يبدو أن حلم تطوير منطقة الأهرامات الأثرية بمصر، أصبح حقيقة، منهياً سنوات من الشكوى والتذمر من السياح، والمواطنين، والآثاريين، وكل من قادته رحلته لزيارة واحد من أهم معالم مصر السياحية. واصطدم بمواجهات «شرسة» مع الجمالة والخيالة وسائقي التاكسي، وغيرهم ممن اعتادوا فرض أنفسهم على زوار المنطقة، حيث بدأت وزارة السياحة والآثار أعمال التشغيل التجريبي لمنظومة الطاقة النظيفة، والعربات الكهربائية، وخدمات الزوار في منطقة أهرامات الجيزة، في سياق مشروع للتطوير «طال انتظاره».
جانب من أماكن استراحة الزوار بمنطقة الأهرامات (وزارة السياحة والآثار)
وأعطى أحمد عيسى، وزير السياحة والآثار المصري، مساء الجمعة، إشارة «بدء التشغيل التجريبي لبوابات مركز الزوار على طريق الفيوم، ومطعم خوفو بمجمع المطاعم العالمي، والجولات الداخلية بالمنطقة للمجموعات والأفراد، إضافة إلى تشغيل منظومة الحافلات الكهربائية، عبر 7 محطات رئيسية للزيارة، مزودة بخدمات متكاملة للزائرين». بحسب بيان وزارة السياحة والآثار، أشار إلى أن «فعاليات بدء التشغيل التجريبي تمت في حضور وزير الخارجية، سامح شكري، ومستشار رئيس الجمهورية للشؤون المالية، اللواء محمد أمين، وعدد من السفراء الأجانب في مصر، والمهندس نجيب ساويرس، العضو المنتدب والمدير التنفيذي لشركة أوراسكوم للاستثمار القابضة، والمسؤولة عن تنفيذ المشروع».
مركز الملك خوفو (وزارة السياحة والآثار)
ومشروع تطوير خدمات الزوار بمنطقة الأهرامات تنفذه شركة «أوراسكوم بيراميدز» للمشروعات، بموجب بروتوكول تعاون وقعته مع المجلس الأعلى للآثار، في منتصف ديسمبر (كانون الأول) عام 2018، على أن يتولى المجلس الأعلى للآثار وحده دون غيره إدارة المنطقة الأثرية بالكامل. وتسلمت شركة أوراسكوم المنطقة في 29 يناير (كانون الثاني) 2019، بحسب تصريحات ساويرس في ذلك الوقت. وكان من المفترض أن يتم الانتهاء من المشروع مع نهاية العام نفسه. لكن «عدم توافر عربات كهربائية، وتداعيات جائحة كوفيد - 19 أديا إلى تأجيله»، بحسب التصريحات الرسمية. وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2020، أعلنت الوزارة «بدء التشغيل التجريبي لأول حافلة كهربائية صديقة للبيئة، وافتتاح أول مطعم واستراحة داخل المنطقة».
الوزراء في جولة بالعربات الكهربائية (وزارة السياحة والآثار)
وتتضمن المرحلة الأولى من المشروع، التي تم تدشينها مساء الجمعة، تشغيل أول مجموعة من منظومة الحافلات والسيارات الكهربائية الصديقة للبيئة، التي ستكون وسيلة التنقل داخل المنطقة الأثرية، في حين تصطف الأتوبيسات السياحية في ساحة انتظار مركز الزوار، والتي تسع لما يقرب من 1000 سيارة، وتجوب العربات الكهربائية سبع محطات داخل المنطقة الأثرية تبدأ من محطة مركز الزوار، مروراً بمحطة بانوراما 1، ثم محطة هرم «منكاورع»، ومحطة هرم «خفرع» ثم محطة هرم «خوفو»، ومحطة «أبو الهول»، لتنتهي الرحلة عند محطة بانوراما 4 قبل العودة لمركز الزوار مرة أخرى. وبحسب الوزارة، فإن «المحطات مزودة بمكتب معلومات لخدمة الزائرين، إضافة إلى الإنترنت، وأجهزة شحن ذكية، ومجموعة من المقاعد المظللة للجلوس، ومنافذ لبيع الهدايا والمشروبات والمأكولات السريعة، ومناطق مخصصة للأطفال، ومواقع مخصصة للتصوير، وماكينات صرف آلي».
العربات الكهربائية (وزارة السياحة والآثار)
وبهدف إثراء الزيارة السياحية للمنطقة، أعادت شركة «أوراسكوم» تطوير وتأهيل مبنى قديم للإدارة الهندسية بالمنطقة، كان يستخدم كمخزن للخردة، وحولته إلى مجمع عالمي للمطاعم يتبع أحدث معايير الضيافة العالمية، ومن المقرر أن يضم 10 مطاعم سياحية، وفقاً لبيان الوزارة.
وأكد الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن «المشروع يهدف للارتقاء بجودة الخدمات المقدمة للزائرين بالمنطقة، التي تعد من أهم المقاصد السياحية في العالم، بهدف منحهم تجربة سياحية متميزة وأكثر سهولة وفي نفس الوقت الحفاظ على سلامة المنطقة الأثرية، ما يسهم في إثراء المنتج السياحي المصري ويخلق ميزة تنافسية»، مشيراً إلى أن «الوزارة تتعاون مع القطاع الخاص في مناطق أخرى مثل قصر البارون في حي مصر الجديدة، وقلعة صلاح الدين الأيوبي، والمتحف المصري بالتحرير، وقصر محمد علي بشبرا، الذي سيتم افتتاحه قريباً بعد الانتهاء من مشروع ترميمه».
وزير السياحة ورجل الأعمال نجيب ساويرس يفتتحان مركز الزوار (وزارة السياحة والآثار)
وتابع أن مشروع تطوير خدمات الزائرين في الهرم «جاء بعد الانتهاء هندسياً بنسبة 100 في المائة من مشروع تطوير منطقة آثار الهرم، الذي نفذته الهيئة الهندسية للقوات المسلحة المصرية بتمويل حكومي».
بدوره، أعرب ساويرس عن «فخره بالمشاركة في تطوير خدمات الزوار بالموقع الأثري الأول والأكثر شهرة في العالم»، لتقديم تجربة وصفها بـ«الفريدة» للسياح.
وزير الخارجية المصري خلال مشاركته حفل بدء التشغيل التجريبي لخدمات الزوار (وزارة السياحة والآثار)
وعلى مدار سنوات طويلة، ظل حلم تطوير منطقة آثار الأهرامات يداعب المسؤولين عن السياحة والآثار في البلاد، خصوصاً مع استمرار شكاوى الزوار من سيطرة الجمالة والخيالة على المنطقة، ومضايقتهم للسياح والمصريين على حد سواء، مما كان «يُفسد»، متعة الزيارة. وانطلق مشروع تطوير الأهرامات عام 2009 في عهد وزير الثقافة المصري الأسبق، فاروق حسني، وكان المفترض أن ينتهي في عام 2012، لكن المشروع توقف جراء الأحداث السياسية عام 2011، ليبدأ العمل به من جديد عام 2017 في عهد وزير السياحة السابق خالد العناني، الذي «اقترح مشاركة القطاع الخاص في تطوير المنطقة».
العربات الكهربائية (وزارة السياحة والآثار)
وقال المهندس هشام جاد الله، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة أوراسكوم بيراميدز، إن «منظومة الطاقة النظيفة بمنطقة الأهرامات تتماشى مع أجندة خفض الانبعاثات الكربونية، خاصة في ضوء استعدادات مصر لاستضافة الدورة الـ27 من مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ (كوب27)، والمقرر عقدها في شرم الشيخ، في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل».