سفراء غربيون: عسكر السودان تراجعوا عن التعاون مع «الجنائية»

طالبوا السلطات باعادة مساره بالكامل تماشياً مع اتفاقية جوبا للسلام

جانب من الاحتجاجات الشعبية التي عرفتها شوارع الخرطوم أمس (رويترز)
جانب من الاحتجاجات الشعبية التي عرفتها شوارع الخرطوم أمس (رويترز)
TT

سفراء غربيون: عسكر السودان تراجعوا عن التعاون مع «الجنائية»

جانب من الاحتجاجات الشعبية التي عرفتها شوارع الخرطوم أمس (رويترز)
جانب من الاحتجاجات الشعبية التي عرفتها شوارع الخرطوم أمس (رويترز)

أصدر سفراء ورؤساء عدد من البعثات الدبلوماسية في السودان (الترويكا والاتحاد الأوروبي) بياناً مشتركاً، أبدوا فيه ملاحظات على تراجع السودان في التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية منذ الاستيلاء العسكري على السلطة في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو موقف يتطابق تماماً مع التصريحات، التي أدلى بها مدعي «الجنائية»، كريم خان، خلال ختام زيارته للسودان أول من أمس.
ودعا البيان السلطات السودانية الحالية إلى تجديد التعاون الكامل وغير المحدود، تماشياً مع اتفاقية جوبا للسلام، ووفقاً لمذكرة التفاهم الموقعة في أغسطس (آب) الماضي، بين مكتب المدعي العام والسودان. مشيراً إلى أن الحكومة الانتقالية السابقة عملت بشكل وثيق مع المحكمة الجنائية الدولية.
وفيما اعتبر السفراء زيارة مدعي «الجنائية» لإقليم دارفور، ولقاءاته بالمجتمعات المحلية، بعد مرور أكثر من 3 سنوات على سقوط نظام الرئيس السوداني المعزول، عمر البشير، تذكيراً بأن ضحايا الجرائم الدولية ما زالوا ينتظرون العدالة، ذكر البيان أن اتفاق «جوبا» للسلام نصّ بوضوح على الدور المهم للمحكمة الجنائية الدولية في تحقيق العدالة، ويلزم جميع الأطراف الموقعة بالتعاون الكامل وغير المحدود مع المحكمة، فيما يتعلق بالأشخاص الذين صدرت بحقهم أوامر بالاعتقال.
وجددت دول الترويكا والاتحاد الأوروبي التأكيد على طلب مدعي «الجنائية» للوصول دون عوائق إلى الشهود الذين حددتهم المحكمة، وتوفير الوثائق التي طلبتها. وحثّت السلطات السودانية على مساعدة المحكمة الجنائية الدولية في إنشاء مكتب ميداني في السودان، بناءً على طلب المحكمة. كما أشاد السفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية بالجهود الدؤوبة، التي يبذلها المدعي العام وفريقه لتحقيق العدالة لضحايا نظام البشير، ورحّبوا بالتقدم المحرز في محاكمة علي محمد علي عبد الرحمن (علي كوشيب)، أحد قادة ميليشيات «الجنجويد» الذي تجري محاكمته حالياً في لاهاي، وعدّوها علامة بارزة في طريق تحقيق العدالة التي يستحقها الشعب السوداني.
وجاء البيان المشترك من سفارات كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا والنرويج وإسبانيا والسويد، إضافة إلى سويسرا وبريطانيا وأميركا ووفد الاتحاد الأوروبي في الخرطوم، دعماً لزيارة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان.
وكان مدعي «الجنائية» قد صرح بأن هناك تراجعاً في مستوى التعاون بعد إجراءات أكتوبر الماضي، التي اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، بالاستيلاء على السلطة في البلاد. وخلال زيارته للسودان قدّم خان إحاطة لمجلس الأمن الدولي للمرة الأولى، تحدث فيها عن تراجع حكومة السودان في التعاون مع المحكمة، ومنعه مقابلة الرئيس المعزول عمر البشير ومعاونيه.
وفي المقابل، أوضحت وزارة العدل السودانية أن مدعي «الجنائية» لم يتقدم بأي طلب لمقابلة المطلوبين لدى المحكمة خلال زيارته للسودان، مشيرة إلى أنها تلقت طلباً من المحكمة في يونيو (حزيران) الماضي تم الرد عليه. كما أكدت وزارة العدل تعاون السلطات السودانية مع المحكمة الجنائية الدولية لتحقيق العدالة.
وفي يونيو 2021، قررت الحكومة الانتقالية، التي أطاح بها الجيش من السلطة، تسليم المطلوبين إلى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. ووقّعت حكومة رئيس الوزراء المستقيل، عبد الله حمدوك، والمحكمة الجنائية الدولية، خلال زيارة المدعي في أغسطس الماضي، على مذكرة تفاهم، تشمل التعاون بشأن جميع المطلوبين الذين صدرت بحقهم أوامر قبض من المحكمة. وقد أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات قبض ضد الرئيس عمر البشير، ووزير دفاعه عبد الرحيم حسين، ومساعده أحمد محمد هارون، وقائد ميليشيا «جنجويد» علي كوشيب، الذي سلّم نفسه للمحكمة، على خلفية اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية، في الأحداث التي شهدها إقليم دارفور في 2003. وفي عام 2005 أحال مجلس الأمن الدولي قضية دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وقضي القرار بملاحقة مسؤولين في الحكومة والجيش وقادة ميليشيات قبلية عن عمليات قتل وتهجير واغتصاب جرت في دارفور.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

