تأكيدات تركية لاجتماع فيدان ومملوك في دمشق لبحث «الخطوط الحمر»

إردوغان يعلن صراحة أنه كان يتمنى لقاء الأسد وجهاً لوجه في «قمة شنغهاي»

الرؤساء التركي والروسي والكازاخي على هامش قمة «شنغهاي» في سمرقند (رويترز)
الرؤساء التركي والروسي والكازاخي على هامش قمة «شنغهاي» في سمرقند (رويترز)
TT

تأكيدات تركية لاجتماع فيدان ومملوك في دمشق لبحث «الخطوط الحمر»

الرؤساء التركي والروسي والكازاخي على هامش قمة «شنغهاي» في سمرقند (رويترز)
الرؤساء التركي والروسي والكازاخي على هامش قمة «شنغهاي» في سمرقند (رويترز)

كشفت مصادر صحافية قريبة من الحكومة التركية أن الرئيس رجب طيب إردوغان تمنى لو أن الرئيس السوري بشار الأسد شارك في قمة شنغهاي التي انطلقت، الجمعة، في سمرقند عاصمة أوزبكستان ليقابله وجهاً لوجه. وفي الوقت ذاته، كشفت مصادر عن لقاء بين رئيس المخابرات التركية هاكان فيدان ورئيس مكتب الأمن الوطني السوري علي مملوك بدمشق، في إطار الاتصالات الجارية لتطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق وإعادتها إلى مسارها الذي كانت عليه قبل عام 2011.
ونقل الكاتب في صحيفة «حرييت» المقرب من دوائر الحكم في أنقرة، عبد القادر سيلفي، عن إردوغان قوله إنه كان يتمنى لو كان الأسد قد جاء إلى أوزبكستان، «لكنت تحدثت معه. لكنه لا يستطيع الحضور إلى هناك».
وأضاف سيلفي في مقال أمس (الجمعة)، أن إردوغان ذكر، خلال اجتماع اللجنة التنفيذية لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم الذي عقد الاثنين الماضي، خلف الأبواب المغلقة، «ليته يأتي إلى أوزبكستان لكنت التقيت به وقلت كل هذا له وجهاً لوجه. ففي الماضي قلت له إذا واصلت هذا النهج فإن سوريا ستقسم، لكنه لم يأخذ تحذيراتنا على محمل الجد، ولم يحسب حساب دخول روسيا والولايات المتحدة إلى الأراضي السورية».
وتابع سيلفي قائلاً: «هذا هو إردوغان، وهذه الخاصية تجعله قائداً كبيراً، فكما قال الرئيس التركي الراحل سليمان ديميريل: إذا كنت لا تعرف كيف تصنع السلام، فلا تحارب... فتركيا لا تحارب سوريا، بل تكافح المنظمات الإرهابية في هذا البلد. لكنها في الوقت نفسه ليست صديقة للأسد أيضاً».
ولفت سيلفي إلى أنه سمع من وزير الخارجية التركي الأسبق أحمد داود أوغلو شخصياً، كيف عرض إردوغان على الأسد في بدايات الأزمة السورية، كل أنواع المساعدة للانتقال إلى الديمقراطية، وأن إردوغان وعد الأسد بدعم حملته الانتخابية بعد إجراء التغييرات المطلوبة لإحلال الديمقراطية في البلاد، وأبرزها إخلاء سبيل المعتقلين السياسيين ومنح الأكراد بطاقات الهوية الشخصية وأمور أخرى.
وأشار إلى أن أبرز تصريح أدلى به إردوغان، عقب لقائه الأخير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمدينة سوتشي الروسية في 5 أغسطس (آب) الماضي، هو أن «الرئيس الروسي يفضل إنهاء التهديدات التي تطال تركيا من الجانب السوري، من خلال التنسيق بين أنقرة ونظام بشار الأسد»، مضيفاً أنه «بعد تصريح إردوغان هذا، بدأت وسائل الإعلام تتساءل عما إذا كان إردوغان والأسد سيلتقيان وجهاً لوجه، حيث ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية (تسنيم)، أن بوتين دعا الأسد إلى قمة شنغهاي، وأفادت بأن إردوغان والأسد سيلتقيان في سمرقند. وهكذا تحولت الأنظار إلى سمرقند الأوزبكية التي تحتضن قمة شنغهاي».
وذكر سيلفي أن زيارة إردوغان إلى سمرقند ومشاركته في قمة شنغهاي التي انطلقت أمس (الجمعة)، كانت مدرجة على جدول أعمال اجتماع لحزب «العدالة والتنمية» الذي عقد الاثنين، وطُرح على وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو سؤال مفاده أن هناك أنباء عن لقاء إردوغان مع الأسد في سمرقند، فرد الوزير قائلاً: «الأسد لن يأتي إلى قمة شنغهاي. فهو غير مدعو لحضور القمة».
وأضاف: «لكن بعد إجابة جاويش أوغلو، تدخل الرئيس إردوغان وأدلى بتصريح تاريخي قال فيه: كنت أتمنى أن يأتي الأسد إلى أوزبكستان، لكنت التقيت به... لكن الأسد لا يستطيع أن يأتي إلى سمرقند، فبسببه سوريا الآن على حافة الانقسام... الأسد فضل الحفاظ على مقعده الرئاسي ولهذا حارب المعارضة، وفكر فقط في حماية المناطق التي يسيطر عليها، ولم يتمكن من حماية الأراضي السورية الكبيرة كلها».
في السياق ذاته، نقلت وكالة «رويترز» عن 4 مصادر، لم تحددها بالاسم، أن رئيس المخابرات التركية هاكان فيدان، عقد عدة اجتماعات مع رئيس مكتب الأمن الوطني السوري علي مملوك في دمشق خلال الأسابيع القليلة الماضية.
وذكرت الوكالة أن مصدراً إقليمياً مؤيداً لدمشق أكد أن فيدان ومملوك التقيا هذا الأسبوع في العاصمة السورية. كما أكد مسؤولون أتراك، والمصدر الإقليمي ذاته، أن هذه الاتصالات تعكس تحولاً في السياسة الروسية في وقت تعد فيه موسكو نفسها لصراع طويل الأمد بأوكرانيا، بينما تسعى لتأمين موقعها في سوريا، حيث تدعم قواتها رئيس النظام بشار الأسد منذ عام 2015.
وأضافت «رويترز» أنه وفقاً لمسؤول كبير ومصدر أمني تركيين، بحث مملوك وفيدان، الذي يعد أحد أبرز المقربين من إردوغان، خلال الاجتماعات الأخيرة احتمال عقد لقاء بين وزيري خارجية البلدين في نهاية المطاف.
وقال المسؤول التركي إن روسيا «تريد أن يتجاوز الطرفان خلافاتهما ويتوصلا لاتفاقيات محددة... تصب في مصلحة الجميع، بما في ذلك تركيا وسوريا. إلا أن أحد التحديات الكبيرة تكمن في رغبة أنقرة في إشراك الفصائل المسلحة المعارضة في أي محادثات مع دمشق».
وأشار المسؤول إلى أن موسكو سحبت تدريجياً بعض مواردها العسكرية من الأراضي السورية للتركيز على أوكرانيا، وطلبت من تركيا تطبيع العلاقات مع الأسد «لتسريع الحل السياسي».
بدوره، أكد المصدر المتحالف مع دمشق أن موسكو حثت النظام السوري على الدخول في محادثات مع أنقرة، في الوقت الذي تسعى فيه لتأمين موقفها وموقف الأسد إذا اضطرت لنقل قواتها إلى أوكرانيا.
وفي السياق، ذكر موقع «خبر 7» التركي أن المحادثات بين فيدان ومملوك بدأت تتكرر منذ فترة. وخلال الاجتماع الأخير الذي عقد في الأيام الماضية، ناقش الطرفان الخطوط الحمر للبلدين. وطالبت تركيا، على وجه الخصوص، النظام السوري باتخاذ خطوة جديدة نحو العودة الآمنة للسوريين إلى بلادهم واستعادة حقوقهم قبل الحرب وإعادة ممتلكاتهم.
وأضاف الموقع أن مشكلة الملكية تعد أولوية بالنسبة لتركيا، حيث صادر النظام السوري أملاك من غادروا سوريا بالقانون رقم 10 الذي صدر قبل أعوام. ونقل عن مصادر أمنية قولها إنه في الاجتماعات التي عقدت بين أجهزة المخابرات في تركيا وسوريا، تم التركيز بشكل أساسي على كيفية حل مشكلة الملكية، حتى يتمكن العائدون من الحفاظ على حياتهم.
وأكدت المصادر أن المحادثات بين الجانبين ستستمر، لكن الأمر سيستغرق وقتاً للحصول على نتيجة ملموسة من هذه المحادثات، وأنه من غير المتوقع عقد اجتماع على المستوى الوزاري أو على المستوى الرئاسي بين تركيا والنظام السوري في المستقبل القريب.
في الوقت ذاته، أكد عضو اللجنة التنفيذية لحزب «العدالة والتنمية» أورهان مير أوغلو، أن إردوغان مستعد للقاء الأسد، ولم يرفض فكرة اللقاء به.
وقال ميري أوغلو لوكالة «سبوتنيك» الروسية أمس (الجمعة)، إن «الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كانا يريدان حلاً من دون الأسد في سوريا، لكن تبين اليوم أنّ ذلك غير ممكن بسبب تغير الظروف... فالأسد وحزب البعث السوري حافظا على قوتهما في سوريا إلى حد ما على الرغم من الحرب والأزمة التي تواجهها البلاد... وأصبح واضحاً الآن أن فكرة فصل الأسد عن حزب البعث والتوصل إلى حل للأزمة في البلاد لم تعد صالحة نتيجة تغير الظروف».
وأكد المسؤول الحزبي التركي أن «أوساط الحكومة التركية، وفي مقدمتها الرئيس إردوغان ووزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، ترحب بتطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق وإجراء لقاءات مع الجانب السوري، ولا ترفض بشكل جذري هذه الفكرة».
وأشار إلى أنه «خلال اجتماع اللجنة التنفيذية لحزب العدالة والتنمية الاثنين الماضي، تم التوصل إلى قناعة تفضي إلى إمكانية لقائهما على هامش القمة في حال حضور الأسد».
وذهب مير أوغلو إلى أن «اللقاء بين حكومتي البلدين، أو مسؤولي البلدين بات أمراً لا مفر منه من أجل التوصل إلى حل في البلاد مهما كان شكل هذا الحل».
وعما إذا كان فيدان زار دمشق للقاء مملوك، قال مير أوغلو: «من المحتمل أن يكون قد التقى فيدان نظيره السوري مملوك، لأنّ أجهزة المخابرات تهيئ الأجواء لتحسين العلاقات المتأزمة بين البلدين... أعتقد أن فيدان التقى مملوك من أجل التمهيد لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بين أنقرة ودمشق، ويمكن اعتبار حملة فيدان هذه خطوة تمهيدية لاستئناف العلاقات الدبلوماسية، وهذا أمر طبيعي ولا مفر منه».
وشدد على أن «انسحاب الجيش التركي من الأراضي السورية أمر غير وارد حالياً في ظل وجود تهديد حزب العمال الكردستاني»، معتبراً أنّ «سبب وجود القوات التركية في سوريا هو حزب العمال الكردستاني، وتهديداته ومساعي أنقرة لحماية وحدتها الوطنية ووحدة أراضيها، فيما يسعى الحزب لتأسيس كيان في شمال سوريا، وهذا يهدد تركيا».
وتابع أن «مطالبة تركيا بسحب قواتها، وقطع دعمها عن المعارضة السورية المسلحة في ظل وجود قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يديرها حزب العمال الكردستاني، أمر لا يسهم في عملية الحوار وغير واقعي أبداً... الجيش التركي قد ينسحب من الأراضي السورية عند زوال التهديد، وذلك لن يتم إلا بالقضاء على حزب العمال الكردستاني».


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.