صالح مسلم: الطلاق حتمي بين النظام السوري وتركيا

رئيس «الاتحاد الديمقراطي» لـ«الشرق الأوسط»: نستمد أفكارنا من أوجلان... لكن لا ارتباط «عضوياً أو تنظيمياً» بـ«العمّال الكردستاني»

صالح مسلم رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي (رويترز)
صالح مسلم رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي (رويترز)
TT

صالح مسلم: الطلاق حتمي بين النظام السوري وتركيا

صالح مسلم رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي (رويترز)
صالح مسلم رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي (رويترز)

جدد الرئيس المشارك لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي» في سوريا، السياسي الكردي صالح مسلم، نفي ارتباط حزبه «عضوياً أو تنظيمياً» بـ«حزب العمال الكردستاني» المصنّف إرهابياً في تركيا، لكنه أقر بأن «فلسفة مشتركة» تجمع بينهما. واعتبر مسلم، في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، أن اللقاءات التي تمت بين النظام السوري وتركيا أشبه بـ«الزواج القسري»، وأن الأطراف التي تسعى إليه «تعلم وتدرك أنه لن يدوم... ومصيره الحتمي الطلاق». و«حزب الاتحاد الديمقراطي» الذي تأسس سنة 2003، برز مع بدايات الحرب السورية، عندما أسس، مع جهات عربية ومسيحية وكردية، «إدارات ذاتية»، في ثلاث مناطق يشكل الأكراد غالبية سكانها في شمال شرقي البلاد. وبعد معركة عين العرب (كوباني) عام 2014، حصلت «وحدات حماية الشعب» الكردية، التابعة لـ«الاتحاد»، على دعم التحالف الدولي المناهض لـ«داعش»، وسيطرت على أراضٍ جغرافية تقع في أربع محافظات بمساحة قُدّرت عام 2017 بثلث مساحة سوريا. غير أن تركيا، القلقة من تنامي دور هذا الحزب، شنت ثلاث عمليات عسكرية ضده (درع الفرات، 2016) و(غصن الزيتون، 2018) و(نبع السلام 2019)، وانتزعت منه مدناً رئيسية عدة. «الشرق الأوسط»، حاورت صالح مسلم عن علاقة «حزب الاتحاد» بـ«حزب العمال الكردستاني»، ومسار التطبيع بين تركيا وسوريا، وموقفهم من المعارضة السورية و«المجلس الوطني الكردي»، واللقاءات التي حصلت بين ممثلي «الإدارة الذاتية» ومسؤولين في حكومة الرئيس بشار الأسد... وهنا أبرز محاور اللقاء:
> ما العلاقة التي تربط «حزب الاتحاد الديمقراطي» السوري بـ«حزب العمال الكردستاني» التركي؟
- هذا السؤال أصبح كلاسيكياً، من كثرة الدعاية التي تمارسها تركيا والأوساط التي لا ترغب في حل القضية الكردية. يقولون إن حزبنا (PYD) يتبع «حزب العمال» لاتهامه بالإرهاب، ونحن نؤمن بأن «العمال» ليس إرهابياً، وإنما تم وضعه على «قائمة الإرهاب» بناءً على مطالب وضغوط تركية. أمّا إلحاق «حزب الاتحاد» بـ«حزب العمال»، فهدفه جعله إرهابياً، تمهيداً لشن الحرب عليه. صحيح، نحن متقاربون آيديولوجياً، ونستمد أفكارنا ونعمل على تطبيق استراتيجيتنا بالتوافق مع أفكار ونظريات السيد عبد الله أوجلان، لأنه قائد كردي وعالمي. لكننا لسنا مرتبطين بحزب العمال عضوياً أو تنظيمياً بأي شكل من الأشكال، وإنما تجمعنا فلسفة مشتركة.
> سافرتم إلى تركيا أكثر من مرة، بين عامي 2012 و2015... ماذا حصل في تلك الزيارات؟
- نعم، سافرت إلى تركيا في زيارات عدة، وقابلت كبار مسؤولي وزارة الخارجية التركية. كانت اللقاءات بمثابة محاولات لبناء علاقات بيننا. بدأت بأول لقاء مع السفير التركي لدى سوريا، في العاصمة المصرية، القاهرة، سنة 2012. لتتطور الاتصالات، وتمت دعوتي رسمياً من الخارجية التركية. تمحورت لقاءاتنا حول إلحاق «حزب الاتحاد» وقواته العسكرية، «وحدات حماية الشعب» الكردية، بصفوف «المجلس الوطني» بداية، ثم بـ«الائتلاف السوري» لاحقاً، دون أن تكون لنا كلمة أو رأي، واعتبارنا ملحقاً لا أكثر. كما عقدت لقاءات مع مسؤولين في «الائتلاف»، وطلبت منهم، بشكل مباشر، أن يكتبوا في برنامجهم السياسي عن حل القضية الكردية بشكل عادل، في إطار وحدة سوريا، أرضاً وشعباً، لكنهم رفضوا حتى الإشارة إلى وجود قضية كردية، وأعتقد أن الرفض كان مرده ضغوط تركيا.
> هل ترى أن مسار التطبيع بين النظام السوري وتركيا بدأ بالفعل؟
- دعني أشبّه اللقاءات التي تمت بين النظام السوري وتركيا بالزواج القسري؛ فالأطراف التي تسعى لإتمام هذا الزواج، سواء أكانت روسيا أو إيران، تعلم وتدرك أنه لن يدوم، ومصيره الحتمي الطلاق. فالتناقضات كبيرة بين دمشق وأنقرة، وإذا كان هذا التقارب يحقق الحل السياسي؛ فهو مرحَّب به، وإذا وضع حداً لهذه الحرب فهو مرحَّب به. لكن لا أعتقد أن هذا التطبيع سيتطور ويأخذ شكل العلاقات الودية، كسابق عهدها قبل 2011، لوجود تناقضات وخلافات كبيرة بين الدولة السورية وتركيا، وهي أعمق بكثير من أن تقفز فوق كل شيء لمحاربة الإدارة الذاتية، وجزء من الشعب السوري.
> عقد ممثلون من الإدارة الذاتية لقاءات مباشرة مع مسؤولين في النظام الحاكم بدمشق... متى كان آخر هذه اللقاءات وماذا تناول؟
- باستثناء اللقاءات العسكرية والأمنية المباشرة بين «قوات سوريا الديمقراطية» والقوات النظامية، برعاية القوات الروسية، لم تعقد الإدارة أي اجتماعات مع مسؤولي النظام الحاكم منذ قرابة عامين. نعم، كانت هناك محاولات روسية، لكن النظام رفض تشكيل لجان مشتركة وتطوير تلك المباحثات. ما تم طرحه حول تطوير قانون الإدارة المحلية (107) كان في الإعلام فقط، ولم نبحث في لقاءاتنا المباشرة مع النظام هذه القضايا. خلافاتنا مع النظام سياسية أكثر ما هي خدمية أو قانونية، فقانون الإدارة المحلية عبارة عن تشريع إداري، وليس مادة دستورية، وتقتصر مهامها على الجوانب الخدمية، ورغم ذلك يرفض النظام تطبيق روح القانون. الشعب السوري لن يرضى بأي حل، إذا لم يحقق مبدأ مشاركة المواطن في صناعة القرار السياسي الصادر من المركز، وغياب المشاركة السياسية هو الذي أدى إلى استفحال الأزمة السورية.
> تديرون مناطق ينتشر فيها الجيش الأميركي والقوات الروسية، وهما قوتان متنافستان. كيف يحصل ذلك؟
