إسرائيل ترحب بموقف لبنان من ترسيم الحدود البحرية: الاتفاق يحافظ على مصالحنا

نتنياهو هدد بإلغائه إذا عاد إلى رئاسة الحكومة

لبيد متحدثاً خلال اجتماع حكومته أمس (أ.ف.ب)
لبيد متحدثاً خلال اجتماع حكومته أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل ترحب بموقف لبنان من ترسيم الحدود البحرية: الاتفاق يحافظ على مصالحنا

لبيد متحدثاً خلال اجتماع حكومته أمس (أ.ف.ب)
لبيد متحدثاً خلال اجتماع حكومته أمس (أ.ف.ب)

بعدما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد، رسمياً أمس (الأحد)، ترحيبه بالموقف اللبناني من اتفاق حول ترسيم الحدود الاقتصادية المائية في البحر المتوسط وآبار الغاز، خرج رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو بحملة معارضة شديدة، معتبراً أنه اتفاق «غير شرعي لأن إسرائيل تتنازل فيه عن أراضي الدولة»، وأنه «رضوخ من لبيد الضعيف أمام تهديدات حزب الله».
واستهل لبيد جلسة حكومته (الأحد)، بالإشارة إلى أن الاتفاق ناجز وينتظر الرتوش الأخيرة المتعلقة بتنظيم الجوانب القانونية للاتفاق. وقال إن حكومته «تدرس مقترح الوسيط الأميركي آموس هوكستاين، لترسيم الحدود البحرية مع لبنان»، واصفاً مسودة الاتفاق بأنها «تحفظ مصالح وأمن إسرائيل». وأوضح أن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، سيلتئم خلال الأسبوع الجاري، وربما قبل «يوم الغفران» العبري، الذي يبدأ مساء الثلاثاء ويستمر حتى مساء الأربعاء، أو يؤجل الاجتماع كأقصى حد، إلى الخميس.
وقال لبيد إن «الدوائر الحكومية تجري مباحثات حول التفاصيل الأخيرة... حتى الآن لا نتيجة نهائية بعد، ولكن مثلما طالبنا منذ اليوم الأول، فهذا المقترح يحافظ على كامل المصالح الأمنية والسياسية الإسرائيلية وعلى مصالحنا الاقتصادية أيضاً». ووجه لبيد لسعة إلى نتنياهو، قائلا: «إسرائيل حاولت منذ عشر سنوات التوصل إلى مثل هذه الصفقة (يقصد منذ زمن حكومات نتنياهو)، ولم تتمكن من ذلك». وتحدث لبيد عما وصفه بـ«المكاسب» من هذا الاتفاق، فقال: «من خلال الاتفاقية سيتم تعزيز الأمن في شمال البلاد، وحقل كاريش سيعمل وسيستخرج الغاز الطبيعي، إضافةً إلى أن الكثير من الأموال ستدخل خزينة الدولة، كما أن استقلالنا في مجال الطاقة سيكون مكفولا».
وقال: «لا مانع لدى إسرائيل من تطوير حقل غاز لبناني آخر، خصوصاً إذا ما حصلت تل أبيب منه على حصتها من الأرباح المالية. فهذا التطور سيضعف الاعتماد اللبناني على إيران، وسيكبح جماح حزب الله وسيحقق استقراراً إقليميا».
وعلى الأثر أطلق اليمين الإسرائيلي المعارض بقيادة نتنياهو حملة ضد الاتفاق شكك فيه بمصداقيته وشرعيته القانونية. وقال القائد في حزب الليكود المعارض داني دانون إن «حكومة لبيد قدمت تنازلات كبيرة في الاتفاق تبلغ حد الرضوخ». وأضاف دانون، وهو المندوب الدائم الأسبق لإسرائيل في الأمم المتحدة، أن «سلوك لبيد هو استسلام واضح لحزب الله». وتساءل: «لماذا هذا التسرع الآن؟ هل لأن حسن نصر الله يهددنا، نتخلى عن احتياطي الغاز الضخم؟». وأضاف: «كل شيء يتم في الخفاء دون مناقشة عامة في الكنيست أو الحكومة، لبيد يقوم بحيلة دستورية بشأن هذه القضية».
أما نتنياهو فقال إن «لبيد ليس فقط لا يمتلك القدرة والخبرة لإدارة تفاوض، بل يخرق القانون الإسرائيلي الذي يلزم بطرح أي اتفاق تنازل عن أرض إسرائيلية إلى الاستفتاء العام». لكن لبيد اعتبر الاتفاق ترسيم حدود وليس تنازلاً عن أرض ولذلك لا يحتاج إلى استفتاء شعبي. ووافقت على ذلك المستشارة القانونية للحكومة.
وأعلن نتنياهو أن «هذا الاتفاق لن يكون ملزما لإسرائيل». وعندما يعود إلى الحكم بعد الانتخابات البرلمانية في أول نوفمبر (تشرين الثاني) القادم، سيكون «في حل من هذا الاتفاق».
يذكر أن إسرائيل تسلمت في نهاية الأسبوع، مسودة الاتفاق بشأن ملف ترسيم الحدود البحرية مع لبنان متضمنا الصيغة النهائية التي يقترحها الوسيط الأميركي، وفي الوقت ذاته تسلمها الرئيس اللبناني ميشال عون. وحسب مصادر في تل أبيب، اتفق على أن يكون حقل «كاريش» إسرائيليا بالكامل، فيما يقوم حقل «قانا» اللبناني على أرض بحرية اقتصادية لبنانية وقسم من الأرض الإسرائيلية، وبمدار هذا القسم ستحصل إسرائيل على حصة من أرباح «قانا».
وقال الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي الجنرال عاموس يدلين، إن «حكومة إسرائيل قدمت بعض التنازلات للبنان، وبذلك تصرفت بحكمة». وأضاف: «أولا تكشف عن حقيقة حزب الله وإن كان يقف إلى جانب بلده وشعبه في هذه القفزة الاقتصادية أم يريد إفشال الاتفاق وتكبيد بلاده خسائر فادحة في سبيل خدمة قادته في إيران. والاتفاق يعني فتح صفحة جديدة وقواعد لعب جديدة مع لبنان وهذا ليس في صالح حزب الله ومن يرسم له سياسته في طهران. وثالثا وجود اتفاق كهذه يعني أن للبنان ما يخسره في الصراع الدائر في المنطقة ومن الأفضل له أن يحافظ على هدوء على الحدود».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

إسرائيل تقطع آخر المعابر بين لبنان وسوريا... وضبط الحدود من ضبط الجبهات

زحمة سيارات عند نقطة المصنع الحدودية بانتظار أن تقوم الجرافات باعادة فتحه (أ ب)
زحمة سيارات عند نقطة المصنع الحدودية بانتظار أن تقوم الجرافات باعادة فتحه (أ ب)
TT

إسرائيل تقطع آخر المعابر بين لبنان وسوريا... وضبط الحدود من ضبط الجبهات

زحمة سيارات عند نقطة المصنع الحدودية بانتظار أن تقوم الجرافات باعادة فتحه (أ ب)
زحمة سيارات عند نقطة المصنع الحدودية بانتظار أن تقوم الجرافات باعادة فتحه (أ ب)

اختتمت إسرائيل موجة العنف الجديدة لضرباتها على لبنان، بغارات قوية استهدفت المعابر البريّة الشمالية ما بين لبنان وسوريا، منها معابر غير رسمية في منطقة وادي خالد بالإضافة إلى الدبوسية وجوسيه في ريف حمص و3 جسور على النهر الكبير الفاصل بين البلدين، كما استهدفت للمرة الأولى معبر العريضة في ريف طرطوس، ما أدى إلى إقفال تلك المعابر بشكل تام وخروجها عن الخدمة نهائياً.

وحملت هذه العمليات التي نُفّذت قبل ساعة واحدة من دخول قرار وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ رسالة أمنية وسياسية إلى الدولة اللبنانية، تفيد بأن تل أبيب «عازمة على منع تهريب الأسلحة من سوريا إلى لبنان، وعدم تكرار أخطاء عام 2006. كما انطوت على رسالة غير مباشرة إلى النظام السوري، وهذا ما لَمَّح إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في كلمته، ليل الثلاثاء، التي حذّر فيها الرئيس السوري بشّار الأسد من (اللعب بالنار)، وعدم السماح بتمرير السلاح إلى (حزب الله)».

معبر الدبوسية الشمالي مع سوريا مدمراً بالكامل بعد القصف الإسرائيلي (إ. ب. أي)

وبدا لافتاً أن إسرائيل لم تقفل الحدود الشمالية مع سوريا إلّا في الساعة الأخيرة التي سبقت تنفيذ قرار وقف إطلاق النار، واعتبر النائب السابق لرئيس الأركان للتخطيط في الجيش اللبناني العميد زياد الهاشم، أن «قصف إسرائيل للمعابر الشمالية مع سوريا رسالة تأكيد على ضرورة تطبيق أحد أهم بنود اتفاق وقف إطلاق النار، وهو إقفال المعابر الشرعية وغير الشرعية أمام دخول الأسلحة من سوريا إلى (حزب الله)، وأنه على الحكومة اللبنانية أن تنفذ هذا القرار».

وأشار الهاشم لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «إسرائيل عبّرت عن هذا التوجّه بالنار، وقالت للدولة اللبنانية: (إذا لم تطبقي هذا البند نطبقه نحن بالقوة)»، مشدداً على «أهمية التزام الدولة اللبنانية بما وقَّعت عليه».

الجيش اللبناني... والاختبار الصعب

وعمّا إذا كان الجيش اللبناني قادراً على ضبط الحدود، أو العودة إلى ما كان عليه الوضع قبل الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عندما فتح «حزب الله» جبهة المساندة مع غزة؛ خصوصاً أن الجيش لم يستكمل بناء قدراته على صعيد تطويع عناصر جديدة والتجهيزات التسليحية واللوجستية، أوضح العميد الهاشم أنه «عندما تتخذ الحكومة قراراً سياسياً، فإن الجيش قادر على تنفيذه بالتعاون مع الأجهزة الأمنية الشرعية، وأن يوقف عمليات التهريب؛ سواء السلاح أو البضائع والسلع وإنهاء حالة تفلّت الحدود مع سوريا التي كانت سائدة في السابق».

وذكّر بأن «هناك ضابط إيقاع أميركياً يضع ثقله لمراقبة تنفيذ الاتفاق، ولن يتساهل مع أي خرق لمضامينه». وقال: «إسرائيل تنفذ يومياً غارات في الداخل السوري، وأعتقد أنها لن تتوقّف حتى بعد وقف إطلاق النار مع لبنان».

وعبَّر عن اعتقاده بأن «طهران كانت جزءاً من هذا الاتفاق، وشاركت في صياغته، وهذا كفيل بأن الاتفاق سينفّذ من دون عراقيل تُذكر».

شاحنات نقل متضررة عند نقطة الدبوسية الحدودية بين لبنان وسوريا جرّاء القصف الإسرائيلي (أ. ب. إي)

ضبط الحدود وضبط الجبهة

وتشكّل مراقبة الحدود اللبنانية - السورية تحدياً كبيراً للدولة اللبنانية يوازي أهمية فرض سلطتها جنوب الليطاني، وهذا يستدعي تعزيز قدرات الجيش اللبناني للقيام بهذه المهمّة، وأشار مدير «مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية»، الدكتور سامي نادر، إلى أن «الهدف الأساس من الغارات وإقفال المعابر البرية في الشمال هو منع إعادة تسليح (حزب الله)، وعدم تكرار تجربة العامة 2006، وفشل تطبيق القرار 1701».

وأكد أن «وقف إطلاق النار وضع القرار الدولي (1701) موضع التطبيق بإشراف لجنة دولية بقيادة الولايات المتحدة بما لديها من قدرات عسكرية وسياسية ومادية ولوجستية».

وشدد نادر في حديث لـ«الشرق الأوسط»، على أن «استهداف الحدود البرية في الشمال رسالة واضحة بضرورة إقفالها أمام سلاح (حزب الله)؛ خصوصاً أن إسرائيل لن تكرر تراخيها في عام 2006، عندما تمكن الحزب من تسليح نفسه بسرعة عبر الحدود السورية، وبفضل تحالفه الوثيق مع نظام بشار الأسد، من هنا نفهم كلام نتنياهو، الذي وجه رسالة قاسية إلى الأسد، وحذَّره من إعادة تمكين إيران و(حزب الله) عبر استخدام الأراضي السورية».

نازحون لبنانيون إلى سوريا يقطعون نقطة المصنع الحدودية لجهة البقاع سيراً على الاقدام بعد وقف إطلاق النار (أ ب)

ونجح «حزب الله» من منع تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم «1680» الذي ينصّ على ترسيم الحدود اللبنانية - السورية، ونشر مراقبين دوليين بمساعدة دول أوروبية؛ خصوصاً أن الحدود البرية بين لبنان وسوريا كانت مستباحة أمام الحزب طيلة سنوات الحرب السورية، ومعبراً لإدخال السلاح والمقاتلين بالاتجاهين.

وذكّر سامي نادر بأن «الإسرائيلي طلب في الورقة الأولى الحلّ بتنسيق أميركي - روسي لوقف مدّ (حزب الله) بالسلاح بالنظر لدور روسيا وتأثيرها على النظام السوري، وهذا ما يهدف إليه الآن في مرحلة وقف إطلاق النار»، مشيراً إلى أن تل أبيب «ستسعى بكل قوّه إلى عدم السماح لـ(حزب الله) بإعادة التسلّح وبناء منظومة عسكرية جديدة، خصوصاً بعد أن قلّمت أظافره وأضعفته خلال هذه الحرب»، لافتاً إلى أن «المشهد الأخير من العمليات العسكرية الإسرائيلية ركزت على مسألتين مهمتين هما السلاح والمال، بما يحملان من رمزية لقدرات (حزب الله)، فكان استهداف مقرات مؤسسة (القرض الحسن)، حتى في آخر جولة من الغارات، وانتهاء بضرب الحدود البرية مع سوريا، ورسالتها تخفيف مصادر تسليح وتمويل (حزب الله) للمرحلة المقبلة، وعدم تكرار خطأ عام 2006 مرة جديدة».

رسالة مزدوجة لدمشق وموسكو

ومن الجانب السوري، أفادت مصادر مطلعة في دمشق بأن استهداف معبر العريضة رسالة تحذير إسرائيلية «مباشرة» لدمشق، لمنع نقل السلاح إلى لبنان، ورسالة غير مباشرة لموسكو كي تمارس المزيد من الضغوط على دمشق في هذا الخصوص.

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «جميع المعابر سبق أن استهدفتها إسرائيل لأكثر من 36 مرة منذ بدء التصعيد في سبتمبر (أيلول) الماضي، لقطع إمداد (حزب الله)، ومنع تمرير السلاح من سوريا إلى لبنان، ما عدا معبر العريضة الذي تم استهدافه قبل سريان وقف إطلاق النار، علماً بأنه استخدم كمعبر بديل لمعبر (جديدة يابوس - المصنع) شبه المخصص لعبور المدنيين وقوافل الترانزيت بعد تعرضه لقصف متكرر».

الدمار الذي لحق بمعبر العريضة الشمالي جراء القصف الإسرائيلي (الشرق الأوسط)

وبحسب المصادر، يكتسب معبر العريضة أهمية تجارية أكبر كونه جسراً حيوياً يربط بين طرفي النهر الكبير الجنوبي ومرفأ طرابلس ومحافظة طرطوس حيث تقع القاعدة الروسية، وميناء طرطوس الذي تديره روسيا، مع الإشارة إلى أن معبر العريضة شبه مخصص لنقل الفوسفات والرمل ومواد البناء والمحروقات، بالإضافة للمنتجات الأخرى. ويوجه تعطيله «ضربة اقتصادية خانقة» لدمشق، التي تعتمد على طرق لبنان في الالتفاف على العقوبات الاقتصادية الدولية، كما أنها رسالة «تحذير غير مباشرة للجانب الروسي كي يمارس دوره في الضغط على دمشق لمنع نقل السلاح إلى (حزب الله)».

واعتبر مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، رامي عبد الرحمن، في تصريح إعلامي، أن إسرائيل تهدف إلى إغلاق «كامل الحدود أمام (حزب الله) لمنع تدفق السلاح المستقبلي وعودة النازحين»، مرجحاً بقاء سوريا «هدفاً للغارات الإسرائيلية، إلا إذا نجحت الوساطة الروسية غير المعلنة بالحد من تحركات (حزب الله) في المنطقة والحد من نقل السلاح».

وفي حين بدأت وزارة الأشغال العامة في لبنان تردم الحفر وتحاول إعادة تأهيل المعبر تمهيداً لعودة النازحين، قال مدير فرع المواصلات الطرقية في طرطوس حسين ناصر في تصريحات للإعلام المحلي إن جسر العريضة دُمّر بالكامل من الركائز وحتى بلاطات الجسر، إضافة لتدمير الجسر القديم الموازي له. وقد تمت المباشرة بالكشف عن الأضرار من قِبَل المهندسين والفنيين المعنيين تمهيداً لإجراء المعالجة المناسبة.

وارتفعت حصيلة ضحايا الاستهداف الإسرائيلي للمعابر الحدودية ليل الثلاثاء - الأربعاء إلى 7 قتلى بينهم عسكريان ومتطوع في منظمة الهلال الأحمر العربي السوري وطفل، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، كما أُصيب نحو 23 شخصاً آخرين، وفق ما أفادت به وسائل إعلام محلية.

طريق جانبي مدمر كلياً لمعبر العريضة الشمالي جراء القصف الإسرائيلي (الشرق الأوسط)

وفي السياق ذاته، قام محافظ حمص نمير مخلوف يوم الأربعاء بتفقد معبر الدبوسية الحدودي وجسر قمار بريف حمص الغربي، اليوم (الأربعاء)، بعد الاستهداف الإسرائيلي، وقالت وسائل إعلام محلية إن حجم الأضرار التي لحقت بالمعبر والجسر كبيرة، وأدَّت إلى خروجهما عن الخدمة بسبب تدمير جسرَيْه (الإسمنتي والحديدي) والنقطة الطبية والدوائر الحكومية في المعبر. وباشرت الآليات والورشات بعمليات التنظيف وإزالة الركام وتقدير الأضرار التي لحقت بالدوائر الحكومية وأقسام المعبر بشكل كامل.

كما قام محافظ ريف دمشق أحمد إبراهيم خليل بتفقد أعمال إعادة تأهيل الطريق الدولي الواصل إلى معبر ‏جديدة - يابوس، على الحدود السورية - اللبنانية وردم الحفر الناجمة عن العدوان الإسرائيلي ‏عليه.

وبعد ساعات من وقف إطلاق النار، عادت حركة عبور المدنيين والسيارات على الطريق الواصل بين معبر «جديدة يابوس والمصنع على الحدود السورية - اللبنانية، بعد ردم الحفرة الكبيرة التي خلفها القصف الإسرائيلي، وفتح طريق ترابي مؤقت للمرور»، وفق ما أفادت به وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) فيما باشرت السلطات السورية العمل على ترميم باقي المعابر التي تعرضت مجدداً للقصف الإسرائيلي.

من جانبها، أعلنت منظمة الهلال الأحمر العربي السوري، سحب طواقمها من المعابر الحدودية مع لبنان ضماناً لسلامتهم، وذلك بعد وفاة أحد متطوعيها وإصابة عدد من المتطوعين وتضرُّر عدد من سيارات الإسعاف ونقاط عملها جراء القصف الإسرائيلي.