لا يكاد يمر يوم دون أن تصدر الحكومة المصرية نفياً لأنباء ومعلومات يتم تداولها وترويجها على مواقع التواصل الاجتماعي، في إطار حربها المستمرة ضد «ماكينة الشائعات» التي تستهدف «زعزعة أمن واستقرار البلاد»، حسب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي اعتاد في خطاباته التحذير من «الانسياق وراء حملات التشكيك». طوال اليومين الماضيين كان التحذير من خطورة الشائعات محوراً أساسياً في حديث الرئيس المصري، الذي أكد اليوم (الأربعاء) أن الشائعات تشكل «خطراً على أمن المجتمع».
وقال السيسي خلال احتفالية وزارة الأوقاف المصرية، اليوم، إن «الشائعات جريمة ضد أمن المجتمع، وصاحبها (آثم) في حق نفسه ودينه ومجتمعه، ساعياً إلى الاضطراب والفوضى». وتابع: «لهذا يتعين علينا جميعاً الانتباه إلى ضعاف النفوس الذين لا يسعون إلى النقد البناء بهدف التعمير والإصلاح، وإنما إلى إثارة الفتن والأكاذيب بهدف الهدم والإفساد».
معركة مصر ضد الشائعات ليست وليدة اللحظة، بل تمتد جذورها إلى سنوات سابقة، طالت خلالها مشروعات الدولة وخططها، منذ إزاحة حكم تنظيم «الإخوان» عام 2013. وسط دأب حكومي لدحضها بكل السبل، وصل إلى حد خروج السيسي بنفسه للرد على شائعات طالته شخصياً حتى قبل توليه رئاسة الجمهورية. في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2013 قال السيسي، وكان وقتها وزيراً للدفاع، إن «القيادة السياسية الجديدة في البلاد تواجه حرب شائعات وأكاذيب».
وتوالت التحذيرات الرئاسية والحكومية مما اعتبرته «خطراً حقيقياً يسعى لتدمير الدولة من الداخل»، وقال الرئيس المصري في يوليو (تموز) عام 2018 إن «حكومته رصدت 21 ألف شائعة خلال 3 أشهر»، وبعد أيام قليلة من هذا التصريح أصدر مجلس الوزراء قرارا في 10 أغسطس (آب) 2018 بإنشاء مركز إعلامي تكون مهمته «توضيح الحقائق والرد على الشائعات».
وقبل إنشاء المركز الإعلامي، كانت مهمة الرد على الشائعات منوطة بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، الذي أصدر 193 تقريراً لتوضيح الحقائق، منذ أكتوبر عام 2014. وحتى نقل المهمة إلى المركز الإعلامي.
وخلال الشهر الماضي رد الرئيس المصري بنفسه على شائعات تحدثت عن نقل مقابر لشخصيات تاريخية ورموز وطنية من أماكنها، في إطار مشروعات إنشاء محاور جديدة تنفذها الدولة. وطالب السيسي المصريين بعدم الانسياق خلف ما وصفه بـ«التشكيك المتعمد» بهدف «تسفيه جهود الدولة الضخمة».
في حديثه يراهن السيسي وحكومته على «وعي المصريين» لدحض «محاولات التشكيك» في مشروعات وإنجازات الحكومة، وسبق أن حمل في تصريحات سابقة عام 2019 مجلس النواب (البرلمان) «مسؤولية المواجهة والتصدي لأي أمر (محل تشكيك) حتى لو يخص الأمر أي تقصير من مؤسسات الدولة».
محاولات الدولة دحض الشائعات لم تؤدِ إلى تقليلها أو الحد منها، بل على العكس شهد عام 2021 «أكبر» نسبة لانتشار الشائعات منذ عام 2014، بلغت 23.5 في المائة، مقارنة بنحو بـ22.9 في المائة عام 2020. و1.7 في المائة عام 2014، وفقاً لتقرير أصدره المركز الإعلامي لمجلس الوزراء بداية العام الحالي.
وتعتبر قضايا التعليم أكثر الموضوعات إثارة للجدل والشائعات، تليها قضايا الاقتصاد والصحة والتموين والزراعة والكهرباء، والتضامن الاجتماعي، والإسكان والسياحة والآثار، والإصلاح الإداري، على التوالي، حسب البيانات الرسمية.
مصر والشائعات... جدل مستمر وتحذيرات رسمية
مصر والشائعات... جدل مستمر وتحذيرات رسمية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة