أوروبا لتسقيف «الأرباح القياسية» لشركات الطاقة مع إجراءات لخفض الطلب

تسعى أوروبا إلى إصلاحات عميقة في سوق الكهرباء (رويترز)
تسعى أوروبا إلى إصلاحات عميقة في سوق الكهرباء (رويترز)
TT

أوروبا لتسقيف «الأرباح القياسية» لشركات الطاقة مع إجراءات لخفض الطلب

تسعى أوروبا إلى إصلاحات عميقة في سوق الكهرباء (رويترز)
تسعى أوروبا إلى إصلاحات عميقة في سوق الكهرباء (رويترز)

اقترحت المفوضية الأوروبية مجموعة من الإجراءات التي ترى أن من شأنها التخفيف من حدة أزمة الطاقة التي تمر بها دول الاتحاد الأوروبي حاليا، بالتزامن مع معدلات تضخم قياسية. تمثلت أبرز الاقتراحات في وضع سقف على «الأرباح القياسية» للشركات التي تنتج كهرباء بتكاليف منخفضة - بدلا من الغاز باهظ الثمن، بالإضافة إلى إجراءات لخفض الطلب.
وأكدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أمام البرلمان الأوروبي أمس، أن الاتحاد الأوروبي سيجري «إصلاحاً كاملاً وعميقاً» لسوق الكهرباء لمواجهة الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة. وخصصت فون دير لاين قسما كبيرا من خطابها الذي استمر حوالي ساعة، لمسألة ارتفاع أسعار الطاقة إثر الغزو الروسي لأوكرانيا، في وقت يهدد بتضخم متزايد باقتصاد القارة.
وقالت: «التصميم الحالي لسوق الكهرباء لم يعد ينصف المستهلكين الذين يجب أن يجنوا فوائد الطاقات المتجددة المنخفضة الكلفة. لذلك يجب علينا فصل أسعار الكهرباء عن تأثير الغاز الذي يهيمن عليها».
وذكرت أورسولا فون دير لاين أن التكتل ربما يجمع أكثر من 140 مليار يورو (140 مليار دولار)، للتخفيف من آثار تكلفة المعيشة للمستهلكين، من خلال وضع سقف للإيرادات من منتجي الطاقة منخفضة التكلفة. وقالت: «في اقتصاد السوق الاجتماعي لدينا، الأرباح جيدة. لكن في هذه الأوقات، من الخطأ الحصول على أرباح قياسية بشكل استثنائي، تستفيد من الحرب وعلى حساب المستهلكين».
ومن المقرر أن يجتمع وزراء الطاقة مجددا في 30 سبتمبر (أيلول) للبت في الخطة الطارئة التي طرحتها المفوضية وتثير بعض التدابير الواردة فيها منذ الآن انقسامات بين الدول الـ27 التي تسجل أوضاعا متباينة جدا على صعيد الطاقة.
وهذا ثالث خطاب من نوعه تلقيه رئيسة المفوضية منذ تولي مهامها، غير أن الظروف هذه المرة مختلفة تماما عن العام الماضي حين كان موقفها معززا بالإدارة الموحدة لأزمة (كوفيد - 19).
وإلى الدعم لأوكرانيا والتعامل مع أسعار الطاقة، أعلنت فون دير لاين كذلك إنشاء بنك عام مخصص للهيدروجين، بإمكانه استثمار ثلاثة مليارات دولار «لبناء سوق المستقبل» لهذه الطاقة المزدهرة. وتعهدت بتشكيل «احتياطات استراتيجية» لتفادي انقطاع الإمدادات بالمواد الأولية «الحيوية» للقطاع الصناعي، ولا سيما المعادن النادرة والليثيوم، وهي مواد تسيطر الصين على العرض العالمي عليها.
وفي أثناء كلمتها، لوحت نائبة أوروبية فرنسية تدعى مانون أوبري تنتمي إلى اليسار الراديكالي، في البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ بفواتير كهرباء أفراد عاديين أمام رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين التي ردت عليها بالقول: «أرسليها إلى موسكو».
ويرى وزير المالية الفرنسي، أن صافي تكلفة سقوف أسعار الطاقة في فرنسا في ميزانية 2023 ستبلغ 16 مليار يورو (15.99 مليار دولار). وأبلغ برونو لومير مؤتمرا صحافيا أمس: «هذه هي التكلفة الصافية».
ويجري الاتحاد الأوروبي مباحثات مع النرويج ضمن جهوده لخفض سعر الغاز والحد من الضرر الاقتصادي الناجم عن فقدان إمدادات الغاز الروسية.
وأشارت رئيسة المفوضية الأوروبية أمام البرلمان الأوروبي إلى اتفاق «مع رئيس الوزراء يوناس جار ستور على تشكيل قوة عمل. وقد بدأت الفرق في العمل بالفعل».
ولم يتضح مدى استعداد النرويج، غير العضوة بالاتحاد الأوروبي، لخفض الأسعار لمساعدة الاتحاد. ورغم تصريح رئيس الوزراء ستور يوم الثلاثاء أنه من مصلحة النرويج أن تكون هناك أسعار أكثر استقرارا وانخفاضا، فإنه أشار إلى أن وضع سقف أوروبي للسعر سوف يكون فكرة سيئة من شأنها أن تؤدي لتذبذب الإمدادات.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

الاقتصاد «الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

للمرة العاشرة منذ مارس (آذار) العام الماضي، اتجه البنك الاتحادي الفيدرالي الأميركي إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة أساس، يوم الأربعاء، في محاولة جديدة لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، التي يصارع الاتحادي الفيدرالي لخفضها إلى 2 في المائة دون نجاح ملحوظ. وأعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع سعر الفائدة الرئيسي 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.00 و5.25 في المائة، لتستمر بذلك زيادات أسعار الفائدة منذ مارس 2022 وهي الأكثر تشدداً منذ 40 عاماً، في وقت يثير المحللون الاقتصاديون تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيادة ستكون آخر مرة يقوم فيها الاتحادي الفيدرالي برفع الفائدة، أم أن هناك مزيداً من الخطوات خلال الفت

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

لا تتوقف تداعيات الحرب التجارية الدائرة منذ سنوات بين الولايات المتحدة والصين عند حدود الدولتين، وإنما تؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، وكذلك على جهود حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي. وفي هذا السياق يقول الكاتب الأميركي مارك غونغلوف في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إن فرض رسوم جمركية باهظة على واردات معدات الطاقة الشمسية - في الوقت الذي يسعى فيه العالم لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ومكافحة تضخم أسعار المستهلك وتجنب الركود الاقتصادي - أشبه بمن يخوض سباق العدو في دورة الألعاب الأوليمبية، ويربط في قدميه ثقلا يزن 20 رطلا. وفي أفضل الأحوال يمكن القول إن هذه الرسوم غير مثمرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الدولار يتراجع  في «ساعات الترقب»

الدولار يتراجع في «ساعات الترقب»

هبط الدولار يوم الأربعاء بعد بيانات أظهرت تراجع الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة، فيما ترقبت الأنظار على مدار اليوم قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي صدر في وقت لاحق أمس بشأن أسعار الفائدة. وأظهرت بيانات مساء الثلاثاء انخفاض الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي خلال مارس (آذار)، وسجلت معدلات الاستغناء عن الموظفين أعلى مستوياتها في أكثر من عامين، ما يعني تباطؤ سوق العمل، وهو ما قد يساعد الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي  أقل من 70 دولاراً للبرميل

النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي أقل من 70 دولاراً للبرميل

واصلت أسعار النفط تراجعها خلال تعاملات أمس الأربعاء، بعد هبوطها بنحو 5 في المائة في الجلسة السابقة إلى أدنى مستوى في خمسة أسابيع، فيما يترقب المستثمرون المزيد من قرارات رفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد 2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

أظهر تحليل أجرته منظمات دولية تشمل الاتحاد الأوروبي ووكالات الأمم المتحدة المختلفة أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يشهدون أوضاعا تتسم بانعدام الأمن الغذائي ارتفع في مختلف أنحاء العالم في 2022. وتوصل التقرير الذي صدر يوم الأربعاء، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن أكثر من ربع مليار شخص عانوا من جوع شديد أو من مجاعات كارثية العام الماضي.

أحمد الغمراوي (القاهرة)

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
TT

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، المهندس صالح الجاسر، عن تحقيق الموانئ تقدماً كبيراً بإضافة 231.7 نقطة في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية، وفق تقرير «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)» لعام 2024، إلى جانب إدخال 30 خطاً بحرياً جديداً للشحن.

كما كشف عن توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية باستثمارات تتجاوز 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار).

جاء حديث المهندس الجاسر خلال افتتاح النسخة السادسة من «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»، في الرياض، الذي يهدف إلى تعزيز التكامل بين أنماط النقل ورفع كفاءة الخدمات اللوجيستية، ويأتي ضمن مساعي البلاد لتعزيز موقعها مركزاً لوجيستياً عالمياً.

وقال الوزير السعودي، خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر، إن «كبرى الشركات العالمية تواصل إقبالها على الاستثمار في القطاع اللوجيستي؛ من القطاع الخاص المحلي والدولي، لإنشاء عدد من المناطق اللوجيستية».

يستضيف المؤتمر، الذي يقام يومي 15 و16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عدداً من الخبراء العالميين والمختصين، بهدف طرح التجارب حول أفضل الطرق وأحدث الممارسات لتحسين أداء سلاسل الإمداد ورفع كفاءتها. كما استُحدثت منصة تهدف إلى تمكين المرأة في القطاع من خلال الفرص التدريبية والتطويرية.

وأبان الجاسر أن منظومة النقل والخدمات اللوجيستية «ستواصل السعي الحثيث والعمل للوصول بعدد المناطق اللوجيستية في السعودية إلى 59 منطقة بحلول 2030، من أصل 22 منطقة قائمة حالياً، لتعزيز القدرة التنافسية للمملكة ودعم الحركة التجارية».

وتحقيقاً لتكامل أنماط النقل ورفع كفاءة العمليات اللوجيستية، أفصح الجاسر عن «نجاح تطبيق أولى مراحل الربط اللوجيستي بين الموانئ والمطارات والسكك الحديدية بآليات وبروتوكولات عمل متناغمة؛ لتحقيق انسيابية حركة البضائع بحراً وجواً وبراً، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ودعم العمليات والخدمات اللوجيستية وترسيخ مكانة المملكة مركزاً لوجيستياً عالمياً».

وخلال جلسة بعنوان «دور الازدهار اللوجيستي في تعزيز أعمال سلاسل الإمداد بالمملكة وتحقيق التنافسية العالمية وفق (رؤية 2030)»، أضاف الجاسر أن «الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار)» تعمل على تنفيذ ازدواج وتوسعة لـ«قطار الشمال» بما يتجاوز 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار)، وذلك مواكبةً للتوسعات المستقبلية في مجال التعدين بالسعودية.

إعادة التصدير

من جهته، أوضح وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، أن السعودية سجلت في العام الحالي صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير، بنمو قدره 23 في المائة مقارنة بالعام الماضي، «وهو ما تحقق بفضل البنية التحتية القوية والتكامل بين الجهات المعنية التي أسهمت في تقديم خدمات عالية الكفاءة».

وأشار، خلال مشاركته في جلسة حوارية، إلى أن شركة «معادن» صدّرت ما قيمته 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار) من منتجاتها، «وتحتل السعودية حالياً المركز الرابع عالمياً في صادرات الأسمدة، مع خطط لتحقيق المركز الأول في المستقبل».

جلسة حوارية تضم وزير النقل المهندس صالح الجاسر ووزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف (الشرق الأوسط)

وبين الخريف أن البلاد «تتمتع بسوق محلية قوية، إلى جانب تعزيز الشركات العالمية استثماراتها في السعودية، والقوة الشرائية الممتازة في منطقة الخليج»، مما يرفع معدلات التنمية، مبيناً أن «قوة السعودية في المشاركة الفاعلة بسلاسل الإمداد تأتي بفضل الموارد الطبيعية التي تمتلكها. وسلاسل الإمداد تساهم في خفض التكاليف على المصنعين والمستثمرين، مما يعزز التنافسية المحلية».

وفي كلمة له، أفاد نائب رئيس «أرامكو السعودية» للمشتريات وإدارة سلاسل الإمداد، المهندس سليمان الربيعان، بأن برنامج «اكتفاء»، الذي يهدف إلى تعزيز القيمة المُضافة الإجمالية لقطاع التوريد في البلاد، «أسهم في بناء قاعدة تضم أكثر من 3 آلاف مورد ومقدم خدمات محلية، وبناء سلاسل إمداد قوية داخل البلاد؛ الأمر الذي يمكّن الشركة في الاستمرار في إمداد الطاقة بموثوقية خلال الأزمات والاضطرابات في الأسواق العالمية».

توقيع 86 اتفاقية

إلى ذلك، شهد «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية» في يومه الأول توقيع 86 اتفاقية؛ بهدف تعزيز أداء سلاسل الإمداد، كما يضم معرضاً مصاحباً لـ65 شركة دولية ومحلية، بالإضافة إلى 8 ورشات عمل تخصصية.

جولة لوزيرَي النقل والخدمات اللوجيستية والصناعة والثروة المعدنية في المعرض المصاحب للمؤتمر (الشرق الأوسط)

وتسعى السعودية إلى لعب دور فاعل على المستوى العالمي في قطاع الخدمات اللوجيستية وسلاسل التوريد، حيث عملت على تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية والإنجازات التشغيلية خلال الفترة الماضية، مما ساهم في تقدمها 17 مرتبة على (المؤشر اللوجيستي العالمي) الصادر عن (البنك الدولي)، وساعد على زيادة استثمارات كبرى الشركات العالمية في الموانئ السعودية».