رئيسة وزراء فنلندا: أتوق إلى الفرح أحياناً

طالبت مواطنيها بألا يحكموا عليها في حياتها الخاصة

سانّا مارين (أ.ف.ب)
سانّا مارين (أ.ف.ب)
TT

رئيسة وزراء فنلندا: أتوق إلى الفرح أحياناً

سانّا مارين (أ.ف.ب)
سانّا مارين (أ.ف.ب)

ما مساحة الحرية الشخصية المسموحة لمسؤول سياسي؟ هذا السؤال تردد على إيقاع حكاية فنلندية بطلتها رئيسة وزراء هذا البلد، سانّا مارين، الصبية التي تسلمت السلطة عام 2019 وكانت أصغر رئيسة وزراء في العالم، وقادت بلادها بنجاح مشهود في محطات كبرى، من جائحة {كوفيد} إلى الانضمام إلى الحلف الأطلسي وإنهاء الحياد الذي أعلنته عقب الحرب العالمية الثانية.
الأربعاء الماضي اضطرت مارين للمثول أمام البرلمان الفنلندي، وهي على وشك أن تنفجر باكية، لتدافع عن نفسها ضد الانتقادات التي تتعرّض لها منذ أسابيع بسبب الأخبار والأشرطة المصورة التي تناقلتها وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي حول حياتها الخاصة والصداقات التي تحيط بها. قالت مارين بصوت متهدج: «أنا من طينة البشر، ويخطر لي أحياناً أن أتوق إلى الفرح، وإلى اللذة والنور بين كل هذا الضباب القاتم». وطلبت من أنصارها ومواطنيها أن يحكموا عليها بما تقوم به كرئيسة للحكومة وليس بما تفعله في حياتها وشؤونها الخاصة.
وبعد أن اعترفت رئيسة الوزراء بأن الأيام الماضية كانت صعبة جداً، قالت: «أعتقد أن المواطنين يحاسبون المسؤولين السياسيين على أدائهم في مناصبهم الرسمية وليس على تصرفاتهم في أوقات فراغهم. ولا أرى أي ضير في أن نستمتع برفقة أصدقائنا».
... المزيد


مقالات ذات صلة

سفيرة السعودية تقدم أوراق اعتمادها لرئيس فنلندا

الخليج سفيرة السعودية تقدم أوراق اعتمادها لرئيس فنلندا

سفيرة السعودية تقدم أوراق اعتمادها لرئيس فنلندا

قدمت نسرين الشبل، السفيرة السعودية في هلسنكي، أوراق اعتمادها للرئيس الفنلندي ساولي نينستو. ونقلت السفيرة، خلال الاستقبال، تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، للرئيس الفنلندي. وتعد نسرين الشبل ضمن 5 سعوديات في السلك الدبلوماسي، إلى جانب الأميرة ريما بنت بندر لدى الولايات المتحدة، وآمال المعلمي لدى النرويج، وإيناس الشهوان لدى السويد، وهيفاء الجديع لدى الاتحاد الأوروبي. ويأتي تعيينهن في إطار توجهات المملكة بتعزيز مشاركة النساء في الحياة العامة وتمكينهن في سوق العمل وتولي المناصب القيادية.

«الشرق الأوسط» (هلسنكي)
العالم فنلندا تبني سياجاً على حدودها مع روسيا

فنلندا تبني سياجاً على حدودها مع روسيا

بعد أقل من أسبوعين على انضمامها لحلف شمال الأطلسي «ناتو» بدأت فنلندا إقامة أول قطاع من سياج على حدودها مع روسيا اليوم (الجمعة)، وفقاً لوكالة أنباء «رويترز». وقررت الحكومة العام الماضي بناء السياج تحسباً في المقام الأول لتحرك روسيا نحو إغراق الحدود بالمهاجرين. وتتحسب فنلندا لتكرار الأحداث التي وقعت على الحدود الشرقية للاتحاد الأوروبي في بولندا في شتاء عام 2021 حين اتهم التكتل روسيا البيضاء المجاورة و«الحليف الوثيق لروسيا» بصنع أزمة من خلال نقل مهاجرين من الشرق الأوسط ومنحهم تأشيرات دخول ودفعهم نحو الحدود. ومن المقرر أن يغطي السياج الفنلندي المصنوع من شبكة من الحديد الصلب نحو 200 كيلومتر من الأج

العالم فنلندا تجري أول تدريباتها مع الناتو منذ انضمامها إليه

فنلندا تجري أول تدريباتها مع الناتو منذ انضمامها إليه

أعلنت فنلندا، اليوم الخميس، أنّها أجرت أول تدريبات عسكرية منذ انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) حيث رست سفينتان ألمانية وبرتغالية بشكل رمزي في ميناء هلسنكي. وقالت البحرية الفنلندية في بيان نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية» إنّ الفرقاطتين «مكلنبورغ فوربومرن» و«بارتولوميو دياس» سترسوان وتبقيان في العاصمة حتى يوم (الأحد). وقبل وصولها إلى هلسنكي، شاركت سفن الناتو، يوم الأربعاء الماضي، في تدريب نظمه الأسطول الساحلي الفنلندي في خليج فنلندا بالقرب من روسيا مع ثلاث سفن من الدولة الشمالية. وقالت البحرية في بيان: «هذه هي المرة الأولى التي تجري فيها فنلندا والأسطول الساحلي مناورة وزيارة منذ انضمام فنلن

«الشرق الأوسط» (هلسنكي)
العالم فنلندا: سانا مارين ستتخلى عن زعامة «الاجتماعي الديمقراطي» بعد الهزيمة الانتخابية

فنلندا: سانا مارين ستتخلى عن زعامة «الاجتماعي الديمقراطي» بعد الهزيمة الانتخابية

أعلنت رئيسة الوزراء الفنلندية سانا مارين التي هزمت في الانتخابات التشريعية الأحد، أنها ستتخلى عن زعامة الحزب الاجتماعي الديمقراطي في سبتمبر (أيلول) مستبعدة أن تتولى منصبا في الحكومة المقبلة. وقالت مارين (37 عاما) التي كان مستقبلها السياسي موضوع تكهنات كثيرة، اليوم الأربعاء، «توصلت إلى خلاصة أنني لن أسعى لولاية ثانية في زعامة الحزب خلال المؤتمر العام المقبل في سبتمبر».

«الشرق الأوسط» (هلسنكي)
العالم فنلندا رسمياً العضو الـ31 في «الناتو» وبلينكن يتسلم وثيقة انضمامها

فنلندا رسمياً العضو الـ31 في «الناتو» وبلينكن يتسلم وثيقة انضمامها

رُفع العلم الفنلندي في مقر حلف شمال الأطلسي (الناتو) في بروكسل، أمس (الثلاثاء)، بعدما باتت الدولة الاسكندنافية رسمياً العضو الـ31 في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بعد سياسة عدم انحياز عسكري اعتمدتها على مدى ثلاثة عقود.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

أليخاندرا بيثارنيك... محو الحدود بين الحياة والقصيدة

أليخاندرا بيثارنيك
أليخاندرا بيثارنيك
TT

أليخاندرا بيثارنيك... محو الحدود بين الحياة والقصيدة

أليخاندرا بيثارنيك
أليخاندرا بيثارنيك

يُقال إن أكتافيو باث طلب ذات مرة من أليخاندرا بيثارنيك أن تنشر بين مواطنيها الأرجنتينيين قصيدة له، كان قد كتبها بدافع من المجزرة التي ارتكبتها السلطات المكسيكية ضد مظاهرة للطلبة في تلاتيلوكو عام 1968. وعلى الرغم من مشاعر الاحترام التي تكنها الشاعرة لزميلها المكسيكي الكبير فإنها لم تستطع تلبية طلبه هذا، لأنها وجدت القصيدة سيئة. ربما يكون هذا مقياساً لعصرنا الذي ينطوي من جديد على صحوة سياسية، ليس أقلها بين الشباب، وفي الوقت الذي تتعرض فيه الشرطة للمتظاهرين وتطلق النار عليهم كما حدث عام 1968، فإن شاعرة «غير سياسية» بشكل نموذجي مثل أليخاندرا بيثارنيك تشهد اليوم انبعاثاً جديداً، ففي إسبانيا لقيت أعمالها الشعرية نجاحاً حقيقياً وهي مدرجة بانتظام في قوائم أهم شعراء اللغة الإسبانية للألفية الفائتة، وهي تُقرأ وتُذكر في كل مكان، بالضبط كما حدث ذلك في الأرجنتين خلال السبعينات.

وإذا لم أكن مخطئاً، فإن هذا النوع المميز من شعرها «الخالص» يُفهم على أنه أبعد ما يكون عن السياسة. إن انجذابها للاعتراف، وسيرتها الذاتية الأساسية، إلى جانب التعقيد اللغوي، تمنح شعرها إمكانية قوية لمحو الحدود بين الحياة والقصيدة، تبدو معه كل استعراضات الواقع في العالم، كأنها زائفة وتجارية في الأساس. إنها تعطينا القصيدة كأسلوب حياة، الحياة كمعطى شعري. وفي هذا السياق يأتي شعرها في الوقت المناسب، في إسبانيا كما في السويد، حيث يتحرك العديد من الشعراء الشباب، بشكل خاص، في ما بين هذه الحدود، أي بين الحياة والقصيدة.

تماماَ مثل آخرين عديدين من كبار الشعراء في القرن العشرين كانت جذور أليخاندرا بيثارنيك تنتمي إلى الثقافة اليهودية في أوروبا الشرقية. هاجر والداها إلى الأرجنتين عام 1934 دون أن يعرفا كلمة واحدة من الإسبانية، وبقيا يستخدمان لغة اليديش بينهما في المنزل، وباستثناء عم لها كان يقيم في باريس، أبيدت عائلتها بالكامل في المحرقة. في الوطن الجديد، سرعان ما اندمجت العائلة في الطبقة الوسطى الأرجنتينية، وقد رزقت مباشرة بعد وصولها بفتاة، وفي عام 1936 ولدت أليخاندرا التي حملت في البداية اسم فلورا. لقد كانت علاقة أليخاندرا بوالديها قوية وإشكالية في الوقت نفسه، لاعتمادها لوقت طويل اقتصادياً عليهما، خاصة الأم التي كانت قريبة كثيراً منها سواء في أوقات الشدة أو الرخاء، وقد أهدتها مجموعتها الأكثر شهرة «استخلاص حجر الجنون».

في سن المراهقة كرست أليخاندرا حياتها للشعر، أرادت أن تكون شاعرة «كبيرة» ووفقاً لنزعات واتجاهات الخمسينات الأدبية ساقها طموحها إلى السُريالية، وربما كان ذلك، لحسن حظها، ظرفاً مؤاتياً. كما أعتقد بشكل خاص، أنه كان شيئاً حاسماً بالنسبة لها، مواجهتها الفكرة السريالية القائلة بعدم الفصل بين الحياة والشعر. ومبكراً أيضاً بدأت بخلق «الشخصية الأليخاندرية»، ما يعني من بين أشياء أُخرى أنها قد اتخذت لها اسم أليخاندرا. ووفقاً لواحد من كتاب سيرتها هو سيزار آيرا، فإنها كانت حريصة إلى أبعد حد على تكوين صداقات مع النخب الأدبية سواء في بوينس آيرس أو في باريس، لاحقاً، أيضاً، لأنها كانت ترى أن العظمة الفنية لها جانبها الودي. توصف بيثارنيك بأنها اجتماعية بشكل مبالغ فيه، في الوقت الذي كانت نقطة انطلاق شعرها، دائماً تقريباً، من العزلة الليلية التي عملت على تنميتها أيضاً.

بعد أن عملت على تثبيت اسمها في بلادها ارتحلت إلى باريس عام 1960، وسرعان ما عقدت صداقات مع مختلف الشخصيات المشهورة، مثل خوليو كورتاثار، أوكتافيو باث، مارغريت دوراس، إيتالو كالفينو، وسواهم. عند عودتها عام 1964 إلى الأرجنتين كانت في نظر الجمهور تلك الشاعرة الكبيرة التي تمنت أن تكون، حيث الاحتفاء والإعجاب بها وتقليدها. في السنوات التالية نشرت أعمالها الرئيسية وطورت قصيدة النثر بشكليها المكتمل والشذري، على أساس من الاعتراف الذي أهلها لأن تكون في طليعة شعراء القرن العشرين. لكن قلقها واضطرابها الداخلي سينموان أيضاً ويكتبان نهايتها في الأخير.

أدمنت أليخاندرا منذ مراهقتها العقاقير الطبية والمخدرات وقامت بعدة محاولات للانتحار لينتهي بها المطاف في مصحة نفسية، ما ترك أثره في كتابتها الشعرية، بطبيعة الحال. وهو ما يعني أنها لم تكن بعيدة بأي حال عن الموت أو الأشكال المفزعة، إلى حد ما، في عالم الظل في شعرها بما يحوز من ألم، يعلن عن نفسه غالباً، بذكاء، دافعا القارئ إلى الانحناء على القصيدة بتعاطف، وكأنه يستمع بكل ما أوتي من مقدرة، ليستفيد من كل الفروق، مهما كانت دقيقة في هذا الصوت، في حده الإنساني. على الرغم من هذه الحقيقة فإن ذلك لا ينبغي أن يحمل القارئ على تفسير القصائد على أنها انعكاسات لحياتها.

بنفس القدر عاشت أليخاندرا بيثارنيك قصيدتها مثلما كتبت حياتها، والاعتراف الذي تبنته هو نوع ينشأ من خلال «التعرية». إن الحياة العارية تتخلق في الكتابة ومن خلالها، وهو ما وعته أليخاندرا بعمق. في سن التاسعة عشرة، أفرغت في كتابها الأول حياتها بشكل طقوسي وحولتها إلى قصيدة، تعكس نظرة لانهائية، في انعطافة كبيرة لا رجعة فيها وشجاعة للغاية لا تقل أهمية فيها عن رامبو. وهذا ما سوف يحدد أيضاً، كما هو مفترض، مصيرها.

وهكذا كانت حياة أليخاندرا بيثارنيك عبارة عن قصيدة، في الشدة والرخاء، في الصعود والانحدار، انتهاءً بموتها عام 1972 بعد تناولها جرعة زائدة من الحبوب، وقد تركت على السبورة في مكتبها قصيدة عجيبة، تنتهي بثلاثة نداءات هي مزيج من الحزن والنشوة:«أيتها الحياة/ أيتها اللغة/ يا إيزيدور».

ومما له دلالته في شعرها أنها بهذه المكونات الثلاثة، بالتحديد، تنهي عملها: «الحياة»، و«اللغة»، و«الخطاب» (يمثله المتلقي). هذه هي المعايير الرئيسية الثلاثة للاحتكام إلى أسلوبها الكتابي في شكله المتحرك بين القصائد المختزلة المحكمة، وقصائد النثر، والشظايا النثرية. ولربما هذه الأخيرة هي الأكثر جوهرية وصلاحية لعصرنا، حيث تطور بيثارنيك فن التأمل والتفكير الذي لا ينفصل مطلقاً عن التشابك اللغوي للشعر، لكن مع ذلك فهو يحمل سمات الملاحظة، أثر الذاكرة، واليوميات. في هذه القصائد يمكن تمييز نوع من فلسفة الإسقاط. شعر يسعى إلى الإمساك بالحياة بكل تناقضاتها واستحالاتها، لكن لا يقدم هذه الحياة أبداً، كما لو كانت مثالية، وبالكاد يمكن تعريفها، على العكس من ذلك يخبرنا أن الحياة لا يمكن مضاهاتها أو فهمها، لكن ولهذا السبب بالتحديد هي حقيقية. في قصائد أليخاندرا بيثارنيك نقرأ بالضبط ما لم نكنه وما لن يمكن أن نكونه أبداً، حدنا المطلق الذي يحيط بمصيرنا الحقيقي الذي لا مفر منه، دائماً وفي كل لحظة.

* ماغنوس وليام أولسون Olsson ـ William Magnus: شاعر وناقد ومترجم سويدي. أصدر العديد من الدواوين والدراسات الشعرية والترجمات. المقال المترجَم له، هنا عن الشاعرة الأرجنتينية أليخاندرا بيثارنيك، هو بعض من الاهتمام الذي أولاه للشاعرة، فقد ترجم لها أيضاً مختارات شعرية بعنوان «طُرق المرآة» كما أصدر قبل سنوات قليلة، مجلداً عن الشاعرة بعنوان «عمل الشاعر» يتكون من قصائد ورسائل ويوميات لها، مع نصوص للشاعر وليام أولسون، نفسه. وفقاً لصحيفة «أفتون بلادت». على أمل أن تكون لنا قراءة قادمة لهذا العمل. والمقال أعلاه مأخوذ عن الصحيفة المذكورة وتمت ترجمته بإذن خاص من الشاعر.