الجزائر تشن حرباً أمنية وقضائية ضد مضاربين بأسعار منتجات غذائية

نالوا أحكاماً ثقيلة إثر اتهامهم بـ«السعي لإثارة الاحتجاجات»

مواطن جزائري في أحد الأسواق الشعبية في العاصمة الجزائرية (أ.ف.ب)
مواطن جزائري في أحد الأسواق الشعبية في العاصمة الجزائرية (أ.ف.ب)
TT

الجزائر تشن حرباً أمنية وقضائية ضد مضاربين بأسعار منتجات غذائية

مواطن جزائري في أحد الأسواق الشعبية في العاصمة الجزائرية (أ.ف.ب)
مواطن جزائري في أحد الأسواق الشعبية في العاصمة الجزائرية (أ.ف.ب)

تشن الحكومة الجزائرية حرباً أمنية وقضائية على مضاربين في أسعار المنتجات الغذائية الأساسية ومحتكريها، وتتهمهم بـ«السعي لإثارة الاحتجاجات»، وبأنهم «من بقايا العصابة التي حكمت البلاد في المرحلة السابقة»، في إشارة ضمناً إلى فترة حكم الرئيس السابق الراحل عبد العزيز بوتفليقة.
وفي هذا السياق، أدانت محكمة الشراقة بأعالي العاصمة، الخميس، شخصاً بالسجن 12 سنة مع التنفيذ ومصادرة شاحنته التي كان بداخلها كمية كبيرة من الحليب، وذلك بتهمة «المضاربة غير المشروعة»، وهي تهمة تخص المواد الغذائية المدعمة التي يتم تخزينها بكميات كبيرة، بغرض إحداث ندرة في السوق، وبالتالي رفع أسعارها. علماً بأن الجزائر تستورد بودرة الحليب من الخارج، وتمنحها لمزارعين وتجار الحليب، على أن يبيعوا هذه المادة بالثمن الذي حددته.
كما أدانت محكمة القليعة، غربي العاصمة، شخصاً آخر في اليوم نفسه بالسجن 10 سنوات مع التنفيذ، بتهمة المضاربة في الزيت، التي تشهد ندرة حادة منذ أسابيع. وأمر القاضي بمصادرة مئات قارورات الزيت بسعة 5 لترات، خزنها المشتبه به في مستودع. فيما حكمت أيضاً محكمة أميزور بمحافظة بجاية (250 كلم شرق) بالسجن 10 سنوات مع التنفيذ بحق تاجر أربعيني، بعد أن ضبطت قوات الأمن لديه كمية كبيرة من الدقيق مخزنة.
وقالت النيابة المحلية إن المعني «كان ينتهج أساليب احتيال، ويقوم بإعادة بيع الدقيق بسعر يفوق السعر المقنن والمدعوم من الدولة، بهدف تحقيق هامش ربح أكبر».
بدورها، أدانت محكمة تيارت (غرب) شخصين بالسجن 12 سنة لكل واحد منهما، بسبب تخزين الحليب بغرض المضاربة في الأسعار. وأعلنت النيابة بالعاصمة في اليوم نفسه عن إيداع 18 شخصاً الحبس الاحتياطي، ووضع أربعة آخرين تحت الرقابة القضائية، إثر اتهامهم بـ«المضاربة غير المشروعة ارتكبتها جماعة إجرامية منظمة»، و«التهريب على درجة من الخطورة تهدد الاقتصاد الوطني». مؤكدة أن المتهمين «يمارسون المضاربة غير المشروعة في المواد الغذائية الأساسية واسعة الاستهلاك»، وأن قسم مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للوطن بـ«محكمة سيدي امحمد» بالعاصمة تكفل بالتحري في القضية. كما أبرزت أن نشاطهم غير القانوني، يتم في خمس محافظات من البلاد.
وفي السادس من الشهر الجاري، أعلنت النيابة العامة في بيان أنها صنفت أعمال المضاربة في أسعار المواد الغذائية، التي تشهد ندرة حادة، ضمن «أفعال الإرهاب والجريمة المنظمة»، وقالت إن «المواد الأساسية ذات الاستهلاك الواسع تشهد مضاربة غير مشروعة وزيادة غير مبررة للأسعار، بشكل يمس بالقدرة الشرائية للمواطن». مشيرة إلى أنه «في ظل المجهودات المستمرة التي تبذلها الدولة من أجل توفير هذه المواد (المنتجات)، فإن هذه الأفعال تعتبر ضرباً للاقتصاد الوطني». وقد جمع الرئيس عبد المجيد تبون، أمس، أعضاء من حكومته وعدداً من مسؤولي الأجهزة الأمنية لبحث مشكلة الندرة والمضاربة غير المشروعة.
وأكدت النيابة العاصمة أنها طلبت من نيابات الجمهورية المحلية «معالجة هذه القضايا على مستوى قسم مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة»، مشيرة إلى أنها «ستقدم التماسات بإنزال عقوبات مشددة ضد كل الأشخاص المتورطين في هذه القضايا، وفقاً للقانون».
ومن جهته، صرح الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمن، في اليوم نفسه، بأن الحكومة تقدم اعتذارها للجزائريين بسبب فقدان المواد الأساسية في السوق، وتعهد بـ«بالضرب بيد من حديد، ضد كل من تسول له نفسه اللعب بقوت الجزائريين، وتهريبه لإحداث جو من البلبلة ودفعنا إلى العودة إلى الاستيراد الوحشي، الذي استنزف مقدرات الشعب والأمة». وكان يشير ضمناً إلى ناشطين في الاستيراد، واعتبارهم سبب أزمة الندرة كرد فعل منهم، حسب السلطات، على منعهم من جلب الكثير من المنتجات من الخارج.


مقالات ذات صلة

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

شمال افريقيا الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

أكد وزيران جزائريان استعداد سلطات البلاد لتجنب سيناريو موسم الحرائق القاتل، الذي وقع خلال العامين الماضيين، وسبّب مقتل عشرات الأشخاص. وقال وزير الفلاحة والتنمية الريفية الجزائري، عبد الحفيظ هني، في ندوة استضافتها وزارته مساء أمس، إن سلطات البلاد أعدت المئات من أبراج المراقبة والفرق المتنقلة، إضافة لمعدات لوجيستية من أجل دعم أعمال مكافحة الحرائق، موضحاً أنه «سيكون هناك أكثر من 387 برج مراقبة، و544 فرقة متنقلة، و42 شاحنة صهريج للتزود بالمياه، و3523 نقطة للتزود بالمياه، و784 ورشة عمل بتعداد 8294 عوناً قابلاً للتجنيد في حالة الضرورة القصوى».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

التمست النيابة بمحكمة بالجزائر العاصمة، أمس، السجن 12 سنة مع التنفيذ بحق وزير الموارد المائية السابق، أرزقي براقي بتهمة الفساد. وفي غضون ذلك، أعلن محامو الصحافي إحسان القاضي عن تنظيم محاكمته في الاستئناف في 21 من الشهر الحالي، علماً بأن القضاء سبق أن أدانه ابتدائياً بالسجن خمس سنوات، 3 منها نافذة، بتهمة «تلقي تمويل أجنبي» لمؤسسته الإعلامية. وانتهت أمس مرافعات المحامين والنيابة في قضية الوزير السابق براقي بوضع القضية في المداولة، في انتظار إصدار الحكم الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مقر القصر الرئاسي بالجزائر، الثلاثاء، الدكتور عبد الله آل الشيخ، رئيس مجلس الشورى السعودي الذي يقوم بزيارة رسمية؛ تلبية للدعوة التي تلقاها من رئيس مجلس الأمة الجزائري. وشدد آل الشيخ على «تبادل الخبرات لتحقيق المصالح التي تخدم العمل البرلماني، والوصول إلى التكامل بين البلدين اللذين يسيران على النهج نفسه من أجل التخلص من التبعية للمحروقات، وتوسيع مجالات الاستثمار ومصادر الدخل»، وفق بيان لـ«المجلس الشعبي الوطني» الجزائري (الغرفة البرلمانية). ووفق البيان، أجرى رئيس المجلس إبراهيم بوغالي محادثات مع آل الشيخ، تناولت «واقع وآفاق العلاقات الثنائية الأخوية، واس

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

قضت محكمة الاستئناف بالعاصمة الجزائرية، أمس، بسجن سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الراحل، 12 سنة مع التنفيذ، فيما تراوحت الأحكام بحق مجموعة رجال الأعمال المقربين منه ما بين ثماني سنوات و15 سنة مع التنفيذ، والبراءة لمدير بنك حكومي وبرلماني، وذلك على أساس متابعات بتهم فساد. وأُسدل القضاء الستار عن واحدة من أكبر المحاكمات ضد وجهاء النظام في عهد بوتفليقة (1999 - 2019)، والتي دامت أسبوعين، سادها التوتر في أغلب الأحيان، وتشدد من جانب قاضي الجلسة وممثل النيابة في استجواب المتهمين، الذي بلغ عددهم 70 شخصاً، أكثرهم كانوا موظفين في أجهزة الدولة في مجال الاستثمار والصفقات العمومية، الذين أشارت التحقيقات إلى تو

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

عدّدت مصر «إنجازاتها» في ملف حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة، قبل مناقشة «تقرير المراجعة الشاملة» أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف، في يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكدت القاهرة «هدم السجون (غير الآدمية) وإقامة مراكز إصلاح حديثة».

