انكماش بريطاني غير مسبوق منذ «الصقيع الكبير»

التضخم لتجاوز 18 % بسبب ارتفاع أسعار الطاقة

سجل الاقتصاد البريطاني أكبر انكماش منذ 300 عام فيما ارتفع التضخم لأعلى مستوياته المسجلة منذ 40 عاماً (رويترز)
سجل الاقتصاد البريطاني أكبر انكماش منذ 300 عام فيما ارتفع التضخم لأعلى مستوياته المسجلة منذ 40 عاماً (رويترز)
TT

انكماش بريطاني غير مسبوق منذ «الصقيع الكبير»

سجل الاقتصاد البريطاني أكبر انكماش منذ 300 عام فيما ارتفع التضخم لأعلى مستوياته المسجلة منذ 40 عاماً (رويترز)
سجل الاقتصاد البريطاني أكبر انكماش منذ 300 عام فيما ارتفع التضخم لأعلى مستوياته المسجلة منذ 40 عاماً (رويترز)

تراجع الاقتصاد البريطاني بنسبة 11 في المائة عام 2020. وهو أكبر انكماش يسجّل منذ 300 عام، جراء وباء كوفيد، وفق ما أظهرت مراجعة بيانات جديدة نشرها المكتب الوطني للإحصاءات.
وقدّر المكتب الوطني في السابق بأن إجمالي الناتج الداخلي البريطاني انكمش بنسبة 9.3 في المائة عام 2020، لكن المراجعة الأخيرة جاءت إثر تغييرات طرأت على طريقة حساب البيانات، بحسب ما أفاد مساء يوم الاثنين.
ويعد الانكماش الأكبر منذ «الصقيع الكبير» عام 1709، بحسب بيانات بنك إنجلترا. وبالتالي، سجّل اقتصاد المملكة المتحدة انكماشاً تجاوز ذاك المسجّل في جميع دول مجموعة السبع، علماً بأن المكتب الوطني لفت إلى أن الولايات المتحدة وحدها أجرت حتى الآن النوع ذاته من عمليات المراجعة المعمّقة للحسابات.
وقال خبير الإحصاء لدى لمكتب الوطني كريغ ماكلارن: «تظهر بيانات الأحد بأن خدمة الرعاية الصحية تكبّدت تكاليف أعلى من تلك التي قدّرناها في البداية، ما يعني أن إجمالي مساهمتها في الاقتصاد كانت أقل». وأضاف أنه تم أيضاً خفض بيانات قطاع التجزئة بعد المراجعة. وتابع أن «توازن التقديرات الأكثر تفصيلاً بين عدة مصادر بمستوى المنتج التفضيلي تشير إلى أن متاجر التجزئة والبائعين بالجملة باعوا أقل مما اعتقدنا في البداية خلال فترة الوباء».
وفي الوقت ذاته، يتجه التضخم في بريطانيا ليتجاوز 18 في المائة في بداية عام 2023 بسبب أسعار الطاقة المرتفعة للغاية، وفقاً لتوقعات جديدة لخبراء الاقتصاد في مجموعة سيتي.
وتوقع خبراء أن يصل تضخم مؤشر أسعار المستهلك إلى 18.6 في المائة في شهر يناير (كانون الثاني) المقبل، الذي سيعد أعلى معدل في نحو نصف قرن.
وفي الشهر الماضي، وصل تضخم مؤشر أسعار المستهلك إلى مستوى قياسي مرتفع خلال 40 عاماً بلغ 10.1 في المائة. وكان بنك إنجلترا قد توقع في وقت سابق أن يصل التضخم إلى ذروته عند 13 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل قبل أن يتراجع، وفقاً لوكالة الأنباء البريطانية (بي أيه ميديا)... غير أن بن نابارو الخبير في مجموعة سيتي توقع أن يقفز التضخم إلى 14.8 في المائة في أكتوبر المقبل مع ارتفاع أسعار الطاقة للمنازل.
وفي سياق منفصل، أعلنت الخطوط الجوية البريطانية «بريتيش إيرويز» الاثنين تقليص عدد رحلاتها المقرّرة عبر مطار هيثرو اللندني في الشتاء بسبب استمرار معاناة قطاع الطيران من نقص في عديد الطواقم مع ازدياد الطلب على السفر.
ويأتي الإعلان عن إلغاء 10 آلاف رحلة في شهر مارس (آذار) بعد أسبوع على إعلان إدارة مطار هيثرو تمديد مفاعيل قرارها الحد من عدد المسافرين عبره الذي بدأ تطبيقه في يوليو (تموز)، حتى أكتوبر.
وجاء في بيان لشركة الطيران: «نحن الآن بصدد تعديل جدول رحلاتنا للمسافات القصيرة في الشتاء حتى نهاية مارس وتقليص جدول رحلاتنا بنحو 5 آلاف رحلة ذهاب وإياب».
كما أعلنت الشركة أنها بصدد إجراء تعديلات على جدول رحلاتها للمسافات القصيرة للشهرين المقبلين بعد الإعلان الذي أصدرته إدارة مطار هيثرو الأسبوع الماضي. وكانت إدارة مطار هيثرو قد حدّدت في يوليو سقفاً لعدد الركاب المغادرين يومياً بـ100 ألف مسافر أي أقل بأربعة آلاف من القدرة الاستيعابية للرحلات.
والتدبير الذي أقر للحد من الفوضى التي سادت بعد زيادة كبيرة في أعداد المسافرين في فترة ما بعد الجائحة وتزامنت مع نقص في عديد الطواقم، كان يفترض أن تنتهي مفاعيله بنهاية سبتمبر (أيلول).
وعمدت شركات الطيران إلى جدولة آلاف الرحلات في أوروبا هذا الصيف للاستفادة من طفرة في الطلب على السفر بعد تخفيف القيود التي كانت مفروضة لاحتواء جائحة كوفيد - 19.
لكن بعدما خفّضت عديد طواقمها بشكل كبير خلال الجائحة، تواجه حالياً شركات الطيران والمطارات صعوبات في توظيف العدد الكافي من الأشخاص لملء المراكز الشاغرة. وقد أدى هذا الوضع إلى تشكّل طوابير طويلة أمام مكاتب تسجيل الدخول ومراكز التفتيش وتسلّم الحقائب في مطارات عدة في أوروبا، وإلى إلغاء رحلات بسبب النقص في عديد الطواقم.
وتخفّض «بريتيش إيرويز» قدراتها الاستيعابية للركاب بنسبة 13 في المائة بين مايو (أيار) وأكتوبر، كما أنها توقّفت بشكل مؤقت عن بيع تذاكر السفر للرحلات القصيرة انطلاقاً من مطار هيثرو. والتدابير المعلنة تمثّل تخفيضاً بنسبة ثمانية في المائة في القدرة الاستيعابية للركاب لفصل الشتاء. وهذا الشتاء تعتزم «بريتيش إيرويز» تسيير 290 رحلة ذهاب - إياب يومياً انطلاقاً من مطار هيثرو.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

الاقتصاد «الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

للمرة العاشرة منذ مارس (آذار) العام الماضي، اتجه البنك الاتحادي الفيدرالي الأميركي إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة أساس، يوم الأربعاء، في محاولة جديدة لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، التي يصارع الاتحادي الفيدرالي لخفضها إلى 2 في المائة دون نجاح ملحوظ. وأعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع سعر الفائدة الرئيسي 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.00 و5.25 في المائة، لتستمر بذلك زيادات أسعار الفائدة منذ مارس 2022 وهي الأكثر تشدداً منذ 40 عاماً، في وقت يثير المحللون الاقتصاديون تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيادة ستكون آخر مرة يقوم فيها الاتحادي الفيدرالي برفع الفائدة، أم أن هناك مزيداً من الخطوات خلال الفت

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

لا تتوقف تداعيات الحرب التجارية الدائرة منذ سنوات بين الولايات المتحدة والصين عند حدود الدولتين، وإنما تؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، وكذلك على جهود حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي. وفي هذا السياق يقول الكاتب الأميركي مارك غونغلوف في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إن فرض رسوم جمركية باهظة على واردات معدات الطاقة الشمسية - في الوقت الذي يسعى فيه العالم لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ومكافحة تضخم أسعار المستهلك وتجنب الركود الاقتصادي - أشبه بمن يخوض سباق العدو في دورة الألعاب الأوليمبية، ويربط في قدميه ثقلا يزن 20 رطلا. وفي أفضل الأحوال يمكن القول إن هذه الرسوم غير مثمرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الدولار يتراجع  في «ساعات الترقب»

الدولار يتراجع في «ساعات الترقب»

هبط الدولار يوم الأربعاء بعد بيانات أظهرت تراجع الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة، فيما ترقبت الأنظار على مدار اليوم قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي صدر في وقت لاحق أمس بشأن أسعار الفائدة. وأظهرت بيانات مساء الثلاثاء انخفاض الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي خلال مارس (آذار)، وسجلت معدلات الاستغناء عن الموظفين أعلى مستوياتها في أكثر من عامين، ما يعني تباطؤ سوق العمل، وهو ما قد يساعد الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي  أقل من 70 دولاراً للبرميل

النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي أقل من 70 دولاراً للبرميل

واصلت أسعار النفط تراجعها خلال تعاملات أمس الأربعاء، بعد هبوطها بنحو 5 في المائة في الجلسة السابقة إلى أدنى مستوى في خمسة أسابيع، فيما يترقب المستثمرون المزيد من قرارات رفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد 2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

أظهر تحليل أجرته منظمات دولية تشمل الاتحاد الأوروبي ووكالات الأمم المتحدة المختلفة أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يشهدون أوضاعا تتسم بانعدام الأمن الغذائي ارتفع في مختلف أنحاء العالم في 2022. وتوصل التقرير الذي صدر يوم الأربعاء، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن أكثر من ربع مليار شخص عانوا من جوع شديد أو من مجاعات كارثية العام الماضي.

أحمد الغمراوي (القاهرة)

السعودية تتبنى تقنيات حديثة لاستدامة شبكات الطرق وتمكين الخدمات اللوجيستية

الرئيس التنفيذي المكلف لـ«الهيئة العامة للطرق» متحدثاً للحضور في إحدى الجلسات الحوارية (الشرق الأوسط)
الرئيس التنفيذي المكلف لـ«الهيئة العامة للطرق» متحدثاً للحضور في إحدى الجلسات الحوارية (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تتبنى تقنيات حديثة لاستدامة شبكات الطرق وتمكين الخدمات اللوجيستية

الرئيس التنفيذي المكلف لـ«الهيئة العامة للطرق» متحدثاً للحضور في إحدى الجلسات الحوارية (الشرق الأوسط)
الرئيس التنفيذي المكلف لـ«الهيئة العامة للطرق» متحدثاً للحضور في إحدى الجلسات الحوارية (الشرق الأوسط)

كشف المهندس بدر الدلامي، الرئيس التنفيذي المكلف لـ«الهيئة العامة للطرق»، عن استخدام تقنيات متطورة لإعادة تدوير طبقات الطرق في السعودية، مما ساهم في تسريع عمليات الصيانة بنسبة 40 في المائة، إلى جانب تحسين كفاءة الإنفاق وحماية البيئة.

وأشار الدلامي، خلال جلسة حوارية ضمن فعاليات اليوم الثاني من «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية» الذي أقيم في الرياض، إلى أن السعودية «تمتلك شبكة طرق تتجاوز نصف مليون كيلومتر طولي، مما يجعلها في المرتبة الأولى عالمياً في الترابط، والرابعة بين دول (مجموعة العشرين) في جودة الطرق».

كما أوضح أن «كود الطرق السعودي يواكب التحولات المستقبلية، ويشمل تطوير عقود الصيانة المبنية على الأداء».

ومن أبرز ما كشف عنه الدلامي «إنجاز وافتتاح المحول الشرقي بالرياض لتخفيف الازدحام المروري وتحويل حركة الشاحنات، بالإضافة إلى (الدائري الثاني) بجدة الذي ينقل الشاحنات إلى خارج المدينة، مما يدعم تدفق الخدمات اللوجيستية».

«السلامة والجودة والاستدامة» محور استراتيجيات النقل

وأكد الدلامي أن بناء شبكة طرق آمنة وعالية الجودة يشكل حجر الأساس لنظام لوجيستي ناجح.

كما أشار إلى «تطوير استراتيجية النقل والخدمات اللوجيستية لتشمل مرتكزات أساسية؛ منها (السلامة والجودة والاستدامة). ولتسهيل نقل الحمولات الكبرى، أطلقت (الهيئة) نظاماً لاستخراج تصاريح الحمولات الاستثنائية، بما يتماشى مع الطلب المتنامي في القطاع».

جانب من المعرض المصاحب لـ«مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

إنجازات رقمية وتمكين الكفاءات الوطنية

من جهته، أشار المهندس أحمد الحسن، مساعد وزير النقل والخدمات اللوجيستية، إلى أن الوزارة «تركز على تنفيذ استراتيجيات تهدف إلى ربط السعودية عالمياً وتعزيز تنافسيتها، مع اهتمام خاص بتطوير رأس المال البشري عبر تمكين الكفاءات الوطنية لدعم (رؤية 2030)».

وشهد اليوم الثاني من المؤتمر جلسات نقاشية جمعت خبراء عالميين ومختصين لبحث أفضل الممارسات لتحسين كفاءة سلاسل الإمداد.

وفي إحدى الجلسات، استعرض المهندس عبد العزيز آل سنان، الرئيس التنفيذي لشركة «بتروآب»، أهمية الشراكات القوية في تحقيق الإنجازات، مشيراً إلى أن «التحول الرقمي مكّن الشركات من تحسين الأداء وخفض التكاليف عبر استخدام السجلات الدقيقة لكل مركبة».

أما حامد العبيدي، المدير العام لشركة «يماتك»، فقد أكد أن «النجاح في صناعة اللوجيستيات يعتمد على تحديث الأنظمة وتبني التكنولوجيا الذكية».

وفي السياق ذاته، شدد عصام المرهون، رئيس الشؤون الإدارية والامتثال بشركة «ستارلينكس»، على «ضرورة تطوير المهارات العلمية للجيل الجديد المهتم باللوجيستيات، وفتح آفاق جديدة للاستثمار في تقنيات التخزين وإدارة سلسلة الإمداد».

من جانبه، أشار المهندس منصور القحطاني، مدير إدارة المستودعات الوسطى في «الشركة السعودية للكهرباء»، إلى «دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز حماية البيانات، وتمكين الشركات من التعامل بذكاء مع التهديدات المحتملة، مما يسهم في رفع كفاءة القطاع».