هل يصمد القانون أمام نفوذ الميليشيات الليبية؟

بعد قرار «المحكمة العليا» إعادة تفعيل «الدائرة الدستورية»

النائب العام الليبي الصديق الصور
النائب العام الليبي الصديق الصور
TT

هل يصمد القانون أمام نفوذ الميليشيات الليبية؟

النائب العام الليبي الصديق الصور
النائب العام الليبي الصديق الصور

استمر الجدل إزاء قرار المحكمة العليا الليبية بإعادة تفعيل الدائرة الدستورية، بين مرحب يرى أن العودة ستسهم بحل الخلافات القانونية والدستورية، خاصة المتعلقة بالعملية الانتخابية بين أطراف الصراع، وبين معارض يحذر من توظيف قراراتها سياسياً، فضلاً عما ستؤدي إليه عملية نظر الطعون، التي يتوقع أن تكون كبيرة، من إبعاد حلم الانتخابات أكثر.
وبين تهليل المرحبين وتحذيرات المعارضين، طرح فريق ثالث تساؤلاته عن جدوى قوة أي قرارات ستصدرها الدائرة الدستورية مقارنة بنفوذ السلاح الموجود بيد الميليشيات اللاعب الأبرز بالساحة الليبية.
الإجابة الأولى عن هذا التساؤل وفق عضو مجلس الأعلى للدولة أبو القاسم قزيط، هي أن «الغلبة كانت دوماً لقوة السلاح في ظل الأوضاع التي شهدتها الساحة الليبية طيلة السنوات الماضية»، مشيراً إلى أن «قرارات الدائرة ذاتها قبل تجميدها عام 2016 كانت تقابل بالترحيب تارة والرفض تارة أخرى، وفي بعض الأحيان تطورت الأوضاع وتعرض أعضاء الدائرة للترهيب».
إلا أنه استدرك قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «لكن لا يمكن بالوقت ذاته التقليل من أهمية اصطفاف قرارات الدائرة الدستورية لصالح طرف من الأطراف المتصارعة، كون ذلك يسهم بلا جدال في تعزيز وضعيته محلياً ودولياً».
وأكمل: «الخطر الحقيقي يكمن في توظيف الميليشيات المسلحة من جانب أي من أطراف الصراع بدعم أو إجهاض قرارات تلك الدائرة، خصوصاً أن قيادات تلك الميليشيات تراقب بدقة التطورات السياسية قبل اتخاذ قرارها بالتموضع إلى جانب من يحقق مصالحها ومن تميل له كفة موازين القوى، بعيداً عن شرعيته وأحقيته بتولي السلطة، وهذا ليس بصالح البلاد».
وتوقع قزيط «أن تسقط أغلب القرارات والقوانين الليبية التي صدرت في الفترة من 2014 حتى الآن، والتي تخللتها صراعات مسلحة تحت مقصلة أحكام الدائرة الدستورية، لعدم إيفائها بالمعايير الدقيقة التي تطلبها نصوص قوانين الأخيرة التي وضعت بالأساس لدولة مستقرة»، محذراً من «أن توظف قرارات الدائرة سياسياً في ظل استمرار الصراع على السلطة».
ويشكك بعض أعضاء البرلمان ومؤيديه بصحة انعقاد الجمعية العمومية للمحكمة العليا خلال الجلسة التي تقرر بها عودة الدائرة الدستورية، ويتداول الجميع أحاديث في هذا السياق حول رفض البرلمان طلب المستشار الحافي التمديد له كرئيس للمحكمة بعد وصوله لسن التقاعد وإخطاره بهذا.
من جانبه، لم يتردد رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي، طلال الميهوب، في «التشكيك بأن تفعيل عودة الدائرة الدستورية تم بالأساس تحت مظلة قوة المجموعات المسلحة غرب البلاد وليس القانون».
وتعليقاً على احتمالية تقدم البعض بطعون بعدم دستورية البرلمان أو الطعن بقراراته منذ انتخابه في 2014، قال ميهوب لـ«الشرق الأوسط»: «لن تستطيع الدائرة الدستورية ولا غيرها فعل هذا... ونحن نحذر القضاء من الزج بنفسه بمعارك السياسة، فلن يقبل أحد بقرارات تحت مظلة السلاح والمال».
عضو مجلس النواب الليبي علي التكبالي، اكتفى بالإشارة للكثير من القرارات التي أصدرتها الحكومات المتعاقبة والأجسام السياسية ومنها مجلسه وبقيت حبراً على ورق لـ«عدم وجود قوة تدعم فرضها»، وهو ما يبرهن أن «كفة الميليشيات هي الأرجح دائماً»، وفقاً لقوله.
ويختلف التكبالي مع كثيرين يرون أن عدم سيطرة الإسلام السياسي والدبيبة، ممن كانوا بطليعة المباركين لقرار عودة الدائرة الدستورية، على الشرق والجنوب الليبيين كفيل بإجهاض تنفيذ أي قرارات قد تصدرها تلك الدائرة بالطعن في شرعية البرلمان أو قراراته وفي مقدمتها قرار تعيين المشير خليفة حفتر قائداً عاماً للجيش الوطني في مارس (آذار) 2015، وكذلك قرار تكليف حكومة باشاغا، محذراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من «استغلال أطراف خارجية للتشكيك بشرعية تلك الأجسام حينذاك، فضلاً عما سيتطلبه نظر كل هذه الطعون من فترات زمنية تقصي أي حديث عن إجراء الانتخابات».
وقضت الدائرة الدستورية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014 بحل مجلس النواب الليبي رغم اعتراف المجتمع الدولي بصحة انتخاباته التي جرت في يونيو (حزيران) من العام نفسه.
رئيس مؤسسة «سلفيوم» للأبحاث والدراسات، الليبي جمال شلوف، ذهب إلى أن تعرض القضاء للترهيب من قبل الميليشيات في الغرب الليبي كغيره من المؤسسات بات أمراً معروفاً للجميع وتحديداً للمنظمات الأممية.
وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، سلّط شلوف الضوء على تحدي وعرقلة قيادات تلك الميليشيات التي يقع تحت سلطتها عدد كبير من السجون لقرارات قضائية بالإفراج عن شخصيات محسوبة على نظام معمر القذافي.
ويلفت بعض المراقبين إلى أن الشرق الليبي لم ينجُ بدوره من أثر انتشار السلاح لكن بدرجة أقل، مشيرين إلى تمكن مجموعات مسلحة قبل ثلاثة أشهر من تهريب بعض المحكومين بمؤسسة الإصلاح والتأهيل «المرج» شمال شرق ليبيا، إلا أن الأجهزة الأمنية نجحت في إعادتهم.
ولم يستبعد الباحث «تعرض الدائرة الدستورية وأعضاء بمقرها بالعاصمة للترهيب من قبل الميليشيات، خصوصاً بالقرارات المتعلقة بالصراع السياسي، خاصة أن كل طرف سياسي لن يتردد في توظيفها لنسف شرعية الآخر».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

الجيش السوداني يعلن مقتل قائد لـ«الدعم السريع» في الفاشر

قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
TT

الجيش السوداني يعلن مقتل قائد لـ«الدعم السريع» في الفاشر

قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)

أعلن الجيش السوداني، السبت، مقتل القائد العسكري في «قوات الدعم السريع» العميد جمعة إدريس، خلال قصف بالمدفعية الثقيلة استهدف تحركات قواته في المحور الجنوبي لمدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب البلاد).

وقالت الفرقة السادسة مشاة، التابعة للجيش السوداني بالفاشر، في بيان على موقع «فيسبوك»، إن سلاح الطيران نفّذ، الجمعة، غارات جوية دمّرت 45 مركبة قتالية بكامل عتادها العسكري وطواقمها.

ووفقاً للبيان، حشدت «ميليشيا الدعم السريع» قوات كبيرة من الولايات ومناطق أخرى للهجوم على الفاشر وتسلُّم الفرقة السادسة.

وذكر أن القوات المسلحة أسقطت 3 مسيّرات كانت تستهدف دفاعات وارتكازات في المدينة.

«قوات الدعم السريع» تقصف مخيم زمزم (متداولة)

بدورها، قالت المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين (كيان مدني)، في بيان: «إن (قوات الدعم السريع) قصفت بالمدفعية الثقيلة خلال الأيام الماضية مخيمي زمزم وأبوشوك، ما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى غالبيتهم من النساء والأطفال والعجزة من الجنسين».

ودعا المتحدث باسم المنسقية، آدم رجال، الأطراف المتحاربة إلى الابتعاد عن استهداف مناطق النازحين، وعدم استخدام المدنيين العزّل «دروعاً بشرية» لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية.

وطالب رجال «قوات الدعم السريع» بوقف القصف المدفعي العشوائي، والقصف الجوي من قبل الجيش السوداني، وقال: «ينبغي أن يتم وقف الحرب بشكل فوري وعاجل من خلال وقف إطلاق النار وإنهاء العدائيات مباشرة لإنقاذ حياة النازحين من الأطفال والنساء».

ودعا المتحدث باسم النازحين، آدم رجال، المجتمع الدولي إلى ممارسة المزيد من الضغوط على الأطراف المتصارعة للالتزام بالقوانين الدولية، لوضع حد للقصف العشوائي بالمدافع الثقيلة والبراميل المتفجرة في الأماكن المأهولة بالمدنيين. وقال: «لا يوجد ما يبرر هذه الأعمال الإجرامية، لقد حان الوقت لإنقاذ ما تبقى من أرواح بريئة، فالكارثة لم تعد تحتمل المزيد من التأجيل».

بقايا مقذوف مدفعي استهدف معسكر زمزم للنازحين (متداولة)

وخلال الأسبوع الماضي أفادت تقارير حكومية رسمية بمقتل أكثر من 57 مدنياً وإصابة 376 في الهجمات على الفاشر ومعسكر زمزم.

وتُعد الفاشر من أكثر خطوط المواجهة اشتعالاً بين «قوات الدعم السريع» والجيش السوداني وحلفائه الذين يقاتلون للحفاظ على موطئ قدم أخير في منطقة دارفور.

وتسيطر الدعم السريع على 4 من أصل 5 ولايات في إقليم دارفور، هي: جنوب وشرق ووسط وغرب دارفور بعد أن تمكّنت من إبعاد القوات المسلحة السودانية، فيما تقود معارك ضارية للسيطرة على مدينة الفاشر.

وفي الخرطوم بحري تجددت المعارك العنيفة، فجر السبت، بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في عدة محاور بالمدينة.

وقال سكان لـ«الشرق الأوسط» إنهم سمعوا دوي انفجارات قوية هزت أرجاء المدينة.

ووفقاً لمصادر ميدانية، تدور الاشتباكات على بعد كيلومترات من ضاحية العزبة، بعد تقدم الجيش السوداني وسيطرته على أغلب أحياء منطقة السامراب بمدينة بحري.

وأعلنت غرفة طوارئ جنوب الحزام بولاية الخرطوم عن أن 4 أشخاص قتلوا وأصيب أكثر من 30 آخرين، الجمعة، جراء قصف جوي بالطيران التابع للجيش السوداني على منطقة الشاحنات.

وعلى الرغم من تقدم الجيش السوداني عسكرياً خلال الأشهر الماضية في مدينة بحري، لا تزال «قوات الدعم السريع» على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد، ومناطق شاسعة في إقليم دارفور، إضافة إلى جزء كبير من كردفان إلى الجنوب.

اندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» منذ أكثر من 18 شهراً، وأدت إلى مقتل أكثر من 188 ألف شخص، وفرار أكثر من 10 ملايين شخص من منازلهم.