«تغير المناخ» يعيد الاعتبار لـ«القندس» في أميركا

بعد وصفه بـ«الحيوان المزعج» لعقود

الهندسة الطبيعية لحيوان القندس تواجه تداعيات تغير المناخ
الهندسة الطبيعية لحيوان القندس تواجه تداعيات تغير المناخ
TT

«تغير المناخ» يعيد الاعتبار لـ«القندس» في أميركا

الهندسة الطبيعية لحيوان القندس تواجه تداعيات تغير المناخ
الهندسة الطبيعية لحيوان القندس تواجه تداعيات تغير المناخ

بينما تكافح كاليفورنيا مع الجفاف، وموجة حر قياسية وحرائق الغابات المستمرة، تلجأ الوكالات الحكومية – حاليا - إلى القندس في معركتها ضد تغير المناخ.
ووفقاً للباحثين، فإن هذه القوارض الكبيرة التي وصفت خلال العقود الأخيرة بأنها «مزعجة»، وتتسبب في إغراق الأراضي الزراعية، تبين مع تداعيات تغير المناخ، أن لها دوراً مهماً، حيث تمارس نوعا من الهندسة الطبيعية من حيث إنشاء السدود لزيادة تخزين المياه.
ووجد الباحثون في جامعتي كاليفورنيا ويوتا، أن السدود التي تقيمها هذه الحيوانات يمكن أن تساعد في إنشاء مناظر طبيعية مقاومة للجفاف والحرائق.
ووفقاً لبحث أجرته، إميلي فيرفاكس الأستاذة المساعدة في العلوم البيئية وإدارة الموارد بجامعة ولاية كاليفورنيا، ونقل تفاصيله موقع شبكة «سي بي إس نيوز» في 31 أغسطس (آب)، فإن القنادس تصنع السدود من العصي والطين، ويساعد ذلك على منع مياه الأمطار وذوبان الجليد من التصريف إلى أسفل الأنهار وفي المحيطات، وبدلاً من ذلك، تعمل السدود كحائل طبيعي ضد الحرائق، وخزان قادر على تخزين المياه لسنوات والتي يتم إطلاقها في الأرض ببطء بمرور الوقت لإنشاء طبيعة أكثر مقاومة للحريق والجفاف.
وتقول فيرفاكس: «الكثير من المياه في كاليفورنيا ليست من ذوبان الجليد، إنها من المياه الجوفية وهذه القنادس تعيد شحنها لنا، فهي تودع المياه في البنك الذي نخرجه في وقت لاحق».

وخلال الدراسة التي أجريت عام 2020، أظهرت فيرفاكس أن الممرات المحاطة بسدود القندس لم تتضرر نسبياً من حرائق الغابات مقارنة بالمناطق الأخرى دون إقامة سدود للقندس.
وسلطت فيرفاكس الضوء على الفرق بين ممرين في مقطع فيديو بطائرة بدون طيار نشر على وسائل التواصل الاجتماعي، والذي يظهر منظراً طبيعياً شوهته حرائق غابات في شمال كاليفورنيا، بينما لا يزال قسم آخر من الأرض أرضاً رطبة خصبة، بسبب مستعمرات القندس، الاختلافات في شدة الحريق ودرجة حرارة الهواء والرطوبة ورطوبة التربة بين مستعمرات القندس والمناظر الطبيعية المجاورة كانت هائلة.
ولكن مع إزالة الكثير من الحيوانات من النظم البيئية بسبب الصيد، يساعد العلماء الآن في إعادة إدخال القندس في البيئات التي هي في أمس الحاجة إليها.
ويقوم حاليا علماء من جامعة ولاية يوتا باصطياد القنادس من الأماكن التي يعتبرون فيها أن هذه الحيوانات مزعجة، ويعيدونها إلى المختبر، حيث يتم وزنها وفحصها وزرعها برقائق لأغراض التتبع والبحث، ثم يتم وضع القنادس في قبو حيث ينتظرون حتى يتم إطلاقها في مناطق معرضة للجفاف والحرائق على أمل أن تنشئ مستعمراتها الخاصة.
ويقول الباحث نيك بويز من مركز بيفر للبيئة وإعادة التوطين «إنه نوع من الفوز، نحن نتعامل مع مشكلة الإزعاج في الوقت نفسه الذي نحاول فيه استخدام حيوان جيد بشكل لا يصدق في استعادة الجداول وتشغيلها».
ويساعد الباحثون في بناء سدود تعرف أيضاً باسم «نظائر سد القندس»، لضمان نجاح العملية، ويقول بويز «كل الخطوات التي يتعين علينا القيام بها للمساعدة في شيء يجب أن تكون عملية طبيعية».
وتم بنجاح إعادة إنشاء أكثر من 1000 سد تناظري مع المزيد من الأعمال قيد التنفيذ.


مقالات ذات صلة

اتّساع نطاق الحرائق في لوس أنجليس... وحصيلة القتلى ترتفع إلى 16

الولايات المتحدة​ عنصرا إطفاء يتابعان حريقاً في باليساديس بلوس أنجليس (رويترز)

اتّساع نطاق الحرائق في لوس أنجليس... وحصيلة القتلى ترتفع إلى 16

اتّسع نطاق الحرائق الكثيرة المستعرة في لوس أنجليس منذ 5 أيام، التي أسفرت عن سقوط ما لا يقل عن 16 قتيلاً، السبت، لتطول مناطق كانت بمنأى من النيران.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
الولايات المتحدة​ براندون رود يساعد زوجته على ارتداء قناع وجه خلال تفقُّدهم الدمار الذي لحق منزلهم جراء حرائق لوس أنجليس (رويترز)

الشرطة: أصدرنا أوامر إخلاء لنحو 153 ألف شخص جراء حرائق لوس أنجليس

قال قائد شرطة لوس أنجليس، اليوم الجمعة، إن أوامر إخلاء صدرت لنحو 153 ألف شخص جراء الحرائق، و166 ألفاً آخرين تلقوا إنذارات للاستعداد.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
علوم أشخاص يعملون في كهف تخزين في موقع يُدعى «ليتل دوم سي» في القارة القطبية الجنوبية (أ.ب)

علماء يستخرجون نواة جليدية عمرها أكثر من مليون سنة

أعلن فريق دولي من العلماء أنهم نجحوا في حفر واحدة من أعمق الحفر الجليدية حتى الآن، بعمق ميلين (2.8 كيلومتر) للوصول لطبقة جليدية في القارة القطبية.

«الشرق الأوسط» (روما)
ظواهر جوية حادة أثّرت على مناطق السعودية خلال عام 2024 (الأرصاد)

15 ظاهرة تجسّد واقع التغيرات المناخية في السعودية

كشف المركز السعودي للأرصاد عن 15 ظاهرة جوية حادة أثّرت على مناطق المملكة خلال عام 2024 وتجسّد بوضوح تأثير التغيرات المناخية التي تشهدها البلاد.

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق الفيضانات المدمرة في البرازيل تسببت في مقتل أكثر من 80 شخصاً خلال مايو 2024 (رويترز)

تهجير 40 مليون شخص بسبب كوارث مناخية في 2024

أفادت دراسة دولية بأن عام 2024 شهد درجات حرارة قياسية تسببت في تغييرات جذرية بدورة المياه العالمية، مما أدى إلى فيضانات مدمرة وجفاف شديد في العديد من المناطق.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

هل تستطيع الروبوتات الجراحية تعويض نقص الأطباء في مصر؟

وزير الصحة في زيارة لمنشأة طبية (وزارة الصحة المصرية)
وزير الصحة في زيارة لمنشأة طبية (وزارة الصحة المصرية)
TT

هل تستطيع الروبوتات الجراحية تعويض نقص الأطباء في مصر؟

وزير الصحة في زيارة لمنشأة طبية (وزارة الصحة المصرية)
وزير الصحة في زيارة لمنشأة طبية (وزارة الصحة المصرية)

أثار إعلان وزارة الصحة المصرية اعتزامها التوسع في استخدام الروبوتات الجراحية جدلاً، إذ اعتبره البعض تحركاً من الحكومة نحو تقليل الاعتماد على الأطباء، تزامناً مع الخلاف الحادث حالياً مع نقابة الأطباء حول مشروع قانون «المسؤولية الطبية».

لكن الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة المصرية، قال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن سعي الوزارة للتوسع في استخدام الروبوتات الجراحية هدفه معاونة الجراحين وتسهيل مهمتهم وزيادة إنتاجيتهم، وليس من أجل تقليل الاعتماد على الأطباء أو الاستغناء عنهم.

واجتمع وزير الصحة المصري خالد عبد الغفار، الثلاثاء الماضي، مع ممثلي إحدى الشركات الصينية الرائدة في مجال الروبوتات الجراحية، وكشفت الوزارة في بيان أن الاجتماع بحث آفاق التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي والروبوتات الجراحية بمستشفيات وزارة الصحة.

«اتجاه الوزارة للتوسع في استخدام الروبوتات الجراحية ليس له علاقة بالخلاف حول قانون أو غيره، ولا يهدف لاستبدال الأطباء»، بحسب حسام عبد الغفار، الذي أكد «أن الروبوت لا يعمل مستقلاً، لكنه يحتاج لطبيب ماهر ومحترف لتشغيله، والهدف من ذلك جعل الطبيب الجراح الماهر يجري الجراحات في أي مكان عن بعد دون أن يتحرك الطبيب من مكانه الموجود فيه».

مصر تعاني من نقص في عدد الأطباء (وزارة الصحة المصرية)

من جانبه، قال يحيى دوير، عضو مجلس نقابة أطباء القاهرة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «الروبوتات الجراحية موجودة بمصر بأعداد قليلة، ولا يتم العمل أو التدريب عليها؛ لأنها تحتاج إلى فترة تدريب طويلة».

ونوه دوير إلى أن «استبدال الطبيب المصري بالروبوت والعلاج عن بعد مسألة مستبعدة؛ نظراً لبعض العوامل، منها الخوف من عدم استقرار الإنترنت والتيار الكهربائي داخل المستشفيات، بالإضافة إلى عدم وجود الغطاء القانوني اللازم لإتمام الجراحات بالروبوت عن بعد، فنحن بالأساس ليس لدينا غطاء قانوني يسمح بمناظرة المريض عن بعد، فكيف ستتم جراحات عن بعد؟... ناهيك على التكلفة الباهظة لمثل هذه التطبيقات، وموازنة وزارة الصحة في مصر لا تسمح بذلك».

ورداً على تلك النقاط، قال متحدث الصحة: «نحن قلنا إننا منفتحون على العرض الذي قدمته لنا الشركة الصينية؛ نظراً لما سيحققه من فوائد، ولكن آليات التنفيذ على أرض الواقع ستكون في مرحلة لاحقة، وسيتم توفير اللازم، وجزء من الخطة حال تنفيذها سيكون بناء الكوادر الطبية القادرة على تشغيل الروبوتات واستخدامها بشكل صحيح».

وأوضح: «لدينا روبوتات جراحية بالفعل في معهد الأورام ومعهد ناصر، وأثبتت كفاءة عالية، أي أن الأمر ليس جديداً علينا».

وبحسب آخر رصد صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء في مصر، فقد انخفض عدد الأطباء بالبلاد إلى 97.4 ألف طبيب في عام 2022، مقابل 100.7 ألف طبيب في عام 2021، بانخفاض بلغت نسبته 3.3 في المائة.

وزير الصحة المصري في جولة تفقدية لأحد المستشفيات (وزارة الصحة المصرية)

وتفيد الأرقام بأن مصر لديها طبيب لكل 1162 شخصاً، بينما المعدل العالمي، طبقاً لمنظمة الصحة العالمية، هو طبيب لكل 434 شخصاً.

وشهدت السنوات الماضية هجرة العديد من الأطباء إلى خارج مصر، بقصد العمل والاستقرار في أوروبا أو أميركا، وكذلك بعض الدول العربية وخاصة الخليجية، بحسب نقابة الأطباء المصرية.

ويقول يحيى دوير إن هجرة الأطباء من الأسباب الرئيسية لما يمكن وصفه بـ«التصحر الطبي» في مصر، والسبب في رأيه بحث العديد من الأطباء المصريين عن فرص عمل أفضل خارج البلاد؛ «نظراً لضعف الأجور مقارنة بدول أخرى، حيث لا يتجاوز راتب الطبيب بمصر بعد 10 سنوات من الخبرة 120 دولاراً أميركياً شهرياً».

ومن الأسباب الأخرى لهجرة الأطباء، بحسب دوير: «بيئة العمل غير الصحية، حيث نقص المعدات الطبية الحديثة، وغياب الدعم الإداري في عدد من المنشآت الصحية، وضعف الاستثمار في التعليم الطبي المستمر مع صعوبة التفرغ للعمل البحثي والتطوير، وتأجيج العلاقة بين المريض والطبيب، حيث ترسخ بعض المسلسلات والأفلام ثقافة خاطئة بين الطبيب والمريض وتصور الطبيب بصورة غير لائقة»؛ وفق تعبيره.

مصر تدرس الاستعانة بالروبوتات لمساعدة الجراحين (وزارة الصحة المصرية)

وعن مشروع قانون المسؤولية الطبية، يقول دوير إن «مصر تعد آخر دولة في العالم تقوم بصياغة مشروع قانون المسؤولية الطبية، حيث كان يحاكم الأطباء بقانون العقوبات مثلهم مثل المجرمين الجنائيين، وللأسف مشروع القانون الجديد لا يفرق ما بين الخطأ الطبي والخطأ الطبي الجسيم، ولا يعترف بالمضاعفات الوارد حدوثها والمنصوص عليها في أدلة العمل الإكلينيكية العالمية».

وبحسب دوير، فإن ما يقرب 62 في المائة؜ من أطباء مصر هاجروا أو يعملون خارج البلاد، فضلاً عن أعداد كبيرة داخل مصر مقيدة بالنقابة ولا تمارس الطب.

وزير الصحة في زيارة لمنشأة طبية (وزارة الصحة المصرية)

في المقابل، أكد حسام عبد الغفار، متحدث وزارة الصحة، «أن مشروع قانون المسؤولية الطبية تم إعداده بناء على مطالبات الأطباء أنفسهم وليس هناك خلاف حوله سوى في نقطة واحدة تتعلق بما يقولون إنه يسمح بحبس الأطباء، وهذه النقطة تحتاج فقط للتوضيح لإنهاء الجدل، فيما عدا ذلك فنحن منفتحون على جميع مطالب الأطباء، طالما لا تخالف الدستور».