ليبيا: الإيفاد للدراسة في الخارج يثير جدلاً بخلفية سياسية

البعض رفض اعتباره «غنيمة»... والدبيبة يُجمِّد قرار «التعليم»

عمران القيب وزير التعليم العالي والبحث العلمي في حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة (المكتب الإعلامي للوزارة)
عمران القيب وزير التعليم العالي والبحث العلمي في حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة (المكتب الإعلامي للوزارة)
TT

ليبيا: الإيفاد للدراسة في الخارج يثير جدلاً بخلفية سياسية

عمران القيب وزير التعليم العالي والبحث العلمي في حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة (المكتب الإعلامي للوزارة)
عمران القيب وزير التعليم العالي والبحث العلمي في حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة (المكتب الإعلامي للوزارة)

فجّر قرار إيفاد الطلاب للدراسة في الخارج، موجة من الجدل والاعتراض في ليبيا اليوم، قبل أن يتدخل عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، موجهاً بإلغائه، على أن يكون الإيفاد من طريق قرارات تصدر عن مجلس الوزراء فقط.
وكان عمران القيب، وزير التعليم العالي والبحث العلمي في الحكومة، قد أصدر قراراً أمس، بإيفاد الطلاب للدراسة بالخارج، وهو خاص «بأسر الشهداء والمفقودين»، ولوحظ أن قائمة الأسماء ضمت طلاباً عديدين من أسرة واحدة من طرابلس، ما أثار حالة من اللغط والرفض، اضطرت الدبيبة إلى إلغاء القرار.
ودافعت «الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء والمفقودين والمبتورين» اليوم، عن إجراء القيب، واستغربت من حالة الاعتراض التي تواكبت مع إصدار قراره بشأن إيفاد المستفيدين من أبناء «الشهداء والمفقودين»، وقالت إنها «لاحظت كثيراً من اللغط والتأويل على صفحات التواصل الاجتماعي، بشأن أن وزارة التعليم العالي ارتكبت مخالفات وتجاوزات، على عكس الحقيقة».
ونوّهت الهيئة إلى أن قرار الوزير تعلّق بشأن إيفاد المستفيدين من «أسر الشهداء والمفقودين»، ورأت أنه جاء وفق «صحيح القانون»، وهو ما أشارت نصوصه إلى أن «الأولوية في التدريب والتأهيل والدراسة بالداخل والخارج لكل مستفيد يستكمل فيها متطلبات الدراسة».
وأضافت الهيئة أنها «أحالت المسجلين بمنظومة (الشهداء والمفقودين) فقط، ووفق القانون، إلى وزارة التعليم العالي»، لافتة إلى «عدم وجود أي نص يمنع استفادة أكثر من فرد من أسرة الشهيد بهذه المزايا».
وألقى الانقسام السياسي والصراع حول السلطة بين حكومتي الدبيبة، وخصمه فتحي باشاغا، بظلاله على القضية، إذ رأى مؤيدون للدبيبة، ومن بينهم سعيد إمغيب، عضو مجلس النواب، أن «ضرورة فك الارتباط واجب وطني»، مستغرباً أن يشمل قرار الإيفاد عائلات كاملة من إقليم طرابلس، بينما دافع آخرون عن القرار واعتبروه يدعم الكفاءات.
وتساءل الكاتب الليبي عبد الرزاق الداهش: «هل الإيفاد للدراسة بالخارج غنيمة؟»، ومضى يقول إن «أغلب من تعاطى مع موضوع إيفاد ثلاثة أفراد من عائلة واحد للدراسة خارج البلاد لم يخرجوا عن مربع الغنيمة».
وزاد الداهش من تساؤله في إدراج له، أمس: «لماذا ثلاثة من عائلة واحدة يحصلون على الدولار، والإقامة بعيداً عن انقطاعات الكهرباء، وشح السيولة، ونوبات فتح النار؟».
ورأى أن «الأسئلة عن الجدارة العلمية، والجدوى، والقيمة المضافة التي سيقدمها الموفد للاقتصاد الوطني غائبة تماماً»، متابعاً: «هذا لا يعني أن الإيفاد للدراسة بالخارج ليس غنيمة، وليس امتيازاً، وقد نسميه سياحة تعليمية».
وذهب إلى أن «المهم ليس إيفاد ثلاثة من عائلة؛ بل سياسة الإيفاد برمتها»، متحدثاً عن ضرورة وجود «مشروع وطني لإصلاح الدراسات العليا بالداخل».
ونوه الداهش إلى أن «ما ينفق على إيفاد ألف طالب يكفي نصفه لاستقدام أفضل الأساتذة والكفاءات الدولية لمؤسساتنا الجامعية، وفتح فروع للجامعات والأكاديميات العالمية في بلادنا، بالإضافة إلى استقدام أفضل الاستشاريين لمشافينا التعليمية».
غير أنه مع تصاعد حالة الجدل في البلاد، وتساؤل البعض عما إذا كانت هذه عملية إيفاد للخارج أم هجرة عائلية ممنهجة؟ سارع الدبيبة إلى إلغاء قرار القيب، وذلك خلال خطاب وجهه وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء بحكومة «الوحدة» عادل جمعة، للوزير.
ونوه الخطاب إلى أن تعليمات رئيس الوزراء تقضي «بإلغاء القرار رقم 346 لسنة 2022، بشأن إيفاد طلبة للدراسة بالخارج، نظراً للملاحظات الواردة بشأنه، ومخالفته اللائحة التنفيذية رقم 39 لسنة 2015 الخاصة بالقانون رقم 1 لسنة 2014، بشأن رعاية أسر الشهداء والمفقودين».
وحذرت «الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء والمفقودين والمبتورين» المواطنين والمتابعين للشأن العام، وطالبتهم بالابتعاد عن «الصفحات المشبوهة» التي قالت إنها «تنشر الفتن والإشاعات، وتصطاد في المياه العكرة، من أجل عرقلة الدولة ومؤسساتها».
وانتهت الهيئة إلى أن الدولة «تعمل من أجل خدمة المواطنين كافة، بقصد الوصول بليبيا إلى مصاف الدول المتقدمة، غير أن هذه الصفحات تنصب العداء (لثورة السابع عشر من فبراير «شباط»)، محاولة عرقلة الجهود المبذولة من أجل تنفيذ حقوق هذه الشريحة التي ضحت بالغالي والنفيس وبأرواح أبنائها، من أجل كرامة وحرية الليبيين».
وقبل نحو خمسة أشهر، منحت وزارة التعليم بالحكومة مهلة أخيرة لـ1936 موفداً للخارج، صدرت بحقهم قرارات فصل، لتقديم تظلمات تفيد بسبب عدم مباشرة أعمالهم.
وقالت الوزارة في حينه، إنها مددت فترة التواصل مع اللجنة المختصة، كفرصة أخيرة للتظلم، قبل إحالة أسمائهم لوزارة المالية وإلغاء الرقم المالي لهم.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

الجيش السوداني يتقدم على جبهات القتال في ولاية الجزيرة

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

الجيش السوداني يتقدم على جبهات القتال في ولاية الجزيرة

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

واصل الجيش السوداني، الخميس، تقدمه في المعارك الدائرة في ولاية الجزيرة وسط السودان، وسيطر على بلدة «الشبارقة»، بعد انسحاب «قوات الدعم السريع»، وفق مصادر محلية.

وكانت البلدة أحد أبرز أهداف الجيش في هذه الجبهة، لأنها تمكنه من الناحية العسكرية من التقدم نحو عاصمة الولاية، مدينة ود مدني.

وحقق الجيش السوداني تقدماً كبيراً في جنوب الجزيرة، يوم الأربعاء، حيث سيطر بالكامل على مدينة «الحاج عبد الله»، وعدد من القرى المجاورة لها، فيما تحدث شهود عيان عن توغله في أكثر من قرية قريبة من ود مدني باتجاه الجنوب.

عناصر من «الدعم السريع» في منطقة قريبة من الخرطوم (رويترز)

وقالت «لجان المقاومة الشبارقة»، وهي تنظيم شعبي محلي، «إن القوات المسلحة بسطت سيطرتها الكاملة على البلدة بعد معارك طاحنة».

وأفادت في بيان على موقع «فيسبوك»، بأن الطيران الحربي التابع للجيش «لعب دوراً كبيراً في إسناد الهجوم البري، بتنفيذ ضربات جوية على مواقع قوات الدعم السريع لمنعها من التقدم».

ووفقاً للجان، فقد «استولت القوات المسلحة على كميات من الأسلحة والذخائر كانت مخبأة داخل المنازل في البلدة».

وأظهر مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي، عناصر من قوات الجيش أمام لافتة على مدخل الشبارقة، فيما قالت مصادر أخرى، إن اشتباكات عنيفة سجلت بين قوات مشتركة من الميليشيات المسلحة المتحالفة مع الجيش ضد «قوات الدعم السريع» في الأجزاء الشرقية من بلدة «أم القرى» شرق الجزيرة، على بعد نحو 30 كيلومتراً من ود مدني.

وحسب المصادر، فإن القوات المهاجمة، تتقدمها ميليشيا «درع السودان» التي يقودها القائد المنشق عن «الدعم السريع» أبو عاقلة كيكل، فشلت في استعادة البلدة خلال المعارك الشرسة التي دارت الأربعاء.

وقال شهود عيان لــ«الشرق الأوسط»، إن المضادات الأرضية لقوات «الدعم السريع» تصدت لغارات جوية شنها الطيران الحربي للجيش على ارتكازاتها الرئيسية في وسط البلدة.

وتوجد قوات الجيش والفصائل التي تقاتل في صفوفه، على بعد عشرات الكيلومترات من مدينة ود مدني، لكن قوات «الدعم» لا تزال تنتشر بكثافة في كل المحاور المؤدية إلى عاصمة الولاية.

دورية لـ«الدعم السريع» في إحدى مناطق القتال بالسودان (رويترز)

ولم يصدر أي تصريح رسمي من «الدعم السريع»، التي يقودها محمد حمدان دقلو «حميدتي» بخصوص المعارك في ولاية الجزيرة التي جاءت بعد أشهر من التخطيط من قبل الجيش الذي شنّ هجوماً برياً يعد الأوسع والأعنف، وتمكن للمرة الأولى، من التوغل بعمق والسيطرة على عدد من المواقع التي كانت بقبضة «الدعم السريع».

ومنذ ديسمبر (كانون الأول) 2023، سيطرت قوات «الدعم» على 6 محليات في ولاية الجزيرة، ولم يتبق للجيش سوى محلية المناقل التي ما زالت تحت سيطرته، ويسعى عبر محورها لاستعادة الولاية كاملة.

ولكن رغم تقدم الجيش عسكرياً خلال الأشهر الماضية في وسط البلاد والخرطوم، لا تزال «الدعم السريع» تسيطر على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد ومناطق شاسعة في إقليم دارفور، إضافة إلى جزء كبير من كردفان في الجنوب... وفي حال فرض الجيش سيطرته الكاملة على ولاية الجزيرة، فإنه بذلك سيحاصر «الدعم» في العاصمة الخرطوم من الناحية الجنوبية.

واندلعت الحرب منذ أكثر من 21 شهراً، وأدت إلى مقتل أكثر من 188 ألف شخص، وفرار أكثر من 10 ملايين من منازلهم.