اضطرت المعركة التي شهدتها العاصمة طرابلس بعض السياسيين في البلاد، للحديث عن ضرورة المسارعة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وسط استغراب متابعين من كثرة إهدار فرص إنجازها خلال الأشهر الماضية، وتذكرها فقط تحت ضغط نيران الاشتباكات.
وقال عضو مجلس النواب الليبي، حسن الزرقاء، إن «هذا الاستدعاء، أو بالأدق الاستنجاد بخيار الانتخابات في خضم المعركة، وبعد إهدار فرص إجرائها لمدة 8 أشهر منذ تأجيلها نهاية العام الماضي، أثار ردود فعل غاضبة بقطاعات واسعة في الشارع الليبي».
وبينما رأى الزرقاء في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الانتخابات «هي الحل الأمثل»، قال إن «طرح الأمر وسط المعارك وبعد سقوط القتلى بدا أقرب للمزايدة الواضحة في المواقف؛ خصوصاً أن كلاً من الفريقين المتصارعين فشل في ذلك خلال أوقات السلم، ومن ثم ذهبوا للحرب كطريق للسلطة».
وتابع متسائلاً: «كل الأطراف كانت تتابع التحشيد في العاصمة، فلماذا لم يطالبوا بوقفها»؟ لافتاً إلى أن «القوى الدولية كانت تتابع ما يحدث من معارك، وكان في إمكانها التحرك. فقط بعد الضغط العسكري وارتفاع عدد القتلى، بدأ كل طرف يدعو للانتخابات».
وكان المجلس الأعلى للدولة، قد دعا للعمل على تسريع إجراء انتخابات، وتوحيد مؤسسات الدولة وتعزيز الشرعية. لكن الزرقاء قال: «الليبيون غاضبون، ويدركون أن الأمر مجرد مزايدة ومتاجرة، وأنه لا يوجد طرف ليبي في السلطة يريد الانتخابات؛ كونها ستنهي وجوده السياسي»، كما أن الأطراف الغربية «لا تريد الانتخابات أيضاً، إلا إذا ضمنت أنها ستعمل على تعزيز مصالحها في ليبيا».
وانتهى إلى أن «الليبيين مغلوبون على أمرهم ما بين لململة أوضاعهم بعد الاشتباكات، وعدم القدرة على الإفصاح عن هذا الغضب، تخوفاً من ردود فعل انتقامية بحقهم».
أما عضو مجلس الأعلى للدولة، أبو القاسم قزيط، فوصف تواصل دعوات بعض القوى الدولية لإجراء الانتخابات في ظل الظروف الأخيرة التي شهدتها طرابلس، بأنها مجرد محاولة لـ«إبراء الذمة»، وقال إن هناك «تشككاً لدى قطاعات كبيرة بالشارع في جدية تلك الدعوات الدولية حول الانتخابات، أو فيما يتعلق بالحث على التهدئة، واستئناف العملية السياسية».
وذهب قزيط في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الانتخابات تحولت إلى شعار متكرر ترفعه القوى الدولية، دون تمهيد من جانبها لإجراء الاستحقاق، وهذا ما يحبط الليبيين بدرجة كبيرة».
واستكمل: «يوجد اليوم قطاع غير هين بالشارع، يتشكك في أن هذا الانسداد السياسي الذي استمر طيلة الأشهر الأخيرة، واشتباكات طرابلس، تم بضوء أخضر، فالجميع يرصد عدم وجود أي مساعدة أممية أو دولية تنتصر لليبيا، لا لفريق أو طرف سياسي بعينه».
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، قد حث الأطراف الليبية على الدخول في حوار حقيقي لمعالجة المأزق السياسي المستمر وعدم استخدام القوة لحل خلافاتهم. كما دعا السفير الأميركي والمبعوث الخاص إلى ليبيا، ريتشارد نورلاند، إلى وقف فوري لإطلاق النار، وإلى محادثات تيسّرها الأمم المتحدة بين الأطراف المتصارعة.
ويرى قزيط أن «الطريق للانتخابات بات صعباً وبعيداً جداً، بسبب ما أحدثته الاشتباكات من فرقة»، متابعاً: «لا توجد حكمة في استمرار الحديث عنها في ظل أجواء الصراع المحتدم، والخيار المنطقي أن يبدأ الجميع أولاً بالبحث عن درجة من الاستقرار السياسي والتوافق، ثم يأتي الحديث عنها بمرحلة لاحقة».
في السياق، رأى رئيس الهيئة العليا لـ«قوى التحالف الوطنية» توفيق الشهيبي، أن «الاستنجاد بالانتخابات حتى قبل هدوء المعركة، كان أمراً متوقعاً من قبل الأطراف المحلية، كما أن العودة للتعنت في المفاوضات حول قوانينها هو أمر متوقع أيضاً بعد هدوء الأوضاع».
وتوقع الشهيبي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «عودة مبكرة للخلاف مجدداً حول القوانين المنظمة للانتخابات بين مجلسي: النواب، والأعلى للدولة، وداعميهما إذا ما دعيا لمفاوضات حول شروط الترشح للرئاسة».
ويرى الشهيبي أن «الشارع رغم إحباطه من توقعات العودة للمربع ذاته، بات منهكاً في أوضاعه المعيشية من تضخم وركود غير مسبوق»، و«الآن ومع تلك الاشتباكات سوف يكون همه الرئيسي هو كيفية النجاة بحياته، وليس إجراء الانتخابات».
ولم يبتعد رئيس الهيئة التأسيسية لحزب «التجمع الوطني الليبي»، أسعد زهيو، عن الآراء السابقة، محملاً مسؤولية الاشتباكات الأخيرة «لكل الأجسام والنخب السياسية بالبلاد والمجتمع الدولي»، وأرجع ذلك «لتهربهم من إجراء الانتخابات، واستدعائها الآن لامتصاص أي غضب محتمل للشارع».
ولفت زهيو إلى الدعوة التي أطلقها رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، بضرورة الذهاب للانتخابات بعد المظاهرات الغاضبة التي وقعت الشهر الماضي في مدينة طبرق بشرق ليبيا، وأسفرت عن إحراق مقر البرلمان، وهي الدعوة ذاتها التي كررها الدبيبة الذي سبق وتعهد بإجراء الانتخابات في يونيو (حزيران) الماضي.
«معركة طرابلس» تستدعي الحديث عن الانتخابات الليبية... وسط شكوك
سياسيون وصفوها بمحاولات «إبراء الذمة» تحت ضغط الاشتباكات
«معركة طرابلس» تستدعي الحديث عن الانتخابات الليبية... وسط شكوك
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة