شددت إسرائيل حصارها، الثلاثاء، على نابلس، في شمال الضفة الغربية، في اليوم الثامن للحصار الذي بدأته الأسبوع الماضي مستهدفة تضييق الخناق على مجموعات «عرين الأسود» المسلحة في المدينة.
وأحكم الجيش الإسرائيلي قبضته على حاجز حوارة الرئيسي وعزّز قواته هناك عبر حواجز متحركة على طول شارع حوارة وشوارع أخرى مفضية إلى قرى نابلس، فيما واصل إغلاق حواجز أخرى، مثل حاجز دير شرف، بالسواتر الترابية والمكعبات الإسمنتية.
وكانت إسرائيل قد فرضت الأسبوع الماضي، حصاراً على نابلس رداً على سلسلة هجمات، بما في ذلك العملية التي قُتل فيها الرقيب عيدو باروخ، قرب مستوطنة «شابي شومرون» القريبة من نابلس، الثلاثاء الماضي.
وجاء التشديد الذي أثار شكوكاً كبيرة حول نية إسرائيلية مبيتة لاقتحام المدينة، بعد يوم من نقاش عُقد في مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية بحث في تنفيذ عملية عسكرية واسعة ضد مجموعة «عرين الأسود» المسؤولة عن غالبية عمليات إطلاق النار في منطقة نابلس.
وأفادت هيئة البث الرسمية الإسرائيلية بأن رئيس الحكومة يائير لبيد، ووزير الدفاع بيني غانتس، ورؤساء الأجهزة الأمنية ومن بينهم رئيس هيئة الأركان آفيف كوخافي، ورئيس جهاز الموساد ورئيس الشاباك، هم الذين أجروا النقاش.
ولم يتم الإعلان عن وجود قرار نهائي لجهة تنفيذ عملية أم لا، وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن المؤسسة الأمنية ستُجري تقييماً نهاية الأسبوع لاتخاذ قرار حول العملية العسكرية ومصير الحصار الحالي. لكن ثمة مخاوف في نابلس من أن تباغت إسرائيل المسلحين بعملية خاطفة في الوقت الذي تَسرَّب فيه أن الأمر لم يُحسَم.
وحذرت مجموعة «عرين الأسود» من مخطط إسرائيلي لتنفيذ عملية للقضاء على مسلحيها. وقالت مصادر في حركة «فتح» في المدنية لـ«الشرق الأوسط» إن ثمة تأهباً لعملية عسكرية مباغتة. وفي رسالة أرادت منها المجموعة المسلحة، كما يبدو، إرسال رسالة لإسرائيل بأن معركتها ستكون مع الكل الفلسطيني وليس فقط مسلحيها إذا ما اقتحمت نابلس، دعت الفلسطينيين للخروج في الساعات الأولى من فجر الثلاثاء إلى الشوارع والتكبير، واستهداف القوات الإسرائيلية في كل مكان. وفعلاً خرج آلاف الفلسطينيين في القدس والضفة إلى الشوارع وأسطح منازلهم، وصدحوا بالتكبيرات، تلبيةً للنداء الذي أطلقته مجموعة التي تكتسب تأييداً متزايداً بين الفلسطينيين.
وتعتقد إسرائيل أن استمرار الحصار في نابلس يقيّد جماعات «عرين الأسود» ويضعها في مواجهة مع المجتمع المحلي، كما أنه نجح في منع عمليات حقيقية، لكنها تخشى أيضاً من أن الجماعة المسلحة المشكلة حديثاً قد تتوسّع إلى مناطق أخرى في الضفة إذا ما بدأ مسلحون آخرون استلهام التجربة، ولذلك تريد القضاء عليهم سريعاً.
وكان بيني غانتس، قد أكد الأسبوع الماضي، أن قواته ستعمل ضد هذه المجموعة التي تتشكل من 30 إلى 50 مسلحاً وستقضي عليها في نهاية المطاف.
وحاولت إسرائيل تفكيك المجموعة عبر السلطة الفلسطينية بعدما ضغطت عليها من أجل التدخل، وحضت الإدارة الأميركية على الضغط على السلطة، لكنّ أيّ عروض شملت «تسليم المسلحين أسلحتهم» لم تلقَ آذاناً صاغية.
وطلبت إسرائيل من السلطة التدخل بعدما اتهمتها بفقدان السيطرة في كل من نابلس وجنين، ثم فوجئت بزيارة رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية، لمخيم جنين لتقديم واجب العزاء فيما أحاط به مسلحون في المخيم، قبل أن ترسل رسالة شديدة اللهجة إلى السلطة الفلسطينية محتجةً على ما وصفته بـ«تصرف غير مقبول من أشتية لأنه يعطي شرعية للعمليات العدائية».
لكن في السلطة وحركة «فتح» لم ينظروا إلى الأمر من هذا الجانب، وإنما باعتبار أن «زيارته تفنّد رواية إسرائيل حول فقدان السلطة للسيطرة» وأنها غير ذات صلة. وقال مسؤول كبير في حركة «فتح»، إن زيارة أشتية لمخيم جنين، يوم الأحد الماضي، كانت بمثابة رسالة واضحة بأن السلطة لم تفقد السيطرة في نابلس أو جنين أو أي منطقة أخرى، وأن الفلسطينيين لا يريدون «الفوضى» كذلك.
وكان أشتية قد دخل إلى المخيم تحت حراسة قوات الأمن الفلسطينية التي لم تدخل المخيم بشكل علني منذ فترة طويلة. وقال المسؤول في «فتح» إن على إسرائيل ومن هم على رأسها أن يفهموا أن القتل والتدمير والاعتقالات لا يمكن أن يوفّر أي شكل من أشكال الأمن الاستقرار في المنطقة لا للفلسطينيين ولا للإسرائيليين كذلك.
وقال مسؤولون في حركة «فتح» ونشطاء من جنين، إن الترحيب الذي حظي به أشتية يؤكد التزام غالبية المسلحين في المخيم بالانتماء للحركة (فتح)، ويتجلى هذا من بين أمور أخرى من خلال الدعم الذي تلقاه أشتية من فتحي خازم «أبو الرعد»، الذي تحول إلى رمز للمقاومة والصمود في المخيم بعد فقدانه اثنين من أبنائه ومطاردة إسرائيل له، والذي استقبل أشتية بنفسه وظل إلى جانبه طوال الزيارة.
إسرائيل تناقش عملية واسعة ضد «عرين الأسود» في نابلس
إسرائيل تناقش عملية واسعة ضد «عرين الأسود» في نابلس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة