عبد الله الثاني في باريس لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين فرنسا والأردن

ماكرون وزوجته بريجيت يستقبلان عبد الله الثاني وزوجته رانيا وولي العهد الأمير الحسين في الإليزيه الأربعاء (رويترز)
ماكرون وزوجته بريجيت يستقبلان عبد الله الثاني وزوجته رانيا وولي العهد الأمير الحسين في الإليزيه الأربعاء (رويترز)
TT

عبد الله الثاني في باريس لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين فرنسا والأردن

ماكرون وزوجته بريجيت يستقبلان عبد الله الثاني وزوجته رانيا وولي العهد الأمير الحسين في الإليزيه الأربعاء (رويترز)
ماكرون وزوجته بريجيت يستقبلان عبد الله الثاني وزوجته رانيا وولي العهد الأمير الحسين في الإليزيه الأربعاء (رويترز)

في الخطاب الذي ألقاه نهاية الشهر الماضي بمناسبة المؤتمر السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم، أشار الرئيس إيمانويل ماكرون إلى زيارة قادمة للعاهل الأردني إلى باريس وربطها بالمشروع الذي تعمل فرنسا والأردن على تحقيقه، وهو الدعوة لما يسميه ماكرون «بغداد 2». ويشير ماكرون في ذلك إلى القمة التي استضافتها العاصمة العراقية، صيف عام 2021، والتي اعتبرت، من الجانب الفرنسي، أنها كانت ناجحة للغاية بسبب المشاركة الإقليمية الواسعة فيها، كما أنها وفرت منصة تلاق وحوار لدول لم تكن تتحاور، في إشارة إلى إيران ودول خليجية.
ومنذ عدة أشهر، يتم العمل بين باريس وعمان وعواصم أخرى، على نسخة ثانية من المؤتمر، الذي يفترض إن سارت الأمور إلى خواتيمها، أن يستضيفها الأردن. من هذه الزاوية، يمكن فهم الكلام الصادر، أمس، عن مصدر رئاسي فرنسي اعتبر أن القمة الثنائية التي جمعت ظهرا، في إطار غداء عمل، الرئيس الفرنسي وضيفه الملك عبد الله الثاني، «ستوفر الفرصة للتباحث في الوضع الإقليمي السائد في الشرق الأوسط من أجل إرساء الاستقرار والحوار». أما على الصعيد الثنائي، فقد اعتبر المصدر المشار إليه، أن اللقاء «يعد مرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية» التي تربط فرنسا والأردن ويتيح مواصلة العمل المشترك لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية.
وتبدو العاصمتان باريس وعمان قلقتين من التطورات التي يعيشها الشرق الأوسط والدور الذي تلعبه إيران الذي تصفه باريس بـ«المزعزع للاستقرار». وسبق للعاهل الأردني أن ندد بالدور الإيراني في المنطقة في حديث أدلى به يوم 23 يوليو (تموز) الماضي لصحيفة «الرأي» الأردنية، عندما اعتبر أن «التغير في السلوك الإيراني سيكون أمرا حسنا بالنسبة للجميع». وأضاف الملك عبد الله الثاني، أن الأردن «كغيره من الدول العربية يريد علاقات جيدة مع إيران قائمة على الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية».
هذه المقاربة تتطابق تماما مع المقاربة الفرنسية. وتنظر باريس بقلق إلى احتمال أن تفشل الجهود الجارية حاليا من أجل إعادة إحياء الاتفاق النووي مع طهران وما يمكن أن يستتبعه من ضرب للاستقرار في منطقة تعاني من المشاكل والحروب أصلا.
وكان العاهل الأردني الذي اصطحب الملكة رانيا العبد الله والأمير الحسين بن عبد الله، ولي العهد، قد وصل إلى قصر الإليزيه ظهرا، حيث كان في استقباله الرئيس ماكرون وقرينته بريجيت على وقع الموسيقى العسكرية. وكان لافتا الحشد الإعلامي الذي كان ينتظر وصول العاهل الأردني في ساحة الإليزيه الداخلية.
بين الملك عبد الله والرئيس الفرنسي علاقة وطيدة تعود للشهر الأول لوصول الرئيس ماكرون إلى الإليزيه ربيع عام 2017. إلا أن زيارة أمس جاءت بعد انقطاع بسبب جائحة كوفيد - 19 دام ثلاث سنوات. وتعد الزيارة، الثامنة من نوعها للملك عبد الله الثاني إلى الإليزيه.
في المقابل، فإن ماكرون لم يزر حتى اليوم الأردن، وكان الرئيس السابق فرنسوا هولاند قد قام بآخر زيارة رئاسية إلى الأردن. وإذا تحقق مشروع قمة «بغداد 2»، فإنها ستكون المرة الأولى التي تحط فيها طائرة ماكرون في عمان.
ليس سرا أن بين فرنسا والأردن علاقة قوية على جميع المستويات الاستراتيجية والسياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية. وخلال الحرب على «داعش»، قدم الأردن تسهيلات للطائرات الفرنسية التي شاركت في قصف مواقع التنظيم الإرهابي بداية في العراق ولاحقا في سوريا. وبسبب موقعه الجغرافي وحدوده المشتركة مع العراق من جهة وسوريا من جهة أخرى، فإن الأردن يتمتع بوضع جغرافي ــ استراتيجي استثنائي يجعله مركزيا في ما خص محاربة الإرهاب والنظر في مستقبل المنطقة وأمنها واستقرارها.
ويعاني الأردن من تكاثر عمليات تهريب المخدرات الآتية من الداخل السوري. وفي الأشهر الأخيرة، حصلت مصادمات عديدة بين مهربين وقوات أمنية أردنية. ولا شك أن الطرفين الفرنسي والأردني يسعيان لتعزيز تعاونهما على المستوى الأمني. فضلا عن ذلك، فإن للعاهل الأردني دورا رئيسيا في الملف الفلسطيني ــ الإسرائيلي المجمد منذ سنوات. وفي الفترة الأخيرة، استقبل الرئيس ماكرون رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد وبعده الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وترغب باريس في أن يكون لها وللاتحاد الأوروبي دور تلعبه كوسيط في هذا النزاع وسبق لماكرون أن أشار إلى ذلك. إلا أن المصادر الفرنسية تعتبر أن فرص رؤية دور كهذا في المستقبل القريب تبدو محدودة، وأن تحريك الملف يتطلب انخراطا أميركيا.


مقالات ذات صلة

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

المشرق العربي اليمين الإسرائيلي يطالب بتدفيع الأردن ثمناً سياسياً مقابل تحرير العدوان

اليمين الإسرائيلي يطالب بتدفيع الأردن ثمناً سياسياً مقابل تحرير العدوان

خلال المفاوضات الجارية بين الحكومتين حول اعتقال النائب الأردني عماد العدوان، المشتبه به في محاولة تهريب كمية كبيرة من الأسلحة والذهب إلى الضفة الغربية، أبدت السلطات الإسرائيلية موقفاً متشدداً أوضحت فيه أنها لن تطلق سراحه قبل الانتهاء من محاكمته، فيما طالبت أوساط في اليمين الحاكم بأن يدفع الأردن ثمناً سياسياً ذا وزن ثقيل مقابل تحريره، مثل تخليه عن الوصاية الهاشمية على الحرم القدسي الشريف وبقية المقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة. وقالت مصادر في اليمين إن «تهمة النائب الأردني خطيرة للغاية على الصعيدين الدبلوماسي والأمني على السواء، وكان يمكن له أن يتسبب في قتل إسرائيليين كثيرين لو نجحت خطته

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي الأردن يؤكد أن ظروف توقيف العدوان في إسرائيل تحترم حقوقه القانونية والإنسانية

الأردن يؤكد أن ظروف توقيف العدوان في إسرائيل تحترم حقوقه القانونية والإنسانية

أكدت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية، أن النائب عماد العدوان الذي أوقفته السلطات الإسرائيلية قبل أيام على خلفية قضية تهريب مزعومة لكميات من الأسلحة والذهب، بـ«صحة جيدة ولا يتعرض لأي ممارسات مسيئة جسدياً أو نفسياً»، لافتة إلى أنه «طلب طمأنة أسرته أنه بصحة جيدة». وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية وشؤون المغتربين السفير سنان المجالي، في بيان صحافي (الثلاثاء)، إن السفير الأردني في تل أبيب غسان المجالي، تحدث بشكل مفصل مع النائب العدوان حول ظروف توقيفه وإجراءات التحقيق معه، وتأكد منه أن ظروف توقيفه تحترم حقوقه القانونية والإنسانية.

المشرق العربي إسرائيل تحقق في وجهة أسلحة النائب الأردني

إسرائيل تحقق في وجهة أسلحة النائب الأردني

يحقق جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) في وجهة الأسلحة التي كان ينقلها النائب الأردني، عماد العدوان، في سيارته إلى الضفة الغربية، فيما ستحدد المسألة إلى حد كبير كيف ستتعامل إسرائيل مع القضية التي زادت من حدة التوترات مع عمان. وفيما فرض «الشاباك» تعتيماً إعلامياً على القضية، فإنَّ التحقيق مع العدوان استمر أمس، لليوم الثاني، حول الأسلحة، وما إذا كانت متعلقة بالتجارة أم بدعم المقاومة الفلسطينية، وهل كانت المرة الأولى، ومن هم المتورطون في القضية. وكان العدوان اعتُقل الأحد على جسر «اللنبي» الإسرائيلي، بين الأردن والضفة الغربية، بعد معلومات قال وزير الخارجية الإسرائيلية إيلي كوهين، إنَّها استخبا

كفاح زبون (رام الله)
يوميات الشرق بيانات تعزية متواصلة لمصر في وفاة مساعد ملحقها الإداري بالخرطوم

بيانات تعزية متواصلة لمصر في وفاة مساعد ملحقها الإداري بالخرطوم

مع إعلان مصر، مساء الاثنين، «استشهاد» مساعد الملحق الإداري بسفارتها في الخرطو، توالت اليوم (الثلاثاء) بيانات عدد من الدول، في مقدمتها المملكة العربية السعودية، والأردن، وروسيا، للإعراب عن مواساتها للقاهرة في الحادث. في حين أكدت وزارة الخارجية المصرية أن «السفارة المصرية في الخرطوم وقنصليتي الخرطوم وبور سودان والمكتب القنصلي في وادي حلفا تواصل التنسيق مع المواطنين المصريين لإجلائهم». ونعت وزارة الخارجية المصرية وأعضاؤها ببالغ الحزن والأسى «شهيد الواجب» مساعد الملحق الإداري بسفارة مصر في الخرطوم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«مهرّب» أرشيف التعذيب السوري يكشف لـ «الشرق الأوسط» هويته

أسامة عثمان... أو «سامي» خلال المقابلة مع «الشرق الأوسط» في باريس (الشرق الأوسط)
أسامة عثمان... أو «سامي» خلال المقابلة مع «الشرق الأوسط» في باريس (الشرق الأوسط)
TT

«مهرّب» أرشيف التعذيب السوري يكشف لـ «الشرق الأوسط» هويته

أسامة عثمان... أو «سامي» خلال المقابلة مع «الشرق الأوسط» في باريس (الشرق الأوسط)
أسامة عثمان... أو «سامي» خلال المقابلة مع «الشرق الأوسط» في باريس (الشرق الأوسط)

«انتصرت دماؤكم وسقط الأسد». بهذه العبارة توجّه الناشط الحقوقي السوري أسامة عثمان، إلى ضحايا القمع والتعذيب خلال حكم الرئيس السابق بشار الأسد، كاشفاً للمرة الأولى، بالصوت والصورة، عن أنَّه هو «سامي» الذي ارتبط اسمه كالتوأم مع قريبه «قيصر» في تهريب عشرات آلاف صور قتلى التعذيب في سجون سوريا.

صار «أرشيف التعذيب» فيما بعد «دليل إدانة» ضد حكم الأسد أمام محاكم دولية وتسبب في فرض الأميركيين عقوبات «قانون قيصر» على سوريا.

تنشر «الشرق الأوسط» مقابلة حصرية مع «سامي»، عبّر فيها عن مدى فرحته بالتغيير الذي حصل في سوريا مع سيطرة المعارضة على دمشق، مشدداً على ضرورة «المحاسبة». وحذّر من تبعات «الدخول العشوائي للمواطنين إلى السجون وأماكن الاحتجاز»، مشيراً إلى أنَّ ذلك «أدَّى إلى إتلاف أو فقدان وثائق وسجلات رسمية مهمة للغاية تكشف عن انتهاكات منذ عشرات السنين».

وأعرب عن قلقه أيضاً من استمرار موظفي النّظام في العمل، مما يمكّنهم من «طمس الملفات في كل فروع وملحقات حزب البعث العربي الاشتراكي التي يعلم جميع السوريين أنَّها كانت مؤسسات أمنية بامتياز».

وشرح سبب اختياره العمل السري على مدى سنوات باسم «سامي»، قائلاً: «طبيعة العمل وطبيعة الملف الذي خرجنا به من سوريا... كانت سبباً في أن أحرص على إخفاء هويتي وهوية الكثير من أعضاء الفريق. اليوم نحن، الحمد لله، في وضع آخر تماماً. نحن في مكان آخر. في سوريا أخرى جديدة».

كان «سامي» و«قيصر» قد بدآ التعاون في جمع وثائق التعذيب في مايو (أيار) 2011، بعد فترة وجيزة من بدء الثورة ضد الأسد. كان «قيصر» مصوّر قتلى التعذيب في سجون النظام، يهرب الصور عبر ذاكرة رقمية محمولة «يو إس بي» ويعطيها لـ«سامي». نجح الرجلان في تهريب «أرشيف التعذيب» إلى خارج سوريا، وصارت شهادتهما دليلاً ضد النظام أمام أكثر من محفل دولي.