«حماس» تلعب دوراً أمنياً أكبر داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان بدعم من «حزب الله»

TT

«حماس» تلعب دوراً أمنياً أكبر داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان بدعم من «حزب الله»

لا تخفي اللقاءات المستجدة التي تحصل بين حركتي «فتح» و«حماس» في لبنان في مسعى لطي الخلاف الكبير بينهما منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي على خلفية أحداث مخيم البرج الشمالي الواقع جنوب البلاد، الارتياب المتصاعد داخل المخيمات من توجه «حماس» أكثر فأكثر باتجاه تنظيم نفسها عسكرياً بعدما كان وجودها في لبنان طوال السنوات الماضية محصوراً بالنشاط الإعلامي والسياسي والثقافي والاجتماعي والجماهيري، على حد تعبير مصدر فلسطيني مطلع. وتتحدث معلومات عن «إنشاء غرفة عمليات مشتركة تحت عنوان وحدة ساحات الممانعة من طهران لدمشق للضاحية الجنوبية وصولاً إلى غزة»، وهو ما يعطي «حماس» دفعاً إضافياً داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان.
وبدأت المتابعة عن كثب لصعود «حماس» أمنياً وعسكرياً تتكثف بعد الانفجار الذي وقع في ديسمبر (كانون الأول) الماضي في مخيم البرج الشمالي، حيث أفيد بوقتها بأنه كان ناتجاً عن حريق نشب في مستودع لوقود الديزل، امتد إلى أحد مستودعات الذخيرة التابعة لـ«حماس» التي نفت الموضوع وتحدثت عن تماس كهربائي في مخزن مستلزمات وقاية من فيروس «كورونا».
ويشير المصدر الفلسطيني الناشط في الساحة اللبنانية إلى أن «حماس لطالما قدمت نفسها في لبنان على أنها أبعد ما تكون عن التنظيم العسكري، لكن ما يجري عكس ذلك تماماً، إذ تعزز قدراتها الأمنية والعسكرية فتقوم بتدريب عناصرها في لبنان ودول أخرى. أضف أنه عندما زار رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية مؤخراً بيروت ظهر أكثر من 200 مسلح في برج البراجنة والبرج الشمالي مجهزين بسلاح حديث، كما أن لباسهم كان عسكرياً وبدا واضحاً أنهم مدربون تدريباً عالياً». ويرد المصدر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إصرار «حماس» على عدم الكشف عن نواياها المبيتة بهذا المجال إلى سعيها لـ«المباغتة والظهور العلني والمفاجئ لتقدم نفسها الجهة التي تستطيع ضبط أمن المخيمات بعد تصوير فصائل المنظمة وحركة (فتح) بأنها غير قادرة على ذلك، وهذا ما شهدناه مؤخراً في عين الحلوة». ويضيف المصدر: «حماس طالما مولت أفراداً ومجموعات إسلامية لزعزعة أمن المخيمات للقول بأن فتح لا تستطيع ضبط المخيمات، وهو السيناريو الذي تنفذه في الضفة الغربية».
وتتركز قوة ودور «حماس» بشكل أساسي في مخيمي البرج الشمالي والبص في منطقة صور جنوب لبنان، كما في مخيم برج البراجنة في بيروت، ولديها وجود متنامٍ على الصعد كافة في مخيم عين الحلوة في الجنوب.
ويشير مدير مركز «تطوير» للدراسات هشام دبسي إلى أنه «منذ فترة لم يشهد وضع حماس في المخيمات تطورات دراماتيكية لأن هناك درجة من الاستقرار في إحجام القوى السياسية في الحالة الفلسطينية»، لافتاً إلى أن «الصعود الذي شهدته التيارات الإسلامية واستفادت منه «حماس» بالعقد الماضي انتهى تقريباً بعدما تكشفت الأبعاد الكاملة لسياسات الحركة فالناس لم تعد مخدوعة بخطاب المقاومة والممانعة وتحرير كافة التراب الفلسطيني». ويضيف دبسي