الحزن يلف بريطانيا برحيل إليزابيث الثانية

الملك تشارلز: الشعور بفقدانها سيكون عميقاً في البلاد وخارجها

الأمير فيليب ينحني لإليزابيث الثانية عند تتويجها ملكة لبريطانيا في 2 يونيو 1953 (د.ب.أ) ... وفي الإطار الملكة تحيّي الجماهير بمانشستر في 23 مارس 2021 (رويترز)
الأمير فيليب ينحني لإليزابيث الثانية عند تتويجها ملكة لبريطانيا في 2 يونيو 1953 (د.ب.أ) ... وفي الإطار الملكة تحيّي الجماهير بمانشستر في 23 مارس 2021 (رويترز)
TT

الحزن يلف بريطانيا برحيل إليزابيث الثانية

الأمير فيليب ينحني لإليزابيث الثانية عند تتويجها ملكة لبريطانيا في 2 يونيو 1953 (د.ب.أ) ... وفي الإطار الملكة تحيّي الجماهير بمانشستر في 23 مارس 2021 (رويترز)
الأمير فيليب ينحني لإليزابيث الثانية عند تتويجها ملكة لبريطانيا في 2 يونيو 1953 (د.ب.أ) ... وفي الإطار الملكة تحيّي الجماهير بمانشستر في 23 مارس 2021 (رويترز)

بعد يوم مشحون بالقلق والخوف على صحة الملكة إليزابيث، أعلن قصر باكنغهام، أمس (الخميس)، في بيان مقتضب عن وفاة الملكة بعد 70 عاماً على عرش البلاد، صادقت خلالها على تعيين 15 رئيساً ورئيسة للحكومة، كان أولهم سير ونستون تشرشل. وقال البيان: «توفيت الملكة بسلام هذا المساء. سيبقى الملك وعقيلته في بالمورال، وسيعودان للندن غداً».
اتبع بيان القصر البروتوكول المعتمد لقرون في تسهيل تسلسل النظام الملكي، حيث سيتولى تشارلز، البالغ من العمر 76 عاماً، العرش تلقائياً. وقد نُكّس العلم البريطاني فوق قصر باكنغهام، وانفجر المحتشدون أمام بواباته بالبكاء فور إعلان النبأ. وتم تنكيس الأعلام على المباني العامة، وأُعلنت فترة الحداد في البلاد.
وأصدرت العائلة الملكة بياناً نيابةً عن الملك تشارلز ينعى فيه والدته الراحلة، قال فيه: «وفاة والدتي الحبيبة، جلالة الملكة، هي لحظة من الحزن العظيم لي ولكل أفراد عائلتي. نؤبِّن بحزن عميق وفاة ملكة عزيزة وأم محبوبة. أعرف أن الشعور بفقدانها سيكون عميقاً في كل أرجاء البلاد وخارجها ومن أناس كثيرين حول العالم. خلال هذه الفترة من الحداد والانتقال ستكون معرفتنا بكمّ الاحترام والحب العميق للملكة، هي مصدر راحتنا وتأسّينا».

وعلى «بي بي سي»، ألقى المذيع المخضرم هيو إدواردز النبأ بوجه حزين وعيون تملأها الدموع، وبربطة عنق سوداء، بينما أذاعت المحطة النشيد الملكي البريطاني مع صورة لإليزابيث الثانية على خلفية سوداء. يذكر العاملون في «بي بي سي» المرات التي كانوا يقومون فيها بالتدرب على إلقاء خبر وفاة الملكة، ويصفون التمرين بأنه كان محزناً في كل مرة. وعلق الصحافي المخضرم أندرو مار في لقاء إذاعي أنه أعد مقالاً عن سيرة حياة الملكة، مشيراً إلى أن إعداده كان أمراً حزيناً.
- يوم من الصلوات والتكهنات
جاء الخبر بعد يوم من التكهنات والمخاوف والصلوات، إثر إعلان قصر باكنغهام عن الوعكة الصحية التي تعرضت لها الملكة، ما أدى إلى استدعاء أفراد عائلتها لقلعة بالمورال باسكوتلندا؛ حيث تقضي فترة الصيف. أثار الإعلان مخاوف وشكوك كثيرين، حيث غرّد محرر الشؤون الملكية بقناة «آي تي في» التلفزيونية: «أبناء الملكة الأربعة معها الآن في قلعة بالمورال، بجانب حفيدها دوق كمبريدج. الوضع جاد». وأشارت مراسلة محطة «سكاي» التلفزيونية إلى تناثر شائعات حول سقوط الملكة وإصابتها، غير أن القصر نفى الشائعة، مكتفياً بالقليل من المعلومات وببيان رسمي، جاء فيه: «بعد مزيد من التقييم هذا الصباح، أبدى أطباء الملكة قلقهم على صحة جلالتها، وأوصوا ببقائها تحت الملاحظة الطبية». مشيراً إلى أن «الملكة لا تزال مرتاحة وفي بالمورال».

مع الرئيس الأميركي الأسبق جون كيندي وزوجته جاكلين في لندن (أ.ف.ب)

علّق موقع «بي بي سي» على البيان الصادر من قصر باكنغهام بأنه «غير معتاد»، وأضاف: «ليس من المعتاد أن يصدر قصر باكنغهام بياناً كهذا، ففي العادة لا يصدر أي تعليقات حول صحة الملكة التي تعد أمراً خاصاً بها».
وعلّق ريتشارد سامر، محرر الشؤون الملكية السابق في «بي بي سي» على صياغة بيان القصر المتحفظة، وعلى استخدام تعبير «أن الملكة مرتاحة»، بأنه إشارة على «أمر جدّيّ يحدث الآن» خلف جدران قلعة بالمورال. وأضاف متحدثاً لمحطة «بي بي سي»: «سياسة القصر كانت دائماً حذرة، ولقد راودني الشك أن الأمر يتعلق بمشكلات في الحركة تواجهها الملكة». وأشار إلى أن عمر الملكة المتقدم يعني إمكانية وجود مشكلات صحية معقدة، «عندما تكون بعمر الـ96 لا يمكنك توقع أن تكون بصحة من هم في سن الـ25». رغم ذلك أشار إلى أن انطباعات كل من قابلها في الفترة الأخيرة كلها تتفق على أن حالة الملكة الذهنية في أحسن حال، وأنها تُبدي اهتماماً بكل الأمور.
والمعروف أن الملكة كانت تعاني من مشكلات في الحركة والوقوف منذ العام الماضي، وقد لجأت لاستخدام عصا للمشي في مناسبات مختلفة.

مع نيلسون مانديلا خلال زيارته لبريطانيا في 1996 (رويترز)

وكانت الملكة قد استقبلت يوم الاثنين ليز تراس رئيسة الوزراء الجديدة التي أصبحت رئيسة الحكومة الـ15 خلال فترة تولي الملكة العرش، وتم الاستقبال في قلعة بالمورال بدلاً من قصر باكنغهام؛ حيث جرت العادة أن تتم مراسم توديع رئيس الوزراء السابق، والمصادقة على تعيين رئيس الوزراء الجديد.
وبعد ذلك، تواردت الأخبار عن توجه أفراد العائلة لرؤية الملكة؛ حيث توجه الأمير تشارلز وزوجته كاميلا إلى هناك، كذلك فعلت الأميرة آن الموجودة حالياً في اسكوتلندا. وفي الساعة الرابعة، مساء أمس، أُعلن وصول طائرة حربية خاصة تحمل الأمير ويليام والأمير أندرو والأمير إدوارد وزوجته صوفي لمطار أبردين باسكوتلندا، وبعدها استقل الأمراء سيارات خاصة لقلعة بالمورال، في رحلة استغرقت نحو الساعة. أما الأمير هاري فقد اتجه إلى بالمورال من لندن؛ حيث يوجد حالياً.

- أجواء حزينة
وفي قصر باكنغهام في لندن، عُلقت لافتة بأن تغيير الحرس لن يحصل، بينما تجمع بعض السياح، بعضهم انخرط في البكاء عند بوابة القصر، التي أصبحت محطاً لأنظار العالم ومركزاً لكاميرات وفرق وسائل الإعلام المختلفة.

وجاء خبر توعك الملكة إليزابيث الآن في خضمّ ظروف اقتصادية صعبة وأجواء حرب في أوروبا أطلت بآثارها على بريطانيا. في أثناء جلسة لمجلس العموم، توقف رئيس البرلمان ليندسي هويل ليخبر النواب بأن الملكة في حالة صحية تُقلق الأطباء، وبادر بإرسال تمنياته وصلوات الدعاء لها نيابةً عن المجلس، كما سارعت رئيسة الوزراء ليز تراس بالتعبير عن قلقها ودعواتها، وكذلك فعل السير كير ستارمر زعيم المعارضة. وبادر النواب بمشاركة أمنياتهم على «تويتر»، وعلق أحدهم بأن الأجواء في البرلمان «حزينة».

وسيطر الخبر على محطات التلفزيون البريطانية، وأعلنت محطة «بي بي سي 1» إيقاف برامجها اليومية حتى الساعة السادسة مساءً، وخصصت تغطية خبرية مستمرة من بالمورال ومن الاستديو في لندن لصحة الملكة، وتركزت الكاميرا على بوابة قلعة بالمورال؛ حيث توافدت السيارات من القلعة وإليها، بينما تجمع عدد من المواطنين القلقين على صحة الملكة خارج الأسوار.
- متاعب صحية
القلق على صحة الملكة التي احتفلت العام الماضي باليوبيل الماسّي لجلوسها على العرش، ليس جديداً، فالملكة تبلغ من العمر 96 عاماً، وفي الأعوام الأخيرة خفّضت من ارتباطاتها العامة، وأوكلت بعضها لولي عهدها الأمير تشارلز وحفيدها الأمير ويليام.
وفي شهر يونيو (حزيران) الماضي، أطلّت الملكة على شعبها المحتفل بها عبر شرفة قصر باكنغهام، غير أنها لم تستطع المشاركة في بقية الاستعراضات والاحتفالات التي أقيمت على شرفها.


مقالات ذات صلة

الأمير أندرو يعود إلى الواجهة... شخص مقرّب منه يشتبه في تجسسه لصالح الصين

أوروبا الأمير أندرو (رويترز)

الأمير أندرو يعود إلى الواجهة... شخص مقرّب منه يشتبه في تجسسه لصالح الصين

تصدّر الأمير أندرو الذي استُبعد من المشهد العام عناوين الأخبار في وسائل الإعلام البريطانية أمس (الجمعة)، على خلفية قربه من رجل أعمال متهم بالتجسس لصالح الصين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية الملكة البريطانية الراحلة إليزابيث الثانية (رويترز)

الملكة إليزابيث كانت تعتقد أن كل إسرائيلي «إما إرهابي أو ابن إرهابي»

كشف الرئيس الإسرائيلي السابق، رؤوفين ريفلين، عن توتر العلاقات التي جمعت إسرائيل بالملكة إليزابيث الثانية خلال فترة حكمها الطويلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب يلتقي الأمير وليام في غرفة الصالون الأصفر بمقر إقامة سفراء المملكة المتحدة في باريس (أ.ف.ب)

ترمب: الأمير ويليام أبلغني أن الملك تشارلز «يكافح بشدة» بعد إصابته بالسرطان

صرّح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بأن محادثات جرت مؤخراً مع وليام، أمير ويلز، ألقت الضوء مجدداً على صحة الملك تشارلز الثالث.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق وصول الملك تشارلز الثالث والملكة كاميلا لاستقبال السلك الدبلوماسي في القصر (أ.ب)

هاري يخيب آمال تشارلز بتصريحاته عن طفليه

تحدث الأمير هاري عن تجربته في تربية طفليه، آرتشي وليلبيت، مع زوجته ميغان ماركل في الولايات المتحدة، ما يبدو أنه خيَّب آمال والده، الملك تشارلز الثالث.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق رغم محاولاتها أن تُصبح أيقونة موضة لا تزال ميغان تستمد بريقها وقوة تأثيرها من ارتباطها بالأمير هاري (أ.ف.ب)

الأمير هاري يسخر من إشاعات الطلاق

سخر الأمير هاري، دوق أوف ساسكس، من الإشاعات المتكررة حول حياته الشخصية وزواجه من ميغان ماركل. جاء ذلك خلال مشاركته في قمة «DealBook» السنوية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
TT

حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)

ضرب الإعصار «شيدو» صباح اليوم السبت أرخبيل مايوت الفرنسي في المحيط الهندي حيث أُعلنت حالة التأهب القصوى مع توقع اشتداد الرياح المصاحبة له والتي تجاوزت سرعتها 180 كيلومترا في الساعة.

وضرب الإعصار جزيرة بوتيت تير في شرق الأرخبيل حيث يخشى أن تصل سرعة الرياح «إلى 200 و230 كلم/ساعة»، بحسب آخر نشرة للأرصاد الجوية الفرنسية، متوقعة رياحا مدمرة أشد من تلك التي صاحبت الإعصار «كاميسي» عام 1984.

وتسببت الرياح بانقطاع الكهرباء مع سقوط أعمدة كهرباء واقتلاع أشجار وتطاير أسقف منازل مصنوعة من الصفيح.

غيوم في سماء مايوت (أ.ف.ب)

وفي مدينة أوانغاني، قال رئيس البلدية يوسف أمبدي إنه يخشى «الأسوأ... لا يمكننا الخروج ولكن ما نشاهده يفوق الوصف».

ومنذ الصباح الباكر، أصدرت السلطات تحذيرا أرجوانيا وهو ما يعني لزوم جميع السكان منازلهم وعدم الخروج بما يشمل أجهزة الطوارئ والأمن وجميع عناصر الإنقاذ.

وقالت فاطمة التي تعيش في ماجيكافو-كوروبا وما زالت تذكر الإعصار الذي ضرب جزر القمر المجاورة عندما كانت طفلة «نحن خائفون جدا».

وتوقعت هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية أمطارا شديدة الغزارة مع خطر تشكل السيول والفيضانات وارتفاع أمواج البحر التي يمكن أن يكون لها آثار كبيرة على الساحل.

وحُظرت حركة المرور على الطرق العامة في جزيرتي غراند تير وبوتيت تير، وأغلق مطار دزاوودزي منذ مساء الجمعة.

ويتوقع خبراء الأرصاد الجوية الفرنسية تحسنا في الأحوال الجوية خلال اليوم، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.