حذّر نائب الممثّل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لأجل أفغانستان ماركوس بوتزيل من أنّه إذا لم تمتثل حركة «طالبان» لمطالب الشعب، ستعاني أفغانستان مزيداً من التجزئة والعزلة والفقر والصراع الداخلي، ما يؤدي إلى هجرة جماعية محتملة وبيئة محلية مؤاتية للمنظمات الإرهابية، في وقت يواجه قرابة 19 مليون أفغاني انعدام أمان حاداً للأمن الغذائي. فيما ندّدت النائبة السابقة لرئيس البرلمان الأفغاني فوزية كوفي بالفصل العنصري ضد المرأة الّذي تمارسه «طالبان»، ما خلق جيلاً كاملاً من النساء سجينات في منازلهن.
* تنديد بحظر تعليم الفتيات
ندّد بوتزيل خلال اجتماع لمجلس الأمن الثلاثاء حول الأوضاع في أفغانستان، بالحظر المستمر على التعليم الثانوي للفتيات الذي هو «الوحيد من نوعه في العالم»، واستنكر القيود المتزايدة على حقوق المرأة التي تشير إلى أن «طالبان» «غير مبالية بأكثر من 50 في المائة من السكان وأنها على استعداد للمخاطرة بالعزلة الدولية». وأضاف: «إن إبعاد النساء والفتيات إلى المنزل لا يحرمهن من حقوقهن فحسب، بل إن أفغانستان ككل، محرومة من الاستفادة من المساهمات الكبيرة التي يتعيّن على النساء والفتيات تقديمها».
* تدهور الأوضاع الأمنية
ولفت بوتزيل إلى أنّه في الأشهر الماضية، كان هناك ارتفاع مطرد في الحوادث الأمنية التي رصدتها بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان، من مصادمات مسلحة وأعمال إجرامية، فضلاً عن الهجمات الإرهابية الكبيرة. وانتقد رفض حركة «طالبان» التحذيرات السابقة بشأن قدرات ولاية خراسان التابعة لتنظيم «داعش»، إذ «أظهر (تنظيم خراسان) في الأشهر القليلة الماضية، أنه يستطيع تنفيذ اغتيالات لشخصيات مقربة من طالبان، وشن هجمات ضد السفارات الأجنبية، وكذلك إطلاق صواريخ عبر حدود أفغانستان لمهاجمة جيرانها».
وأعرب عن قلقه بشكل خاص من الهجوم الأخير الذي استهدف السفارة الروسية في كابل وأسفر عن مقتل 10 أشخاص، من بينهم دبلوماسي روسي. كما أنّه أشار إلى «وجود تقارير مقلقة، وكذلك مقاطع فيديو وصور، تشير إلى احتمال ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في (ولاية) بنجشير» الأفغانية.
* إقتصاد في تراجع مستمر
أشار بوتزيل إلى أنّ الحالة الاقتصادية في أفغانستان لا تزال هشة، «ففيما تدعي حركة طالبان أنها زادت الصادرات، وحافظت على قيمة العملة الأفغانية، وحققت إيرادات قوية، فقد انهار دخل الفرد إلى مستويات عام 2007، ليمحو 15 عاماً من النمو الاقتصادي».
وحذّر من أنّ الحصول على التمويل المطلوب لخطة الاستجابة الإنسانية لمساعدة أفغانستان لعام 2022، غير مؤكد، مشيراً إلى أنّ الخطّة لم تتلق سوى 1.9 مليار دولار من جملة المبلغ المطلوب والبالغة قيمته 4.4 مليار دولار، «وسط الاحتياجات المتزايدة وتدهور حالة الأمن الغذائي، فإن فجوة التمويل هذه مقلقة للغاية لأن الشتاء قد اقترب. على المدى القريب، يحتاج الشركاء في المجال الإنساني إلى 614 مليون دولار لدعم الاستعدادات الشتوية ذات الأولوية بالإضافة إلى 154 مليون دولار المطلوبة للتخزين المسبق للإمدادات الأساسية قبل أن تُقطع مناطق بسبب الطقس». وشدّد على أنّ دعم احتياجات الشعب الأفغاني يجب ألّا يصل مباشرة إلى سلطات الأمر الواقع («طالبان»).
ونبّه بوتزيل إلى أنّه إذا لم تستجب «طالبان» لاحتياجات «جميع عناصر المجتمع الأفغاني وانخرطت بشكل بناء في إطار الفرصة المحدودة للغاية مع المجتمع الدولي، فمن غير الواضح ما الذي سيحدث بعد ذلك». وأضاف أنّ: «مزيداً من التجزئة والعزلة والفقر والصراع الداخلي هي من بين السيناريوهات المحتملة، مما يؤدي إلى الهجرة الجماعية المحتملة وبيئة محلية مؤاتية للمنظمات الإرهابية، فضلا عن بؤس أكبر للسكان الأفغان».
لاجئون أفغان في باكستان (رويترز)
* التجارة غير المشروعة
من جهتها، حذرت المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، غادة والي، من أنّه في غياب سيادة القانون، يمكن أن تستفيد الجماعات الإرهابية والجريمة المنظمة من المخدرات وغيرها من أشكال الاتجار مثل تجارة الأسلحة، في حين أن الظروف البائسة في البلاد تؤدي إلى الاتجار بالبشر واستغلالهم. وقالت: «يجب أن يكون المجتمع الدولي على استعداد لمواجهة تحديات المخدرات والتدفقات غير المشروعة القادمة من أفغانستان، مع تقديم أكبر قدر ممكن من المساعدة للمتضررين من المخدرات غير المشروعة داخل البلاد».
ولفتت الى أنّ الجفاف الشديد أدّى إلى تدمير المحاصيل الغذائية، في وقت ينهار فيه الاقتصاد الأفغاني، ويعيش أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر، ويواجه ما حوالى 19 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الحاد، فيما تبدو الزراعة غير المشروعة بالنسبة للكثيرين البديل الوحيد للمجاعة.
وقالت إن مكتبها (مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة)، «يدعم سبل العيش البديلة لمزارعي خشخاش الأفيون في مقاطعتي قندهار وهلمند، اللتين تمثلان 72 في المائة من هذه الزراعة، وشمل ذلك توفير وسائل إدرار الدخل ودعم الأمن الغذائي لأكثر من ألف أسرة تعولها نساء».
* خيبة أمل أفغانية
قالت فوزية كوفي، النائبة السابقة لرئيس البرلمان الأفغاني، «تحدثت مع الكثير من النساء في أفغانستان ويُردن مني أن أنقل إليكم هذه الرسالة: شعب أفغانستان محبط ومذعور ويشعر بالخيانة لأنّ العالم لا يزال لا يتحدث عن الفصل العنصري الحالي (ضدّ النساء) في ظل حكم طالبان». وأضافت: «يشعر الشعب الأفغاني بخيبة أمل لأنه خلال الدورة 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة، لا يتحدث قادة العالم عن معاناة 40 مليون شخص في أفغانستان»، مشيرة إلى أنّ الشعب الأفغاني يعيش في وطن سجين تحت حكم «طالبان»، وأنّ أكثر من 2.2 مليون أفغاني غادروا البلاد منذ اغسطس (آب) 2021 (بعد سيطرة «طالبان» على الحكم)، فيما يتطلع ملايين آخرون إلى مغادرة البلاد أيضاً.
* إضطهاد وإقصاء يواجهان النساء
وخاطبت كوفي الحاضرين في جلسة مجلس الأمن بقولها: «تخيّلوا لدقيقة واحدة، وخاصة إخواني (الرجال) في هذه الغرفة، إذا حكمت المرأة أفغانستان، أو كانت المرأة تحكم العالم ولم يُسمح لك كرجل بمغادرة منزلك دون أن ترافقك امرأة، ولا يسمح لك بارتداء ما تريد. لقد حُرمت من حقوقك الإنسانية والإسلامية الأساسية في التعليم والعمل». وأضافت: «هل يمكنكم ان تضعوا أنفسكم لدقيقة واحدة مكان المرأة الافغانية وتشعروا بالألم؟ أنا أكيدة أنّ ذلك صعب تخيّله».
وقالت متحدّثة عن التشريعات الظالمة بحق المرأة في أفغانستان: «أصدرت طالبان أكثر من 31 عقوبة ومرسوماً وأمراً للقضاء على النساء في أفغانستان، وحرمانهن من جميع حقوق الإنسان الأساسية مثل الوصول إلى التعليم والتوظيف والحرية». وأضافت أنّه «نتيجة لذلك، أصبح جيل من النساء الأفغانيات، سجيناً داخل جدران المنازل.
وعن النساء اللواتي يعملن في الوظائف الحكومية قالت كوفي إنّه في حين يشكّلن 30% من العاملين في هذا القطاع، فقد مُنعن من الذهاب الى مكاتبهن ومزاولة عملهنّ، واستُبدلن برجال في مراكزهن، وتُركن بلا مصدر دخل لإعالة عائلاتهنّ. وأشارت الى أنّه بعد أن كان الإعلام في افغانستان يتميّز أنّه من أكثر الإعلام حرية وفعالية، تم اغلاق 300 وسيلة اعلامية في العام الأخير بعد وصول «طالبان» الى الحكم. وقالت: «لم تعد أي صحافية تعمل في مجال الاعلام في 17 محافظة افغانية (من أصل 34)، بعد أن كان عددهن 2756 صحافية امرأة قبل سيطرة طالبان على كابل، يوجد الآن فقط 600 امرأة يعملن في مجال الاعلام»، مطالبة مجلس الأمن الاعتراف بأن ما يحصل في افغانستان هو جرائم ضد الانسانية.
* دعوة للقضاء على التهديد الإرهابي
أشار ناصر أحمد فائق، القائم بأعمال بعثة أفغانستان لدى الأمم المتحدة، إلى إنّ 24 مليون أفغاني يحتاجون لمساعدة إنسانيّة و19 مليون يعانون نقصاً خطيراً في الأمن الغذائي. وقال إنّ القمع الكبير الذي تشهده بعض المحافظات في أفغانستان بحق إثنيات، اضافة الى اطلاق النار على سجناء الحرب، هو انتهاك لحقوق الانسان وجرائم حرب يجب أن تخضع لمحكمة الجنايات الدولية. كما طالب الشركاء الدوليين بدعم قيام حوار وطني في افغانستان للخروج من المأزق السياسي.
وبعد أن أعرب عن شكره للأمم المتحدة للمساعدات التي تقدّمها لأفغانستان، دعا المنظمة الدوليّة للانخراط بدور أقوى في افغانستان. وناشد مجلس الأمن الدولي «اتخاذ موقف موحد لمعالجة الوضع في أفغانستان للقضاء على التهديدات الإرهابية، وحماية النساء والفتيات الأفغانيات، وزيادة الدعم الإنساني لأفغانستان والمساعدة في ضمان مستقبل شامل لجميع الأفغان».
أفغانستان: تحذير أممي من تفاقم المعاناة إن لم تستجب «طالبان» لمطالب الشعب
أفغانستان: تحذير أممي من تفاقم المعاناة إن لم تستجب «طالبان» لمطالب الشعب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة