تصاعد الضغوط على إدارة بايدن لتسليم أوكرانيا دفاعات جوية متطورة

هجمات موسكو قد تؤدي إلى نتائج عكسية

جندي أوكراني يعاين إحداثيات القصف عند خط المواجهة في منطقة دونيتسك (أ.ف.ب)
جندي أوكراني يعاين إحداثيات القصف عند خط المواجهة في منطقة دونيتسك (أ.ف.ب)
TT

تصاعد الضغوط على إدارة بايدن لتسليم أوكرانيا دفاعات جوية متطورة

جندي أوكراني يعاين إحداثيات القصف عند خط المواجهة في منطقة دونيتسك (أ.ف.ب)
جندي أوكراني يعاين إحداثيات القصف عند خط المواجهة في منطقة دونيتسك (أ.ف.ب)

بعيداً من التحليلات الفورية حول الهجمات الصاروخية الروسية الدامية على المدن الأوكرانية، يعتقد كثير من المحللين الأميركيين أن تلك الهجمات كان مخططاً لها مسبقاً، ولم تكن مجرد انتقام فقط لتفجير جسر القرم.
فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يواجه تصاعد الإحراجات جراء الهزائم التي يتعرض لها جيشه في ميدان المعركة، كان يحاول توجيه رسالة غاضبة، لإخافة الغرب من مغبة مواصلة تسليح أوكرانيا، وليس فقط «دفاعاً» عن روسيا. لكن الهجمات الصاروخية ربما أدت إلى نتائج عكسية، في ظل الضغوط التي تتعرض لها الولايات المتحدة والدول الغربية الكبرى للتخلي عن التحفظات التي سمحت حتى الآن بحجب تسليم الأسلحة الأكثر تطوراً عن أوكرانيا، حتى ولو كانت «دفاعية».
ويدرك خبراء الدفاع أن تعطيل الهجمات الصاروخية الروسية من شأنه أن يعادل تجريدها من كل مصادر قوتها «التقليدية»، وتحييد عنصر تفوقها الرئيسي على القوات الأوكرانية؛ المتمثل في قدراتها الصاروخية بعيدة المدى.
ونقلت وسائل إعلام أميركية عدة أن الضغوط على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لتسليم أوكرانيا أنظمة دفاع جوي أكثر تطوراً، بلغت سقفاً جديداً، واضطر بسببها الرئيس إلى التعبير علناً عن موافقته على تسليم هذا النوع من الأسلحة لكييف، بحسب بيان البيت الأبيض عن المكالمة الهاتفية مع نظيره الأوكراني.
ودعا البعض إلى تسليم أوكرانيا أنظمة مشابهة لـ«نظام القبة الحديدية» الإسرائيلي لاعتراض الصواريخ، في حين دعا آخرون إلى تسليمها أيضاً صواريخ «أرض - أرض» بعيدة المدى، «شرط التزام كييف باستخدامها على أراضيها». وأعلنت وزارة الدفاع «البنتاغون» أن منظومات الدفاع الجوي «ناسامس»، التي وعدت واشنطن بتسليمها لكييف في أغسطس (آب) الماضي، اكتمل إنتاجها وأنها ستصل نهاية الشهر إلى أوكرانيا. ولطالما قاومت واشنطن تزويد كييف بمثل هذه المساعدة، خشية تصعيد الصراع، مضيفة أنه سيكون من الصعب للغاية تدريب القوات الأوكرانية على الأنظمة المتقدمة. لكن الخبراء يقولون إن «الفظائع» الروسية الأخيرة يمكن أن تغير الدفة لمصلحة أوكرانيا. وتعدّ هذه المنظومة متوسطة المدى سلاحاً لا غنى عنه؛ لقدرته على تحييد وإخراج الطائرات وصواريخ «كروز» والطائرات من دون طيار وحماية الأصول الرئيسية والسكان.
وفي حين أثار التصعيد الروسي إدانة دولية، استغل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي هذا التصعيد للمطالبة بمزيد من الدفاعات الجوية والصاروخية من الغرب، و«تسليمها فوراً»؛ لا بل شددت كييف على أنها تمكنت من إسقاط 43 صاروخاً من أصل 84 أطلقتها روسيا الاثنين على المدن الأوكرانية، مشيرة إلى «النجاحات التي حققتها المساعدات العسكرية التي قدمها الغرب».
وبعدما حاولت أوكرانيا في بداية الحرب الدفع باتجاه منطقة حظر جوي، قوبل طلبها برفض إدارة بايدن وأعضاء الكونغرس من الحزبين؛ لأن فرض منطقة الحظر يتطلب من الولايات المتحدة والدول الأوروبية وحلف «الناتو» إسقاط الطائرات الروسية، مما كان يهدد باندلاع «حرب كونية ثالثة». وكان البديل هو مواجهة سلاح الجو الروسي بشبكة نظام دفاعي جوي متطورة، عمادها صواريخ «ستينغر»، وتوفير الحماية للمنشآت الرئيسية الحيوية. وهو ما ثبتت فاعليته في بداية الحرب التي اقتربت من نهاية شهرها الثامن.
لكن التكتيكات الروسية الجديدة باتت تتطلب تغييراً أيضاً في نوعية الأسلحة لأوكرانيا. وحضت رئيسة البرلمان الأوروبي، روبرتا ميتسولا، الاتحاد الأوروبي على تزويد أوكرانيا بمزيد من المعدات العسكرية؛ وفق تصريحات لها لمحطة «سي إن إن».
وانضم المشرعون الأميركيون إلى حملة الضغط على إدارة بايدن، لـ«الرد فوراً» على روسيا بزيادة المساعدات النوعية لأوكرانيا. وطالب النائب الجمهوري مايكل كول، كبير المشرعين في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، بـ«زيادة المساعدة الأمنية لأوكرانيا على الفور؛ بما في ذلك المدفعية بعيدة المدى وأنظمة دفاع جوي إضافية». وقال في بيان: «يجب جعل بوتين يفهم أن مثل هذا التصعيد الوحشي وجرائم الحرب لن تقطع دعم الولايات المتحدة والعالم الحر لأوكرانيا».
وتسلم قادة الكونغرس، الاثنين، رسالة من كبير أعضاء البرلمان الأوكراني، روسلان ستيفانتشوك، يدعو فيها واشنطن، إلى إعطاء الأولوية لتلك الشحنات، وفق صحيفة «فورين بوليسي». وطلب أيضاً أسلحة دفاعية؛ بما في ذلك أنظمة الصواريخ المضادة وقذائف الـ«هاون» والمدفعية، والتي يبدو أنها أصبحت أكثر أولوية وأهمية بالنسبة إلى كييف من الحصول على طائرات مقاتلة وأنظمة صواريخ بعيدة المدى التي كانت تطالب بها في وقت سابق.
وهناك سلاح آخر صعد إلى رأس قائمة طلبات كييف؛ هو نظام الصواريخ التكتيكية «إيه تي إيه سي إم إس». وهو صاروخ «أرض - أرض» يمكنه التحليق مسافة تفوق أربع مرات أي شيء تمتلكه أوكرانيا الآن في حربها مع روسيا. ولا تزال إدارة بايدن تقاوم تسليم هذه الصواريخ خشية أن يجري استخدامها على أهداف داخل حدود روسيا.
إلى ذلك، أكد قادة الدفاع للمجموعة الرباعية؛ التي تضم الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، مواصلة دعم أوكرانيا والحفاظ على سيادتها وسلامة أراضيها. وعقد المسؤولون الأربعة اجتماعهم التمهيدي للبحث في جدول أعمال اجتماع وزراء دفاع حلف «الناتو» الذي يبدأ أعماله الأربعاء، وكذلك اجتماع مجموعة الدعم لأوكرانيا، الذي يعقد الخميس، حيث يتوقع أن تصدر عن الاجتماعين توصيات جذرية ومحددة حول كيفية مواصلة تقديم المساعدات ونوعيتها لأوكرانيا.


مقالات ذات صلة

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

الولايات المتحدة​ إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

أشاد وفد من الكونغرس الأميركي، يقوده رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأميركي مايك روجرز، مساء أول من أمس في العاصمة المغربية الرباط، بالتزام الملك محمد السادس بتعزيز السلام والازدهار والأمن في المنطقة والعالم. وأعرب روجرز خلال مؤتمر صحافي عقب مباحثات أجراها مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، عن «امتنانه العميق للملك محمد السادس لالتزامه بتوطيد العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والمغرب، ولدوره في النهوض بالسلام والازدهار والأمن في المنطقة وحول العالم».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
الولايات المتحدة​ إدانة 4 أعضاء في مجموعة متطرفة بالتحريض على هجوم الكونغرس الأميركي

إدانة 4 أعضاء في مجموعة متطرفة بالتحريض على هجوم الكونغرس الأميركي

أصدرت محكمة فيدرالية أميركية، الخميس، حكماً يدين 4 أعضاء من جماعة «براود بويز» اليمينية المتطرفة، أبرزهم زعيم التنظيم السابق إنريكي تاريو، بتهمة إثارة الفتنة والتآمر لمنع الرئيس الأميركي جو بايدن من تسلم منصبه بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية الماضية أمام دونالد ترمب. وقالت المحكمة إن الجماعة؛ التي قادت حشداً عنيفاً، هاجمت مبنى «الكابيتول» في 6 يناير (كانون الثاني) 2021، لكنها فشلت في التوصل إلى قرار بشأن تهمة التحريض على الفتنة لأحد المتهمين، ويدعى دومينيك بيزولا، رغم إدانته بجرائم خطيرة أخرى.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ إدانة 4 أعضاء بجماعة «براود بويز» في قضية اقتحام الكونغرس الأميركي

إدانة 4 أعضاء بجماعة «براود بويز» في قضية اقتحام الكونغرس الأميركي

أدانت محكمة أميركية، الخميس، 4 أعضاء في جماعة «براود بويز» اليمينية المتطرفة، بالتآمر لإثارة الفتنة؛ للدور الذي اضطلعوا به، خلال اقتحام مناصرين للرئيس السابق دونالد ترمب، مقر الكونغرس، في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021. وفي محاكمة أُجريت في العاصمة واشنطن، أُدين إنريكي تاريو، الذي سبق أن تولَّى رئاسة مجلس إدارة المنظمة، ومعه 3 أعضاء، وفق ما أوردته وسائل إعلام أميركية. وكانت قد وُجّهت اتهامات لتاريو و4 من كبار معاونيه؛ وهم: جوزف بيغز، وإيثان نورديان، وزاكاري ريل، ودومينيك بيتسولا، بمحاولة وقف عملية المصادقة في الكونغرس على فوز الديمقراطي جو بايدن على خصمه الجمهوري دونالد ترمب، وفقاً لما نق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب ينتقد قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز

ترمب ينتقد قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز

وجّه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، الأربعاء، انتقادات لقرار الرئيس جو بايدن، عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز الثالث، وذلك خلال جولة يجريها الملياردير الجمهوري في اسكتلندا وإيرلندا. ويسعى ترمب للفوز بولاية رئاسية ثانية في الانتخابات التي ستجرى العام المقبل، ووصف قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج ملك بريطانيا بأنه «ينم عن عدم احترام». وسيكون الرئيس الأميركي ممثلاً بزوجته السيدة الأولى جيل بايدن، وقد أشار مسؤولون بريطانيون وأميركيون إلى أن عدم حضور سيّد البيت الأبيض التتويج يتماشى مع التقليد المتّبع بما أن أي رئيس أميركي لم يحضر أي مراسم تتويج ملكية في بريطانيا. وتعود آخر مراسم تتويج في بري

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ لا تقل خطورة عن الإدمان... الوحدة أشد قتلاً من التدخين والسمنة

لا تقل خطورة عن الإدمان... الوحدة أشد قتلاً من التدخين والسمنة

هناك شعور مرتبط بزيادة مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية والاكتئاب والسكري والوفاة المبكرة والجريمة أيضاً في الولايات المتحدة، وهو الشعور بالوحدة أو العزلة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

طائرات مسيّرة غامضة تثير قلق السكان والسياسيين في نيويورك

TT

طائرات مسيّرة غامضة تثير قلق السكان والسياسيين في نيويورك

صورة لإحدى المسيرات الغامضة في سماء نيويورك (نيويورك بوست)
صورة لإحدى المسيرات الغامضة في سماء نيويورك (نيويورك بوست)

أثار رصد مجموعة من الطائرات المسيرة الغامضة في منطقة مدينة نيويورك الأميركية، التي تشمل بعض أجزاء ولاية نيو جيرسي المجاورة، قلق السكان والسياسيين المحليين والوطنيين ودفع السلطات إلى إجراء تحقيقات.

وكتبت حاكمة نيويورك كاث هوتشيل على موقع «إكس» يوم الجمعة: «نعرف أن سكان نيويورك رصدوا مسيرات في الجو هذا الأسبوع ونحن نقوم بالتحقيق... في هذا الوقت، لا يوجد دليل على أن هذه المسيرات تشكل تهديداً للسلامة العامة أو الأمن القومي».

وقالت هوتشيل إن مكتبها يقوم بالتنسيق مع مكتب التحقيقات الاتحادي ومكتب وزارة الأمن الداخلي، «لحماية سكان نيويورك».

وفي رسالة تم إرسالها يوم الخميس إلى هذين المكتبين الاتحاديين، بالإضافة إلى إدارة الطيران الاتحادية، التي تشرف على الحركة الجوية في الولايات المتحدة، طالب عضوا مجلس الشيوخ عن نيويورك تشاك شومر، زعيم الأغلبية، وكيرستن جيليبراند، وعضوا مجلس الشيوخ عن ولاية نيوجيرسي كوري بوكر وأندرو كيم، بإحاطة حول نشاط المسيرات.

وجاء في الرسالة: «منذ أواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، أبلغ سكان في منطقة مدينة نيويورك وشمال نيوجيرسي عن عدة حوادث لظهور طائرات مسيرة في الليل، مما أثار قلق السكان وسلطات إنفاذ القانون المحلية».

وقال عضو الكونغرس الأميركي ريتشارد بلومنتال، إن المسيرات الغامضة يجب أن «يتم إسقاطها إذا لزم الأمر»، رغم أنه لا يزال غير واضح من يملكها.

وقال بلومنتال من ولاية كونيتيكت يوم الخميس، إن «علينا القيام بتحليل استخباراتي عاجل وإخراجها من السماء، خصوصاً إذا كانت تحلق فوق المطارات أو القواعد العسكرية».

وأضاف أن هناك مخاوف من أن المسيرات قد تشارك الأجواء مع الطائرات التجارية، وطالب بمزيد من الشفافية من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن. وقال المتحدث باسم الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي يوم الخميس، إن مراجعة التقارير عن رصد مسيرات أظهرت أن كثيراً منها في الواقع طائرات مأهولة تحلق بشكل قانوني. وأكد أنه لم يتم رصد أي مسيرات في أي منطقة جوية محظورة، وأن خفر السواحل الأميركي لم يعثر على أي دليل على تورط أجنبي من السفن الساحلية.