انقسام بين قضاة لبنان حول تحسين جزئي لرواتبهم لإنهاء إضرابهم

مبنى قصر العدل في بيروت (غيتي)
مبنى قصر العدل في بيروت (غيتي)
TT

انقسام بين قضاة لبنان حول تحسين جزئي لرواتبهم لإنهاء إضرابهم

مبنى قصر العدل في بيروت (غيتي)
مبنى قصر العدل في بيروت (غيتي)

تبدأ يوم غدٍ (الاثنين) السنة القضائية الجديدة في لبنان، على وقع استمرار إضراب القضاة الذي استكمل شهره الثاني، جرّاء الأزمات المالية والاجتماعية والصحية التي يعانيها القضاة، وغياب الحلول المستدامة، إلا أن باباً فُتِحَ أمام معالجة جزئية تؤدي إلى زيادة رواتب القضاة بشكلٍ ملحوظ، وتقود إلى إنهاء مرحلة الإضراب المفتوح، لكنّ هذه المحاولة تصطدم برفض قاطع من أغلبية القضاة، لا سيما «نادي قضاة لبنان»، الذي يعترض على اجتراح حلّ «يشكّل إهانة للقضاة بدل إنصافهم».
وإزاء الصرخة التي أطلقها نقيب المحامين في بيروت ناضر كسبار، وهدد فيها بعدم السكوت عن وقف مسار العدالة والإضرار بمصالح المحامين وموكليهم، وأمام مؤشرات التفلّت الأمني الذي بدأ يلوح بالأفق ويترجم إما بالاقتحامات المتكررة للمصارف، وإما بجرائم السرقة والسطو المسلّح التي تحصل في وضح النهار، أعلن مصدر قضائي بارز أن الأسبوع المقبل «سيشهد حلاً مؤقتاً لأزمة الاعتكاف، لا يرقى إلى مستوى طموحات القضاة ومطالبهم».
وكشف لـ«الشرق الأوسط»، أن «عشرات القضاة تلقوا اتصالات من وزارة العدل، تطلب منهم التوقيع على عريضة تناشد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة احتساب رواتب القضاة على سعر الصرف 8000 ليرة للدولار الواحد، بدلاً من سعر الـ1500 ليرة المعتمد حالياً، بما يؤدي إلى رفع قيمة الرواتب خمسة أضعاف»، معتبراً أن هذه المبادرة «تلقى قبولاً عند البعض ورفضاً قاطعاً عند الأكثرية، التي تطالب بمعالجة دائمة للأزمة».
وتسهم هذه المبادرة في رفع راتب القضاة خمسة أضعاف تقريباً، ذلك أن متوسط راتب القاضي يبلغ حالياً 6 ملايين ليرة، وبعدما كان يعادل أربعة آلاف دولار عندما كان سعر الصرف 1500 ليرة للدولار الواحد، بات يعادل 140 دولاراً حالياً بالنظر إلى أن سعر صرف الدولار وصل إلى 38 ألف ليرة. وهنا يجري احتساب الأربعة آلاف دولار على سعر 8000 ليرة للدولار، فيرتفع الراتب إلى 32 مليون ليرة لبنانية، أي بما يقارب الـ900 دولار على سعر الصرف المعتمد حالياً.
وتنقسم الآراء داخل الجسم القضائي، بين مَن يصرّ على الاستمرار في الاعتكاف، ومَن يرغب في كسر حدّته، والعودة إلى العمل جزئياً، وأشار المصدر القضائي إلى أن عدداً كبيراً من القضاة «يفضّلون العودة إلى العمل بالمناوبة لمدة يوم أو يومين في الأسبوع، لتسيير الملفّات الأساسية والملحّة؛ خصوصاً موضوع الموقوفين والدعاوى التي يخشى سقوطها بمرور الزمن»، مشيراً إلى أن «عشرات القضاة خفضوا السقف العالي لمطالبهم التي رفعوها عند إعلان الإضراب، وخلال الجمعية العمومية للقضاة التي انعقدت بحضور رئيس مجلس القضاء القاضي سهيل عبود؛ خصوصاً إذا ما أعيد النظر بواقع الرواتب المالي، وفي تحسين التقديمات الطبية والتربوية لهم ولأبنائهم»، لافتاً إلى «اعتبارات عدّة دفعتهم إلى تليين مواقفهم، منها التحسين الجزئي لأصول الرواتب وتقديمات صندوق تعاضد القضاة، ورفع نسبة تغطية الفاتورة الاستشفائية والدوائية، والتقديمات التعليمية لأبناء القضاة».
هذه المبادرة التي يرى فيها البعض مخرجاً من الأزمة، يقلل من الإحراج واللوم الذي يوجّه للقضاء، تلقى رفضاً قاطعاً من «نادي قضاة لبنان»، الذي يعتبر أن «دعوة القضاة إلى توقيع عريضة تناشد حاكم مصرف لبنان (رياض سلامة)، دفع رواتب القضاة على سعر صرف الـ8000 ليرة، هي إمعان في إذلال القضاة؛ خصوصاً أن غالبيتهم رفضوا هذا الطرح قبل شهرين، واعتبروه رشوة مالية من حاكم البنك المركزي، ومقايضة على ملفاته التي يلاحق فيها أمام القضاء».
وأعلن أحد أعضاء «نادي القضاة»، أن «هناك من يسوّق لفكّ الاعتكاف جزئياً أو كلياً». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «مطالب القضاة ليست مالية فحسب». وقال إن «مطلب القضاة بالدرجة الأولى يكمن في قانون استقلالية القضاء». وأشار إلى أن «العواقب الوخيمة لمنع استقلالية القضاء، تترجم اليوم في تعطيل مراسيم التشكيلات القضائية، وعرقلة التحقيق بملفّ انفجار مرفأ بيروت، والتدخلات السياسية الفاضحة في القرارات القضائية».
وأشار القاضي، الذي رفض ذكر اسمه، إلى أن «نادي القضاة ليس بوارد فكّ الاعتكاف ما لم يكن هناك حلّ مستدام للأزمة». وأضاف: «آلية دفع الرواتب على سعر الـ8000 ليرة رفضناها خلال شهر يوليو (تموز) الماضي لأنها غير قانونية، ونرفضها اليوم لنفس الأسباب، ولن نرضى بحلّ يشكل إهانة للقضاة». وسأل: «إذا حليّنا أزمة القضاة، ماذا نفعل بالمساعدين القضائيين؟ وهل يستطيع القاضي أن يستأنف عمله إذا بقي الموظف معتكفاً ولم يحصل على حقّه؟».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

طوفان من نار يستبق وقف النار

دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)
دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)
TT

طوفان من نار يستبق وقف النار

دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)
دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)

استبقت إسرائيل الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار بينها وبين «حزب الله» الذي يبدأ سريانه الرابعة فجر اليوم (الأربعاء) بتوقيت بيروت وتل أبيب (الثانية بتوقت غرينتش)، بـ«طوفان من نار»، إذ شنت أعنف غاراتها وهجماتها على معظم المناطق اللبنانية، خصوصاً العاصمة بيروت، وصولاً إلى الداخل السوري. ورد «حزب الله» من جانبه بعشرات الصواريخ باتجاه شمال إسرايل ووسطها.

وفيما أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أمس، موافقة إسرائيل ولبنان على بنود الاتفاق وأن بلاده «ستقدم الدعم لضمان تنفيذ وقف إطلاق النار في لبنان بالتعاون مع فرنسا»، علمت «الشرق الأوسط» أن اللجنة الخماسية التي تقودها الولايات المتحدة، وتضم أيضاً فرنسا، بالإضافة إلى لبنان وإسرائيل و«يونيفيل»، ستشرف على تنفيذ عمليات إخلاء «حزب الله» من مناطق الجنوب «على 3 مراحل، تتألف كل منها من 20 يوماً، على أن تبدأ الأولى من القطاع الغربي»، وأن الاتفاق حظي بموافقة الرئيس المتنخب دونالد ترامب. وحدد بايدن الرابعة بتوقيت بيروت وتل أبيب موعداً لبدء سريان الاتفاق.

وتلقى رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي اتصالا من بايدن تشاورا خلاله في الوضع الراهن وقرار وقف إطلاق النار.

وقبيل ساعات من عرض اتفاق وقف النار على مجلس حكومته مساء أمس، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إنه «سيرد بقوة على أي انتهاك». وأضاف، في خطاب تلفزيوني: «سننفذ الاتفاق ونردّ بقوة على أي انتهاك. وسنواصل العمل معاً حتى النصر». وتابع: «هناك 3 أسباب للسعي إلى وقف إطلاق النار، هي: التركيز على إيران، وتجديد إمدادات الأسلحة المستنفدة، مع منح الجيش قسطاً من الراحة، وأخيراً عزل حركة «حماس». وعاش اللبنانيون حالة من الرعب والخوف، أمس (الثلاثاء)، في يوم هو الأعنف منذ بدء التصعيد في 23 سبتمبر (أيلول) الماضي.

وامتدّت كرة النار الإسرائيلية إلى سوريا، حيث أفيد عن قصف طال جسوراً وطرقات في منطقة القصير بمحافظة حمص، حيث يعتقد أن «حزب الله» ينشط بشكل واسع.