عدّدت مصر «إنجازاتها» في ملف حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة، قبل مناقشة «تقرير المراجعة الشاملة» أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف، في يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكدت القاهرة «هدم السجون (غير الآدمية) وإقامة مراكز إصلاح حديثة».

وتقدمت الحكومة المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتقريرها الرابع أمام «آلية المراجعة الدورية الشاملة» التابعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي، تمهيداً لمناقشته الشهر المقبل، وهو تقرير دوري تقدمه مصر كل 4 سنوات... وسبق أن قدّمت القاهرة 3 تقارير لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان في أعوام 2010، و2014، و2019.

وقال عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» بمصر، رئيس «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» (مؤسسة حقوقية)، عصام شيحة، إن «الحكومة المصرية حققت (قفزات) في ملف حقوق الإنسان»، وأشار في تصريحات تلفزيونية، مساء الخميس، إلى أن «السنوات الأخيرة، شهدت قنوات اتصال بين المنظمات الحقوقية والمؤسسات الحكومية بمصر»، منوهاً إلى أن «مصر هدمت كثيراً من السجون القديمة التي كانت (غير آدمية) وأقامت مراكز إصلاح حديثة».

وأوضح شيحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الجمعة، أن «الحكومة المصرية تبنت فلسفة عقابية جديدة داخل السجون عن طريق الحد من العقوبات السالبة للحريات، وأنها هدمت نحو 15 سجناً، وقامت ببناء 5 مراكز إصلاح وتأهيل وفق أحدث المعايير الدولية، وتقدم برامج لتأهيل ودمج النزلاء».

عادّاً أن تقديم مصر لتقرير المراجعة الدورية أمام «الدولي لحقوق الإنسان» بجنيف، «يعكس إرادة سياسية للتواصل مع المنظمات الدولية المعنية بملف حقوق الإنسان».

وشرعت وزارة الداخلية المصرية أخيراً في إنشاء «مراكز للإصلاح والتأهيل» في مختلف المحافظات، لتكون بديلة للسجون القديمة، ونقلت نزلاء إلى مراكز جديدة في «وادي النطرون، وبدر، و15 مايو»، وتضم المراكز مناطق للتدريب المهني والفني والتأهيل والإنتاج، حسب «الداخلية المصرية».

ورغم الاهتمام الحكومي بملف حقوق الإنسان في البلاد، وفق مراقبين؛ فإن عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» يرى أن «هناك ملفات تحتاج إلى تحرك مثل ملف الحبس الاحتياطي في التهم المتعلقة بالحريات».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستعرض التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» في مصر (الرئاسة المصرية)

وفي وقت سابق، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استجابته لتوصيات مناقشات «الحوار الوطني» (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية الحبس الاحتياطي، داعياً في إفادة للرئاسة المصرية، أغسطس (آب) الماضي، إلى «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس، وتطبيق بدائل مختلفة للحبس الاحتياطي».

ويرى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أيمن أبو العلا، أن «الحكومة المصرية حققت تقدماً في تنفيذ محاور (الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان) التي أطلقتها عام 2021»، ودلل على ذلك بـ«إلغاء قانون الطوارئ، وتشكيل لجان للعفو الرئاسي، والسعي إلى تطبيق إصلاح تشريعي مثل تقديم قانون جديد لـ(الإجراءات الجنائية) لتقنين الحبس الاحتياطي».

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد عرض على الرئيس المصري، الأربعاء الماضي، التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، متضمناً «المبادرات والبرامج التي جرى إعدادها للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي».

وحسب إفادة للرئاسة المصرية، وجه الرئيس المصري بـ«استمرار جهود نشر الوعي بحقوق الإنسان في مؤسسات الدولة كافة، ورفع مستوى الوعي العام بالحقوق والواجبات»، وشدد على «تطوير البنية التشريعية والمؤسسية لإنجاح هذا التوجه».

عودة إلى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بـ«النواب» الذي قال إن ملف حقوق الإنسان يتم استغلاله من بعض المنظمات الدولية سياسياً أكثر منه إنسانياً، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ازدواجية في معايير بعض المنظمات التي تغض الطرف أمام انتهاكات حقوق الإنسان في غزة ولبنان، وتتشدد في معاييرها مع دول أخرى».