صعّدت طهران من ضغوطها على الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإنهاء تحقيقاً مفتوحاً حول آثار اليورانيوم في مواقع إيرانية لم تكن معروفة لمفتشي الأمم المتحدة أثناء تنفيذ الاتفاق النووي لعام 2015. ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول إيراني إن إغلاق التحقيق «خط أحمر للمرشد الأعلى». وقال وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان في موسكو، اليوم (الأربعاء)، إن بلاده بحاجة إلى ضمانات أقوى من واشنطن لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015. مضيفاً أن وكالة «الطاقة الذرية» التابعة للأمم المتحدة يجب أن تتخلى عن «تحقيقاتها ذات الدوافع السياسية» بشأن أنشطة طهران النووية.
وبعد محادثات غير مباشرة بين طهران وواشنطن استمرت 16 شهراً، قال جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي في الثامن من أغسطس (آب) إن الاتحاد قدم عرضاً نهائياً للتغلب على مأزق إحياء الاتفاق.
وقال عبد اللهيان في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الروسي سيرغي لافروف إن طهران تراجع بعناية رد واشنطن على النص النهائي الذي نقله التكتل الأسبوع الماضي. وصرح: «إيران تراجع بعناية النص الذي صاغه الاتحاد الأوروبي... نحتاج إلى ضمانات أقوى من الطرف الآخر للتوصل لاتفاق دائم... يجب على الوكالة (التابعة للأمم المتحدة) إغلاق تحقيقاتها ذات الدوافع السياسية». وأضاف: «يجب أن تغلق الوكالة هذه القضية... مثل هذه المطالب ذات الدوافع السياسية غير مقبولة بالنسبة لإيران».
وقد يلحق طلب طهران الضرر بجهود إنقاذ الاتفاق. وقال مسؤول إيراني، رفض الكشف عن هويته، للوكالة إن إغلاق تحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية «خط أحمر للمرشد الأعلى».
وفي وقت سابق اليوم، قال رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، محمد إسلامي، في مقابلة خاصة نشرتها وكالة «إيسنا» الحكومية، إنه «لا يوجد يوم إعادة تنفيذ» في الاتفاق المحتمل إذا لم يغلق تحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن آثار اليورانيوم في مواقع إيرانية غير معلنة.
واعتبر إسلامي أن أسئلة وكالة «الطاقة الذرية» في التحقيق الجاري منذ مارس (آذار) الماضي، «لا أساس لها وفقاً لاتفاق الضمانات»، رافضاً «مزاعم ووثائق قُدمت ضد إيران حول ثلاثة مواقع، لأن إيران لم تعلن عنها كمواقع نووية». وقال إن «الأماكن التي تطلب (الطاقة الذرية) الوصول إليها و(الاتهامات التي يطرحونها) هي (ما يتفوه به الكيان الصهيوني وجماعة مجاهدي خلق)». وأضاف: «يكررون ذلك منذ سنوات».
وقبل إسلامي بيوم، اتهم نائبه والمتحدث باسم «الذرية» الإيرانية بهروز كمالوندي، وكالة «الطاقة الذرية» بتقديم «طلبات مفرطة»، معتبراً أن تلك الطلبات «غير قابلة للتطبيق بسبب العقوبات».
والاثنين الماضي، قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، إن إحياء الاتفاق النووي «مرهون» بإنهاء تحقيق «الطاقة الذرية».
وشدد مدير «الطاقة الذرية» رافاييل غروسي، في حديث لشبكة «سي إن إن» الأميركية الأسبوع الماضي، على أن هيئته لن تغلق ملف المواقع غير المعلنة في إيران بدافع سياسي. وأوضح: «فكرة أن نعمد إلى التوقف عن القيام بعملنا بدافع سياسي غير مقبولة بالنسبة إلينا»، معيداً التأكيد على أن إيران «لم تقدم لنا إلى الآن إيضاحات مقبولة تقنياً نحتاج لها» لتفسير مسألة المواد النووية.