وتقدمت الحكومة المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتقريرها الرابع أمام «آلية المراجعة الدورية الشاملة» التابعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي، تمهيداً لمناقشته الشهر المقبل، وهو تقرير دوري تقدمه مصر كل 4 سنوات... وسبق أن قدّمت القاهرة 3 تقارير لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان في أعوام 2010، و2014، و2019.

وقال عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» بمصر، رئيس «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» (مؤسسة حقوقية)، عصام شيحة، إن «الحكومة المصرية حققت (قفزات) في ملف حقوق الإنسان»، وأشار في تصريحات تلفزيونية، مساء الخميس، إلى أن «السنوات الأخيرة، شهدت قنوات اتصال بين المنظمات الحقوقية والمؤسسات الحكومية بمصر»، منوهاً إلى أن «مصر هدمت كثيراً من السجون القديمة التي كانت (غير آدمية) وأقامت مراكز إصلاح حديثة».

وأوضح شيحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الجمعة، أن «الحكومة المصرية تبنت فلسفة عقابية جديدة داخل السجون عن طريق الحد من العقوبات السالبة للحريات، وأنها هدمت نحو 15 سجناً، وقامت ببناء 5 مراكز إصلاح وتأهيل وفق أحدث المعايير الدولية، وتقدم برامج لتأهيل ودمج النزلاء».

عادّاً أن تقديم مصر لتقرير المراجعة الدورية أمام «الدولي لحقوق الإنسان» بجنيف، «يعكس إرادة سياسية للتواصل مع المنظمات الدولية المعنية بملف حقوق الإنسان».

وشرعت وزارة الداخلية المصرية أخيراً في إنشاء «مراكز للإصلاح والتأهيل» في مختلف المحافظات، لتكون بديلة للسجون القديمة، ونقلت نزلاء إلى مراكز جديدة في «وادي النطرون، وبدر، و15 مايو»، وتضم المراكز مناطق للتدريب المهني والفني والتأهيل والإنتاج، حسب «الداخلية المصرية».

ورغم الاهتمام الحكومي بملف حقوق الإنسان في البلاد، وفق مراقبين؛ فإن عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» يرى أن «هناك ملفات تحتاج إلى تحرك مثل ملف الحبس الاحتياطي في التهم المتعلقة بالحريات».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستعرض التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» في مصر (الرئاسة المصرية)

وفي وقت سابق، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استجابته لتوصيات مناقشات «الحوار الوطني» (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية الحبس الاحتياطي، داعياً في إفادة للرئاسة المصرية، أغسطس (آب) الماضي، إلى «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس، وتطبيق بدائل مختلفة للحبس الاحتياطي».

ويرى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أيمن أبو العلا، أن «الحكومة المصرية حققت تقدماً في تنفيذ محاور (الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان) التي أطلقتها عام 2021»، ودلل على ذلك بـ«إلغاء قانون الطوارئ، وتشكيل لجان للعفو الرئاسي، والسعي إلى تطبيق إصلاح تشريعي مثل تقديم قانون جديد لـ(الإجراءات الجنائية) لتقنين الحبس الاحتياطي».

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد عرض على الرئيس المصري، الأربعاء الماضي، التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، متضمناً «المبادرات والبرامج التي جرى إعدادها للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي».

وحسب إفادة للرئاسة المصرية، وجه الرئيس المصري بـ«استمرار جهود نشر الوعي بحقوق الإنسان في مؤسسات الدولة كافة، ورفع مستوى الوعي العام بالحقوق والواجبات»، وشدد على «تطوير البنية التشريعية والمؤسسية لإنجاح هذا التوجه».

عودة إلى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بـ«النواب» الذي قال إن ملف حقوق الإنسان يتم استغلاله من بعض المنظمات الدولية سياسياً أكثر منه إنسانياً، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ازدواجية في معايير بعض المنظمات التي تغض الطرف أمام انتهاكات حقوق الإنسان في غزة ولبنان، وتتشدد في معاييرها مع دول أخرى».