فشل اجتماع للفرقاء السودانيين برعاية دولية

الجيش و«التغيير» قاطعاه بعد حضور «طرف غير مدعو»

جانب من احتجاجات الخرطوم المطالبة بالحكم المدني 31 أغسطس (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات الخرطوم المطالبة بالحكم المدني 31 أغسطس (أ.ف.ب)
TT

فشل اجتماع للفرقاء السودانيين برعاية دولية

جانب من احتجاجات الخرطوم المطالبة بالحكم المدني 31 أغسطس (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات الخرطوم المطالبة بالحكم المدني 31 أغسطس (أ.ف.ب)

فشل اجتماع للفرقاء السودانيين، برعاية «الآلية الرباعية»، التي تضم الولايات المتحدة والسعودية وبريطانيا والإمارات، كان مقرراً انعقاده بمنزل السفير السعودي في الخرطوم، لبحث الأزمة السياسية التي خلفها تولي الجيش السلطة، في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وحل مجلسي الوزراء والسيادة، وإلغاء بنود من الوثيقة الدستورية.
وكان السفير السعودي لدى السودان، علي بن حسن جعفر، قد بدأ خلال الأيام الماضية مشاورات مع السفير الأميركي جون غودفري، والسفير البريطاني جايلز ليفر، حول تحركات جديدة لفك حالة الاختناق السياسي في السودان، بعد تعثر مبادرة الآلية الثلاثية.
وقال مصدران مطلعان لـ«الشرق الأوسط» إن «الآلية الرباعية» التي يمثلها سفراء الدول الأربع، طلبت، قبل أيام، عقد اجتماع يضم قادة الجيش والمجلس المركزي لتحالف «الحرية والتغيير» المعارض وأطراف عملية «سلام جوبا» (الحركات المسلحة) المتحالفة مع الجيش، لمناقشة تعثر الحوار بشأن عملية الانتقال المدني الديمقراطي وتشكيل حكومة وهياكل الفترة الانتقالية. وأضاف أحد المصدرين أن الدعوة للاجتماع كانت مقصورة على ممثلي الأطراف الثلاثة، إلا أن أحد قادة الحركات المسلحة أحضر معه «قوى حليفة له لم تكن مدعوة للاجتماع»، الأمر الذي دفع ممثلي الجيش وتحالف «الحرية والتغيير» إلى مقاطعة الاجتماع، فيما أبدت «الآلية الرباعية» تفهماً لموقفهما.
وأفاد المصدر الثاني بأن هذا المسلك «أثار استياء أحد السفراء الغربيين، الذي وصفه بـ(غير المسؤول)، ولا يوجد أي تبرير لإقحام أطراف غير مدعوة للاجتماع». كما أبدى سفراء الدول الأربع تفهماً لموقف المعارضة برفض المشاركة في الاجتماع، باعتبار أن ما حدث خارج إطار الدعوة المقدَّمة منهم. وجاءت الدعوة للاجتماع، في سياق مساعٍ كانت قد ابتدرتها السعودية والولايات المتحدة، في يونيو (حزيران) الماضي، نجحت حينها في جمع قادة الجيش مع تحالف «الحرية والتغيير»، لكنها انقطعت بسبب تباعد المواقف بين الطرفين.
وكان مقرراً أن يشارك في اجتماع «الآلية الرباعية» ممثلون عن «الحرية والتغيير» واللجنة الثلاثية العسكرية التي تمثل «مجلس السيادة الانتقالي»، بالإضافة إلى رئيس حركة «جيش تحرير السودان»، مني أركو مناوي، وزعيم حركة «العدل والمساواة»، جبريل إبراهيم، وعضوَي مجلس السيادة، الهادي إدريس والطاهر حجر.
وعزا المصدر ذاته، وهو قيادي بارز في تحالف المعارضة، فشل قيام الاجتماع، إلى إصرار قائد الحركة المسلحة على مشاركة حلفائه (غير المدعوين) في الاجتماع للبحث عن شرعية لتثبيت تحالفه في العملية السياسية المقبلة.
من جانبها، أوضحت مصادر في تحالف «الحرية والتغيير» أن الاجتماع كان غير رسمي، لذلك قبل المجلس المركزي المشاركة فيه، تماشياً مع الموقف المعلن برفض أي مفاوضات مباشرة مع العسكريين حول أي نوع من الشراكة في الحكم، مثلما كان الوضع قبل 25 أكتوبر 2021، بل يطالبون بأن يتخلى الجيش عن العمل السياسي ويعود إلى ثكناته لأداء مهمته الرئيسية في حماية أمن البلاد.
وتبحث «الآلية الرباعية» عن حل للأزمة في البلاد، وتوقعت أن تكون هنالك خطوة ثانية خلال الأيام المقبلة بشأن تحريك العملية السياسية. وأشارت المصادر إلى أنها أجرت لقاءات مع المسؤولين الغربيين، ولم يحدث أي تغيير في موقف دول «الرباعية» أو «الترويكا» فيما يتعلق بخروج الجيش من السياسة. وتعول قوى المعارضة على المساعي الدولية في تقريب وجهات النظر بين الفاعلين الرئيسيين.
وتأتي الوساطة السعودية - الأميركية للدفع في اتجاه حل الأزمة بعد رفض تحالف «الحرية والتغيير»، الذي يُعد أكبر جسم للمعارضة في البلاد، المشاركة في عملية التفاوض المباشر الذي ترعاه «الآلية الثلاثية» المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة التنمية الأفريقية (إيقاد)، بسبب ما سمَّته «محاولة العسكريين إغراق تلك المفاوضات، عبر إشراك أطراف ليست جزءاً من الأزمة، وتؤيد بقاء الجيش في السلطة».


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

الحكومة المصرية لوضع سيناريوهات مختلفة بشأن أزمة «الإيجار القديم»

مجلس الوزراء المصري خلال اجتماعه برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)
مجلس الوزراء المصري خلال اجتماعه برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)
TT

الحكومة المصرية لوضع سيناريوهات مختلفة بشأن أزمة «الإيجار القديم»

مجلس الوزراء المصري خلال اجتماعه برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)
مجلس الوزراء المصري خلال اجتماعه برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

بينما أكدت الحكومة المصرية أنها «تعمل على توفير العملة»، دخلت على خط تنفيذ حكم المحكمة «الدستورية العليا» بشأن الشقق المؤجرة بموجب قانون «الإيجار القديم».

وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الخميس، إن حكومته تعمل بالتنسيق مع مجلس النواب (البرلمان) على وضع «السيناريوهات المختلفة» لتنفيذ الحكم، وأضاف: «نضع في الحسبان شواغل كل القطاعات الموجودة في المجتمع، سواء الملاك أو المستأجرين، حتى نراعي هذا الموضوع؛ لكن الأهم أن نضع الصورة التنفيذية لهذا الحكم خلال المرحلة المقبلة».

وقضت «الدستورية»، السبت الماضي، بعدم دستورية بعض الأحكام المتعلقة بتأجير الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، ويشمل ذلك «بطلان تثبيت الأجرة السنوية للوحدات السكنية»... ولا توجد إحصائية دقيقة عن أعداد الشقق التي تخضع لقانون «الإيجار القديم» في البلاد.

في إطار آخر، أكد مدبولي أن كل ما أثير عن «تأخر مصر في سداد التزاماتها الدولارية، وأن عليها فوائد وأقساطاً كبيرة متأخرة، غير صحيح».

ولفت في تصريحات صحافية عقب اجتماع الحكومة المصرية الأسبوعي بالعاصمة الإدارية الجديدة (شرق القاهرة)، الخميس، إلى أن «مصر ليس عليها أي قسط متأخر»، كما أنه «لم يقل أحد إن مصر أخفقت في سداد مستحقاتها».

ورد مدبولي على شائعة «طلب مصر من صندوق النقد الدولي زيادة مخصصات الدفعة الجديدة مليارَي دولار»، بقوله إن «المقصود من نوعية هذه الشائعات تصدير أن مصر لديها أزمة عملة». (الدولار يساوي 49.40 جنيه في البنوك المصرية).

وأشار إلى أنه التقى مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، للمرة الثانية في أذربيجان قبل أيام، وأثنت على «جميع الخطوات المصرية»، مؤكداً أن مديرة «الصندوق» نقلت هذا الأمر لمجلس إدارة الصندوق بمجرد عودتها من مصر، مشيدة بـ«كل الإجراءات الإصلاحية التي قامت بها مصر في هذا الشأن».

وبدأت إجراءات المراجعة الرابعة لبرنامج صندوق النقد الدولي مع مصر، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وهي واحدة من أصل 8 مراجعات في البرنامج، البالغة مدته 46 شهراً، والذي تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار.

مدبولي خلال مؤتمر صحافي مع مديرة صندوق النقد الدولي الشهر الحالي (مجلس الوزراء المصري)

وتحدث رئيس مجلس الوزراء المصري، مراراً خلال الفترة الأخيرة عن حجم الشائعات والأخبار المغلوطة التي تواجه حكومته، داعياً إلى ضرورة استقاء الأخبار من الدولة، مؤكداً أن كل تلك الشائعات تهدف إلى خلق حالة من الإحباط والمناخ السلبي. ووجّه جميع المسؤولين بالرد على ما يتردد على منصات التواصل الاجتماعي، وشرح الأمور للمواطنين، مؤكداً أن هذا الأمر يدخل في صميم دور الحكومة.

وأكد مدبولي، الخميس، «تحقيق نمو في تحويلات المصريين العاملين بالخارج»؛ إذ «ارتفعت التحويلات خلال أغسطس (آب) الماضي إلى 2.6 مليار دولار، مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي»، كما أشار إلى أن تحويلات المصريين، خلال شهري «يوليو (تموز) وأغسطس» الماضيين، بلغت نحو 5.6 مليار دولار، مؤكداً أن «الأمور تسير بصورة مستقرة».

وتنعكس أي زيادة في سعر صرف الدولار بصورة مُباشرة على زيادة أسعار السلع والخدمات في مصر، في ظل الاعتماد على مواد مستوردة. ولا تزال التوقعات تُحيط بزيادة جديدة لسِعر صرف الدولار أمام الجنيه.

وأثارت تصريحات رئيس مجلس الوزراء المصري، أخيراً، حول «تطبيق سعر صرف مرن للجنيه» مخاوف مصريين من اتجاه الحكومة إلى «تعويم» جديد؛ مما قد يفاقم أزمة الغلاء في البلاد.

أحد الأبنية في منطقة وسط القاهرة (هيئة تنشيط السياحة المصرية)

في غضون ذلك، أشار مدبولي إلى اهتمام حكومته بملف «ريادة الأعمال» الذي سيتم التحرك فيه بقوة خلال الفترة المقبلة، حيث تم تعيين مستشار لرئيس الوزراء لملف ريادة الأعمال تحديداً؛ لأن هذا الملف أصبح يضخ استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة نصف مليار دولار في العام.

وقال إنه التقى مسؤولي 10 شركات مصرية ناجحة في مجال ريادة الأعمال، حيث تصل قيمتها (اليوم) إلى 3 مليارات دولار، وتعهدوا بوصول الاستثمارات الأجنبية المباشرة في هذا المجال إلى أكثر من 5 مليارات دولار خلال 4 سنوات.

وسمح البنك المركزي المصري، في مارس (آذار) الماضي، بتحديد سعر صرف الجنيه، وفق آليات السوق (العرض والطلب)؛ مما أدى إلى انخفاض قيمة العملة المحلية أمام الدولار.

وتحدث مدبولي كذلك عن حضوره افتتاح مؤتمر المناخ «كوب 29» في باكو عاصمة أذربيجان، موضحاً أن عنوان المؤتمر، التمويل وإتاحة التمويل للدول النامية والناشئة لتتمكن من تنفيذ التزاماتها التي تعهدت بها في هذا المجال أمام العالم أجمع، والتباحث بشأن وعود الدول المتقدمة بتوفير 100 مليار دولار سنوياً للدول الناشئة لكي تتمكن من تنفيذ الالتزام بتعهداتها في هذا الشأن.