تركيا تحتج على نشر اليونان مدرعات أميركية في جزيرتين ببحر إيجة

إردوغان اتهمها بالتحول لـ«مطية» وهدد باستخدام «كل الوسائل المتاحة»

إردوغان يلقي كلمة في إسطنبول أول من أمس (د.ب.أ)
إردوغان يلقي كلمة في إسطنبول أول من أمس (د.ب.أ)
TT

تركيا تحتج على نشر اليونان مدرعات أميركية في جزيرتين ببحر إيجة

إردوغان يلقي كلمة في إسطنبول أول من أمس (د.ب.أ)
إردوغان يلقي كلمة في إسطنبول أول من أمس (د.ب.أ)

في تصعيد خطير جديد للتو، احتجت تركيا لدى اليونان والولايات المتحدة على قيام أثينا بنشر مدرعات أميركية الصنع في جزيرتين من جزر بحر إيجة نصت اتفاقيات دولية على منح السيادة عليها لليونان بشرط عدم تسليحها، فيما هدد الرئيس رجب طيب إردوغان مجددا بالرد على ما وصفه بـ«استفزازات» اليونان، ومن قال إنهم يستخدمونها كمطية، بكل الوسائل المتاحة.
واستدعت وزارة الخارجية التركية السفير اليوناني في أنقرة، أمس الاثنين، وسلمته احتجاجا على نشر بلاده مدرعات أميركية الصنع في جزيرتي «مدللي» و«ساقز» (لسبوس وخيوس حسب التسمية اليونانية) الواقعتين في بحر إيجة. وطالبت بإنهاء اليونان انتهاكاتها في الجزيرتين وإعادتهما إلى الوضع غير العسكري.
وفي الوقت ذاته، بعثت تركيا بمذكرة احتجاج إلى الولايات المتحدة وطالبتها بمراعاة وضع جزر شرق بحر إيجة، واتخاذ التدابير لعدم استخدام الأسلحة في انتهاك وضعها كجزر منزوعة السلاح.
وكانت مصادر أمنية تركية أبلغت وكالة «الأناضول»، أول من أمس الأحد، أن طائرات مسيرة تركية رصدت قيام اليونان بنقل مدرعات إلى جزر منزوعة السلاح في بحر إيجة، حيث تابعت المسيرات التركية سفينتي إنزال يونانيتين متجهتين إلى جزيرتي مدللي (لسبوس) وسيسام (ساموس)، ونقلتا 23 مدرعة إلى الأولى و18 إلى الثانية.
وقالت المصادر إنه من اللافت أن تلك المدرعات هي الممنوحة من الولايات المتحدة إلى اليونان، والتي وصلت إلى ميناء ديدا أغاج (أليكساندروبولي)، مشيرة إلى أن نقل المدرعات جرى يومي 18 و21 سبتمبر (أيلول) الحالي، وأنه يعد «مؤشرا صارخا» على استمرار اليونان بتسليح الجزر القريبة من تركيا، وانتهاك وضع تلك الجزر التي يفترض أن تكون منزوعة السلاح، وفق الاتفاقيات ذات الصلة.
ونبهت المصادر إلى سعي اليونان لنشر أسلحة ممنوحة من الولايات المتحدة على وجه الخصوص في تلك الجزر. ووصفت التصرفات «العدوانية» لليونان، العضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، بـ«المنافية للقانون الدولي وروح التحالف»، وأنها تأتي رغم دعوات الحوار وحسن الجوار، مؤكدة أنها تصرفات «غير مقبولة على الإطلاق».
وأضافت المصادر أن اليونان تنتهك منذ أعوام طويلة الوضع غير العسكري لهاتين الجزيرتين وتنشر أسلحة فيهما.
وذكرت المصادر أن اليونان قامت، عبر الشحنات الأخيرة، باستبدال بعض المدرعات في الجزيرتين المذكورتين، بواسطة مركبات مدرعة ذات عجلات تكتيكية منحتها واشنطن لأثينا.
وأكدت أن تهرب اليونان من الحوار مع تركيا وتغيبها عن الاجتماعات بهذا الخصوص، ومواصلتها استفزازاتها، تظهر بوضوح من هو الطرف الذي يزيد التوتر، ويقوم بأنشطة عدوانية وغير قانونية.
في السياق ذاته، هدد الرئيس إردوغان باستخدام جميع الخيارات المتاحة لحماية مصالح بلاده ضد اليونان التي قال إنها تستخدم كمطية من جانب بعض القوى ضد تركيا.
