واشنطن تطارد شبكات القرصنة الإيرانية

طهران دانت الاتهامات الأميركية ضد ثلاثة متورطين في هجمات إلكترونية

رود روزنشتاين، نائب المدعي العام الأميركي يعلن عقوبات على مجموعة إيرانية في مارس 2018 (أرشيفية-رويترز)
رود روزنشتاين، نائب المدعي العام الأميركي يعلن عقوبات على مجموعة إيرانية في مارس 2018 (أرشيفية-رويترز)
TT

واشنطن تطارد شبكات القرصنة الإيرانية

رود روزنشتاين، نائب المدعي العام الأميركي يعلن عقوبات على مجموعة إيرانية في مارس 2018 (أرشيفية-رويترز)
رود روزنشتاين، نائب المدعي العام الأميركي يعلن عقوبات على مجموعة إيرانية في مارس 2018 (أرشيفية-رويترز)

أعلنت واشنطن الأربعاء أنها رصدت مكافأة تبلغ 10 ملايين دولار لمن يرشدها إلى ثلاثة قراصنة إنترنت إيرانيين وجه إليهم القضاء الأميركي تهمة شن هجمات إلكترونية لتحصيل فدية مالية، مشيرة إلى أن هجماتهم استهدفت مئات الكيانات والشبكات المعلوماتية حول العالم، بما في ذلك شرکات الطاقة وملجأ لضحايا العنف المنزلي ومستشفى للأطفال.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن هذه المكافأة «تظهر تصميمنا على منع أي هجوم إلكتروني مقابل فدية مالية يستهدف بنيتنا التحتية».
والأسبوع الماضي، انتقد بلينكن إيران لتجاهلها «معايير السلوك المسؤول للدولة في زمن السلم والمتعلقة بالفضاء الإلكتروني».
وبموجب القرار الاتهامي الذي نشر الأربعاء، فإن منصور أحمدي (34 عاماً) وأحمد خطيبي أغدة (45 عاماً) وأمير حسين نيكآيين (30 عاماً) شنوا اعتباراً من أكتوبر (تشرين الأول) 2020 سلسلة هجمات إلكترونية استهدفت مئات الكيانات والضحايا وسرقة بيانات والمطالبة بدفع فدية لإعادة المعلومات في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل وروسيا، وكذلك أيضاً داخل إيران.
وأكدت وزارتا الخارجية والخزانة الأميركيتان أن المتهمين الثلاثة هم جزء من مجموعة من القراصنة «المرتبطين بالحرس الثوري» الإيراني، لكن مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» ذكر أن المتهمين الثلاثة «نفذوا عمليات قرصنة وسرقة معلوماتية وابتزاز، لتحقيق مكاسب شخصية في المقام الأول».

وأعلنت الوزارتان في بيانين منفصلين أنهما فرضتا عقوبات على المتهمين الثلاثة بالإضافة إلى سبعة إيرانيين آخرين وشركتين إيرانيتين.
يعتقد أن المتسللين الثلاثة المتهمين موجودون في إيران ولم يتم القبض عليهم، لكن مسؤولاً في وزارة العدل قال الأربعاء إن التهم تجعل من «المستحيل» عليهم مغادرة البلاد.
كان المتسللون المقيمون في إيران محط تركيز من المحققين الأميركيين خلال العام الماضي، حيث أحبط مكتب التحقيقات الفيدرالي هجوماً إلكترونياً مخططاً على مستشفى للأطفال في بوسطن كان وراءه قراصنة تابعون للحكومة الإيرانية.
وفي كل مرة، كان هؤلاء القراصنة يستغلون عيوباً في النظام لتشفير بيانات ضحاياهم ومطالبة هؤلاء بدفع آلاف الدولارات مقابل تزويدهم بمفتاح فك التشفير.
وبعض ضحاياهم وافق على دفع الفدية المالية، ومن هؤلاء ملجأ للنساء المعنفات في ولاية بنسلفانيا وقد دفع 13 ألف دولار لاستعادة بياناته ومنع الكشف عنها.
وقال كريستوفر راي مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي في بيان مصاحب للائحة الاتهام تم الكشف عنه يوم الأربعاء «التهديد السيبراني الذي يواجه أمتنا يزداد خطورة وتعقيداً كل يوم. يوضح إعلان اليوم أن التهديد محلي وعالمي. إنها واحدة لا يمكننا تجاهلها ولا يمكننا محاربتها بمفردنا أيضاً».
وأكد راي أن الـ«إف بي آي» نشر تنبيهاً حول «الخطر الأوسع الذي يشكله الناشطون السيبرانيون المرتبطون بالدولة الإيرانية»، مشيراً إلى أن هذا التنبيه تبنته أيضاً كل من كندا وأستراليا وبريطانيا.
قال جون هولتكويست، نائب رئيس استخبارات التهديدات في شركة الأمن السيبراني مانديانت، إن فريقه يتتبع الجهات الفاعلة الإيرانية «الحرس الثوري» كان وراء عمليات القرصنة الإجرامية. وقال إنهم «خطرون بشكل خاص لأن أي وصول يحصلون عليه يمكن خدمته لأغراض التجسس أو التخريب» حسبما أوردت وكالة «أسوشييتد برس».
وقطعت حكومة ألبانيا مؤخراً العلاقات مع طهران واتهمتها بالوقوف خلف حملة قرصنة إلكترونية واسعة النطاق استهدفت أولاً بنيتها التحتية الرقمية ثم أجهزتها الأمنية.
وقال ساهر نعمان، محلل استخبارات التهديدات الرئيسي في «بي أ إي سيستمز»، التي تتعقب عمليات القرصنة عن كثب أن «الشركات غالباً ما تكون شركات واجهة لوكالات الاستخبارات، حيث يشارك الأفراد بشكل مباشر في العمليات أو يمكن أن يكونوا على الهامش في أدوار داعمة مثل أكاديميات التدريب».

إدانة إيرانية

وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية الخميس أن إيران دانت إيران اتهامات أميركية «واهية» لثلاثة من مواطنيها بتنفيذ هجمات إلكترونية في الولايات المتحدة ودول أخرى.
وأعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية ناصر كنعاني في بيان عن إدانته «بشدة قيام أميركا بإعلان عقوبات على بعض المواطنين والشركات الأميركية بتهمة التورط الواهية في هجمات إلكترونية (...) ونسب الإجراءات المزعومة ضدهم للحكومة والمؤسسات في الجمهورية الإسلامية الإيرانية».
ورأى كنعاني أن «اللجوء إلى إطلاق حملة دعاية كاذبة ونشر معلومات خاطئة ضد الجمهورية الإسلامية (...) هو جزء من سياسة الإيرانفوبيا للحكومة الأميركية، والتي لن تؤدي» لنتيجة.
وانتقد كنعاني «الصمت» الأميركي «تجاه العديد من الهجمات الإلكترونية على البنية التحتية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، حتى ضد المنشآت النووية السلمية، بل دعمت بشكل مباشر أو غير مباشر هذه الهجمات». واعتبر أن ذلك يجعل واشنطن «تفتقر إلى أي أهلية في اتهام الآخرين».
شكلت إيران في الأعوام الماضية هدفا لمحاولات هجمات معلوماتية. وتعود إحدى أبرز الهجمات الإلكترونية التي أصابت إيران إلى سبتمبر (أيلول) 2010، حين ضرب فيروس «ستاكسنت» منشآت مرتبطة ببرنامجها النووي، في عملية اتهمت إيران الولايات المتحدة وإسرائيل بالضلوع فيها.
ومنذ ذلك الهجوم، تتبادل إيران من جهة، والحليفتان الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى، الاتهامات بتنفيذ هجمات إلكترونية متبادلة.

على اللائحة السوداء

- شركة «هوشمند فاطر للتكنولوجيا الذكية»، التي تتخذ من بلدة رجائي شهر بمدينة كرج غرب طهران مقراً لها، وهي شركة «ذات مسؤولية محدودة» بحسب بيانات المتاحة على شبكة الأنترنت.
- شركة ««أفكار سيستم يزد» وهي شركة مساهمة محدودة تتخذ من مدينة يزد مقراً لها. ويعود تاريخ إنشائها إلى 30 يونيو (حزيران) 2007 وتنشط في مجال تكنولوجيا المعلومات وأنشطة الخدمات الأخرى.

أزمة دبلوماسية

تأتي حزمة العقوبات الجديدة بعد أقل من أسبوع على عقوبات فرضتها وزارة الخزانة الأميركية على وزارة الاستخبارات الإيرانية ووزيرها إسماعيل خطيب على خلفية الهجمات التي وقعت في يوليو (تموز) على ألبانيا، والضلوع في أنشطة اختراق إلكتروني عبر الأنترنت ضد الولايات المتحدة.
وجاءت الخطوة بعد أن قطعت ألبانيا العلاقات الدبلوماسية مع إيران إثر هجوم إلكتروني في يوليو (تموز) ألقت بمسؤوليته على إيران، وأمرت الدبلوماسيين الإيرانيين وموظفي السفارة بالمغادرة خلال 24 ساعة.
وقال برايان نيلسون وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والمخابرات المالية في البيان «لن نتسامح مع الأنشطة السيبرانية العدوانية المتزايدة لإيران».
وأفادت شركة مايكروسوفت، التي حقق فريقها البحثي في مجال الأمن الإلكتروني في الواقعة، بأن العملية الإلكترونية الإيرانية تضمنت مجموعة من تقنيات التجسس الرقمي والبرمجيات الخبيثة لمسح البيانات. ووفقاً للباحثين، فقد كان هدف المهاجمين هو إحراج مسؤولي الحكومة الألبانية.

عقوبات سابقة

في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، أعلنت الولايات المتحدة عن مكافئة مالية تبلغ 10 ملايين دولار لاعتقال اثنين من المتسللين الإيرانيين، لإطلاق حملة تضليل إلكترونية للتدخل في الانتخابات الأميركية وإضعاف ثقة الناخبين بالعملية الانتخابية. وشملت تلك العقوبات ستة إيرانيين وكيانا واحداً لمحاولة التأثير على الانتخابات الأميركية.
في مارس (آذار) 2018، فرضت إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب عقوبات على شركة «مبنا» للبرمجة الإلكترونية، على خليفة عمليات قرصنة لحساب السلطات الإيرانية، استهدفت أكثر من ثمانية آلاف أستاذ جامعي في 144 جامعة أميركية بالإضافة إلى هيئات حكومية و36 شركة أميركية و11 شركة أخرى خارج الولايات المتحدة.
وعلى مستوى العام استهدف القراصنة الإيرانيون في تلك الهجمات أكثر من 100 ألف أستاذ جامعي في أنحاء العالم، و176 جامعة أجنبية.
في مارس 2016، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على سبعة متسللين، لقيامهم بحملة منسقة من الهجمات الإلكترونية بين عامي 2011 و2013 واستهدفت 46 مؤسسة مالية وشركات مالية كبرى أميركية وسد في نيويورك.


مقالات ذات صلة

الكونغرس الأميركي يُحقّق في «أخلاقيات» المحكمة العليا

الولايات المتحدة​ الكونغرس الأميركي يُحقّق في «أخلاقيات» المحكمة العليا

الكونغرس الأميركي يُحقّق في «أخلاقيات» المحكمة العليا

تواجه المحكمة العليا للولايات المتحدة، التي كانت تعدّ واحدة من أكثر المؤسّسات احتراماً في البلاد، جدلاً كبيراً يرتبط بشكل خاص بأخلاقيات قضاتها التي سينظر فيها مجلس الشيوخ اليوم الثلاثاء. وتدور جلسة الاستماع، في الوقت الذي وصلت فيه شعبية المحكمة العليا، ذات الغالبية المحافظة، إلى أدنى مستوياتها، إذ يرى 58 في المائة من الأميركيين أنّها تؤدي وظيفتها بشكل سيئ. ونظّمت اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ، التي يسيطر عليها الديمقراطيون، جلسة الاستماع هذه، بعد جدل طال قاضيين محافظَين، قبِل أحدهما وهو كلارنس توماس هبة من رجل أعمال. ورفض رئيس المحكمة العليا جون روبرتس، المحافظ أيضاً، الإدلاء بشهادته أمام الك

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الجمود السياسي بين البيت الأبيض والكونغرس يثير ذعر الأسواق المالية

الجمود السياسي بين البيت الأبيض والكونغرس يثير ذعر الأسواق المالية

أعلن رئيس مجلس النواب الأميركي كيفين مكارثي قبول دعوة الرئيس جو بايدن للاجتماع (الثلاثاء) المقبل، لمناقشة سقف الدين الأميركي قبل وقوع كارثة اقتصادية وعجز الحكومة الأميركية عن سداد ديونها بحلول بداية يونيو (حزيران) المقبل. وسيكون اللقاء بين بايدن ومكارثي في التاسع من مايو (أيار) الجاري هو الأول منذ اجتماع فبراير (شباط) الماضي الذي بحث فيه الرجلان سقف الدين دون التوصل إلى توافق. ودعا بايدن إلى لقاء الأسبوع المقبل مع كل من زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر (ديمقراطي من نيويورك)، وزعيم الأقلية في مجلس النواب ميتش ماكونيل (جمهوري من كنتاكي)، وزعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز (ديمقراطي م

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ شاهد.... مراهق أميركي ينقذ حافلة مدرسية بعد فقدان سائقها الوعي

شاهد.... مراهق أميركي ينقذ حافلة مدرسية بعد فقدان سائقها الوعي

تمكّن تلميذ أميركي يبلغ 13 سنة من إيقاف حافلة مدرسية تقل عشرات التلاميذ بعدما فقد سائقها وعيه. وحصلت الواقعة الأربعاء في ولاية ميشيغان الشمالية، عندما نهض مراهق يدعى ديلون ريفز من مقعده وسيطر على مقود الحافلة بعدما لاحظ أنّ السائق قد أغمي عليه. وتمكّن التلميذ من إيقاف السيارة في منتصف الطريق باستخدامه فرامل اليد، على ما أفاد المسؤول عن المدارس الرسمية في المنطقة روبرت ليفرنوا. وكانت الحافلة تقل نحو 70 تلميذاً من مدرسة «لويس أي كارتر ميدل سكول» في بلدة وارين عندما فقد السائق وعيه، على ما ظهر في مقطع فيديو نشرته السلطات.

يوميات الشرق أول علاج بنبضات الكهرباء لمرضى السكري

أول علاج بنبضات الكهرباء لمرضى السكري

كشفت دراسة أجريت على البشر، ستعرض خلال أسبوع أمراض الجهاز الهضمي بأميركا، خلال الفترة من 6 إلى 9 مايو (أيار) المقبل، عن إمكانية السيطرة على مرض السكري من النوع الثاني، من خلال علاج يعتمد على النبضات الكهربائية سيعلن عنه للمرة الأولى. وتستخدم هذه الطريقة العلاجية، التي نفذها المركز الطبي بجامعة أمستردام بهولندا، المنظار لإرسال نبضات كهربائية مضبوطة، بهدف إحداث تغييرات في بطانة الجزء الأول من الأمعاء الدقيقة لمرضى السكري من النوع الثاني، وهو ما يساعد على التوقف عن تناول الإنسولين، والاستمرار في التحكم بنسبة السكر في الدم. وتقول سيلين بوش، الباحثة الرئيسية بالدراسة، في تقرير نشره الجمعة الموقع ال

حازم بدر (القاهرة)
آسيا شويغو: روسيا تعزز قواعدها في آسيا الوسطى لمواجهة أميركا

شويغو: روسيا تعزز قواعدها في آسيا الوسطى لمواجهة أميركا

نقلت وكالة الإعلام الروسية الحكومية عن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قوله، اليوم (الجمعة)، إن موسكو تعزز الجاهزية القتالية في قواعدها العسكرية بآسيا الوسطى لمواجهة ما قال إنها جهود أميركية لتعزيز حضورها في المنطقة. وحسب وكالة «رويترز» للأنباء، تملك موسكو قواعد عسكرية في قرغيزستان وطاجيكستان، لكن الوكالة نقلت عن شويغو قوله إن الولايات المتحدة وحلفاءها يحاولون إرساء بنية تحتية عسكرية في أنحاء المنطقة، وذلك خلال حديثه في اجتماع لوزراء دفاع «منظمة شنغهاي للتعاون» المقام في الهند. وقال شويغو: «تحاول الولايات المتحدة وحلفاؤها، بذريعة المساعدة في مكافحة الإرهاب، استعادة حضورها العسكري في آسيا الوسطى

«الشرق الأوسط» (موسكو)

قائد الجيش الإسرائيلي يأمر بالتأهب لمواجهة «هجوم إيراني محتمل»

صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025
صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025
TT

قائد الجيش الإسرائيلي يأمر بالتأهب لمواجهة «هجوم إيراني محتمل»

صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025
صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025

قرر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، رفع مستوى التأهب لمواجهة أي هجوم إيراني مباغت، على الرغم من أن التقديرات تشير إلى «احتمالات ضعيفة للغاية».

وأوضحت مصادر أمنية مقربة منه أن التصريحات المتداولة في واشنطن وتل أبيب بشأن تصاعد التوتر واحتمالية شن هجوم أميركي على طهران لا تعكس بالضرورة قراراً وشيكاً.

وأضافت المصادر أن الرئيس جو بايدن وفريقه للأمن القومي ناقشوا مختلف الخيارات والسيناريوهات، بما في ذلك مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، لكن الرئيس لم يتخذ حتى الآن قراراً نهائياً بهذا الشأن.

وأفادت المصادر بأن بعض القوى في الجهاز الأمني الإسرائيلي ترى أن التغيرات الاستراتيجية في الشرق الأوسط، عقب الضربات التي تلقتها إيران و«حزب الله» اللبناني و«حماس»، التي بلغت ذروتها بانهيار نظام بشار الأسد في سوريا، قد تدفع إيران لاتخاذ إجراءات انتقامية متطرفة ضد إسرائيل.

ومع ذلك، تؤكد التقديرات السائدة بين القيادات الأمنية في تل أبيب أن هذا الاحتمال لا يزال ضعيفاً للغاية. لكن، حرصاً على عدم وقوع مفاجآت، أصدر هيرتسي هليفي توجيهات باتخاذ تدابير احترازية صارمة، بما في ذلك رفع جاهزية سلاح الجو وقوات الدفاع الجوي للتعامل مع أي تطورات محتملة.

تحديات طهران

ويرى المؤيدون لاحتمالية قيام إيران بشن هجوم على إسرائيل في الوقت الراهن أن تدهور الأوضاع الداخلية في طهران يشكل دافعاً لمثل هذا التحرك. ويتجلى هذا التدهور في الانهيار الحاد لقيمة الريال الإيراني، وتصاعد الانتقادات للمسؤولين، وعودة بوادر الاحتجاجات الشعبية، بالإضافة إلى مشكلات التلوث وانقطاع التيار الكهربائي، والضغوط الأميركية المتزايدة. ومن المرجح أن تتفاقم هذه التحديات مع دخول الرئيس الجديد، دونالد ترمب، إلى البيت الأبيض، مما يضع حكام إيران أمام تحديات إضافية.

ووفقاً لما نقله موقع «واللا» العبري، فإن ترمب، المعروف بسياساته غير المتوقعة، قد يتخذ خطوات مفاجئة من شأنها خلخلة التوازنات القائمة في المنطقة. وفي السياق ذاته، تناولت صحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية، الأحد، هذا الموضوع، مشيرةً إلى أن هذه التحولات تصب في مصلحة إسرائيل، نظراً لدعم ترمب المطلق لها ورفضه القاطع السماح لإيران بتطوير قدراتها النووية.

في هذا السياق، أفادت مصادر أمنية في تل أبيب بوجود «قلق واضح» في إسرائيل والولايات المتحدة من احتمال أن تقدم طهران على اتخاذ «خطوة متطرفة»، رداً على الضربات التي تلقتها أو قد تتلقاها مستقبلاً، تتمثل في التوجه نحو تطوير تسلح نووي بوتيرة متسارعة. وترى تل أبيب وواشنطن أن من واجبهما التدخل بالقوة لمنع هذا السيناريو.

صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش هيرتسي هليفي أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025

خيارات العمل العسكري

وفي تقرير نشره مراسل «أكسيوس» في تل أبيب، باراك رافيد، أشار إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن ناقش مع مستشاريه احتمالية شن هجوم أميركي على المنشآت النووية الإيرانية. وأوضح التقرير أن هذا الخيار سيصبح وارداً في حال توافرت معلومات تفيد بأن طهران بدأت بتحقيق تقدم سريع في تطوير أسلحة نووية، وذلك قبل تسلم الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، مهامه الرسمية في البيت الأبيض في العشرين من الشهر الحالي.

وجاء في تقرير موقع «واللا» الإلكتروني، الخميس الماضي، أن مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، جيك سوليفان، عرض على بايدن «قبل بضعة أسابيع» خيارات لشن عمل عسكري أميركي ضد المنشآت النووية الإيرانية، وذلك في حال تسارع النظام في طهران نحو تطوير أسلحة نووية قبل نهاية ولاية بايدن في 20 من الشهر الحالي، وفقاً لما نقل عن ثلاثة مصادر مطلعة.

وأشار التقرير إلى أن توجيه ضربة أميركية ضد البرنامج النووي الإيراني خلال فترة يعد فيها بايدن «بطة عرجاء» سيكون بمثابة مقامرة كبرى. فمن جهة، أكد الرئيس الأميركي التزامه بمنع إيران من تطوير أسلحة نووية، لكن من جهة أخرى، فإن تنفيذ هجوم كهذا قد ينطوي على خطر نقل أزمة إقليمية أكبر في الشرق الأوسط إلى خليفته، دونالد ترمب.

وذكرت المصادر أن «بايدن وفريقه للأمن القومي ناقشوا خلال الاجتماع مختلف الخيارات والسيناريوهات، لكن الرئيس لم يتخذ قراراً نهائياً». وأضافت أن بعض مساعدي بايدن، ومن بينهم سوليفان، «يرون أن تآكل أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية والقدرات الصاروخية، إلى جانب الضعف الكبير لوكلاء إيران في المنطقة، قد يعزز فرص توجيه ضربة ناجحة ضد المنشآت النووية، مع تقليل مخاطر الانتقام الإيراني والتصعيد الإقليمي».

وقال الدبلوماسي السابق، داني زاكن، إن «ترمب، يبدو مصمماً على استعادة مكانة الولايات المتحدة كأكبر قوة عالمية. لا يبدو هذا التقدير بعيداً عن الواقع، حيث من المتوقع أن تكون ولايته هذه مختلفة تماماً عن (الولايات العادية) التي شهدتها إدارة الرؤساء الديمقراطيين ومعظم الجمهوريين، وأن التغييرات ستتم بسرعة أكبر وبعظمة أكبر من تلك التي حدثت في ولايته السابقة». وأضاف: «استناداً إلى محادثات أجريتها مع مسؤولين سابقين وآخرين في الإدارة المقبلة، ومع موظف كبير في البنتاغون، إضافة إلى مصدر سياسي إسرائيلي مطلع على الاتصالات مع كبار مسؤولي الإدارة الجديدة، تبدو الأمور أكثر من إيجابية لإسرائيل، ولديها طابع عملي للغاية».

وفيما يتعلق بإيران وإمكانية شن هجوم ضدها، قال زاكن إن هناك نيةً من الإدارة الجديدة لتوسيع وتطبيق العقوبات على صادرات النفط الإيراني إلى الصين، وهو المصدر الأساسي لتمويل النظام في طهران. ومع ذلك، من المحتمل أن يفضل ترمب خوض مفاوضات مع النظام الإيراني على أساس التهديد، بهدف التوصل إلى اتفاق يجبره على التنازل الكامل عن برنامجه النووي تقريباً.

وأضاف: «ترمب ليس من محبي الحروب، بل هو محب للصفقات الكبيرة، ومصمم على تنفيذها بسرعة». وذكر أيضاً: «ترمب يسعى لصفقة كبرى، شاملة، تقوم على أساس (صفقة القرن) من جوانب اقتصادية وأمنية. الرئيس الحالي ليس دونالد ترمب 2017، بل أصبح أكثر نضجاً بكثير، ويعرف خفايا الإدارة. على مدار سنوات إدارة بايدن، تابع عن كثب القضايا المركزية، خصوصاً القضايا الخارجية. وإذا كان قد احتاج إلى عامين في ولايته السابقة لتنفيذ التغييرات الكبرى في الشرق الأوسط، فسيتم ذلك الآن في بداية ولايته».

وحسب مصدر آخر نقلته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن ترمب يسعى إلى اتفاق مع إيران، لكنه يعتمد على إسرائيل للضغط العسكري على طهران، بهدف تسريع تراجعها عن مطالبها السابقة والتوجه نحو اتفاق نووي يرضي جميع الأطراف.