تزايدت الضغوط والانتقادات التي يتعرض لها «المجلس العسكري» الحاكم في بوركينا فاسو، في ظل ارتفاع لافت لأعمال العنف التي تشهدها البلاد، منذ سنوات، وكانت سببا في الانقلاب على الرئيس السابق مطلع العام الحالي.
وقتل 11 عسكريا على الأقلّ، فيما بات نحو 50 مدنياً في عداد المفقودين، بحسب المتحدّث باسم الحكومة في واغادوغو مساء (الثلاثاء)، بعد تعرض قافلة تموين متّجهة إلى مدينة دجيبو لهجوم وصفه بـ«جبان وهمجي». وتزود القوافل التي يرافقها الجيش المدن التي يحاصرها مسلحون شمال البلاد. ووفق مصادر أمنية «تمّ إحراق القافلة بأسرها، بما فيها من آليات ومواد غذائية».
وتشهد بوركينا، التي تقع في منطقة الساحل الأفريقي، منذ 2015 هجمات واسعة تشنّها جماعات مسلحة تنتمي إلى تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، خلّفت آلاف القتلى وما يقارب مليوني مهجّر.
وأدى الإحباط من تصاعد العنف إلى انقلاب عسكري على الرئيس السابق لبوركينا فاسو روك كابوري، حين أطاح به اللفتنانت كولونيل سانداوغو داميبا، في يناير (كانون الثاني) الماضي، متّهماً إياه بـ«العجز عن مكافحة العنف»، لكنّ الوضع الأمني في بوركينا فاسو لم يتحسّن بعد هذا الانقلاب العسكري.
ويرى عبدالقادر كاوير، الباحث السياسي المتخصص في الشأن الأفريقي، والمقيم في نيروبي، أن «أعمال العنف في بوركينا تشعل المزيد من الغضب الشعبي على السلطات العسكرية، باعتبار أن مجيئها ارتبط بوعود ضخمة للقضاء على المسلحين».
ويرجع كاوير في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، «فشل المجلس العسكري في السيطرة على العنف»، إلى ما وصفه بـ«تعقيدات كثيرة اجتماعية واقتصادية وسياسية دولية، حالت دول الوصول إلى هذا الهدف»، منوها إلى أن «الهجمات في بوركينا تدخل في سياق عدوى العنف التي تشمل كذلك معظم دول الساحل والغرب الأفريقي مثل مالي».
وانتقد التنافس الفرنسي – الروسي في المنطقة، مشيرا إلى أن «كل طرف يحاول أن يحقق نوعا من المكاسب إما بدعم الجماعات المسلحة أو دعم الحكومات في المنطقة، الأمر الذي أثر على استقرار تلك الدول»، مؤكدا أن أيا من تلك الجماعات سواء كانت (إرهابية أو مسلحة بدافع سياسي)، لن تحقق أي مكاسب دون دعم خارجي. وبحسب الأرقام الرسمية فإنّ أكثر من 40 في المائة من مساحة بوركينا فاسو لا تسيطر عليها الدولة.
ويتوقع كاوير بمرور الوقت أن ينجح التمرد المسلح في ضعف سيطرة الحكومة العسكرية في بوركينا فاسو، ما لم يتم الاستعانة بقوى خارجية، خاصة روسيا، في ظل توجه أفريقي بتقليل الاعتماد على فرنسا.
ودفع التصعيد في الهجمات الإرهابية، المجلس العسكري إلى إقالة وزير الدفاع الجنرال بارثيليمي سيمبور في منتصف سبتمبر (أيلول) الحالي. وقال الدكتور محمد عبد الكريم أحمد، الباحث المتخصص في الشأن الأفريقي بمعهد الدراسات المستقبلية في بيروت، لـ«لشرق الأوسط» إن «الطريقة التي تم بها إعلان الإقالة أوحت بتذمر من أداء وزير الدفاع السابق، وأولوية ملف مواجهة الإرهاب في إدارة داميبا، مع ملاحظة أن الانقلاب على الرئيس السابق كان بدافع الملف نفسه».
ولفت عبد الكريم إلى «تصاعد الأعمال الإرهابية في شمال البلاد خلال سبتمبر الحالي، في مقابل تهدئة ملموسة في المناطق الداعمة لداميبا»، واعتبرها «تمثل هاجسًا خطيرًا لمستقبل البلاد في تقدير المجلس العسكري».
ومع استمرار معاناة أكثر من مليوني فرد في بوركينا فاسو، أو نحو 10 في المائة من إجمالي السكان، من تمدد الأنشطة الإرهابية وقصور عمليات الإغاثة والإمداد (التي تمثل هدفا رئيسيا مرحليا لأنشطة الجماعات الإرهابية)، يشير عبد الكريم إلى «استمرار حالة الاستياء الشعبي وتعاظمها في ظل الفشل المرتقب للأداء على الصعيد الاقتصادي حيث يصنف أكثر من 40 في المائة من سكان البلاد دون خط الفقر».
ويضيف الخبير السياسي أن «عوامل الاستياء المحلي إزاء مزيد من تصعيد الأنشطة الإرهابية وعدم قدرة المجلس العسكري الحاكم على مواجهتها بشكل حاسم تضاف إلى عوامل هيكلية أخرى تعاني منها بوركينا فاسو منذ سنوات وتحتاج إلى مقاربة تنموية - أمنية مشتركة لمواجهة التهديدات الإرهابية وتحجيمها وإعادة فرض الحكومة سيطرتها على جميع أقاليم البلاد ومن ثم حل مشكلات التنمية بأساليب أكثر جدية ونجاعة على المديين القريب والمتوسط».
بوركينا فاسو: تزايد العنف يثير الانتقادات ضد «المجلس العسكري»
ارتفاع عدد ضحايا هجوم شمال البلاد لأكثر من 60 قتيلاً ومفقوداً
بوركينا فاسو: تزايد العنف يثير الانتقادات ضد «المجلس العسكري»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة