واشنطن تحث الحلفاء على إنشاء نظام دفاع جوي يناسب معايير الناتو لحماية أوكرانيا

بوتين لا يرى أنّ من الضروري «على الفور» توجيه ضربات جديدة مكثفة ضد كييف

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن والأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن والأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ (أ.ب)
TT

واشنطن تحث الحلفاء على إنشاء نظام دفاع جوي يناسب معايير الناتو لحماية أوكرانيا

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن والأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن والأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ (أ.ب)

أحرزت كييف تقدماً ميدانياً في الأسابيع القليلة الماضية في المناطق التي ضمّتها روسيا إليها رسمياً، لكن بعد الضربات الجوية المكثفة التي قامت بها روسيا واستهدفت منشآت للطاقة ومجمعات سكنية، طالبت كييف من حلفائها الغربيين بتزويدها بأسلحة لإنشاء ما يسمّيه العسكريون نظام دفاع أرض - جو متعدد المستويات، وهذا ما تميل إليه واشنطن، فيما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم (الجمعة)، أنه لا يخطّط لضربات «مكثّفة» جديدة في أوكرانيا، بعد تلك التي شُنّت في بداية الأسبوع ردّاً على التدمير الجزئي لجسر القرم الذي يلقي باللوم فيه على كييف.
وقال بوتين خلال مؤتمر صحافي عقب قمة إقليمية في كازاخستان: «في المستقبل القريب، ليست هناك حاجة لضربات مكثّفة. هناك أهداف أخرى. في الوقت الحالي. سنرى لاحقاً»، مؤكداً أنّ هدفه ليس «تدمير أوكرانيا».
وتمارس واشنطن ضغوطاً على حلفاء كييف لإنشاء نظام دفاع جوي طارئ باستخدام معدات تناسب معايير حلف شمال الأطلسي (ناتو) بعضها حديث جداً وبعضها أقدم، لحماية الأهداف الأوكرانية الأساسية الاستراتيجية من القصف الروسي.
وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، في بروكسل، غداة اجتماع لنحو خمسين عضواً في مجموعة الاتصال الأوكرانية التي أسستها الولايات المتحدة وترأسها: «أكثر ما هي بحاجة إليه أوكرانيا فوراً هو الدفاع الجوي»، وهذا ما طالب به الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وأوضح رئيس هيئة الأركان العامة الأميركية الجنرال مارك ميلي، الأربعاء، طبيعة أنظمة الدفاع ذات المستويات الثلاثة «أنظمة قصيرة المدى ومنخفضة الارتفاع، ثم أنظمة متوسطة المدى ومتوسطة الارتفاع، وأخيراً أنظمة بعيدة المدى وعالية الارتفاع».
وستسمح المستويات الثلاثة بحماية الأهداف الاستراتيجية الأوكرانية كالمدن الكبيرة والمنشآت الأساسية ومراكز السلطة، من الصواريخ الباليستية وصواريخ «كروز» والطائرات المسيّرة.
ومن أجل توفير دفاع ضد الصواريخ الباليستية، تخطط واشنطن لتزويد أوكرانيا ببطاريات «باتريوت» بعيدة المدى. ويضغط الجيش الأميركي، الذي لديه مخزون محدود منها، على الدول الأخرى التي اشترتها للمشاركة في الجهود.
وتحاول واشنطن إقناع إسرائيل بتسليم عناصر من نظام القبة الحديدية الخاص بها. وأضاف رئيس هيئة الأركان الأميركية أنه عند تسليم جميع الأنظمة، سيتعيّن «التأكد من إمكانية ربطها معاً بواسطة أنظمة القيادة والاتصالات وأنها مزودة برادارات يمكنها الاتصال الواحد بالآخر، حتى تتمكن من تحديد موقع هدفها في رحلة الاقتراب».
وأوضح أن «ذلك سيكون معقداً على المستوى التقني (...) وسيستغرق بعض الوقت». ومن المقرر أن يوافق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي رسمياً، الاثنين المقبل، في لوكسمبورغ، على القرار الذي اتخذه سفراء دول التكتل الـ27، اليوم (الجمعة)، مهمة تدريب عسكرية لنحو 15 ألف جندي بالقوات المسلحة الأوكرانية.
وأحيا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ذكرى يوم المدافعين، اليوم، متعهداً بالنصر على روسيا وتحرير بلاده. وفي خطاب مصور ألقاه من منطقة تلال خارج العاصمة كييف، أثنى زيلينسكي على القوات المسلحة الأوكرانية لدفاعها عن البلاد. وقال إن كل ما أُخذ من أوكرانيا سيُسترَد، ولن يُترك أي جندي في الأَسْر.
وقال زيلينسكي على التلال الخضراء خارج قرية فيتاشيف، وهي موقع ثكنة عسكرية تاريخية تطل على نهر دنيبرو: «يبدو أن العدو الحالي بشرِّه يمثّل كل أعداء دولتنا الذين واجهناهم من قبل».
وأضاف: «من خلال هزيمة هذا العدو، سنردّ على جميع الأعداء الذين اعتدوا على أوكرانيا... سيكون هذا انتصاراً لشعبنا كافة. وسيكون هذا انتصاراً للقوات المسلحة الأوكرانية».
وقالت بريطانيا، اليوم، إن قوات مدعومة من روسيا حققت تقدماً تكتيكياً في الأيام الثلاثة الماضية نحو وسط بلدة باخموت الاستراتيجية في منطقة دونيتسك في شرق أوكرانيا، ومن المرجح أن تتوغل في القرى جنوبي البلدة.
وتقع باخموت على طريق رئيسي يؤدي إلى مدينتي سلوفيانسك وكراماتورسك. وذكرت وزارة الدفاع البريطانية في نشرة استخباراتية أن المجموعة العسكرية الخاصة المعروفة باسم مجموعة «فاغنر»، «من المرجح أن تظل» مشاركة بكثافة في القتال في باخموت.
وقالت الوزارة إن روسيا واصلت عملياتها الهجومية في وسط منطقة دونباس وتحقق تقدماً «بطيئاً للغاية». وقالت وزارة «إعادة دمج الأراضي المحتلة مؤقتاً» في أوكرانيا، إن القوات المسلحة الأوكرانية حررت أكثر من 600 منطقة من الاحتلال الروسي في الشهر المنصرم، بما في ذلك 75 في إقليم خيرسون الاستراتيجي.


