عباس النوري مُتجاوِز الخنادق

يعترف بفضل السوق الخليجية في رعاية الدراما السورية

عباس النوري مُتجاوِز الخنادق
TT

عباس النوري مُتجاوِز الخنادق

عباس النوري مُتجاوِز الخنادق

بإطلالة على «العربية»، في برنامج «سؤال مباشر»، تناقش الممثل السوري عباس النوري ومُحاوره السعودي خالد مدخلي، في أقدار الدراما ما بعد الحرب. يرحب به بمقدمة مسبوقة بحقيقة يعلمها ضيفه وهي أن «الدراما السورية ليست في وهجها الساطع بعدما دخلت بيوت العرب منذ نحو 12 عاماً». يرى في مصيرها «تأرجحاً، مرة يميناً ومرة شمالاً»، ويطرح الإشكالية: «إلى أين تتجه بوصلتها؟». كانت للنوري أجوبة تتجاوز الخنادق.
يمنحه إطراء مُستحَقاً بقوله إنه من أهم رموزها عربياً، ويبدأ من رمضان الماضي. يعتمد مدخلي على شبه إجماع، هو في محله، عن تصدر مسلسل «مع وقف التنفيذ» السباق والمشاهدات. ذلك من أجل سؤاله: «هل يمكن الحديث عن عودة حقيقية للدراما السورية أم أنها مسألة التقاط أنفاس؟»، قاصداً ما مجموعه نحو 26 مسلسلاً بين التاريخي والشامي والاجتماعي، شكلت تأكيداً على نفض الخراب.
يفتح النوري شباكاً داخل المساحات المغلقة ولا ينظر إلى النقاش بعين مُصابة بالعمى. يُشبه الصناعة الدرامية في بلاده بقطار تستوقفه خلال مسيرته عدة محطات، لكنه يستريح، يتزود بالوقود وينطلق. ذلك تشبيه شاعري، أهم منه حديثه الواقعي عن علاقة السوق بالنهضة الدرامية. يدخل صلب الموضوع ويقولها بأسف: «الدراما السورية لا تملك سوقاً حقيقية حتى الآن».
نشاطها وانكفاؤها، برأيه، نتاج معادلات السوق، فيُكمل صاحب شخصية «فوزان» في «مع وقف التنفيذ»: «الدليل أنها لا تزال مكبلة بشروط قد تبدو أحياناً سياسية». يتمهله مُحاوره لتعداد صعوبات، رغماً عنها، تفوق المسلسل المذكور نصاً وأداء وصورة: «انقطاع كهرباء، أزمة محروقات، بنى تحتية بعضها مُدمر، انخفاض قيمة الليرة، كيف استطعتم التميز؟». يوافق بهز الرأس.
كأن مدخلي بعرضه المواجع يحرك القوة الكامنة في المأساة. يتلقفها النوري ويدفعها إلى السطح، ليعلن أن قسوة الظرف نفسها لم تحل دون الإبداع، «وما زلنا نصنع أعمالاً تحاول خوض معركة السوق».
يعترف بفضل الانتشار للسوق الخليجية من بوابة «إم بي سي»: «هي السوق الأولى للفن والدراما السورية، ترعاها بشكل غير مباشر، وتوفر لها فرص التسويق والانتشار». كنية في الإنصاف، يوصف المشهد: «مَن يدخل (إم بي سي) يدخل المول، لا السوق فحسب»، معترفاً بالجَميل على المستوى الشخصي: «تسببت بشهرتي، عرفتي إلى الجمهور العربي وأتاحت لي امتحان نفسي. للقنوات الخليجية دَين في عنقي».
دخول الدراما السورية السوق في رمضان الماضي، مؤشر من وجهة عباس النوري إلى الحاجة لمزيد من الاستثمار وإفساح المجال للحرية. «هامش ينبغي أن يتسع إلى أبعد حد». يتبنى خطاباً واعياً بدعوته إلى أن «يكون للثقافة حضورها في قراءة كل قضايانا، وليس للسياسة على الإطلاق». منطلقه شخصية «فوزان» والمسلسل نفسه في محاكاته واقع الحياة السورية بلا مقاصد توجيه الرسائل السياسية، أو أن تكون أي من الشخصيات في موقع الـ«مع» أو الـ«ضد». «الدراما تحتاج إلى مزيد من الحريات للتعبير عن حياتنا»، يقول كمن يُشرح أصل العلة قبل التطرق إلى ما أُلحق بها من رياح هبت بما لا تشتهي السفن.
يسأله مُحاوره عن «سقف الحرية» اليوم، فيشرح: «إظهار شخصية مخباراتية فاسدة في الدراما السورية ليس جرأة. الجرأة هي إعلاء الفن الصادق». يقصد فناً هو مرآة الشعوب يقدم تجربة من عمق الوجع. التمهل الطويل عند مسلسل «مع وقف التنفيذ» في اللقاء، دون مسلسلي «حارة القبة» و«أولاد البلد»، حيث في الأول شارك النوري بالبطولة وفي الثاني حل ضيف شرف؛ هو للقول إنه استطاع خرق مشهدية مجتمع أجهضت الحرب خصائصه وحين عاد إلى الحياة مع هدوء المعارك، طفت كل مظاهر التفكك الاجتماعي. دراما الإنسان.
يعيده مدخلي إلى اعتقاله في بداية شبابه أيام الفورة والحماسة، فيحسم اليوم بعد النضج: «لا موقف سياسياً لدي وأنا خارج الأحزاب. ملعبي الثقافة وكل ما هو في حيزها». يتوصل بالتجارب إلى أن الحرية لا تُطلب، بل تُصنع: «لا أطالب بها إنما أكرس قيمتها في أعمالي». ومن خلفيته المُلمة بالتاريخ، يتألم: «أكره ما جرى من تزوير لتاريخ سوريا. لا حرية في أعمال تشوه الوطن، ولا بما يُخاض في (الفيسبوك). ثمة محرمات التطاول عليها لا يصنع أبطالاً».
خلاصته: «الخطاب الإنساني يبقى الأهم». ذلك رده على سؤال مُحاوره عن هموم الكتاب السوريين وأي أفكار تفرضها الحرب على الدراما. لا يرى ضيفه في إعادة إنتاج الدم والغضب والشعارات الفارغة أي جدوى درامية، طالما يعجز العمل عن تقديم صورة إنسانية للضحية. «الضحايا كثر في حياتنا، نحن أبناء مجتمعات مضغوطة على وشك الانفجار».
تتكرر معه مظاهر عنفية كتهديده بالقتل إثر تصريحاته، ومع ذلك يختار المنطقة المحظورة: «مهمتي إثارة الجدل. تعالوا نتحاور». «هل سوريا مهيأة للحوار؟»، كأنه ينتظر سؤال مدخلي للتأكيد: «الحوار سيبقى موجوداً في الشارع السوري، حيث الشعب يناقش حريته ورغيف خبزه في آن». يغريه تجسيد شخصية أدونيس، ولا يرى في أي سياسي مشروعاً تمثيلياً مغرياً. الإنسان فيه يسمو بالفنان.


مقالات ذات صلة

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

يوميات الشرق الفنانة المصرية منة شلبي تقدم أول أعمالها المسرحية (حسابها على «فيسبوك»)

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

تخوض الفنانة المصرية منة شلبي أولى تجاربها للوقوف على خشبة المسرح من خلال عرض «شمس وقمر» الذي تقوم ببطولته، ويتضمن أغاني واستعراضات.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق عرض مسرحي

مهرجان للمسرح في درنة الليبية ينثر فرحة على «المدينة المكلومة»

من خلال حفلات للموسيقى الشعبية الليبية والأغاني التقليدية، استقطب افتتاح المهرجان أعداداً كبيرة من سكان درنة، لينثر ولو قليلاً من الفرح بعد كارثة الإعصار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق مجموعة نشاطات فنّية يقدّمها الفريق في كل مركز (فضاء)

مؤسّسة «فضاء» تؤرشف للمسرح خلال الحرب

يختصر عوض عوض أكثر ما لفته في جولاته: «إنهم متعلّقون بالحياة ومتحمّسون لعيشها كما يرغبون. أحلامهم لا تزال تنبض، ولم تستطع الحرب كسرها».

فيفيان حداد (بيروت)

الرياض وطوكيو نحو تعاون أعمق في مختلف المجالات الفنية والثقافية

الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)
الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)
TT

الرياض وطوكيو نحو تعاون أعمق في مختلف المجالات الفنية والثقافية

الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)
الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)

وقّع الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان، الجمعة، مذكرة تفاهم في المجال الثقافي، عقب مباحثات جمعتهما في العاصمة اليابانية طوكيو، تناولت أهمية تعزيز العلاقات الثقافية المتينة التي تربط بين البلدين.

وتهدف «مذكرة التفاهم» إلى تعزيز التعاون والتبادل الثقافي بين الرياض وطوكيو في مختلف القطاعات الثقافية، وذلك من خلال تبادل المعرفة في الأنظمة والتنظيمات المعنية بالشؤون الثقافية، وفي مجال الرسوم المتحركة، والمشروعات المتعلقة بالمحافظة على التراث بجميع أنواعه، بالإضافة إلى تقنيات الحفظ الرقمي للتراث، وتطوير برامج الإقامات الفنية بين البلدين، وتنمية القطاعات الثقافية.

بحث اللقاء سبل تنمية العلاقات عبر المشروعات الاستراتيجية المشتركة في مختلف المجالات الفنية والثقافية (الشرق الأوسط)

وكان الأمير بدر بن عبد الله، التقى الوزيرة توشيكو في إطار زيارته الرسمية لليابان، لرعاية وحضور حفل «روائع الأوركسترا السعودية»؛ حيث بحث اللقاء سبل تنمية العلاقات عبر المشروعات الاستراتيجية المشتركة في مختلف المجالات الفنية والثقافية.

وهنّأ وزير الثقافة السعودي، في بداية اللقاء، نظيرته اليابانية بمناسبة توليها منصب وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية، مشيراً إلى أن مشاركة السعودية بجناحٍ وطني في معرض «إكسبو 2025» في أوساكا تأتي في ظل العلاقات الوطيدة التي تربط بين البلدين، متمنياً لليابان حكومة وشعباً التوفيق في استضافة هذا الحدث الدولي الكبير.

وتطرّق اللقاء إلى أهمية تعزيز التعاون القائم بين هيئة الأدب والنشر والترجمة والجانب الياباني، لتدريب الطلبة السعوديين على فن صناعة القصص المصورة «المانغا».

وتأتي مذكرة التفاهم امتداداً لعلاقات الصداقة المتميزة بين السعودية واليابان، خصوصاً في مجالات الثقافة والفنون عبر مجموعة من البرامج والمشروعات والمبادرات المشتركة. كما تأتي المذكرة ضمن جهود وزارة الثقافة في تعزيز التبادل الثقافي الدولي بوصفه أحد أهداف الاستراتيجية الوطنية للثقافة، تحت مظلة «رؤية السعودية 2030».

حضر اللقاءَ حامد فايز نائب وزير الثقافة، وراكان الطوق مساعد وزير الثقافة، وسفير السعودية لدى اليابان الدكتور غازي بن زقر.