وقال إردوغان، في تصريحات عقب ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء التركي في أنقرة: «نتابع سياسة جارتنا اليونان التي تفوح منها رائحة الاستفزاز... لا الحشد العسكري ولا الدعم السياسي سيرفعان اليونان إلى مستوانا لكنهما يكفيان لجرها لمستنقع الاستفزاز».
أضاف «استفزازات اليونان لعبة خطرة عليها، سياسيين ودولة وشعبا، وعلى من يستخدمها مطية له... لن نتوانى إذا لزم الأمر في الدفاع عن مصالح بلدنا ضد اليونان بكل الوسائل المتاحة».
والشهر الماضي، هدد إردوغان بالتدخل عسكريا في جزر بحر إيجة، متهما اليونان باحتلالها، بعد أن تصاعدت حدة التوتر بين البلدين الجارين العضوين في الناتو، على خلفية اتهام أنقرة لليونان بالتحرش بمقاتلات «إف 16» تابعة لقواتها الجوية أثناء عودتها من مهام تابعة للحلف فوق بحر إيجة في 23 أغسطس (آب) الماضي، كما وجهت صواريخ منظومة «إس 300» روسية الصنع التي ينصبها الجيش اليوناني في جزيرة كريت باتجاه مقاتلاتها.
واتهم إردوغان اليونان بـ«احتلال» جزر تقع في بحر إيجة تخضع للسيادة اليونانية، لكن لا يحق لها أن تنشر فيها جنوداً، عملاً بمعاهدات أبرمت في نهاية الحرب العالمية الأولى، وهددها بدفع ثمن باهظ، ولوح بالتدخل العسكري، قائلاً: «سنتخذ ما يلزم عندما يحين الوقت... سنأتي ذات ليلة على حين غرة... قد نأتي ذات ليلة على حين غرة».
واعتبرت الولايات المتحدة تحذيرات الرئيس التركي لليونان بشأن النزاعات البحرية «غير مفيدة». وحثت الجارين العضوين في الناتو على تسوية خلافاتهما بطرق دبلوماسية.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية حول تصريحات إردوغان: «في وقت غزت فيه روسيا، مرة أخرى، دولة أوروبية ذات سيادة، التصريحات التي يمكن أن تثير خلافات بين الحلفاء في الناتو غير مفيدة».
كان الاتحاد الأوروبي أعرب عن قلقه الشديد إزاء تصريحات إردوغان، التي وصفها بـ«العدائية». وقال بيتر ستانو، المتحدث باسم الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والشؤون الأمنية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الاثنين: «التصريحات العدائية المستمرة من جانب القيادة السياسية لتركيا ضد اليونان تثير مخاوف كبيرة وتتناقض تماماً مع جهود التهدئة التي تشتد الحاجة إليها في شرق البحر المتوسط... الاتحاد الأوروبي يطالب بتسوية الخلافات سلمياً وفي ظل الاحترام الكامل للقانون الدولي».
في المقابل، اعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، تانجو بيلجيتش، دعم الاتحاد الأوروبي «المطلق» لليونان في خلافات بحري إيجة والمتوسط بذريعة التضامن مع الدول الأعضاء، يتعارض مع مكتسبات الاتحاد الأوروبي والقانون الدولي.
وتسود خلافات عميقة بين تركيا واليونان تتعلق بالجزر في بحر إيجة والجرف القاري وموارد الطاقة في شرق المتوسط والهجرة، فضلاً عن المسألة القبرصية.
وتبادل البلدان الشكوى بعد التوتر الأخير في أجواء بحر إيجة. وبعثت تركيا برسائل إلى دول أوروبية ومنظمات دولية لتوضيح موقفها ووجهة نظرها بشأن حل المشاكل القائمة مع اليونان في بحر إيجة، وبدورها أعلنت اليونان أنها تقدمت بشكاوى ضد التهديدات التركية إلى الأمم المتحدة وحلف الناتو.


