرقي إيران، وسنندج وسقز في الشمال الغربي، وأيضاً في مريوان في الغرب.
وأعلنت «مؤسسة جورج كلوني» أنها تدعم المتظاهرين، فيما قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي: «لن نتوقف... ولدينا ضباط وجنود لإجهاض العقوبات والالتفاف عليها». كما قال نائب الشؤون الأمنية لوزير الداخلية إن «الاحتجاجات في مراحلها الأخيرة».
وأعلن أيضاً قائد «منظمة الدفاع السلبي» أن تطبيقي «واتساب» و«إنستغرام» يشكلان تهديداً أمنياً على إيران. أما القضاء، فقد قام برفع دعوى ضد الولايات المتحدة لـ«دورها المباشر» في الاحتجاجات.
- قمع منهجي
وفي أماكن أخرى في إيران، صفّق عشرات الطلاب وهتفوا خلال تظاهرة في جامعة شهيد بهشتي في طهران، حسبما أظهر مقطع فيديو نشرته قناة «1500 تصوير» على «تويتر» يوم السبت.
وتجمّع عشرات العمّال أمام مصنع شوكولا في مدينة تبريز عاصمة إقليم أذربيجان شرقاً، وفق مقاطع فيديو أخرى، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».
وفي هذه الأثناء، دعت إحدى نقابات المعلّمين إلى إضراب وطني في البلاد ليومي الأحد والاثنين للتنديد بحملة القمع التي أودت بحياة 23 طفلاً على الأقل، وفق منظمة العفو الدولية.
كما قالت لجنة متابعة أوضاع المعتقلين إنه تم اعتقال أكثر من 300 طفل في 38 يوماً من الاحتجاجات على مستوى البلاد.
وقال المجلس التنسيقي لنقابات المعلمين الإيرانيين، في بيان، إن «الاعتصام» سيكون رداً على «القمع المنهجي» الذي تمارسه القوات الأمنية في المدارس. وعدّد أسماء أربعة مراهقين قال إنهم قُتلوا خلال حملة القمع، وهم نيكا شاهكرامي، وسارينا إسماعيل زاده، وأبو الفضل أدين زاده، وأسرا بناهي. كذلك أشار إلى توقيف عدد كبير من المعلّمين. وقال المجلس التنسيقي «المعلّمون الإيرانيون لن يتسامحوا مع هذا الاستبداد»، مجدِّداً دعمه لحركة الاحتجاج. واتهم ناشطون السلطات الإيرانية بشن حملة اعتقالات جماعية وحظر سفر، وتضمّ القائمة رياضيين وصحافيين ومحامين ومشاهير.
- عدوان إيران
وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، قد أكد أن الولايات المتحدة والدول الحليفة معها لا تزال «مصممة على ألا تمتلك إيران أبداً» أي سلاح نووي، مستبعداً العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، أي الاتفاق النووي لعام 2015.
وأضاف بلينكن أنه بالعودة إلى الاتفاق أو من دونه «سنواصل اتخاذ كل خطوة ضرورية» للتعامل مع «عدوان إيران، سواء كان ذلك في الشرق الأوسط أو خارجه»، بما في ذلك عبر توفير الطائرات المسيرة لروسيا لمساعدتها على «مواصلة عدوانها ضد الشعب الأوكراني».
ودان المجتمع الدولي حملة قمع الاحتجاجات، بينما فرض عدد من الدول، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي، عقوبات على قيادات وكيانات إيرانية.
ورفضت عائلة مهسا أميني التقرير الطبي الرسمي الذي يقول إنّها توفيت لإصابتها بمرض مزمن وليس نتيجة تعرّضها للضرب.
طهران تتهم واشنطن باستغلال الاحتجاجات لانتزاع تنازلات في الملف النووي
طهران تتهم واشنطن باستغلال الاحتجاجات لانتزاع تنازلات في الملف النووي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة