لتشكيلي السوداني جلال يوسف يستقطب محبي فنه بـ«طائر السمبر المطر والأمل»

جانب من المعرض
جانب من المعرض
TT

لتشكيلي السوداني جلال يوسف يستقطب محبي فنه بـ«طائر السمبر المطر والأمل»

جانب من المعرض
جانب من المعرض

في معرضه الجديد «طائر السمبر المطر والأمل»، يفتش التشكيلي السوداني جلال يوسف عن البهجة والأمل، عبر اختياره لطائر اللقلق، المعروف بـ«السمبر» سودانياً، وهو طائر مهاجر داخلياً في أفريقيا، والبعض منه يأتي من أنحاء أوروبا الشرقية الأكثر دفئاً.
تبدو لوحات جلال يوسف في معرضه مليئة بالحضور الإنساني عبر وجوه وشخوص يحلق حولها طائر السمبر ومساحات من اللون الأبيض تتداعي إليها الألوان لتشكل سماءً وهواء وتفاصيل وجوه لفتيات ورجال يرتدون الأزياء التقليدية للمجتمع السوداني. وتظهر رمزية عالية في فضاءات اللوحات، تتخللها أشكال لدوائر على أطرافها، يحلق السمبر، تظهر جمالية عالية في وضع الشخوص داخل اللوحة، لتكون أقرب إلى مرمى بصر المتلقي.


لوحة من معرض «طائر السمبر المطر والأمل»

يقول جلال يوسف: «إن ما دفعني لرسم مجموعة من اللوحات عن السمبر عملية بحث أوصلتني إلى عظمة هذا الطائر في ثقافة عدد من المجتمعات والشعوب، على الرغم من أن البعض في السودان يستخدمونه للتقليل من شأن الآخرين، بالقول (أنت زول سمبر ساي)»، وأشار يوسف إلى حرية السمبر والأمل الذي يمنحنا، داعياً الناس للاقتداء به في شؤون الحياة.
يأتي استهداف التشكيلي جلال يوسف في لوحاته ربط المطر بطائر السمبر عن وعي مسبق بأن حضوره يعني مجيء الخريف في السودان، وهو طائر مسالم يختار طواعية أن يسكن بجوار أو قرب البشر، ويتمثلهم في مشيتهم وطريقة الانحناء في السلام، لذا إحساس يوسف بالرسم في هذه الجزيئة كان وفق ميزان حساس ودقيق لدرجات البلل وتمويهات اللون الأزرق بدرجات مختلفة، ظهرت مشرقة ونابضة بالحياة.
لم يتغافل جلال يوسف الأسطورة التي تقول إن عودة اللقلق أو السمبر في الحضارات القديمة، تعني عودة إحدى الأرواح لجسدها مرة أخرى، وأيضاً أنه فأل خير للزواج، ودليل على استقراره واستدامته، وللسمبر شريكة حياة واحدة. وفي التقاليد المسيحية، السمبر يرمز للتقوى والروح النقية والمؤمنة، لذا تجد الإحساس الإنساني في شخوص اللوحات تشعرك بالمؤانسة. كما استطاع جلال يوسف أن يوظف ريشته ليظهر ترحال السمبر سالكاً اتجاهات مختلفة في أفريقيا، ليبدأ بعدها رحلته إلى الشمال مرة أخرى حيث موسم التزاوج، ويهاجر مع 300 نوع من طيور الخريف الموجودة في السودان، استعداداً للعودة إلى الوطن الأم، بعد غياب امتد لأشهر عدّة في بوادي السودان المختلفة.


يفتّش التشكيلي جلال يوسف في لوحاته عن البهجة

ويرى محمد الحسن، أحد زوار المعرض، أنه يحكي قصة جميلة عن طائر السمبر، ويعكس انفعالات داخلية للفنان بالحياة. قائلاً: «أرى في لوحات معرض السمبر أن الطائر يحاول نشر نوع من البهجة والفرح في كل أماكن وجوده. والمعرض يحكي قصة جميلة، وقد عرّفني لأول مرّة على طائر السمبر، وأنه يعيش في السودان، وتعرّفت على تنقلاته الزمنية المختلفة».
أما التشكيلية سماح صالح، فتقول: «إن المعرض مميز، وفيه اتقان جيّد لاستخدام اللون وضربة الفرشاة، إضافة إلى الدراسة المتعمقة في أنواع الطائر نفسه، والشخوص الموجودين في موضوع المعرض، ما انعكس بطريقة رائعة، ورغم أن الخامات غير متعددة في اللوحات، فإنه كشف عن تقنيات مختلفة في التلوين الوشينغ، وإستروكس، ولاينير إبستراكت، ما أدى إلى إمتاع البصر».


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

فهد المطيري لـ«الشرق الأوسط»: «فخر السويدي» لا يشبه «مدرسة المشاغبين»

فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)
فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)
TT

فهد المطيري لـ«الشرق الأوسط»: «فخر السويدي» لا يشبه «مدرسة المشاغبين»

فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)
فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)

أكد الفنان السعودي فهد المطيري أن فيلمه الجديد «فخر السويدي» لا يشبه المسرحية المصرية الشهيرة «مدرسة المشاغبين» التي قدمت في سبعينات القرن الماضي، لافتاً إلى أن الفيلم يحترم دور المعلم ويقدّره حتى مع وجود الطابع الكوميدي في العمل.

الفيلم الذي عُرض للمرة الأولى ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية» بالنسخة الماضية من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، تدور أحداثه في 8 فصول حول رهان مدير المدرسة على تأسيس «الفصل الشرعي» ليقدم من خلاله نهجا مختلفاً عن المتبع.

وقال المطيري لـ«الشرق الأوسط» إن «المدرسة تشكل فترة مهمة في حياة كل شخص ولا تزال هناك ذكريات ومواقف راسخة في ذاكرتنا عنها، الأمر الذي سيجعل من يشاهد الفيلم يشعر بأن هناك مواقف مشابهة ربما تعرض لها أو شاهدها بالفعل خلال مسيرته التعليمية»، مرجعاً حماسه لتقديم شخصية الأستاذ «شاهين دبكة» مدير ثانوية «السويدي الأهلية» رغم كون الدور لرجل أكبر منه سناً إلى إعجابه بالفكرة التي يتناولها العمل وشعوره بالقدرة على تقديم الدور بشكل مختلف.

فهد المطيري مع أبطال الفيلم (الشركة المنتجة)

وأضاف المطيري: «إن الماكياج الذي وضعته لإظهار نفسي أكبر عمراً، استوحيته جزئياً من الفنان الراحل حسين الرضا خصوصاً مع طبيعة المدير ومحاولته المستمرة إظهار قدرته في السيطرة على الأمور وإدارتها بشكل جيد، وإظهار نفسه ناجحاً في مواجهة شقيقه الأصغر الذي يحقق نجاحات كبيرة في العمل ويرأسه».

وحول تحضيرات التعامل مع الشخصية، أكد المطيري أن خلفيته البدوية ساعدته كثيراً لكونه كان يحضر مجالس كبار السن باستمرار في منزلهم الأمر الذي لعب دوراً في بعض التفاصيل التي قدمها بالأحداث عبر دمج صفات عدة شخصيات التقاها في الواقع ليقدمها في الدور، وفق قوله.

وأوضح أنه كان حريصاً خلال العمل على إبراز الجانب الأبوي في شخصية شاهين وتعامله مع الطلاب من أجل تغيير حياتهم للأفضل وليس التعامل معهم على أنه مدير مدرسة فحسب، لذلك حاول مساعدتهم على بناء مستقبلهم في هذه المرحلة العمرية الحرجة.

وأشار إلى أنه عمل على النص المكتوب مع مخرجي الفيلم للاستقرار على التفاصيل من الناحية الفنية بشكل كبير، سواء فيما يتعلق بطريقة الحديث أو التوترات العصبية التي تظهر ملازمة له في الأحداث، أو حتى طريقة تعامله مع المواقف الصعبة التي يمر بها، وأضاف قائلاً: «إن طريقة كتابة السيناريو الشيقة أفادتني وفتحت لي آفاقاً، أضفت إليها لمسات شخصية خلال أداء الدور».

المطيري خلال حضور عرض فيلمه في «القاهرة السينمائي» (إدارة المهرجان)

وعن تحويل العمل إلى فيلم سينمائي بعدما جرى تحضيره في البداية على أنه عمل درامي للعرض على المنصات، أكد الممثل السعودي أن «هذا الأمر لم يضر بالعمل بل على العكس أفاده؛ لكون الأحداث صورت ونفذت بتقنيات سينمائية وبطريقة احترافية من مخرجيه الثلاثة، كما أن مدة الفيلم التي تصل إلى 130 دقيقة ليست طويلة مقارنة بأعمال أخرى أقل وقتاً لكن قصتها مختزلة»، موضحاً أن «الأحداث اتسمت بالإيقاع السريع مع وجود قصص لأكثر من طالب، والصراعات الموجودة»، مشيراً إلى أن ما لمسه من ردود فعل عند العرض الأول في «القاهرة السينمائي» أسعده مع تعليقات متكررة عن عدم شعور المشاهدين من الجمهور والنقاد بالوقت الذي استغرقته الأحداث.

ولفت إلى أن «الفيلم تضمن تقريباً غالبية ما جرى تصويره من أحداث، لكن مع اختزال بعض الأمور غير الأساسية حتى لا يكون أطول من اللازم»، مؤكداً أن «المشاهد المحذوفة لم تكن مؤثرة بشكل كبير في الأحداث، الأمر الذي يجعل من يشاهد العمل لا يشعر بغياب أي تفاصيل».

وحول تجربة التعاون مع 3 مخرجين، أكد فهد المطيري أن الأمر لم يشكل عقبة بالنسبة له كونه ممثلاً، حيث توجد رؤية مشتركة من جميع المخرجين يقومون بتنفيذها في الأحداث، ولافتاً إلى أن حضورهم تصوير المشاهد الأخرى غير المرتبطة بما سيقومون بتصويره جعل الفيلم يخرج للجمهور بإيقاع متزن.