مقالات ذات صلة

تقارب حذر بين تركيا واليونان في أعقاب الزلازل

شؤون إقليمية خلال لقاء اليوم بين وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ونظيره اليوناني نيكوس دندياس في أضنة بتركيا (أ.ب)

تقارب حذر بين تركيا واليونان في أعقاب الزلازل

أدى الزلزالان المدمران اللذان ضربا المنطقة الحدودية بين تركيا وسوريا إلى تقارب دبلوماسي حذر بين تركيا واليونان رغم العلاقات المتوترة بينهما، حسب وكالة الأنباء الألمانية. وتوجه وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس بشكل غير متوقع إلى منطقة الكارثة اليوم (الأحد)، والتقى نظيره التركي مولود جاويش أوغلو. وتعانق السياسيان، كما ظهر على التلفزيون الحكومي اليوناني. وشكر جاويش أوغلو دندياس لكون بلاده واحدة من أوائل الدول التي قدمت مساعدات فورية لتركيا. وأضاف أن الدولتين ستحاولان بدء الحوار مرة أخرى وحل مشاكلهما. وشدد دندياس على أن «مساعدة اليونان للشعب التركي لا تنتهي هنا».

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (رويترز)

تركيا تتهم أميركا بـ«الإخلال بالتوازن» مع اليونان عبر صفقات المقاتلات

اتهمت تركيا الولايات المتحدة بالإخلال بالتوازن في تعاملها معها وجارتها اليونان على خلفية اعتزام واشنطن منح أثينا مقاتلات «إف 35» التي منعت أنقرة من الحصول عليها بسبب اقتنائها منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس 400». وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن الولايات المتحدة أخلت بالتوازن في تعاملها مع بلاده واليونان. وأضاف، خلال مؤتمر صحافي في أنقرة الاثنين مع وزيرة خارجية البوسنة والهرسك بيسيرا توركوفيتش، أن الولايات المتحدة كانت لديها سياسة توازن في علاقاتها مع تركيا واليونان، لكنها بدأت تحيد عن تلك السياسة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (رويترز)

تركيا تتهم أميركا بـ«الإخلال بالتوازن» مع اليونان عبر صفقة المقاتلات

اتهمت تركيا الولايات المتحدة بالإخلال بالتوازن في تعاملها معها ومع جارتها اليونان، على خلفية اعتزام واشنطن منح أثينا مقاتلات «إف 35» التي مُنعت أنقرة من الحصول عليها بسبب اقتنائها منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس 400». وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن الولايات المتحدة أخلّت بالتوازن في تعاملها مع بلاده واليونان. وأضاف، خلال مؤتمر صحافي في أنقرة، اليوم (الاثنين)، مع وزيرة خارجية البوسنة والهرسك، بيسيرا توركوفيتش، أن الولايات المتحدة كانت لديها سياسة توازن في علاقاتها مع تركيا واليونان، لكنها بدأت تحيد عن تلك السياسة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (أ.ب)

تركيا تتهم اليونان بالعمل على زيادة التوتر

اتهمت تركيا اليونان بـ«تخريب» الاجتماعات والمحادثات الرامية إلى بحث القضايا الخلافية بينهما، والعمل على زيادة التوتر. وقال وزير الدفاع خلوصي أكار، إن السلطات اليونانية تعمل على تخريب الاجتماعات والمحادثات مع بلاده، مضيفاً أن «بعض السياسيين اليونانيين يحاولون عن وعي زيادة التوتر... لقد فهم الجميع الآن حيلة اليونان، ونتوقع أن يكون الجميع أكثر حذراً في هذا الصدد». واعتبر أكار -في تصريحات الاثنين- أن اليونان تحاول تجسيد مشكلاتها مع تركيا على أنها مشكلات بين تركيا وحلف شمال الأطلسي (ناتو) والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (أ.ب)

تركيا تتهم اليونان بتخريب المحادثات حول القضايا الخلافية

اتهمت تركيا اليونان بـ«تخريب» الاجتماعات والمحادثات الرامية إلى بحث القضايا الخلافية بينهما، والعمل على زيادة التوتر. وقال وزير الدفاع خلوصي أكار، إن السلطات اليونانية تعمل على تخريب الاجتماعات والمحادثات مع بلاده، مضيفاً أن «بعض السياسيين اليونانيين يحاولون عن وعي زيادة التوتر... لقد فهم الجميع الآن حيلة اليونان، ونتوقع أن يكون الجميع أكثر حذراً في هذا الصدد». واعتبر أكار -في تصريحات الاثنين- أن اليونان تحاول تجسيد مشكلاتها مع تركيا على أنها مشكلات بين تركيا وحلف شمال الأطلسي (ناتو) والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

إسرائيل ترى تهديداً متزايداً من سوريا رغم النبرة المعتدلة لحكامها

إسرائيل تقول إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة (رويترز)
إسرائيل تقول إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة (رويترز)
TT

إسرائيل ترى تهديداً متزايداً من سوريا رغم النبرة المعتدلة لحكامها

إسرائيل تقول إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة (رويترز)
إسرائيل تقول إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة (رويترز)

قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم (الأحد)، إن التهديدات التي تواجهها إسرائيل من سوريا لا تزال قائمةً رغم النبرة المعتدلة لقادة قوات المعارضة الذين أطاحوا بالرئيس بشار الأسد قبل أسبوع، وذلك وسط إجراءات عسكرية إسرائيلية لمواجهة مثل هذه التهديدات.

ووفقاً لبيان، قال كاتس لمسؤولين يدققون في ميزانية إسرائيل الدفاعية: «المخاطر المباشرة التي تواجه البلاد لم تختفِ، والتطورات الحديثة في سوريا تزيد من قوة التهديد، على الرغم من الصورة المعتدلة التي يدّعيها زعماء المعارضة».

وأمس (السبت)، قال القائد العام لإدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، الذي يوصف بأنه الزعيم الفعلي لسوريا حالياً، إن إسرائيل تستخدم ذرائع كاذبة لتبرير هجماتها على سوريا، لكنه ليس مهتماً بالانخراط في صراعات جديدة في الوقت الذي تركز فيه البلاد على إعادة الإعمار.

ويقود الشرع، المعروف باسم أبو محمد الجولاني، «هيئة تحرير الشام» الإسلامية، التي قادت فصائل مسلحة أطاحت بالأسد من السلطة، يوم الأحد الماضي، منهيةً حكم العائلة الذي استمرّ 5 عقود من الزمن.

ومنذ ذلك الحين، توغّلت إسرائيل داخل منطقة منزوعة السلاح في سوريا أُقيمت بعد حرب عام 1973، بما في ذلك الجانب السوري من جبل الشيخ الاستراتيجي المطل على دمشق، حيث سيطرت قواتها على موقع عسكري سوري مهجور.

كما نفَّذت إسرائيل، التي قالت إنها لا تنوي البقاء هناك، وتصف التوغل في الأراضي السورية بأنه «إجراء محدود ومؤقت لضمان أمن الحدود»، مئات الضربات على مخزونات الأسلحة الاستراتيجية في سوريا.

وقالت إنها تدمر الأسلحة الاستراتيجية والبنية التحتية العسكرية لمنع استخدامها من قبل جماعات المعارضة المسلحة التي أطاحت بالأسد من السلطة، وبعضها نشأ من رحم جماعات متشددة مرتبطة بتنظيم «القاعدة» و«داعش».

وندَّدت دول عربية عدة، بينها مصر والسعودية والإمارات والأردن، بما وصفته باستيلاء إسرائيل على المنطقة العازلة في هضبة الجولان.

وقال الشرع في مقابلة نُشرت على موقع «تلفزيون سوريا»، وهي قناة مؤيدة للمعارضة، إن الوضع السوري المنهك بعد سنوات من الحرب والصراعات لا يسمح بالدخول في أي صراعات جديدة. وأضاف أن الأولوية في هذه المرحلة هي إعادة البناء والاستقرار، وليس الانجرار إلى صراعات قد تؤدي إلى مزيد من الدمار.

وذكر أن الحلول الدبلوماسية هي السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار «بعيداً عن أي مغامرات عسكرية غير محسوبة».