أنهى القضاء الجزائري تحقيقاً طويلاً فيما يعتبره الإعلام المحلي «أحد أكبر ملفات الفساد» في عهد الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، وهو يتعلق بصفقة شراء مصفاة مملوكة لعملاق المحروقات الأميركي «إكسون موبيل» عام 2018. وتوجه تهم فساد في هذه القضية إلى الرئيس السابق لشركة «سوناطراك» الجزائرية الحكومية عبد المؤمن ولد قدور، ورئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى، و3 مسؤولين من قطاع النفط. وينفي المتهمون تهم الفساد أو تبذير المال العام ويجادلون بأنهم حققوا منفعة اقتصادية للدولة الجزائرية أو أنهم تصرفوا بناءً على ما اتفقت عليه الحكومة السابقة.
ونشرت صحيفة «الوطن» الفرنكفونية الخاصة، بموقعها الإلكتروني، أن القضية ستحال «في القريب» على غرفة الاتهام بمحكمة الاستئناف بالعاصمة، لتتأكد من مدى سلامة الإجراءات القانونية المتبعة في الملف من طرف قاضي التحقيق بـ«القطب المالي المتخصص في محاربة الإرهاب»، بمحكمة العاصمة، الذي استجوب المتهمين والشهود، وتسلم نتائج تحريات طلبها القضاء الجزائري من سلطات إيطاليا التي توجد على أرضها (جزيرة صقلية) «مصفاة أوغستا».
يشار إلى أن الجزائر تسلمت ولد قدور من الإمارات العربية المتحدة، العام الماضي، بناءً على أمر دولي بالقبض عليه، فيما يقضي أويحيى عقوبات ثقيلة بالسجن بتهم الفساد.
ويوجد من بين المتهمين ثلاثة من أبرز كوادر «سوناطرك»، هم أحمد مزيغي مسؤول الأنشطة التجارية، وعبد الحميد رايس علي نائب مدير المنتجات البيتروكيماوية، وإبراهيم بوماوت نائب مدير التخطيط بالمجمع النفطي الحكومي. وتتضمن لائحة الاتهامات «غسل أموال، ومخالفة التشريعات في مجال الصفقات العمومية واستغلال النفوذ بغرض قضاء مصلحة خاصة، وسوء استغلال الوظيفة».
وقالت مصادر قضائية مطلعة على هذا الملف، لـ«الشرق الأوسط»، إن ولد قدور نفى بشكل قاطع تهمة الفساد أثناء التحقيق معه وخصوصاً تهمة «تبذير المال العام» في صفقة شراء المصفاة، مشيرة إلى أنه ظهر مقتنعاً بأنه «حقق منفعة اقتصادية كبيرة للجزائر بفضل هذه الصفقة».
وتم اتهام أويحيى على أساس أنه أعطى موافقته على شراء «المصفاة» من موقعه رئيساً للوزراء في 2018. ونقل عنه قوله لقاضي التحقيق إن المشروع وافق عليه رئيس الجمهورية بوتفليقة لما عُرض عليه، وصادق عليه في مجلس الوزراء، كما أن مجلس إدارة «سوناطراك»، أيّده بقوة، بحسب قوله.
وقد بلغت قيمة الصفقة 720 مليون دولار أميركي، وكان المسعى يومها تقليص فاتورة استيراد المواد النفطية المكررة من الخارج. وأثنى ولد قدور في الإعلام على «المشروع المربح»، على أساس أن «سوناطراك» التي كان يرأسها، ستجنب الخزينة العمومية إنفاق أموال طائلة على استيراد منتجات مشتقة من النفط، وذلك في زمن قصير.
لكن بعد عزل ولد قدور في 2019 اضطرت الشركة لاقتراض 250 مليون دولار، من بنوك أجنبية، لتصليح المصفاة التي كانت عاطلة كونها قديمة تعود إلى 70 سنة. وأثبت تحقيق أمني حول القضية أنه تم تضخيم مبلغ شراء «أوغستا» زيادة على تكاليف إضافية واختلاس أموال طال الصفقة.
ومن المفارقات، أكدت المجلة الفرنسية «جون أفريك»، في يوليو (تموز) الماضي، أن المصفاة «أثبتت أنها استثمار جيد للغاية، وهذا وفق تقدير مسؤولي سوناطراك»، مبرزة أنها حققت عام 2021 أرباحاً بقيمة 355 مليون دولار، أي نصف المبلغ الذي دفع فيها. ونقلت عن «خبير يشتغل لحساب الشركة النفطية الجزائرية»، أنها تستورد حالياً 600 مليون دولار من البنزين المصفى، مقابل 1.6 مليار دولار قبل بدء مصفاة «أوغستا» نشاط التكرير لحساب ملاكها الجدد، حسب المجلة المهتمة بالقضايا والأحداث في الجزائر.
ومن المؤكد أن دفاع المتهمين، سيستخدم هذه المعطيات، حول «نجاعة المصفاة من الناحية الاقتصادية»، أثناء المحاكمة، في محاولة لتفكيك وقائع الفساد التي تابعتهم بها النيابة، وبأن التهم لا تستند لأدلة تثبت تبذير المال العام في صفقة الشراء.
يشار إلى أن ولد قدور متهم بقضايا فساد أخرى، أبرزها التنازل عن بعض الحقول في مشروعات نفطية موجودة بصحراء الجزائر، لصالح شركات أجنبية، بينها شركة «ريبسول» الإسبانية و«توتال» الفرنسية.
الجزائر: أحد أكبر ملفات الفساد الموروثة عن عهد بوتفليقة أمام القضاء قريباً
أويحيى ورئيس «سوناطراك» ضمن المتهمين
الجزائر: أحد أكبر ملفات الفساد الموروثة عن عهد بوتفليقة أمام القضاء قريباً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة