القضاء التونسي يحقق في «جرائم انتخابية» لضمان تزكيات في البرلمان

«الحزب الجمهوري»: الانتخابات المقبلة لا شرعية لها

تونسية تدلي بصوتها في الاستفتاء على الدستور الصيف الماضي (إ.ب.أ)
تونسية تدلي بصوتها في الاستفتاء على الدستور الصيف الماضي (إ.ب.أ)
TT

القضاء التونسي يحقق في «جرائم انتخابية» لضمان تزكيات في البرلمان

تونسية تدلي بصوتها في الاستفتاء على الدستور الصيف الماضي (إ.ب.أ)
تونسية تدلي بصوتها في الاستفتاء على الدستور الصيف الماضي (إ.ب.أ)

كشفت هيئة الانتخابات التونسية تسجيل مجموعة من المخالفات المرتبطة بالمسار الانتخابي، ومحاولات بعض الراغبين في الترشح للانتخابات البرلمانية، المقررة في 17 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، الحصول على تزكيات بطريقة غير قانونية، وذلك باستعمال وسائل وموارد عمومية، أو من خلال تقديم رشى نقدية أو عينية. وأكدت أن النيابة العامة أمرت بفتح تحقيق، والاحتفاظ بالمشتبه فيهم في هذه التجاوزات الانتخابية.
ودعت الهيئة جميع الراغبين في الترشح لانتخاب أعضاء البرلمان المقبل إلى التقيد التام بمقتضيات القانون الانتخابي، خصوصاً واجب احترام حياد الإدارة، والامتناع عن استعمال الوسائل والموارد العمومية لأغراض انتخابية، مشيرة في هذا السياق إلى مقتضيات الفصل «161» من القانون الانتخابي، الذي يجرم تقديم عطايا نقدية أو عينية بهدف التأثير على الناخبين، وهي جريمة قد تصل عقوبتها إلى السجن والحرمان من الترشح للانتخابات.
وكان الرئيس قيس سعيد قد اجتمع قبل يوم واحد من الإعلان عن هذه الجرائم الانتخابية بنجلاء بودن رمضان، رئيسة الحكومة، وبحث معها في مجموعة من مشروعات المراسيم الرئاسية والأوامر الترتيبية، ومن أبرزها المشروعات المتعلقة بانتخابات أعضاء البرلمان، وجرى التركيز على ضرورة احترام جميع المرشحين المرسوم المتعلق بالانتخابات «حتى تكون الانتخابات المقبلة معبرة بالفعل عن إرادة الشعب التونسي، وتقطع نهائياً مع ما كان سائداً خلال أي موعد انتخابي»، وفق ما أوردته رئاسة الجمهورية التونسية.
يذكر أن القانون الانتخابي الجديد يعتمد على مبدأ التصويت على الأفراد، بدل القائمات الانتخابية، واشترط حصول كل مرشح للانتخابات البرلمانية على 400 تزكية من الناخبين المسجلين، موزعين بالتساوي بين الرجال والنساء، على أن تكون نسبة 25 في المائة منهم ممن تقل أعمارهم عن 35 سنة، وهي شروط عدّتها مجموعة من المنظمات الحقوقية المهتمة بالشأن الانتخابي، والأحزاب السياسية التي أكدت مشاركتها في الانتخابات، «صعبة التحقيق، وتفتح الأبواب أمام شراء الذمم، وتسرب المال الفاسد إلى العملية الانتخابية».
على صعيد متصل؛ أعلن هيكل المكي، القيادي في «حركة الشعب» المؤيدة لخيارات الرئيس سعيد، مشاركة حزبه في الانتخابات البرلمانية، مؤكداً أن «الحركة» ستكون ممثّلة في كل الدوائر الانتخابية الـ161.
وأوضح المكي في تصريح إعلامي أن حركته ستشارك في الانتخابات «رغم تحفظاتها على القانون الانتخابي، وعلى مسار ما بعد 25 يوليو (تموز) 2021؛ لأن الحركة لا تنتهج سياسة الكراسي الفارغة»، وذلك في إشارة إلى مقاطعة عدد كبير من الأحزاب الانتخابات المقبلة؛ وفي مقدمها «حركة النهضة»، و«الحزب الدستوري الحر»، والأحزاب الاجتماعية اليسارية الخمسة؛ وهي: «حزب العمال»، و«الحزب الجمهوري»، و«حزب التيار الديمقراطي»، و«التكتل الديمقراطي»، و«حزب القطب»، علاوة على «حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي».
ومن ضمن الانتقادات التي أوردتها «حركة الشعب» قضية تمويل الحملات الانتخابية، وإقصاء الأحزاب السياسية من الإشراف على تلك الحملات. وفي هذا الشأن، قال أسامة عويدات، عضو المكتب السياسي لـ«الحركة»، إنه «لا يمكن من الناحية الواقعية والعملية إقصاء الأحزاب من المشاركة في الانتخابات البرلمانية... وتأكيد هيئة الانتخابات أن الأحزاب لا يمكنها المشاركة في الاستحقاق الانتخابي، أو في تمويل الحملات الانتخابية للمترشحين باسمها، سيبقى حبراً على ورق»، على حد تعبيره، مضيفاً أن دور الأحزاب «فاعل وأساسي في الحياة السياسية، وتشكيلها يعدّ مظهراً راقياً في العملية السياسية في كل دول العالم».
من جانبه، قال عصام الشابي، رئيس «الحزب الجمهوري» المقاطع للانتخابات البرلمانية المقبلة، إنّ «تضييق الخناق على الأحزاب السياسية، ومنعها من المشاركة في الانتخابات التشريعية، وحتى من تمويل المترشحين التابعين لها، يؤكد أن الانتخابات المقبلة لا شرعية لها»؛ على حد وصفه.
وأضاف الشابي، في تصريح لوكالة الأنباء التونسية الرسمية، أن هيئة الانتخابات «غير مستقلة، وتعمل وفق أجندة الرئيس سعيد لإفراغ الحياة السياسية من كل تعددية، ومن كل نفَس ديمقراطي».


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

ليبيون يتهمون سلطات البلاد بـ«عدم التأهّب للسيول»

سيول في بعض مناطق غرب ليبيا (منصة حكومتنا)
سيول في بعض مناطق غرب ليبيا (منصة حكومتنا)
TT

ليبيون يتهمون سلطات البلاد بـ«عدم التأهّب للسيول»

سيول في بعض مناطق غرب ليبيا (منصة حكومتنا)
سيول في بعض مناطق غرب ليبيا (منصة حكومتنا)

تباينت ردود الفعل في ليبيا حول تعامل سلطات البلاد مع تداعيات الفيضانات، التي ضربت بعض المناطق في الغرب، وخاصة مدينة ترهونة، وسط انتقاد للسلطات في عموم ليبيا لعدم تأهبها للكوارث، وانتظار وقوعها كي تتحرك بتدشين مشاريع تطوير وإعمار.

وكان رئيس حكومة الوحدة «المؤقتة» عبد الحميد الدبيبة، قد قرر عقب السيول التي ضربت ترهونة، تأسيس جهاز تطوير وتنمية المدينة والمناطق المجاورة لها، بميزانية قدرت بـ100 مليون دينار ليبي. (الدولار يساوي 4.87 دينار في السوق الرسمية). وعدّ بعض السياسيين والمراقبين خطوة الدبيبة «محاولة لاحتواء الانتقادات التي وجهت لحكومته، بسبب ما أظهرته الأمطار الغزيرة من تهالك للبنية التحتية في مدن شمال وغرب ليبيا» الخاضعة لسيطرة «الوحدة».

الدبيبة يعزي ترهونة في «ضحايا السيول» (منصة حكومتنا التابعة لحكومة الوحدة)

وقبل ذلك، وبالضبط في سبتمبر (أيلول) 2023 سارعت السلطات في شرق ليبيا إلى تدشين «صندوق إعادة إعمار درنة»، عقب السيول التي اجتاحت تلك المدينة، الواقعة شرق ليبيا وعدة مدن أخرى متاخمة، ورصدت تقارير آنذاك أن السلطات بشرق ليبيا أهملت صيانة سدّين كانا سببا في تعظيم الكارثة، التي أتت على جزء كبير من المدينة، وأودت بحياة الآلاف. كما انتهت السلطات القضائية بسجن عدد من المسؤولين المحليين في هذه القضية.

انتقادات لاذعة

وجه الباحث والأكاديمي الليبي، محمد إمطريد، انتقادات لاذعة للدبيبة، وتحدث عن التحذيرات التي أُطلقت منذ كارثة «فيضان درنة» بشأن توقع تغييرات مناخية بالمنطقة، في ظل تهالك البنية التحتية، من جسور وطرق بعموم ليبيا، وقال موضحاً: «كان يتوجب على حكومة الدبيبة وضع خطط واستعدادات مسبقة للتعاطي مع هذه الظاهرة، خاصة في ظل ما تتمتع به من ميزانية ضخمة».

سيول في بعض مناطق غرب ليبيا (منصة حكومتنا)

وتتنافس في ليبيا حكومتان: الأولى يترأسها الدبيبة وتتخذ من العاصمة طرابلس (غرب) مقراً لها، والثانية تدير المنطقة الشرقية وهي مكلفة من البرلمان، وتحظى بدعم قائد «الجيش الوطني» خليفة حفتر، ويترأسها أسامة حماد.

ويعتقد إمطريد بأن الدبيبة «يحاول الترويج إلى أنه سينطلق لإعمار ترهونة، في محاكاة ربما لمسار إعادة الإعمار القائمة بالمنطقة الشرقية؛ وبالتالي يقطع الطريق على حكومة حماد، التي أعلنت استعدادها لإرسال قوافل دعم للمتضررين بترهونة وباقي المدن المتضررة».

ووفقاً لعميد بلدية ترهونة، محمد الكشر، فقد غمرت المياه غالبية أحياء المدينة، الواقعة جنوب العاصمة، وتحولت بعض طرقها لأودية جراء السيول، مما تسبب في وفاة ثلاثة أشخاص من أسرة واحدة، وخروج المستشفى القائم هناك من الخدمة.

تهالك البنيات التحتية

في المقابل، عدّ عضو المجلس الأعلى للدولة، محمد معزب، أنه يحسب للدبيبة «مسارعته بالذهاب إلى ترهونة وتفقد أوضاعها، وإعطاء التعليمات بسرعة صرف التعويضات للمتضررين بها، وتأسيس جهاز لضمان إعادة إعمارها، والمناطق المجاورة على نحو عاجل».

ولفت معزب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى ما «تعانيه غالبية مدن ليبيا من تهالك للبنيات التحتية منذ عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، وكيف أنه لم تحاول حكومات ما بعد (ثورة 2011) معالجة الأمر»، موضحاً أن حكومة الدبيبة «استطاعت بالفعل إصلاح وتشييد طرق، وإقامة مدارس وحدائق».

ووفقاً لرؤيته، قد شكّل «مناخ المناكفة والتجاذبات السياسية بين حكومة الدبيبة والبرلمان، الذي سحب الثقة منها بعد ستة أشهر من منحها عام 2021، بالإضافة إلى التهام رواتب موظفي الدولة لأكثر من نصف الإيرادات النفطية، تحدياً أمام تلك الحكومة».

من مخلفات الإعصار المدمر الذي ضرب درنة والمناطق المجاورة (أ.ف.ب)

من جانبه، يرى المحلل السياسي الليبي، عبد الله الكبير، أن «معالجة البنية التحتية في ليبيا بشكل جذري، وإحداث التطوير العمراني المنشود لن يتحققا عبر مشاريع تنفذ بوصفها دعاية سياسية للقائمين عليها في شرق ليبيا أو غربها».

وانضم المحلل السياسي، إسلام الحاجي، للطرح السابق، معتقداً بأن «ما يتم الإعلان عنه من مشاريع، ووعود بالإصلاح عقب كل كارثة في شرق ليبيا أو غربها، بات للأسف إحدى الطرق التي يلجأ لها المسؤولون لاحتواء واستقطاب الرأي العام، في إطار التنافس السياسي».

وأعرب الحاجي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عن قناعته بأن «عدم الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي، وتداعيات ذلك من انقسام حكومي، مما يعزز من فرضية تسرب الفساد لأي مشاريع قد يتم إنجازها في الوقت الراهن».

وانتهى الحاجي إلى أن مسألة «عدم الاستعداد للكوارث، والاكتفاء بالحلول المؤقتة، مردودها أكثر تكلفة يتكبدها الليبيون، في ظل استمرار أزمتهم السياسية منذ أكثر من عقد، وعرقلة إجراء الانتخابات الرئاسة والتشريعية».