- نحن لم ندعُ أحداً، لا الأميركيين ولا الروس؛ فالتحالف الدولي تشكل لمحاربة تنظيم «داعش» في سوريا والعراق، وأثناء معركة عين العرب (كوباني) عام 2014، عرضوا علينا التعاون ودعم «الوحدات» الكردية المدافعة عن المدينة. كما بحث التحالف عن شركاء سوريين آخرين، وشكّل معسكرات ودرّب فصائل معارضة... وبعد تسليحها ودخولها إلى سوريا انضم عناصرها إما لـ«جبهة النصرة»، التي هي ذاتها «هيئة تحرير الشام» اليوم، أو لتنظيم «داعش» الإرهابي. لذلك لم يجدوا شريكاً حقيقياً، بينما نحن كنا ندافع عن مدينتنا ومناطقنا؛ فعرضوا علينا التعاون والشراكة في محاربة التنظيم. وهنا أريد الإشارة إلى أن وجود قوات التحالف الدولي يساعد في عمليات دعم الاستقرار، وستلعب دوراً رئيسياً في دعم الحلول السياسية مستقبلاً. أما القوات الروسية، فهي موجودة بدعوة رسمية من الحكومة السورية منذ سنة 2015، ووجودها في شمال شرقي سوريا جاء بعد العمليات التركية واحتلال مناطقنا الكردية.
> لماذا أنتم خارج أطر المعارضة؟
- مبادئ حزب «PYD» لم تتغير، وأهدافه لم تتبدل. كنا نبحث عن شركاء في المعارضة، ومع بداية الثورة كان أمامنا خياران. أولهما «إعلان دمشق»، وكنا ندرك ما هو هذا الإعلان الذي تأسس سنة 2005، وحظي بتأييد «جماعة الإخوان المسلمين». حاولنا وقتذاك التعاون والانضمام إلى هذا الإطار المعارض، لنكون جزءاً منه، لكنهم رفضوا بسبب رفض الجماعة التي كان تهمين على «الإعلان»، والتي كانت موجودة في تركيا، وتأخذ أوامرها منها. أما ثاني الخيارات، فكان «هيئة التنسيق الوطنية»، وكان حزبنا من مؤسسيها؛ فبعد انطلاقة الاحتجاجات السلمية (ضد النظام) كانت الثورة بحاجة إلى قادة سياسيين، والجهات التي أسست الهيئة كانت معروفة لدى الأوساط المعارضة، وبينها «حزب العمل الشيوعي» و«حركة الاشتراكيين» و«حزب البعث الديمقراطي» وآخرون، وكان موقف هؤلاء معارضاً للنظام الحاكم. تحالفنا معهم وأسسنا الهيئة في أوخر 2011.
> لكن بقاءكم في الهيئة لم يدم طويلاً؛ لماذا انسحبتم؟
- كنتُ نائباً لرئيس «هيئة التنسيق» وبقينا فيها حتى سنة 2014. ولأكون صريحاً أكثر، بحكم وجودنا داخل هذا الإطار، يمكن القول إن المعارضة لم تستطع التخلص من العقلية الشوفينية العربية، وكانت «الهيئة» تنظر إلى «حزب الاتحاد» على أنه انفصالي. وبعد اعتقال قادة «الهيئة»، أمثال الدكتور عبد العزيز الخير والسياسي رجاء الناصر، الذين كانوا يعرفون الحقائق، وافتتاح مكتب رسمي لها في تركيا، وانزلاق البعض من قادتها في المحور التركي، شعرنا بالغربة. الشعرة التي قصمت ظهر البعير تمثلت في رضوخ قادة «الهيئة» إلى بعض الدول التي اشترطت عدم مشاركة ممثلين من الإدارة الذاتية في مؤتمر الرياض، نهاية 2015. نحن رشحنا 3 أسماء يمثلون الإدارة في وفد الهيئة، وقلنا لهم إننا لن نقبل أي تغيير في قائمة الأسماء، لأن ذلك سينسف الشراكة والتحالف بيننا. عُقد المؤتمر وألغيت دعوات الأسماء التي رشحناها، فقررنا الانسحاب.

جانب من تشييع مقاتل في «قوات سوريا الديمقراطية» في مدينة القامشلي التي يسيطر عليها الأكراد بشمال شرقي سوريا بعد مقتله على الحدود التركية في 10 أغسطس الماضي (أ.ف.ب)

> بالعودة إلى لقاءاتكم مع «الائتلاف السوري»؛ ألم تبحثوا مسألة انضمامكم إليه؟
- لم ندخل في حوارات مباشرة مع الائتلاف السوري، لكن عقدنا اجتماعات ولقاءات مع أغلب قادته في مناسبات كثيرة. بحثنا كثيراً من المسائل والقضايا، بما فيها انضمامنا للائتلاف، لكن كل هذه الاجتماعات عُقدت بشكل سري (...) طرحنا رغبتنا بالانتساب إلى صفوف الائتلاف، لكنهم رفضوا بذريعة أن تركيا سترفض مشاركتنا.
> «حزب الاتحاد» دخل في مباحثات مع «المجلس الوطني الكردي»، لكنها سرعان ما تعثرت، رغم المساعي الأميركية... لماذا؟
- تصحيحاً للسؤال: ليس «حزب الاتحاد» من دخل بمفرده في حوارات مباشرة مع «المجلس الكردي»، فنحن جزء من تحالف «الوحدة الوطنية الكردية»، ومنذ تأسيس حزبنا سنة 2003، عملنا على وحدة الصف الكردي، والتحرك بشكل مشترك. ومع بداية الثورة السورية، ربيع 2011، قمنا بجهود ومساعٍ لترتيب البيت الكردي تكللت بإعلان تحالف ضم آنذاك 11 حزباً كردياً في شهر أبريل (نيسان) 2011، ووقعنا بياناً مشتركاً ورؤية كردية لحل سياسي للأزمة السورية، وحل القضية الكردية. غير أن «المجلس الكردي» لم يكن هدفه عقد اتفاق كردي، والسبب أنهم حتى اليوم لا يعترفون بحماية قوى الأمن الداخلي (الآسايش) لمناطق الإدارة الذاتية، كما أنهم لا يعترفون بمؤسسات الإدارة الذاتية وقوانينها وهيكليتها الإدارية. عندما تعرضت مكاتب المجلس لبعض الاعتداءات والهجمات من قبل «منظمة الشبيبة الثورية»، قلنا لهم: «اذهبوا إلى قوى الأمن لحماية مقراتكم»، فقالوا لنا إنهم لا يعترفون بهذه الجهات. كما طلبنا منهم ترخيص أحزابهم، فقالوا لنا: «لن نطلب الرخصة». ونحن مَن طلب من الإدارة الذاتية السماح بفتح مكاتبهم؛ فالمجلس يتحمل عرقلة الحوارات بين الأحزاب الكردية، لأنه موجود في الحضن التركي.
> أكراد سوريا إلى أين اليوم؟
- نعمل على تعزيز ودعم مؤسساتنا وقواتنا العسكرية. فمصيرنا مرتبط بالمكونات التي تعيش هنا، ومشروعنا يعمل على سد الثغرات بين شعوب المنطقة، منعاً لأي تفرقة. كما نعمل على توحيد صفوفنا، وأي جهة تعتدي علينا، سترى أننا سندافع عن أنفسنا، وهذا حق مشروع مصون. ونحن نعتبر مشروع الإدارة الذاتية يصلح لتطبيقه في بقية أنحاء سوريا؛ فأهالي السويداء يطالبون بإدارة ذاتية مدنية، وأهالي درعا طالبوا بأن الحل الأنسب يتمثل في إدارة لا مركزية، وهذا الأمر سمعناه من أهالي الساحل السوري ومحافظات الداخل. وهذا المشروع يأتي في إطار وحدة سوريا أرضاً وشعباً.


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

شؤون إقليمية الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد». وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

«التحالف» ينفذ ضربة «محدودة» على معدات عسكرية وصلت ميناء المكلا اليمني

لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)
لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)
TT

«التحالف» ينفذ ضربة «محدودة» على معدات عسكرية وصلت ميناء المكلا اليمني

لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)
لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)

أعلنت قيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية في اليمن تنفيذ ضربة جوية «محدودة» استهدفت دعما عسكريا خارجيا بميناء المكلا.

وقال المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف اللواء الركن تركي المالكي إنه «في يومي السبت والأحد الماضيين، رصد دخول سفينتين قادمتين من ميناء الفجيرة إلى ميناء المكلا دون الحصول على التصاريح الرسمية من قيادة القوات المشتركة للتحالف، حيث قام طاقم السفينتين بتعطيل أنظمة التتبع الخاصة بالسفينتين وإنزال كمية كبيرة من الأسلحة والعربات القتالية لدعم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي بالمحافظات الشرقية لليمن (حضرموت، المهرة) بهدف تأجيج الصراع، ما يعد مخالفة صريحة لفرض التهدئة والوصول لحلٍ سلمي، وكذلك انتهاكًا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216».

وأوضح اللواء المالكي أنه «استنادًا لطلب فخامة رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني لقوات التحالف باتخاذ كافة التدابير العسكرية اللازمة لحماية المدنيين بمحافظتي (حضرموت والمهرة)، ولما تشكله هذه الأسلحة من خطورة وتصعيد يهدد الأمن والاستقرار، فقد قامت قوات التحالف الجوية صباح اليوم بتنفيذ عملية عسكرية (محدودة) استهدفت أسلحة وعربات قتالية أفرغت من السفينتين بميناء المكلا، بعد توثيق ذلك ومن ثم تنفيذ العملية العسكرية بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني وقواعده العرفية وبما يكفل عدم حدوث أضرار جانبية».

وأكد اللواء المالكي «استمرار قيادة التحالف في خفض التصعيد وفرض التهدئة في محافظتي (حضرموت والمهرة) ومنع وصول أي دعم عسكري من أي دولة كانت لأي مكون يمني دون التنسيق مع الحكومة اليمنية الشرعية والتحالف بهدف انجاح جهود المملكة والتحالف لتحقيق الأمن والاستقرار ومنع اتساع دائرة الصراع».


«التحالف» يطلب إخلاء ميناء المكلا اليمني استعداد لتنفيذ عملية عسكرية

لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
TT

«التحالف» يطلب إخلاء ميناء المكلا اليمني استعداد لتنفيذ عملية عسكرية

لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)

دعا تحالف دعم الشرعية في اليمن، اليوم، جميع المدنيين إلى الإخلاء الفوري لميناء المكلا في محافظة حضرموت حتى إشعار آخر، مؤكدًا أن هذا الإجراء يأتي في إطار الحرص على سلامتهم.

وأوضح التحالف أن طلب الإخلاء يهدف إلى حماية الأرواح والممتلكات، وذلك بالتزامن مع الاستعداد لتنفيذ عملية عسكرية في محيط الميناء، داعيًا الجميع إلى الالتزام بالتعليمات الصادرة والتعاون لضمان أمنهم وسلامتهم.

وكان المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف اللواء الركن تركي المالكي، قد صرح السبت الماضي، أنه استجابة للطلب المُقدم من رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي بشأن اتخاذ إجراءات فورية لحماية المدنيين بمحافظة (حضرموت) نتيجة للانتهاكات الإنسانية الجسيمة والمروّعة بحقهم من قبل العناصر المسلّحة التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، واستمرارًا للجهود الدؤوبة والمشتركة للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في خفض التصعيد وخروج قوات الانتقالي وتسليم المعسكرات لقوات درع الوطن وتمكين السلطة المحلية من ممارسة مسؤولياتها فإن قوات التحالف تؤكد أن أي تحركات عسكرية تخالف هذه الجهود سيتم التعامل المباشر معها في حينه بهدف حماية أرواح المدنيين وانجاح الجهود السعودية الإماراتية.

وأكد اللواء المالكي استمرار موقف قيادة القوات المشتركة للتحالف الداعم والثابت للحكومة اليمنية الشرعية، كما أنها تهيب بالجميع تحمل المسؤولية الوطنية وضبط النفس والاستجابة لجهود الحلول السلمية لحفظ الأمن والاستقرار.


«أرض الصومال»... الاعتراف الإسرائيلي يؤجّج مخاوف «التهجير» و«القواعد العسكرية»

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
TT

«أرض الصومال»... الاعتراف الإسرائيلي يؤجّج مخاوف «التهجير» و«القواعد العسكرية»

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)

زاد الاعتراف الإسرائيلي الأخير بـ«أرض الصومال» كـ«دولة مستقلة» من مخاوف تهجير الفلسطينيين إلى الإقليم الانفصالي وإقامة قواعد عسكرية لإسرائيل بالمنطقة المطلة على ساحل البحر الأحمر.

وحذر رئيس وزراء الصومال، حمزة عبدي بري، من «إشعال الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي، بسبب خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أرض الصومال»، وقال إن هذه الخطوة «ستكون لها تداعيات خطيرة على المنطقة من السودان والصومال وباقي البلدان».

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، الاعتراف بـ«أرض الصومال» كـ«دولة مستقلة ذات سيادة»، في اعتراف رسمي هو الأول بـ«الإقليم الانفصالي» داخل الصومال، في خطوة اعتبر رئيس إقليم أرض الصومال، عبد الرحمن محمد عبد الله عرو، أنها «لحظة تاريخية».

ولاقى الاعتراف الإسرائيلي إدانات عربية وإسلامية وأفريقية، وأصدرت دول عربية وإسلامية، والجامعة العربية، ومجلس التعاون الخليجي، ومفوضية الاتحاد الأفريقي، بيانات أكدوا فيها رفضهم التام للخطوة الإسرائيلية.

وربط رئيس الوزراء الصومالي بين الاعتراف الإسرائيلي وتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وقال في تصريحات متلفزة لقناة «القاهرة الإخبارية»، الأحد، إن «كل المؤشرات تؤكد أن نتنياهو يريد تهجير الغزيين إلى أرض الصومال»، وأكد أن «بلاده لن تقبل بهذا الأمر»، مشيراً إلى أن «الشعب الفلسطيني من حقه أن يعيش على أرضه، وأن تكون له دولته المستقلة».

ويرى بري أن الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال» هو «جزء من خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي لإقامة ما يسمى بـ(إسرائيل الكبرى)»، وأشار إلى أن «إسرائيل تسعى لاستغلال الظروف السياسية والإقليمية الراهنة، معتبرة أن وجودها في شمال الصومال قد يتيح لها التحكم في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مع إمكانية إنشاء قواعد عسكرية في المنطقة».

وشددت الحكومة الصومالية، في بيان لها الجمعة، على «الرفض القاطع للاحتلال والتهجير القسري للفلسطينيين»، وأكدت أنها «لن تقبل أبداً بجعل الشعب الفلسطيني بلا جنسية»، كما أكدت «عدم السماح بإنشاء أي قواعد عسكرية أجنبية أو ترتيبات على أراضيها من شأنها جرّ الصومال إلى صراعات بالوكالة، أو استيراد العداوات الإقليمية والدولية».

اجتماع الحكومة الصومالية الجمعة بعد الخطوة الإسرائيلية (وكالة أنباء الصومال)

ويعتقد الباحث والمحلل السياسي من إقليم أرض الصومال، نعمان حسن، أن «حكومة الإقليم لن تقبل بتهجير الفلسطينيين إليه»، وقال إن «السلطة في (أرض الصومال) أعلنت بوضوح رفضها التهجير، باعتبار أنه سيعرقل أي حلول سياسية أمام استكمال الاعتراف بالإقليم كدولة مستقلة»، منوهاً بأن «هناك رفضاً شعبياً أيضاً لهذا الطرح».

وفي الوقت ذاته، فإن حسن يرى، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «حكومة (أرض الصومال) لن تمانع إقامة قواعد عسكرية إسرائيلية على أرض الإقليم، شريطة ألا تضر بدول الجوار»، وقال إن «الإقليم يحتاج أن يكون جاهزاً لأي تدخل من الخارج، على وقع التطورات الأخيرة، خصوصاً مع الرفض العربي والإسلامي للاعتراف الإسرائيلي».

ويظل الاعتراف بالاستقلال «الهدف الأساسي الذي تسعى إليه حكومة (أرض الصومال)»، وفق نعمان حسن، الذي عدّ أن «هذه الخطوة لن تضر بمصالح أي دولة أخرى».

في حين يرى المحلل السياسي الصومالي، حسن محمد حاج، أن الاعتراف الإسرائيلي «يثير مخاوف من تأثيره على إعادة تشكيل الخريطة الديمغرافية للإقليم، من خلال فتح الباب أمام التهجير للسكان المحليين أو للفلسطينيين إلى أرض الإقليم، بذرائع مثل التنمية أو إقامة مناطق أمنية ومرافق سيادية».

وأشار حاج، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «المخاوف تتزايد من تحول الاعتراف إلى مدخل لإقامة قواعد عسكرية أو مرافق استخباراتية إسرائيلية على ساحل البحر الأحمر ومنطقة باب المندب»، عاداً أن ذلك «سيضع الإقليم في قلب صراع المحاور الدولية، ويحوله من قضية داخل الصومال إلى ساحة لتنافس إقليمي ودولي»، وأشار إلى أن «مخاطر سيناريوهات (التهجير والعسكرة) ستمتد أثرها للمحيط الإقليمي والأفريقي بتأجيج التوترات القبلية وإضعاف فرص الحلول السياسية الشاملة».

وينظر عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، والمستشار بـ«الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية»، اللواء عادل العمدة، إلى تأثير ما يحدث في «أرض الصومال» باعتبار أنه «يرسخ لمفاهيم سلبية عن الانفصال لدى الحركات التي تشجع على ذلك، ما يعزز من مسألة التفتيت والتقسيم بين الدول الأفريقية»، وقال إن «تقسيم الصومال سيؤثر على الاستقرار الإقليمي والدولي؛ لارتباط هذه المنطقة بمصالح استراتيجية لغالبية دول العالم».

ويعتقد العمدة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «إسرائيل تريد من خطوة الاعتراف بـ(أرض الصومال)، فتح جبهة جديدة من الصراع في المنطقة، للفت أنظار المجتمع الدولي عما يحدث في قطاع غزة»، وقال إن «الحفاظ على وحدة الصومال وسيادته جزء من الحفاظ على الأمن القومي العربي والمصري في منطقة البحر الأحمر».

ويعوّل الصومال على الدعم الإقليمي والعالمي لسيادته في مواجهة التحركات الإسرائيلية، وفق بري الذي قال في تصريحاته إن بلاده «تستخدم القنوات الدبلوماسية كخيار لمواجهة قرار نتنياهو»، إلى جانب «استخدام الإجراءات القانونية للدفاع عن وحدة» بلاده، لافتاً إلى أن «الدستور لا يسمح لـ(أرض الصومال) بالقيام بهذا الفعل».

ويعلن إقليم أرض الصومال انفصاله من جانب واحد عن جمهورية الصومال الفيدرالية منذ عام 1991، ولم يحظَ باعتراف دولي طوال هذه الفترة.