عاد التباين المصري - الإثيوبي، إزاء رؤية كل منهما لكيفية الخروج من حالة الجمود التي تشهدها قضية «سد النهضة»، الذي تقيمه أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل. فبينما ترغب إثيوبيا في استمرار الرعاية الأفريقية «غير المثمرة» للمفاوضات، طالبت مصر بـ«دعم المجتمع الدولي» لجهود تسوية القضية على نحو «يحقق مصالح جميع الأطراف».
وتتنازع إثيوبيا مع كل من مصر والسودان، بسبب السد الذي تبنيه منذ 2011، وتقول القاهرة إنه يهدد «حقوقها» في مياه النهر الدولي، مطالبة بضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ينظم قواعد الملء والتشغيل مسبقاً.
وفي اطار مساعيها لكسب دعم دولي لقضيتها التي تصفها بـ«الوجودية»، نظمت مصر في الفترة من 16 وحتى 19 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، «أسبوع القاهرة للمياه»، للعام الخامس على التوالي، بحضور ممثلي 70 دولة، منهم 16 وفداً وزارياً و54 وفداً رسمياً و66 منظمة دولية، بإجمالي يزيد على ألف مشارك.
ويركز المؤتمر على أزمات المياه في العالم وكيفية الخروج بحلول لها. ووفق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فإن «موارد مصر المائية صارت تعجز عن تلبية احتياجات سكانها».
وأوضح السيسي في كلمته للمؤتمر، مساء الأحد، أن بلاده «تقع في قلب تحديات ثلاثة متشابكة: الأمن المائي والغذائي وتغير المناخ»، مضيفاً أن «مصر هي الدولة الأكثر جفافاً في العالم، وتعتمد على نهر النيل بشكل شبه حصري لمواردها المائية المتجددة، التي يذهب نحو 80 في المائة منها إلى قطاع الزراعة، مصدر الرزق لأكثر من 60 مليوناً من البشر هم نصف سكان مصر».
ولفت السيسي إلى أن بلاده «صارت تعجز عن تلبية احتياجات سكانها، رغم اتباع سياسة لترشيد الاستهلاك من خلال إعادة الاستخدام المتكرر لمياه الري الزراعي، على نحو جعل معدل الكفاءة الكلية لاستخدامها في مصر واحـداً مـن أعلى المعدلات في أفريقيا». وأشار إلى أن «تداعيات تغير المناخ تؤدي لتفاقم آثار الندرة المائية على الرقعة الزراعية بمصر، والتي تتأثر بالتبعات السلبية لتغير المناخ التي تحدث داخل حدودها وكذا في سائر حوض النيل، لكون مصر دولة المصب الأدنى به».
وقال السيسي: «بناءً على تلك المعطيات، كان ضرورياً أن تتبنى مصر مقاربة شاملة بغرض التعامل الناجح مع تحديات الأمن المائي والغذائي وما يرتبط بذلك من تحديات مناخية، باعتبار ذلك مسألة أمن قومي لمصر».
وعلى الصعيد الإقليمي، قال السيسي إن «مـصـر كـانـت دومـاً في تعاملهـا مـع نهر النيـل رائـدة للدفع بقواعد ومبادئ القانون الدولي ذات الصلة بالأنهار المشتركة، وفي مقدمتها التعاون والتشاور بغرض تجنب التسبب في ضرر فـي إطار إدارة الموارد المائيـة العابرة للحدود، وهي القواعد والمبادئ الحتمية لضمان الاستخدام المشترك المنصف لتلك الموارد».
وأضاف: «إن رؤيتنا الراسخة هي العمل معاً بغرض تكريس وتقاسم الازدهار بدلاً من التنافس والتناحر الذي يؤدي إلى تقاسم الفقر وعدم الاستقرار. وإدراكاً منا لخطورة هذه القضية وانطلاقاً من أهميتها الوجودية لنا، فإن مصر تجدد التزامها ببذل أقصى جهودها لتسوية قضية سد النهضة على النحو الذي يحقق مصالح جميع الأطراف، وتدعو المجتمع الدولي لتعظيم وتضافر الجهود من أجل تحقيق هذا الهدف العادل».
ومنذ أبريل (نيسان) 2021، تجمدت المفاوضات بين الدول الثلاث، التي يرعاها الاتحاد الأفريقي، بعد فشلها في إحداث اختراق، الأمر الذي دعا مصر للتوجه إلى مجلس الأمن الدولي للاحتجاج، والمطالبة بالضغط على إثيوبيا عبر الشركاء الدوليين للقبول باتفاق يرضي جميع الأطراف.
وتقول إثيوبيا إنها تستهدف توليد الكهرباء عبر الاستفادة من «مواردها المائية». فيما تؤكد مصر عدم ممانعتها «للمشاريع التنموية» في دول حوض النيل، شريطة «عدم الإضرار بحقوق دول المصب».
والسبت الماضي، التقى رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، في إثيوبيا، مع رئيس الوزراء آبي أحمد، وأعلن في ختام اللقاء، أن «التوصل إلى اتفاق مع إثيوبيا بشأن سد النهضة أمر ممكن».
فيما أكد رئيس الوزراء الإثيوبي أن مشروع سد النهضة «سيعود بفوائد كبيرة على الجانبين، وسيقدم نتائج إيجابية عديدة للسودان»، مشيراً إلى تمسك بلاده بمعالجة القضية في الإطار الأفريقي.
«سد النهضة»: مصر تنتظر «دعماً دولياً»... وإثيوبيا تُصر على «الحل الأفريقي»
السيسي قال إن بلاده تبذل «أقصى جهودها» لتسوية القضية
«سد النهضة»: مصر تنتظر «دعماً دولياً»... وإثيوبيا تُصر على «الحل الأفريقي»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة