هل تستطيع الروبوتات الجراحية تعويض نقص الأطباء في مصر؟

وزير الصحة في زيارة لمنشأة طبية (وزارة الصحة المصرية)
وزير الصحة في زيارة لمنشأة طبية (وزارة الصحة المصرية)
TT

هل تستطيع الروبوتات الجراحية تعويض نقص الأطباء في مصر؟

وزير الصحة في زيارة لمنشأة طبية (وزارة الصحة المصرية)
وزير الصحة في زيارة لمنشأة طبية (وزارة الصحة المصرية)

أثار إعلان وزارة الصحة المصرية اعتزامها التوسع في استخدام الروبوتات الجراحية جدلاً، إذ اعتبره البعض تحركاً من الحكومة نحو تقليل الاعتماد على الأطباء، تزامناً مع الخلاف الحادث حالياً مع نقابة الأطباء حول مشروع قانون «المسؤولية الطبية».

لكن الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة المصرية، قال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن سعي الوزارة للتوسع في استخدام الروبوتات الجراحية هدفه معاونة الجراحين وتسهيل مهمتهم وزيادة إنتاجيتهم، وليس من أجل تقليل الاعتماد على الأطباء أو الاستغناء عنهم.

واجتمع وزير الصحة المصري خالد عبد الغفار، الثلاثاء الماضي، مع ممثلي إحدى الشركات الصينية الرائدة في مجال الروبوتات الجراحية، وكشفت الوزارة في بيان أن الاجتماع بحث آفاق التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي والروبوتات الجراحية بمستشفيات وزارة الصحة.

«اتجاه الوزارة للتوسع في استخدام الروبوتات الجراحية ليس له علاقة بالخلاف حول قانون أو غيره، ولا يهدف لاستبدال الأطباء»، بحسب حسام عبد الغفار، الذي أكد «أن الروبوت لا يعمل مستقلاً، لكنه يحتاج لطبيب ماهر ومحترف لتشغيله، والهدف من ذلك جعل الطبيب الجراح الماهر يجري الجراحات في أي مكان عن بعد دون أن يتحرك الطبيب من مكانه الموجود فيه».

مصر تعاني من نقص في عدد الأطباء (وزارة الصحة المصرية)

من جانبه، قال يحيى دوير، عضو مجلس نقابة أطباء القاهرة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «الروبوتات الجراحية موجودة بمصر بأعداد قليلة، ولا يتم العمل أو التدريب عليها؛ لأنها تحتاج إلى فترة تدريب طويلة».

ونوه دوير إلى أن «استبدال الطبيب المصري بالروبوت والعلاج عن بعد مسألة مستبعدة؛ نظراً لبعض العوامل، منها الخوف من عدم استقرار الإنترنت والتيار الكهربائي داخل المستشفيات، بالإضافة إلى عدم وجود الغطاء القانوني اللازم لإتمام الجراحات بالروبوت عن بعد، فنحن بالأساس ليس لدينا غطاء قانوني يسمح بمناظرة المريض عن بعد، فكيف ستتم جراحات عن بعد؟... ناهيك على التكلفة الباهظة لمثل هذه التطبيقات، وموازنة وزارة الصحة في مصر لا تسمح بذلك».

ورداً على تلك النقاط، قال متحدث الصحة: «نحن قلنا إننا منفتحون على العرض الذي قدمته لنا الشركة الصينية؛ نظراً لما سيحققه من فوائد، ولكن آليات التنفيذ على أرض الواقع ستكون في مرحلة لاحقة، وسيتم توفير اللازم، وجزء من الخطة حال تنفيذها سيكون بناء الكوادر الطبية القادرة على تشغيل الروبوتات واستخدامها بشكل صحيح».

وأوضح: «لدينا روبوتات جراحية بالفعل في معهد الأورام ومعهد ناصر، وأثبتت كفاءة عالية، أي أن الأمر ليس جديداً علينا».

وبحسب آخر رصد صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء في مصر، فقد انخفض عدد الأطباء بالبلاد إلى 97.4 ألف طبيب في عام 2022، مقابل 100.7 ألف طبيب في عام 2021، بانخفاض بلغت نسبته 3.3 في المائة.

وزير الصحة المصري في جولة تفقدية لأحد المستشفيات (وزارة الصحة المصرية)

وتفيد الأرقام بأن مصر لديها طبيب لكل 1162 شخصاً، بينما المعدل العالمي، طبقاً لمنظمة الصحة العالمية، هو طبيب لكل 434 شخصاً.

وشهدت السنوات الماضية هجرة العديد من الأطباء إلى خارج مصر، بقصد العمل والاستقرار في أوروبا أو أميركا، وكذلك بعض الدول العربية وخاصة الخليجية، بحسب نقابة الأطباء المصرية.

ويقول يحيى دوير إن هجرة الأطباء من الأسباب الرئيسية لما يمكن وصفه بـ«التصحر الطبي» في مصر، والسبب في رأيه بحث العديد من الأطباء المصريين عن فرص عمل أفضل خارج البلاد؛ «نظراً لضعف الأجور مقارنة بدول أخرى، حيث لا يتجاوز راتب الطبيب بمصر بعد 10 سنوات من الخبرة 120 دولاراً أميركياً شهرياً».

ومن الأسباب الأخرى لهجرة الأطباء، بحسب دوير: «بيئة العمل غير الصحية، حيث نقص المعدات الطبية الحديثة، وغياب الدعم الإداري في عدد من المنشآت الصحية، وضعف الاستثمار في التعليم الطبي المستمر مع صعوبة التفرغ للعمل البحثي والتطوير، وتأجيج العلاقة بين المريض والطبيب، حيث ترسخ بعض المسلسلات والأفلام ثقافة خاطئة بين الطبيب والمريض وتصور الطبيب بصورة غير لائقة»؛ وفق تعبيره.

مصر تدرس الاستعانة بالروبوتات لمساعدة الجراحين (وزارة الصحة المصرية)

وعن مشروع قانون المسؤولية الطبية، يقول دوير إن «مصر تعد آخر دولة في العالم تقوم بصياغة مشروع قانون المسؤولية الطبية، حيث كان يحاكم الأطباء بقانون العقوبات مثلهم مثل المجرمين الجنائيين، وللأسف مشروع القانون الجديد لا يفرق ما بين الخطأ الطبي والخطأ الطبي الجسيم، ولا يعترف بالمضاعفات الوارد حدوثها والمنصوص عليها في أدلة العمل الإكلينيكية العالمية».

وبحسب دوير، فإن ما يقرب 62 في المائة؜ من أطباء مصر هاجروا أو يعملون خارج البلاد، فضلاً عن أعداد كبيرة داخل مصر مقيدة بالنقابة ولا تمارس الطب.

وزير الصحة في زيارة لمنشأة طبية (وزارة الصحة المصرية)

في المقابل، أكد حسام عبد الغفار، متحدث وزارة الصحة، «أن مشروع قانون المسؤولية الطبية تم إعداده بناء على مطالبات الأطباء أنفسهم وليس هناك خلاف حوله سوى في نقطة واحدة تتعلق بما يقولون إنه يسمح بحبس الأطباء، وهذه النقطة تحتاج فقط للتوضيح لإنهاء الجدل، فيما عدا ذلك فنحن منفتحون على جميع مطالب الأطباء، طالما لا تخالف الدستور».


مقالات ذات صلة

إطلاق أول شركة للاقتصاد الرعائي في مصر باستثمارات 27.7 مليون دولار

الاقتصاد وزير الاستثمار المصري حسن الخطيب خلال كلمته في مؤتمر «سيرا كير» (وزارة الاستثمار المصرية)

إطلاق أول شركة للاقتصاد الرعائي في مصر باستثمارات 27.7 مليون دولار

أطلقت شركة «سيرا للتعليم»، الأحد، شركة استثمار جديدة في الاقتصاد الرعائي (سيرا كير) باستثمارات 1.4 مليار جنيه تُضخ على مدار عامين، تستهدف من خلالها تغطية 5 دول.

صبري ناجح (القاهرة)
صحتك جهاز قياس ضغط الدم (أرشيفية- رويترز)

أخطاء في قياس ضغط الدم تؤدي إلى قراءات خاطئة

قد يؤدي كثير من الأخطاء الشائعة إلى إفساد دقة قراءات ضغط الدم للأشخاص الذين يقومون بقياسه في المنزل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك العادات غير الصحية التي يتبعها الأشخاص في طفولتهم قد تؤثر على أدمغتهم في الكبر (رويترز)

طفولتك قد تؤثر على فرص إصابتك بالخرف

أكدت دراسة جديدة أن العادات غير الصحية التي يتبعها الأشخاص في طفولتهم قد تؤثر على أدمغتهم في وقت لاحق من الحياة وتزيد من خطر إصابتهم بالخرف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك لون صفار البيض يعتمد على النظام الغذائي للدجاجة (رويترز)

لون صفار البيض... لماذا يختلف؟ وهل له علاقة بقيمته الغذائية؟

لا يبدو كل صفار بيض الدجاج متشابهاً. فبعضه أصفر باهت اللون، في حين أن لون البعض الآخر يكون برتقالياً، في اختلاف لطالما حيَّر كثيرين.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك تتزايد فرص إصابة الأشخاص بأمراض مثل البرد والإنفلونزا و«كورونا» في أشهر الشتاء (رويترز)

كيف تحدد ما إذا كنت مصاباً بنزلة برد أم إنفلونزا أم «كورونا»؟

في أشهر الشتاء، تتزايد بشكل كبير فرص إصابة الأشخاص بأمراض مثل البرد والإنفلونزا و«كورونا». فكيف نفرق بين هذه الأمراض؟

«الشرق الأوسط» (لندن)

«الثقافة المصرية» تراهن على الذكاء الاصطناعي في «القاهرة للكتاب»

اختيار سلطنة عمان «ضيف شرف» الدورة الـ56 من معرض القاهرة للكتاب (وزارة الثقافة المصرية)
اختيار سلطنة عمان «ضيف شرف» الدورة الـ56 من معرض القاهرة للكتاب (وزارة الثقافة المصرية)
TT

«الثقافة المصرية» تراهن على الذكاء الاصطناعي في «القاهرة للكتاب»

اختيار سلطنة عمان «ضيف شرف» الدورة الـ56 من معرض القاهرة للكتاب (وزارة الثقافة المصرية)
اختيار سلطنة عمان «ضيف شرف» الدورة الـ56 من معرض القاهرة للكتاب (وزارة الثقافة المصرية)

تحت شعار «اقرأ... في البدء كان الكلمة» تنطلق فعاليات الدورة الـ56 من معرض القاهرة الدولي للكتاب في 23 من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي، بمركز مصر للمعارض الدولية بمنطقة التجمع الخامس (شرق القاهرة)؛ حيث تحل «سلطنة عُمان» ضيف شرف هذه الدورة، كما وقع الاختيار على اسم الدكتور أحمد مستجير، العالم والأديب المصري، ليكون «شخصية المعرض»، واسم الكاتبة فاطمة المعمول «شخصية معرض كتاب الطفل».

وقال وزير الثقافة، أحمد فؤاد هنو، في مؤتمر صحافي خاص بالمعرض، الأحد، إن «شعار الدورة الجديدة يجمع بين العمق الديني والقيمة الثقافية للمعرفة، مما يجعله رمزاً خالداً للدعوة إلى العلم والتعلم»، معتبراً «اختيار سلطنة عُمان ضيف شرف هذه الدورة، انعكاساً لعمق العلاقات الثقافية والتاريخية بين البلدين الشقيقين، واعترفاً بإسهامات السلطنة المتميزة في إثراء الثقافة العربية والإنسانية»، واصفاً في الوقت نفسه «شخصية المعرض»، الدكتور أحمد مستجير، بأنه «جمع بين عبقرية العلم وجمال الأدب».

جانب من حضور المؤتمر (وزارة الثقافة المصرية)

ويتضمن المعرض هذا العام أكثر من 600 فعالية أدبية وفكرية وفنية يشارك فيها نخبة من المفكرين والمبدعين من مختلف أنحاء العالم، بالإضافة إلى استحداث محاور ثقافية جديدة تواكب تحديات العصر، مثل محور «ترجمة العلوم الإنسانية في زمن الذكاء الاصطناعي»، ومحور «الدبلوماسية الثقافية».

ويسعى المعرض إلى مواكبة التطور التكنولوجي، عبر الإعلان عن إطلاق منصة الكتب الإلكترونية بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، التي ستتيح بشكل مجاني عدداً من إصدارات قطاعات وزارة الثقافة في مختلف فروع المعرفة، كما سيشهد المعرض بالتعاون مع الهيئة الوطنية للإعلام إطلاق أول بودكاست بالمعرض.

وزير الثقافة المصري أحمد فؤاد هنو خلال المؤتمر الصحافي الخاص بمعرض الكتاب (وزارة الثقافة المصرية)

وتراهن وزارة الثقافة المصرية على الذكاء الاصطناعي في الدورة الجديدة من المعرض، يقول هنو: «الذكاء الاصطناعي ليس فقط أداة حديثة، بل هو شريك مهم يساعدنا في تقديم المعرفة بشكل مبتكر وسهل الوصول، لذلك حرصنا على أن تكون هذه الدورة بمنزلة منصة لإبراز الإمكانات الهائلة للتكنولوجيا في خدمة الثقافة، وذلك من خلال العديد من المحاور، حيث تم إطلاق مشروع (الإجابة الذكية) لتسهيل الوصول إلى المعرفة العلمية المتعلقة بسلسلة (في بحور العلم) للدكتور أحمد مستجير».

في السياق نفسه، تم تدشين «مشروع تلخيص (موسوعة مصر القديمة) للدكتور سليم حسن باستخدام الذكاء الاصطناعي؛ حيث يتم تقديم التاريخ المصري بأسلوب شائق يُثري تجربة عشاق علم المصريات، ويجعل من هذا التراث إرثاً متاحاً للجميع».

ويُعد معرض القاهرة الدولي للكتاب من بين المعارض العربية الأكثر جماهيرية؛ فقد وصل عدد زوّاره العام الماضي إلى أكثر من 4 ملايين و700 ألف زائر، وفق إدارة المعرض.

وأعلن وزير الثقافة اختيار دولة رومانيا لتكون ضيف شرف الدورة الـ57 لعام 2026، ودولة قطر لتكون ضيف شرف الدورة الـ58 لعام 2027. ووصف الاختيار بأنه تقليد يحدث للمرة الأولى في المعرض.

هنو وعد بتقديم دورة جديدة مميزة من المعرض (وزارة الثقافة المصرية)

ويقام المعرض على مساحة 55 ألف متر مربع، تضم 6 صالات للعرض، وهي المساحة الأكبر منذ انتقال المعرض لمقره الجديد بمركز مصر للمعارض الدولية، ويصل عدد الناشرين والجهات الرسمية المصرية والعربية والأجنبية المشاركة إلى 1345 دار نشر، من 80 دولة مختلفة من دول العالم، كما يبلغ عدد العارضين 6150 عارضاً هذا العام، يعرضون تنوعاً غنياً من الإصدارات الأدبية والفكرية. تجدر الإشارة إلى أن وزير الثقافة أعلن خلال المؤتمر عن إطلاق مبادرة «المليون كتاب»، لتعزيز «الوعي الثقافي والمعرفي بين أبناء الوطن».