لـ«الشرق الأوسط»: «لكن رغم ذلك استطاعت (حماس) أن تبني مؤسساتها العسكرية والأمنية في المخيمات كما أن تنشئ مؤسسات مدنية تشمل مختلف القطاعات كما تجمعات نقابية باعتبارها أصلاً لا تعترف بالنقابات الفلسطينية التابعة لمنظمة التحرير». ويعتبر دبسي أنه رغم الدور والقوة المتصاعدة لـ«حماس» في لبنان «لكنها بنهاية المطاف لا تستطيع أن تحسم في أي من المخيمات بواسطة ثقلها الخاص، ولا تستطيع أن تتجاوز حركة (فتح) بما تمثله ليس من قوة عسكرية داخل المخيمات فقط إنما من حيث التمثيل المجتمعي»، ويقول: «حماس موجودة في كل المخيمات وتستعرض من خلال عناصر منظمين ومسلحين حتى التخمة بواسطة حلفائها اللبنانيين وغير اللبنانيين».
أما عن العلاقة بين حماس وحزب الله فيوضح دبسي أنها «في أفضل أحوالها اليوم ويتم العمل على تطويرها لحاجة إيران لمصالحة النظام السوري مع (حماس) وحاجة (حزب الله) لجسم سني مسلح في لبنان يعوضه خسائره في الساحة السنية حيث إنه في الانتخابات الأخيرة فشل بإيصال أي نائب سني له حيثية تمثيلية من النواب الموالين لسياسته»، لافتاً إلى أن «إنشاء غرفة عمليات مشتركة تحت عنوان وحدة ساحات الممانعة من طهران لدمشق للضاحية الجنوبية وصولاً إلى غزة، أعطى «حماس» دفعاً إضافياً داخل المخيمات ووزناً سياسياً أعلى بالحالة الفلسطينية، لكن ليس له انعكاسات حقيقية على صعيد ميزان القوى الواقعي داخل المخيمات». ويضيف: «اليوم حماس وحزب الله بحاجة لبعضهما البعض. أما في العمق لا حماس مقتنعة بإمكانية الاستمرار بهذه الصيغة، ولا حزب الله مقتنع بأن هناك جسور ثقة عميقة مع الحركة لأن التجربة برهنت أن الألاعيب السياسية التي تقودها (حماس) من خلال الاستفادة من تناقضات القوى والمحاور والدول تحقق مكاسب مباشرة إنما تؤدي لخسائر استراتيجية».
من جهته، يوضح الكاتب والمحلل السياسي، المتخصص في شؤون «حزب الله»، قاسم قصير، أن «حركة حماس حاضرة في لبنان منذ ثلاثين عاماً وكانت سابقاً تابعة للجماعة الإسلامية في لبنان. وهي لديها حضور إعلامي وثقافي واجتماعي وتحاول ألا يكون لها حضور عسكري مباشر وإن كانت تستفيد من لبنان كممر بعدما كانت سابقاً تعتمد على سوريا». ويضيف قصير لـ«الشرق الأوسط»: «هي لديها حاضنة شعبية كبيرة وعلاقتها بحزب الله قوية جداً، أضف أن هناك تنسيقاً وتعاوناً وخصوصاً عند حصول أي تطور عسكري إضافة للتنسيق السياسي والإعلامي المستمر».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، أبو عبيدة، اليوم (السبت)، مقتل أسيرة إسرائيلية في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة.

ولم يصدر أي تأكيد من الجيش الإسرائيلي حول هذا الإعلان.

وأكد أبو عبيدة، على منصة «تلغرام»، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته وقادة جيشه يتحمّلون المسؤولية عن حياة أسراهم «وهم يصرون على التسبب في مقتلهم».

وأضاف أبو عبيدة أن أسيرة أخرى ما زالت معرّضة للخطر بعد مقتل رفيقتها في شمال غزة، محذراً إسرائيل من أن تستعد للتعامل مع «معضلة» اختفاء جثث أسراها القتلى «بسبب الدمار الواسع الذي لحق بقطاع غزة واستشهاد بعض الآسرين»، في إشارة للعمليات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة والتي تترافق مع قصف جوي ومدفعي عنيف منذ أكثر من شهر في شمال قطاع غزة.