وقال فيدانت باتل نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية في مؤتمر صحافي، مساء أمس، إن الولايات المتحدة «تدعم بالكامل جهود المدير العام للوكالة الدولية رافائيل غروسي، مشدداً على الحاجة إلى إبداء إيران التعاون اللازم لتوضيح وحل القضايا المفتوحة في قضية الضمانات». وقال: «لقد كنا واضحين للغاية بأننا لا نعتقد أنه يجب أن تكون هناك أي شروط بين إعادة تنفيذ الاتفاق النووي والتحقيقات المتعلقة بالتزامات إيران القانونية بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية واتفاقية الضمانات الشاملة الخاصة بها».
وتراقب وكالة «الطاقة الذرية» المنشآت الإيرانية التي تضم أنشطة نووية أساسية، وكذلك كل المواد النووية بمقتضى اتفاق «الضمانات الشاملة»، الذي يراقب التزامات الدول الموقعة على «معاهدة حظر الانتشار النووي».
وفي يونيو (حزيران)، أصدر مجلس محافظي «الطاقة الذرية»، المؤلف من 35 دولة، بأغلبية ساحقة قراراً صاغته الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا ينتقد إيران لتقاعسها عن تفسير وجود آثار يورانيوم في ثلاثة مواقع.
وفقاً لتسريبات نشرتها وسائل إعلام إيرانية وإسرائيلية من مسودة الاتفاق النووي المحتل، فإن طهران وواشنطن قد تعودان إلى الاتفاق وفق جدول زمني يصل إلى خمسة أشهر، لكن مسؤولين إيرانيين وصفوا ذلك بـ«التكهنات».
ولم يوضح عبد اللهيان ما المقصود «بضمانات أقوى»، لكن خلال المحادثات، التي استمرت شهوراً مع واشنطن في فيينا، طلبت طهران ضمانات بعدم انسحاب أي رئيس أميركي في المستقبل من الاتفاق مثلما فعل الرئيس السابق دونالد ترمب في 2018. لكن الرئيس جو بايدن لا يمكنه تقديم مثل هذه الضمانات الصارمة لأن الاتفاق مجرد تفاهم سياسي وليس معاهدة ملزمة قانونياً.
ونسبت «رويترز» إلى مسؤول إيراني سابق قوله إنه «إذا انسحبت واشنطن من الاتفاق مرة أخرى فسيُشكل هذا إحراجاً كبيراً للمرشد الأعلى... وهذا أحد أسباب إصرار طهران على هذا الأمر».
ودافع إسلامي عن مسودة الاتفاق وأداء فريق المفاوض النووي، قائلاً إن «ما جرى كان قراراً عاماً للبلاد»، في إشارة إلى اتخاذ القرار في دوائر صنع القرار، وعلى رأسها المجلس الأعلى للأمن القومي الخاضع لصلاحيات المرشد على خامنئي.
وأفاد إسلامي أن بلاده أنتجت 1000 جهاز طرد مركزي متقدم من الجيل السادس (آي آر - 6). وقال: «مقارنة بالقيود المفروضة في المفاوضات والاتفاق النووي، كانوا يتصورون بأن تكون لدينا سلسلتين من 20 أو 30 جهاز طرد مركزي من الجيل السادس بعد ثمانية أعوام من بداية الاتفاق، لكننا تمكننا من تخطي 1000 جهاز خلال عام وتقدمنا أضعاف تقديراتهم». وأضاف أن الجدول الزمني المنصوص عليه في الاتفاق النووي «هو المعيار»، مشيراً إلى أن هناك «يوم المبدأ ويوم الصفر ويوم البداية (إعادة امتثال إيران لالتزامات الاتفاق النووي)».
وفي عام 2018، انسحب الرئيس ترمب من الاتفاق وأعاد فرض عقوبات أميركية قاسية، مما دفع طهران إلى البدء في انتهاك القيود النووية المنصوص عليها في الاتفاق.
طهران تصعد ضد «الطاقة الذرية» وتطالب بضمانات أميركية أقوى لإحياء «النووي»
طهران تصعد ضد «الطاقة الذرية» وتطالب بضمانات أميركية أقوى لإحياء «النووي»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة