فنون تزدهر ونقد ذابل

الحكايات والوجوه الأخرى للآداب الشعبية لا تزال بحاجة إلى استكشاف نقدي

القصيدة الشعبية - شعر العامية
القصيدة الشعبية - شعر العامية
TT

فنون تزدهر ونقد ذابل

القصيدة الشعبية - شعر العامية
القصيدة الشعبية - شعر العامية

مجالات مهمة في حياتنا الثقافية والإبداعية تتمتع بخصوبة في الإنتاج تقابلها ضآلة في المعرفة. وبالمعرفة أقصد النظر النقدي والتحليل الثقافي. قياساً إلى ما ينتج حول الأدب، مثلاً، يجد الفن التشكيلي نفسه أمام شح في الدراسات والتحليلات التي تستكشف عوالمه وجوانب تميزه أو تؤرخ له. أعرف أن هناك الكثير من المؤلفات التي تدرس الفن التشكيلي لكنها لا تقاس بما ينتج حول الشعر أو الرواية. ويصدق ذلك إلى حد بعيد على الموسيقى، فمع أن هناك من يؤلف حول هذا المجال الكبير فإن النتاج ذا الطابع التحليلي الذي يسبر أبعاد الموسيقى والأغنية قليل قياساً إلى ما ينتج في مجالات أخرى. لكن المؤكد هو أن فنوناً كالتي تُعرف أحياناً بالأدائية مثل الرقص، سواء الفردي التعبيري أو الشعبي الفولكلوري، تعيش ندرة فيما يُكتب حولها وينقلها من ثم من المتعة الخالصة والصامتة سواء في الأداء أو التلقي إلى فضاءات المعرفة الناطقة بالتحليل والنقد والتأريخ، ولتلك الفضاءات متعة خاصة يعرفها من جرّب العيش فيها.
أظن أنه من الواضح أن ما أقصده بالدراسات ليست الفولكلورية أو الأنثروبولوجية التي تتعامل مع الفنون من حيث هي ظواهر ثقافية تُحيل على طبيعة المجتمعات البشرية في تطورها أو من حيث سماتها، وإنما أقصد الدراسات النقدية التي تستجلي الجوانب الجمالية، وتنظر في الموضوعات والنواظم، وفي الدلالات والأبعاد المختلفة للفنون، تماماً كما يحصل في دراسة الأدب ونقده. هذا اللون من النقد غاب أو كاد يغيب أيضاً عن لون من الأدب يعرفه الأنثروبولوجيون والفولكلوريون لكن من زاوية تعنيهم ولا تعني الناقد الأدبي. أقصد الأدب المنتج بالعاميات الذي يُعرف أحياناً بالشعبي وله مسميات مختلفة في كل منطقة، لا سيما الجانب الشعري منه. والأدب هنا هو الحكايات وألوان المحاكاة التمثيلية أو المسرحية إلى جانب الشعر وغيره.
وقعتُ مؤخراً على كتاب للناقد المصري د.صلاح فضل بعنوان رئيسي هو «شعر العامية» (2019)، وحين قرأت الكتاب وجدته يملأ بعض الفراغ الذي أشير إليه، لكنه في تقديري حالة معزولة أو نادرة الحدوث، وفي غاية الأهمية أيضاً. ولأنني معنيٌّ أيضاً بهذا الجانب، فقد صدر لي كتاب بعنوان «القصيدة الشعبية: سمات التحضر وتحديات التجديد» (2017)، فقد كان من الطبيعي أن أتوقف عند كتاب صلاح فضل وأن أقرأه باهتمام لأجده بالفعل إضافة مهمة لحقل محدود النمو. استرعى انتباهي العنوان الجانبي لكتاب فضل: «من السوق إلى المتحف»، وهي عبارة وضّحها في السطور الأولى من مفتتح الكتاب: «تبغي هذه القراءة أن تنتقل نقدياً بشعر العامية من سوق الحياة إلى متحف الفن...». ومع أن المبتغى الأساسي لهذه العبارة هي ما ابتغيته أنا في كتابي حول القصيدة الشعبية، فإن الاتجاه من سوق الحياة إلى متحف الفن أثار لديَّ تساؤلاً حول قيمة المتحف حين يكون مأوى للشعر. تذكرت رأياً لأندريه مالرو، وزير الثقافة الفرنسي في عهد ديغول، والذي عُرف، إلى جانب كونه روائياً، بريادته للنقد التشكيلي الحداثي. تذكرت لمالرو رأياً حول المتحف بوصفه سجناً أو تقييداً للأعمال الفنية، أي عزلاً لها. الأعمال الفنية التي ظلت تسكن الفضاء العام في عصر النهضة الأوروبي تقيدت بدخولها المتحف ومع أنها وجدت حماية وتقديراً بين جدرانه فإنها فقدت صلتها بالحياة العامة ليتحول المتحف إلى ما يشبه المعبد وتكتسي الفنون ما يشبه القداسة لكن الدنيوية بدلاً من الأخروية.
دراسة صلاح فضل لشعراء العامية الكبار في مصر ابتداءً ببيرم التونسي وانتهاء بعبد الرحمن الأبنودي، لم تغلق شعر العامية بل فتحته على آفاق من التلقي لم يعهدها، وأظن أن الناقد المصري أراد بمتحف الفن ذلك التلقي الجاد الذي يستكشف جماليات القصيدة بعيداً عن أنماط التلقي البسيطة التي لا تُعنى عادةً بتلك الجماليات أو بالأبعاد الدلالية الأخرى. ولا شك أن الشعر غير الفن التشكيلي في نهاية المطاف، فالقصائد تظل مِلكاً للثقافة العامة أو للسوق وإن لم يمنحها ذلك ما تستحقه من اهتمام.
ما يفعله كتاب مثل كتاب فضل هو أنه إلى جانب استكشاف الجماليات يوضح أيضاً أهمية السوق نفسها، أي على نقيض ما يتضمنه العنوان. فقصائد التونسي وجاهين والأبنودي وغيرهم تلمس هموم الناس اليومية على نحو لا نكاد نعثر له على مثيل في شعر الفصحى. ومع أن من شعراء الفصحى المصريين، وبالتحديد عبد الصبور وحجازي وأمل دنقل، من حملوا إلى شعرهم الكثير من الحياة اليومية بمفرداتها ووجوه معاناتها، فإن لا أحد منهم، في تقديري، يضارع اندماج التونسي في حياة الشارع اليومية وصراع البسطاء من الناس. عاميته كانت دون شك الجسر الأساسي لذلك الاندماج، فالفصحى تظل عقبة أمام محبي الأدب من غير المتعلمين فضلاً عن أن لها إرثها الثقافي الذي يُضعف صلتها بحياة البسطاء من الناس. يضاف إلى ذلك أن شعراء العامية أنفسهم أقرب شخصياً إلى حياة السوق، كما يسميها فضل، ليس بمستوى تعليمهم بقدر ما هو بسعيهم القصدي إلى ذلك القرب. لم يكن ممكناً لقصيدة لعبد الصبور أو حجازي أن تتردد على ألسنة الناس مثل قصيدة «المجلس البلدي» لبيرم، أو بعض رباعيات جاهين، أو الرسائل التي تخيّلها الأبنودي بين أبناء الصعيد.
ما يفعله صلاح فضل في كتابه هو الكشف عن هذه الأبعاد التي ظلت غائبة عن الوعي النقدي، ويبدو أنها ستظل لبعض الوقت، أي ريثما تزداد وتيرة التناول النقدي لذلك الأدب المهم. الحكايات والوجوه الأخرى للآداب الشعبية لا تزال بحاجة إلى استكشاف نقدي، ليس بالضرورة بنقلها إلى متحف، وإنما بمنحها ما تستحق من اهتمام. ومثل ذلك يمكن أن يقال عن الفنون غير القولية: الرسم والنحت والغناء والرقص وغيرها.
طلبت منّي إحدى الجهات مؤخراً أن أسهم في ملف أُعد تكريماً لفيروز والرحابنة، ومع أني بعيد كل البعد عن المعرفة الاحترافية بالموسيقى أو الغناء، فقد وجدت لديَّ ما يمكن قوله حول كلمات الأغاني التي شدت بها فيروز على مدى يقارب الستين عاماً من العطاء، أي الشعر الذي تغنت به. هل وجدت كلمات الأغاني اهتماماً نقدياً لدى أحد؟ ربما، لكنه على الأرجح في حكم النادر أيضاً. من الذي تناول كلمات أغاني أم كلثوم أو عبد الوهاب أو طلال مداح على مدى عقود؟ الكثيرون يترنمون بالأغاني لكن مَن الذي توقف عند دلالاتها الفنية وحاول الاستماع إلى نبضها الجمالي أو علاقاتها بالحياة اليومية وغير اليومية؟ ربما يكون الكثير من تلك الكلمات أقل مما يستحق عناء التحليل، لكن منها بالتأكيد ما هو جدير بالتأمل. فيروز التي غنت لسعيد عقل وجوزيف حرب، وأم كلثوم التي غنت لأبي فراس الحمداني ولشوقي ورامي وناجي وغيرهم، صعدتا بكلمات الأغنية إلى مدارج لم تكن شائعة من قبل، مثلما فعل عبد الوهاب وفريد الأطرش. ومن هنا كان يُفترض أن يتوقف التحليل النقدي عند تلك العلاقة بين الشعر والغناء، عند اختيارات المغنين والملحنين.
ويمكن قول ما يشبه ذلك عن العلاقة التي تربط الفنون التشكيلية باللغة سواء من زاوية الحروفية أو من زاوية التعالق مع النصوص لتكون موضوعاً للتشكيل، كما يحدث حين تكون قصيدة موضوعاً للوحة أو تلتقي اللوحة بالعمل الأدبي عند قضاياً مشتركة. العلاقة بين الفنون المختلفة أحد الأبواب الرئيسية في الدرس المقارن منذ تطور في الغرب أوائل القرن العشرين، ولدى المقارنين الفرنسيين والأميركيين بصفة خاصة الكثير مما يقولونه حول الصلات الوثيقة بين الفنون: الرواية والسينما، المسرح والتشكيل، الموسيقى والنحت، إلى غير ذلك من وجوه التداخل المستمر. لكن ماذا لدينا في المقابل؟ القليل فيما أظن.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».