مقابر غزة تكافح لاستيعاب الأحياء والأموات

تزايد الطلب على المساكن والأراضي الزراعية في رقعة ضيقة

محمد كحيل وأخته التوأم يسرى (7 أعوام) وشقيقتاه لمى ولميس يشقون طريقهم إلى المدرسة عبر مقبرة الشيخ شعبان حيث يعيشون (رويترز)
محمد كحيل وأخته التوأم يسرى (7 أعوام) وشقيقتاه لمى ولميس يشقون طريقهم إلى المدرسة عبر مقبرة الشيخ شعبان حيث يعيشون (رويترز)
TT

مقابر غزة تكافح لاستيعاب الأحياء والأموات

محمد كحيل وأخته التوأم يسرى (7 أعوام) وشقيقتاه لمى ولميس يشقون طريقهم إلى المدرسة عبر مقبرة الشيخ شعبان حيث يعيشون (رويترز)
محمد كحيل وأخته التوأم يسرى (7 أعوام) وشقيقتاه لمى ولميس يشقون طريقهم إلى المدرسة عبر مقبرة الشيخ شعبان حيث يعيشون (رويترز)

في قطاع غزة المكتظ بالسكان، ينازع الأحياء الأموات على المسكن، حيث استقر من لا مأوى لهم في المقابر، فيما تعاني السلطات في مواجهة الطلب المتزايد على مساكن جديدة، حسب تقرير لوكالة «رويترز».
في مقبرة الشيخ شعبان، الأقدم في القطاع، تعيش عائلة كاميليا كحيل في مسكن بناه زوجها بالطرف الشرقي للمقبرة يغطي قبري شخصين مجهولين صارا الآن مدفونين تحت أساساته. وقالت كحيل، التي تعيش في المقبرة الواقعة بوسط مدينة غزة منذ 13 عاماً مع زوجها وأسرتها التي تضم الآن ستة أطفال، «لولا الميتين بتحكي كان قالوا اطلعوا من هان».
يحتاج الزائرون للنزول على سلم من ثلاث درجات للوصول إلى المسكن قليل الأثاث، لتشم أنوفهم رائحة قوية تطلق عليها كحيل «رائحة الموت». ويسأل أطفالها، الذين يكسبون مبالغ صغيرة لقاء جلب المياه للناس خلال الجنازات، والديهم باستمرار، متى سيتمكنون من الانتقال من المقبرة. وقالت الابنة لميس (12 عاماً)، «أحياناً بيعزموني صاحباتي في المدرسة بس أنا ما بقدر أعزمهم هنا، بَخجل كتير».
ويعكس الضغط على مساحة المقبرة الضغوط المتزايدة على الأراضي في غزة، وهي رقعة ضيقة بين مصر وإسرائيل محاصرة من الجانبين وتواجه أزمة ديموغرافية متصاعدة منذ سنوات. ومن المتوقع أن يزيد عدد سكان القطاع إلى أكثر من الضعف في غضون 30 عاماً إلى 4.8 مليون نسمة، وبدأت المساحات المتاحة من الأرض بالفعل في النفاد.
وقال ناجي سرحان وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان، إن التنافس على العقارات الشحيحة في غزة شديد، مع تزايد الطلب على كل من المساكن والأراضي الزراعية للمساعدة في إطعام عدد السكان المتزايد الذين يحتاجون 14 ألف وحدة سكنية جديدة سنوياً. وتصل المعاناة حتى للموتى، إذ يتعرض مثواهم الأخير لضغوط ليس فقط من قبل واضعي اليد، بل من تزايد عدد من ليس لديهم مكان آخر يلجأون إليه، الذي أصبح حقيقة لا مفر منها.
وقال مازن النجار، مدير عام الأملاك في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في غزة، التي تشرف على 64 مقبرة في القطاع، «نحن في معضلة كبيرة تجاه إيجاد أراضٍ لاحتياجات القبور بسبب واقع قطاع غزة والتضخم السكاني الكبير». وأضاف: «كل سنة يزداد الاحتياج أكثر وأكثر، يزداد الاحتياج لبنيان وإنشاءات وأيضاً نحتاج لقبور ومقابر».
ومع التنافس الكبير في الطلب، تراجعت الحاجة إلى المزيد من المساحة للمقابر في قائمة الأولويات، خصوصاً في ظل الحروب المتكررة التي دمرت آلاف الوحدات السكنية.
وأغلقت وزارة الأوقاف بالفعل 24 مقبرة نفدت طاقتها الاستيعابية رغم استمرار العديد من العائلات في دفن موتاها في القبور القديمة القريبة من منازلهم.
وقال خالد حجازي، وهو حارس (موظف) من وزارة الأوقاف في مقبرة الشيخ رضوان، «ممنوع الدفن هنا لأنها مليانة وما فيش وسع فيها وصعب تلاقي مكان للقبور بس الناس ما بتلتزمش». وأضاف: «أنا بحاول أمنعهم بقدرش».
وقال النجار إنه تم تخصيص مقابر جديدة في أربع مدن أخرى في القطاع، لكن يتعين الآن إيجاد بديل على الفور لأكبر مقبرة، التي تقع في شمال مدينة غزة وتبلغ سعتها 750 ألف شخص. وقال، «المقبرة الشرقية، مقبرة الشهداء، أوشكت على الانتهاء (الامتلاء)، ولربما في ثلاث أو أربع سنوات لن نجد قطعة أرض ندفن فيه».


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي «مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

«مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

قتلت إسرائيل 3 فلسطينيين في الضفة الغربية، الخميس، بعد حصار منزل تحصنوا داخله في نابلس شمال الضفة الغربية، قالت إنهم يقفون خلف تنفيذ عملية في منطقة الأغوار بداية الشهر الماضي، قتل فيها 3 إسرائيليات، إضافة لقتل فتاة على حاجز عسكري قرب نابلس زعم أنها طعنت إسرائيلياً في المكان. وهاجم الجيش الإسرائيلي حارة الياسمينة في البلدة القديمة في نابلس صباحاً، بعد أن تسلل «مستعربون» إلى المكان، تنكروا بزي نساء، وحاصروا منزلاً هناك، قبل أن تندلع اشتباكات عنيفة في المكان انتهت بإطلاق الجنود صواريخ محمولة تجاه المنزل، في تكتيك يُعرف باسم «طنجرة الضغط» لإجبار المتحصنين على الخروج، أو لضمان مقتلهم. وأعلنت وزارة

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

في وقت اقتطعت فيه الحكومة الإسرائيلية، أموالاً إضافية من العوائد المالية الضريبية التابعة للسلطة الفلسطينية، لصالح عوائل القتلى الإسرائيليين في عمليات فلسطينية، دفع الكنيست نحو مشروع جديد يتيح لهذه العائلات مقاضاة السلطة ورفع دعاوى في المحاكم الإسرائيلية؛ لتعويضهم من هذه الأموال. وقالت صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية، الخميس، إن الكنيست صادق، بالقراءة الأولى، على مشروع قانون يسمح لعوائل القتلى الإسرائيليين جراء هجمات فلسطينية رفع دعاوى لتعويضهم من أموال «المقاصة» (العوائد الضريبية) الفلسطينية. ودعم أعضاء كنيست من الائتلاف الحكومي ومن المعارضة، كذلك، المشروع الذي يتهم السلطة بأنها تشجع «الإرهاب»؛

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

دخل الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب وقصف بدباباته موقعاً في شرق مدينة غزة، أمس الثلاثاء، ردّاً على صواريخ أُطلقت صباحاً من القطاع بعد وفاة القيادي البارز في حركة «الجهاد» بالضفة الغربية، خضر عدنان؛ نتيجة إضرابه عن الطعام داخل سجن إسرائيلي.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

صمد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي دخل حيز التنفيذ، فجر الأربعاء، منهيا بذلك جولة قصف متبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية استمرت ليلة واحدة (أقل من 24 ساعة)، في «مخاطرة محسوبة» بدأتها الفصائل ردا على وفاة القيادي في «الجهاد الإسلامي» خضر عدنان في السجون الإسرائيلية يوم الثلاثاء، بعد إضراب استمر 87 يوما. وقالت مصادر فلسطينية في الفصائل لـ«الشرق الأوسط»، إن وساطة مصرية قطرية وعبر الأمم المتحدة نجحت في وضع حد لجولة القتال الحالية.

كفاح زبون (رام الله)

بيع لوحة نادرة تُظهر سخرية بانكسي بـ4 ملايين إسترليني

غرقُ السفينة يُعكّر رقصة الزوجين (غيتي)
غرقُ السفينة يُعكّر رقصة الزوجين (غيتي)
TT

بيع لوحة نادرة تُظهر سخرية بانكسي بـ4 ملايين إسترليني

غرقُ السفينة يُعكّر رقصة الزوجين (غيتي)
غرقُ السفينة يُعكّر رقصة الزوجين (غيتي)

بيعت بنحو 4.3 مليون جنيه إسترليني (أكثر من 5.3 مليون دولار)، لوحة نادرة لفنان الشارع الشهير بانكسي، مستوحاة من عمل شهير للرسام الأسكوتلندي المُتوفّى أخيراً جاك فيتريانو، وفق دار «سوذبيز» للمزادات.

وذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن اللوحة الزيتية التي باعتها الدار، مساء الثلاثاء، في العاصمة البريطانية، تحمل عنوان «كرود أويل (فيتريانو)»؛ وأحياناً تُطلَق عليها تسمية «توكسيك بيتش»، وقد عُرضت للمرّة الأولى في المعرض الكبير لبانكسي عام 2005.

وصودف أنّ مزاد «سوذبيز»، الثلاثاء، أُقيم غداة الإعلان عن وفاة الرسام جاك فيتريانو، الذي كان ملهماً لبانكسي. وعُثِر على جثة الرسام البالغ 73 عاماً، السبت، في شقته بمدينة نيس في جنوب فرنسا. وكان هذا الفنان العصامي يتمتّع بشعبية كبيرة بين الجمهور، لكنّ الأوساط الفنّية كانت تنبذه.

ومع أنّ بانكسي اشتهر بشكل أساسي برسوم الاستنسل التي ينشرها في شوارع العالم، وتثير ضجة كبيرة في كل مرّة، يتضمّن نتاجه الفنّي أيضاً لوحات ومنحوتات.

لكنّ هذه الأعمال بقيت محجوبة بهالة أعماله من رسوم الشارع، التي اكتسب بعضها شهرة واسعة. وحقّقت أعمال الفنان الذي لا تزال هويته الحقيقية غامضة، عشرات ملايين الدولارات، ما جعله واحداً من أشهر الفنانين البريطانيين في العالم.

ولا تقتصر أعمال بانكسي على كونها جاذبة بصرياً فحسب، وإنما تحمل في كثير من الأحيان أفكاراً قوية ومستفزّة؛ إذ يتناول فيها قضايا مثل الحرب والرأسمالية والرقابة الاجتماعية وحقوق الإنسان.

وتُعَدّ لوحة «كرود أويل» محاكاةً ساخرة للوحة «ذي سينغينغ باتلر» لجاك فيتريانو التي تمثّل زوجين يرقصان على الشاطئ، وتتمتّع بشعبية كبيرة في المملكة المتحدة.

وإنما نسخة بانكسي ليست بهذا القدر من الرومانسية؛ إذ تُعكّر سفينة تغرق في الخلفية مشهد رقصة الزوجين.

أما عاملة المنزل التي تحمل مظلّة، فاستعيض عنها برجلين يرتديان بزتين واقيتين يعملان على تحميل برميل يحتوي على محتويات سامَّة.

وأوضحت «سوذبيز»، في بيان قبل المزاد، أن «بانكسي استخدم روح الدعابة والسخرية التي يتميّز بها لإنتاج صورة تتناول قضايا رئيسية في القرن الـ21، مثل البيئة والتلوّث والرأسمالية».

ومع أنَّ نسخة فنان الشارع بيعت بأكثر من تخمينها الأصلي البالغ 3 ملايين جنيه إسترليني، فإن ثمنها بقي أقل بكثير من أرقامه القياسية السابقة بوصفه فنان غرافيتي.

ففي أكتوبر (تشرين الأول) 2021، ارتفع إلى 18.6 مليون جنيه إسترليني (24.9 مليون دولار) سعر لوحته «الفتاة مع البالون» التي تمزّقت ذاتياً بصورة جزئية خلال مزاد، وأعيدت تسميتها «الحبّ في سلّة المهملات».

وتجاوز سعرها بفارق كبير الرقم القياسي السابق لأعمال بانكسي، وهي لوحة بعنوان «غايم تشاينجر» (تغيير المعادلة) تُكرّم أفراد الطواقم العلاجية كانت قد بيعت في مارس (آذار) من العام عينه بمقابل 16.75 مليون جنيه إسترليني (23 مليون دولار)، وذهب ريعها إلى الهيئة الصحية البريطانية.

وكانت لوحة «كرود أويل» ضمن مجموعة الموسيقي الأميركي مارك هوبوس، المؤسِّس المُشارك لفرقة ألبانك «بلينك - 182»، حصل عليها المغنّي الأميركي وزوجته عام 2011.

وقال هوبوس في البيان: «أحببنا هذه اللوحة منذ اللحظة التي رأيناها فيها. يظهر بشكل لا لبس فيه أنها عمل لبانكسي، لكنها مختلفة. هذه اللوحة تعني كثيراً لنا، وكانت جزءاً استثنائياً من حياتنا».

وسيتم التبرع بجزء من ريع المزاد لجمعيتين خيريتين طبّيتين في لوس أنجليس ولمؤسّسة «كاليفورنيا فاير فاوندايشن»، بعد الحرائق الأخيرة التي اجتاحت المنطقة.