أيمن مطهّر: الفنان لا يصل بالموهبة فقط

الممثل السعودي يُطلع«الشرق الأوسط» على دوره في «الهبوب»

الممثل السعودي أيمن مطهّر يشارك المواهب تجربته
الممثل السعودي أيمن مطهّر يشارك المواهب تجربته
TT

أيمن مطهّر: الفنان لا يصل بالموهبة فقط

الممثل السعودي أيمن مطهّر يشارك المواهب تجربته
الممثل السعودي أيمن مطهّر يشارك المواهب تجربته

يُوسع الممثل السعودي أيمن مطهّر، الحلم، فترن الثقة في النبرة: «سأكون من الأفضل». لا يكتفي فقط بالموهبة. لمعانها ضروري، يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف إليها الاجتهاد والعلاقات. جديده مسلسل «الهبوب»، قريباً على «شاهد». يصفه بالمختلف، ويأمل التوفيق.
يتلقى دروس المسرح لتُضاف خبرة إلى خبرة. في بلجيكا ولندن ولوس أنجلوس. في رأيه: «المجتهد يكافح ليصل». لم تُهيّأ تربة خصبة تُخرج من داخل الفنان عطره الخاص، فينتشر. إنها الرؤية وقراءة المستقبل، مفتاحان لأبواب الشباب.
كان على أيمن مطهّر أن يختار الطب بهمس من معدلات عالية: «مورد رزق ووظيفة». ظل التمثيل هواية يُفرغ بها طبيب الأسنان ثقل تشابه أيامه. زاره إحباط نغّص عليه تخرجه الجامعي، هبّ من بيئة كانت تنتظر انبلاج الضوء. يروي: «لم أجد مكاناً يحتضن شغفي التمثيلي، فأكملت الماجستير في الطب. في عام 2018 تغير كل شيء».


الممثل السعودي أيمن مطهّر يطمح لأن يكون بين الأفضل

كانت سنة ظهوره أمام الكاميرا للمرة الأولى، واحداً من مقدّمي برنامج «شباب هب». فرصة مهدت لفرص، أبرزها دور «مصلح» في مسلسل «رشاش»؛ النقلة في الدراما السعودية. وضمن خلطة عربية، أطل في مسلسل «اعترافات فاشنيستا»، لتكون له في السينما تجربة فيلم «كيان»، الفائز بجائزتين في مهرجان أفلام السعودية. «الهبوب» هو مزيج خبرته دوراً بعد دور؛ فمهلاً لو سمحت، أخبرنا المزيد عنه.
يجيب بأنه مسلسل جديد من نوعه في الدراما السعودية، تتصاعد منه رائحة الخيال العلمي: «يختفي رجل أعمال مغامر في ثقب زمني ليظهر في عصر الدولة العثمانية؛ حيث تحتدم خلافات بينها وبين الجزيرة العربية. أؤدي شخصية (فيصل)، القناص في سلاح حدود المملكة. إصابته خلال الحرب، تُهمد الاندفاع في روحه ليتخذ الإحباط مكاناً عريضاً. سعيه إلى استعادة الجدوى، يحمله إلى هدف جديد: خوض رحلة البحث عن المغامر التائه، فإنقاذ الجزيرة».
«مجموعة عوالم متداخلة»، هو المسلسل المشارك في بطولته أيضاً دريعان الدريعان، وشعيفان محمد، وميلا الزهراني، وزارا البلوشي. يتحمس أيمن مطهّر لأصداء دوره الأول في السلك العسكري: «لم تكن التحضيرات سهلة؛ فالتدريبات استمرت شهراً مع دروس مكثفة في الفنون القتالية واستعمال الأسلحة. توجه التركيز على المبارزة بالسيف وركوب الخيل».
يعلل عشق التمثيل على هذا الشكل: «يتيح لي عيش حياة أكثر من شخص في وقت واحد. الشخصية ماضٍ وطموح وذاكرة. تصبح كلها في داخلي كجزء مني». نتابع نقاش ما يبقى بعد انطفاء الكاميرا، وعودة الفنان إلى منزله. في أيمن مطهّر، تبقى خلاصة التجربة: «يمس كل دور بطريقة تفكيري، فيُحدث تغييرات. أحرص على عدم التكرار، وهذا شرط التجديد. تحدّيات الوسط الفني كثيرة، وثمة كلمة للمنتجين ونظرتهم إلى المهنة وناسها. لا تلعب كل الأوراق لمصلحة الفنان، وإثبات النفس يتطلب مهارة».


أيمن مطهّر طبيب أسنان لم يفارق التمثيل شغفه

منذ البدايات الأولى في نادي المسرح بالجامعة عام 2010، وهو يصوّب أحلامه نحو الأعلى. قدّم مسرحيات وتلقى جوائز، فملأ داخله بما يؤهله لمشاركة الخبرة. كانت «أكاديمية إم بي سي»، بالتعاون مع «الهيئة العامة للترفيه»، فرصة للغرف والعطاء، فأقيمت «رحلة إبداعية حول المملكة» لتوجيه المواهب: «أن تمكن شباناً وباحثين عن نقطة انطلاق، فتلك لحظة تترك شعوراً بالجدوى. أكثر من مائتي موهبة انخرطت في الأعمال الفنية؛ تمثيل، إخراج، مكياج، ديكور».
يحمل من طفولته ذكريات ذلك الصغير المعرض للتنمر من أصوات تقول له إنه لا يصلح للتمثيل. ويعوض بصقل المواهب ومد اليد. في المملكة زخم تبلغ أصداؤه كل مكان: «نحن في مرحلة ذهبية تتطلب منّا الوعي. بالمحاربة والاجتهاد نُنجز، ما دام لدينا الأرض الحاضنة».
الموهبة وحدها لا تكفي، كما يرى، فـ«المطلوب عوامل إن اجتمعت لمَع الشخص». يعدّدها: «الداخل، وهو الإرادة، أو بتعبير آخر، الشغف. إنه المحرّك، من دونه تتعطل المركبة. ثمة أيضاً الجهد الجدي، فأغلب الفنانين اليوم هم ليسوا الأفضل، لكنهم الأكثر اجتهاداً. ثم تأتي العلاقات الجيدة؛ فالموهبة من دون تواصل، كهدية معلّبة يصعب كشفها. قناعتي أن مَن ينوي الوصول، سيزيح العراقيل ويصل».
يحدق في المستقبل بعين الطموح العنيد: «الرؤية جعلتني أضع نفسي أمام تحدٍّ؛ بعد 10 سنوات سأكون واحداً من أفضل 10 ممثلين. ذلك ليس هدفاً فحسب، بل ورشة عمل مستمرة، ودروس لا تهدأ». ماذا عن هاجس البطولة؟ لا بدّ أنه يؤرق كل ممثل! البطولة عند أيمن مطهّر هي الدور في ذاته، لا في حجمه: «أرى نفسي بطلاً في كل دور ألعبه، وإن كان عبارة عن مشهد. لا أفكر في مساحة الأدوار. أن تُخرج مني جديداً وتبعدني عن التكرار، فذلك هو الفن».
يصغي إلى نقاشات تتكهن بمستقبل المرحلة المقبلة في زمن المنصّات والإعلام الرقمي. يميل إلى رأي وسطي، بين مَن يدافع عن المشهد العام بإطاره الكلاسيكي، ومن يحمّل جيل «السوشيال ميديا» شعلة نفض النظرة التقليدية حيال الأدوات والأهداف: «المستقبل القريب للأصالة بنَفَس حداثي، كما ترسخ الرؤية في السعودية. المستقبل البعيد ربما للكائنات الفضائية. مَن يدري؟». يضحك.


مقالات ذات صلة

«ساعته وتاريخه» مسلسل مصري يجذب الاهتمام بدراما حول جرائم حقيقية

يوميات الشرق مريم الجندي في مشهد يجمعها بأحد أبطال المسلسل (لقطة من برومو العمل)

«ساعته وتاريخه» مسلسل مصري يجذب الاهتمام بدراما حول جرائم حقيقية

في أجواء لا تخلو من التشويق والإثارة جذب المسلسل المصري «ساعته وتاريخه» الاهتمام مع الكشف عن «البرومو» الخاص به الذي تضمن أجزاء من مشاهد مشوقة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مع أبطال «العميل» الذين ألفوا عائلة حقيقية (إنستغرام الفنان)

جاد خاطر لـ«الشرق الأوسط»: تفاجأت بالشهرة التي حققتها مع «العميل»

يُبدي جاد خاطر حبّه للأدوار المركبّة فهي تسمح له بأن يجتهد ويستخدم تجاربه ودروسه في كلية الفنون.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق مسلسل «موعد مع الماضي» يعتمد على التشويق (نتفليكس)

«موعد مع الماضي»... دراما تشويقية تعتمد على الغموض

يعيد المسلسل المصري «موعد مع الماضي» الأحداث التشويقية والبوليسية والغموض مجدداً إلى الدراما المصرية والعربية، من خلال قصة مكوّنة من 8 حلقات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)

«العلاقات المشوهة» تجلب الانتقادات لصناع «وتر حساس» في مصر

تعرَّضت بطلات المسلسل المصري «وتر حساس»، الذي يُعرَض حالياً، لانتقادات على «السوشيال ميديا»؛ بسبب ما وصفها البعض بـ«علاقات مشوهة».

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

حظي مسلسل «رقم سري» الذي ينتمي إلى نوعية دراما الغموض والتشويق بتفاعل لافت عبر منصات التواصل الاجتماعي.

رشا أحمد (القاهرة )

تانيا صالح تُغنّي للأطفال وترسم لُبنانَهم الأحلى

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
TT

تانيا صالح تُغنّي للأطفال وترسم لُبنانَهم الأحلى

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)

أمَّنت الإقامة في باريس للفنانة اللبنانية تانيا صالح «راحة بال» تُحرِّض على العطاء. تُصرُّ على المزدوجَين «...» لدى وصف الحالة، فـ«اللبناني» و«راحة البال» بمعناها الكلّي، نقيضان. تحطّ على أراضي بلادها لتُطلق ألبومها الجديد الموجَّه إلى الأطفال. موعد التوقيع الأول؛ الجمعة 6 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. والأحد (8 منه) تخصّصه لاستضافة أولاد للغناء والرسم. تريد من الفنّ أن يُهدّئ أنين أطفال الصدمة ويرأف بالبراءة المشلَّعة.

تريد من الفنّ أن يُهدّئ أنين أطفال الصدمة ويرأف بالبراءة المشلَّعة (صور تانيا صالح)

وطَّد كونها أُماً علاقتها بأوجاع الطفولة تحت النار؛ من فلسطين إلى لبنان. تُخبر «الشرق الأوسط» أنها اعتادت اختراع الأغنيات من أجل أن ينام أطفالها وهم يستدعون إلى مخيّلاتهم حلاوة الحلم. لطالما تمنّت الغناء للصغار، تشبُّعاً بأمومتها وإحساسها بالرغبة في مَنْح صوتها لمَن تُركوا في البرد واشتهوا دفء الأحضان. تقول: «أصبح الأمر مُلحّاً منذ تعرُّض أطفال غزة لاستباحة العصر. لمحتُ في عيون أهاليهم عدم القدرة على فعل شيء. منذ توحُّش الحرب هناك، وتمدُّد وحشيتها إلى لبنان، شعرتُ بأنّ المسألة طارئة. عليَّ أداء دوري. لن تنفع ذرائع من نوع (غداً سأبدأ)».

غلاف الألبوم المؤلَّف من 11 أغنية (صور تانيا صالح)

وفَّر الحبُّ القديم لأغنية الطفل، عليها، الكتابةَ من الصفر. ما في الألبوم، المؤلَّف من 11 أغنية، كُتب من قبل، أو على الأقل حَضَرت فكرته. تُكمل: «لملمتُ المجموع، فشكَّل ألبوماً. وكنتُ قد أنقذتُ بعض أموالي خشية أنْ تتطاير في المهبّ، كما هي الأقدار اللبنانية، فأمّنتُ الإنتاج. عملتُ على رسومه ودخلتُ الاستوديو مع الموسيقيين. بدل الـ(CD)؛ وقد لا يصل إلى أطفال في خيامهم وآخرين في الشوارع، فضَّلتُ دفتر التلوين وفي خلفيته رمز استجابة سريعة يخوّلهم مسحه الاستماع المجاني إلى الأغنيات ومشاهدتها مرسومة، فتنتشل خيالاتهم من الأيام الصعبة».

تُخطّط تانيا صالح لجولة في بعلبك وجنوب لبنان؛ «إنْ لم تحدُث مفاجآت تُبدِّل الخطط». وتشمل الجولة مناطق حيث الأغنية قد لا يطولها الأولاد، والرسوم ليست أولوية أمام جوع المعدة. تقول: «أتطلّع إلى الأطفال فأرى تلك السنّ التي تستحقّ الأفضل. لا تهمّ الجنسية ولا الانتماءات الأخرى. أريد لموسيقاي ورسومي الوصول إلى اللبناني وغيره. على هذا المستوى من العطف، لا فارق بين أصناف الألم. ليس للأطفال ذنب. ضآلة مدّهم بالعِلم والموسيقى والرسوم، تُوجِّه مساراتهم نحو احتمالات مُظلمة. الطفل اللبناني، كما السوري والفلسطيني، جدير بالحياة».

تعود إلى لبنان لتُطلق ألبومها الجديد الموجَّه للأطفال (صور تانيا صالح)

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال، تشعر أنها تستريح: «الآن أدّيتُ دوري». الفعل الفنّي هنا، تُحرّكه مشهديات الذاكرة. تتساءل: «كم حرباً أمضينا وكم منزلاً استعرنا لننجو؟». ترى أولاداً يعيشون ما عاشت، فيتضاعف إحساس الأسى. تذكُر أنها كانت في نحو سنتها العشرين حين توقّفت معارك الحرب الأهلية، بعد أُلفة مريرة مع أصوات الرصاص والقذائف منذ سنّ السادسة. أصابها هدوء «اليوم التالي» بوجع: «آلمني أنني لستُ أتخبَّط بالأصوات الرهيبة! لقد اعتدْتُها. أصبحتُ كمَن يُدمن مخدِّراً. تطلَّب الأمر وقتاً لاستعادة إيقاعي الطبيعي. اليوم أتساءل: ماذا عن هؤلاء الأطفال؛ في غزة وفي لبنان، القابعين تحت النار... مَن يرمِّم ما تهشَّم؟».

تريد الموسيقى والرسوم الوصول إلى الجميع (صور تانيا صالح)

سهَّلت إقامُتها الباريسية ولادةَ الألبوم المُحتفَى به في «دار المنى» بمنطقة البترون الساحلية، الجمعة والأحد، بالتعاون مع شباب «مسرح تحفة»، وهم خلف نشاطات تُبهج المكان وزواره. تقول إنّ المسافة الفاصلة عن الوطن تُعمِّق حبَّه والشعور بالمسؤولية حياله. فمَن يحترق قد يغضب ويعتب. لذا؛ تحلَّت بشيء من «راحة البال» المحرِّضة على الإبداع، فصقلت ما كتبت، ورسمت، وسجَّلت الموسيقى؛ وإنْ أمضت الليالي تُشاهد الأخبار العاجلة وهي تفِد من أرضها النازفة.

في الألبوم المُسمَّى «لعب ولاد زغار»، تغنّي لزوال «الوحش الكبير»، مُختَزِل الحروب ومآسيها. إنها حكاية طفل يشاء التخلُّص من الحرب ليكون له وطن أحلى. تقول: «أريد للأطفال أن يعلموا ماذا تعني الحروب، عوض التعتيم عليها. في طفولتي، لم يُجب أحد عن أسئلتي. لم يُخبروني شيئاً. قالوا لي أنْ أُبقي ما أراه سراً، فلا أخبره للمسلِّح إنْ طرق بابنا. هنا أفعل العكس. أُخبر الأولاد بأنّ الحروب تتطلّب شجاعة لإنهائها من دون خضوع. وأُخبرهم أنّ الأرض تستحق التمسُّك بها».

وتُعلِّم الصغار الأبجدية العربية على ألحان مألوفة، فيسهُل تقبُّل لغتهم والتغنّي بها. وفي الألبوم، حكاية عن الزراعة وأخرى عن النوم، وثالثة عن اختراع طفل فكرة الإضاءة من عمق خيمته المُظلمة. تقول إنّ الأخيرة «حقيقية؛ وقد شاهدتُ عبر (تيك توك) طفلاً من غزة يُفكّر في كيفية دحض العتمة لاستدعاء النور، فألهمني الكتابة. هذه بطولة».

من القصص، تبرُز «الشختورة» (المركب)، فتروي تانيا صالح تاريخ لبنان بسلاسة الكلمة والصورة. تشاء من هذه الحديقة أن يدوم العطر: «الألبوم ليس لتحقيق ثروة، وربما ليس لاكتساح أرقام المشاهدة. إنه شعوري بتأدية الدور. أغنياته حُرّة من زمانها. لم أعدّها لليوم فقط. أريدها على نسق (هالصيصان شو حلوين)؛ لكلّ الأيام».