مقالات ذات صلة

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

الولايات المتحدة​ إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

أشاد وفد من الكونغرس الأميركي، يقوده رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأميركي مايك روجرز، مساء أول من أمس في العاصمة المغربية الرباط، بالتزام الملك محمد السادس بتعزيز السلام والازدهار والأمن في المنطقة والعالم. وأعرب روجرز خلال مؤتمر صحافي عقب مباحثات أجراها مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، عن «امتنانه العميق للملك محمد السادس لالتزامه بتوطيد العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والمغرب، ولدوره في النهوض بالسلام والازدهار والأمن في المنطقة وحول العالم».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
الولايات المتحدة​ إدانة 4 أعضاء في مجموعة متطرفة بالتحريض على هجوم الكونغرس الأميركي

إدانة 4 أعضاء في مجموعة متطرفة بالتحريض على هجوم الكونغرس الأميركي

أصدرت محكمة فيدرالية أميركية، الخميس، حكماً يدين 4 أعضاء من جماعة «براود بويز» اليمينية المتطرفة، أبرزهم زعيم التنظيم السابق إنريكي تاريو، بتهمة إثارة الفتنة والتآمر لمنع الرئيس الأميركي جو بايدن من تسلم منصبه بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية الماضية أمام دونالد ترمب. وقالت المحكمة إن الجماعة؛ التي قادت حشداً عنيفاً، هاجمت مبنى «الكابيتول» في 6 يناير (كانون الثاني) 2021، لكنها فشلت في التوصل إلى قرار بشأن تهمة التحريض على الفتنة لأحد المتهمين، ويدعى دومينيك بيزولا، رغم إدانته بجرائم خطيرة أخرى.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ إدانة 4 أعضاء بجماعة «براود بويز» في قضية اقتحام الكونغرس الأميركي

إدانة 4 أعضاء بجماعة «براود بويز» في قضية اقتحام الكونغرس الأميركي

أدانت محكمة أميركية، الخميس، 4 أعضاء في جماعة «براود بويز» اليمينية المتطرفة، بالتآمر لإثارة الفتنة؛ للدور الذي اضطلعوا به، خلال اقتحام مناصرين للرئيس السابق دونالد ترمب، مقر الكونغرس، في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021. وفي محاكمة أُجريت في العاصمة واشنطن، أُدين إنريكي تاريو، الذي سبق أن تولَّى رئاسة مجلس إدارة المنظمة، ومعه 3 أعضاء، وفق ما أوردته وسائل إعلام أميركية. وكانت قد وُجّهت اتهامات لتاريو و4 من كبار معاونيه؛ وهم: جوزف بيغز، وإيثان نورديان، وزاكاري ريل، ودومينيك بيتسولا، بمحاولة وقف عملية المصادقة في الكونغرس على فوز الديمقراطي جو بايدن على خصمه الجمهوري دونالد ترمب، وفقاً لما نق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب ينتقد قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز

ترمب ينتقد قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز

وجّه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، الأربعاء، انتقادات لقرار الرئيس جو بايدن، عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز الثالث، وذلك خلال جولة يجريها الملياردير الجمهوري في اسكتلندا وإيرلندا. ويسعى ترمب للفوز بولاية رئاسية ثانية في الانتخابات التي ستجرى العام المقبل، ووصف قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج ملك بريطانيا بأنه «ينم عن عدم احترام». وسيكون الرئيس الأميركي ممثلاً بزوجته السيدة الأولى جيل بايدن، وقد أشار مسؤولون بريطانيون وأميركيون إلى أن عدم حضور سيّد البيت الأبيض التتويج يتماشى مع التقليد المتّبع بما أن أي رئيس أميركي لم يحضر أي مراسم تتويج ملكية في بريطانيا. وتعود آخر مراسم تتويج في بري

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ لا تقل خطورة عن الإدمان... الوحدة أشد قتلاً من التدخين والسمنة

لا تقل خطورة عن الإدمان... الوحدة أشد قتلاً من التدخين والسمنة

هناك شعور مرتبط بزيادة مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية والاكتئاب والسكري والوفاة المبكرة والجريمة أيضاً في الولايات المتحدة، وهو الشعور بالوحدة أو العزلة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

من الفيضانات إلى حرائق الغابات: لماذا تلاحق الكوارث كاليفورنيا؟

فرق الإطفاء تكافح حريقاً في لوس أنجليس (أ.ب)
فرق الإطفاء تكافح حريقاً في لوس أنجليس (أ.ب)
TT

من الفيضانات إلى حرائق الغابات: لماذا تلاحق الكوارث كاليفورنيا؟

فرق الإطفاء تكافح حريقاً في لوس أنجليس (أ.ب)
فرق الإطفاء تكافح حريقاً في لوس أنجليس (أ.ب)

عانى جنوب كاليفورنيا من كميات مياه ضخمة قبل أقل من عام. بدأت الأمطار الغزيرة تتساقط في ديسمبر (كانون الأول) وبلغت ذروتها في أوائل فبراير (شباط) الماضي. كان شتاءً حافلاً بالعواصف التي غمرت الطرق والسيارات وأثارت مئات الانهيارات الطينية.

أما الآن، فتأرجح الطقس في الاتجاه الآخر.

اجتاح الجفاف المناظر الطبيعية في جنوب كاليفورنيا بعد أحد أكثر فصول الصيف حرارةً في المنطقة على الإطلاق، والبداية الأكثر جفافاً لموسم الأمطار على الإطلاق. لقد حول كل النباتات التي نمت في أمطار الشتاء الغزيرة إلى فتيل أشعل أسبوعاً لا يمكن تصوره: انتشرت حرائق الغابات خارج نطاق السيطرة في جميع أنحاء أحياء منطقة لوس أنجليس، مدفوعة بعاصفة رياح تحدث مرة واحدة كل عقد.

وقال دانييل سوين، عالم المناخ بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس: «لو شهدنا هطول أمطار غزيرة أو واسعة النطاق في الأسابيع والأشهر التي سبقت هذا الحدث، لما رأينا مدى الدمار الذي نشهده حالياً».

وكاليفورنيا معرضة بشكل فريد لأسوأ ما يلقيه تغير المناخ الناجم عن الإنسان علينا. مناخ البحر الأبيض المتوسط ​​في الولاية تحكمه بالفعل الظواهر المتطرفة؛ فالصيف خالٍ من الأمطار وتهطل غالبية الأمطار في الشتاء. لذا فإن حتى التحولات الصغيرة في أنماط الطقس يمكن أن تدفع الولاية إلى فترات من الفيضانات أو الجفاف الذي يحرق المناظر الطبيعية.

أصبحت هذه التقلبات الهائلة من الظروف الجافة إلى الرطبة إلى الجافة - المعروفة باسم «التقلبات الجوية» - أكثر تواتراً مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب، وفقاً لدراسة نُشرت يوم الخميس في مجلة «Nature»، وتؤدي هذه التقلبات إلى تفاقم شدة واحتمالات المخاطر مثل حرائق الغابات والفيضانات المفاجئة.

تسببت سلسلة العواصف الغزيرة في كاليفورنيا في الشتاء الماضي بزيادة بنمو النباتات، مما أدى إلى ما قدر سوين أنه ضعف متوسط ​​كمية الغطاء النباتي في المنطقة. وأصبح ذلك بمثابة الوقود لحرائق هذا الأسبوع.

قال سوين، الذي شارك في تأليف الدراسة: «لقد أدى هذا التسلسل من الارتداد في كاليفورنيا إلى زيادة خطر الحرائق مرتين: أولاً، من خلال زيادة كبيرة في نمو العشب والشجيرات القابلة للاشتعال في الأشهر التي سبقت موسم الحرائق، ثم تجفيفها إلى مستويات عالية بشكل استثنائي مع الجفاف الشديد والدفء الذي أعقب ذلك».

الطقس الجاف للغاية كافٍ لإشعال حرائق الغابات. لكن حرائق هذا الأسبوع كانت مشحونة بقوة غير عادية بسبب عاصفة رياح سانتا آنا القوية، وهي إضافة مدمرة إلى الوصفة الخطيرة بالفعل. انتقلت النيران من منزل إلى آخر بواسطة هبات الرياح التي بلغت سرعتها 100 ميل في الساعة، مما يجعل من المستحيل على رجال الإطفاء السيطرة على الحرائق سريعة الحركة.

لقطة جوية تُظهر المنازل المحترقة أثناء حريق باليساديس في لوس أنجليس (أ.ف.ب)

وكلما تأخر هطول الأمطار الشتوية، كلما أصبحت كاليفورنيا ومناخها المتوسطي عرضة لسلوكيات الحرائق المتطرفة.

كان موسم الحرائق في كاليفورنيا ينتهي تاريخياً في أكتوبر (تشرين الأول)، عندما تصطدم الأعشاب والشجيرات التي تحولت إلى فتيل بفعل حرارة الصيف برياح «سانتا آنا»، قبل وصول أمطار الشتاء.

لكن عاصفة الحرائق في لوس أنجليس هي أحدث مثال على عدم وجود موسم حرائق بعد الآن في عالم دافئ.

وفقاً لسوين، كانت هذه بداية الشتاء الأكثر جفافاً على الإطلاق في جنوب كاليفورنيا، ويحذر خبراء الأرصاد الجوية من أن المنطقة ستظل معرضة لخطر «حرائق كبيرة أعلى من المعدل الطبيعي» حتى يناير.

وستظل الحرائق العنيفة محتملةً حتى يتحول الطقس المتطرف إلى رطب وتتلقى كاليفورنيا أمطاراً غزيرة في الشتاء، حيث إن تغير المناخ يجعل التنبؤ بموعد حدوث ذلك أكثر صعوبة.