انشغلت وسائل الإعلام الأميركية، صباح اليوم (الأربعاء)، بتحليل أسباب هزيمة النائبة الجمهورية ليز تشيني في الانتخابات التمهيدية لمقعدها في مجلس النواب بولاية وايومينغ أمام منافستها هارييت هاجمان المحامية التي أيدها وساندها الرئيس السابق دونالد ترمب.
وجاءت هزيمة تشيني لتفتح باباً واسعاً للتكهنات والتساؤلات حول مستقبلها السياسي، وهل ستتحرك نحو إعلان خوضها سباق الانتخابات الرئاسية الأميركية في 2024 وما يحمله ذلك من تحدٍّ جديد للرئيس ترمب الذي لمح مراراً إلى رغبته في خوض السباق مرة أخرى في 2024.
وقالت تشيني، مساء أمس، إنها ستقوم بكل ما يلزم لضمان عدم عودة ترمب مرة أخرى إلى أي مكان بالقرب من المكتب البيضاوي. وصباح اليوم، وبعد أقل من 12 ساعة من إعلان هزيمتها، قالت تشيني إنها «تفكر» في الترشح للرئاسة، وأعلنت أنها ستتخذ قراراً في الأشهر المقبلة. وكانت تشيني قد تهربت في السابق من الأسئلة حول احتمالات ترشحها في 2024، مفضلة التركيز على هدفها الرئيسي وهو إبعاد ترمب عن البيت الأبيض.
وقالت سكوت جينينغز؛ الخبيرة الاستراتيجية الجمهورية، إن خوض الانتخابات الرئاسية سيكون خطوتها «المنطقية التالية»، وأشارت إلى أنها إذا أطلقت حملة انتخابية فسوف تحصل على تغطية واهتمام إعلامي واسع وتتقدم في استطلاعات الرأي، ومن الناحية اللوجيستية، فإن محاولة تشيني للوصول إلى البيت الأبيض ممكنة.
وقد سطع نجم تشيني (ابنة ديك تشيني نائب الرئيس الأسبق) من خلال عملها نائبة لرئيس لجنة اختيار مجلس النواب للتحقيق في هجوم 6 يناير (كانون الثاني) 2021 على مبنى «الكابيتول». ولديها اسم معروف، وعلاقات عميقة في الحزب الجمهوري، ولديها تبرعات تبلغ 7.4 مليون دولار متبقية في حساب حملتها.
رغبةً في المنصب أم تحدياً لترمب
وازدادت التساؤلات حول أسباب ترشح تشيني؛ هل للفوز بالبيت الأبيض أم لإبعاد ترمب عنه؟ ويتفق المطلعون على أن الفوز بترشيح الحزب الجمهوري الرئاسي لعام 2024 سيكون معركة شاقة بالنسبة إلى تشيني حيث تظهر معظم استطلاعات الرأي أن ترمب في المقدمة بينما يظهر حاكم فلوريدا رون ديسانتيس في المرتبة الثانية. ولكن حتى مع وجود فرصة ضئيلة للفوز، فقد تسعى ليز تشيني للتأثير على نتيجة الانتخابات التمهيدية. وتقول جينينغز إنه بالنسبة إلى تشيني قد لا يتعلق الأمر بالفوز بالترشيح بقدر ما يتعلق بمنع ترمب من الحصول على الترشيح، كما أن وجودها سيعطي صوتاً للجمهوريين المناهضين لترمب الذين جرى استبعادهم وإقصاؤهم من قبل مناصري ترمب والأشخاص الذين يتبنون سياساته وخطابه.
ماذا تفعل بالوقت المتبقي لها في المنصب؟
ستترك تشيني منصبها رسمياً في يناير المقبل، وهي تسعي مع «لجنة مجلس النواب للتحقيق في هجوم 6 يناير» إلى إنهاء التحقيقات في غضون الأشهر القليلة المقبلة قبل الفوز المتوقع للجمهوريين، وسيطرتهم على مجلس النواب. والخطوة الأولى التي سيقوم بها الجمهوريون بعد الفوز والحصول على الأغلبية في المجلس هي حل هذه اللجنة وإغلاق ملف التحقيق. وقد تعهدت اللجنة بعقد مزيد من جلسات الاستماع العامة وتقديم معلومات إضافية لتعزيز حجتها القائلة بأن ترمب كان يخطط لإبقاء نفسه في السلطة.
مدى دعم الجمهوريين لها
خسرت تشيني الانتخابات التمهيدية؛ لكن لا تزال لديها شبكة واسعة من المؤيدين والمانحين على الصعيد الوطني الذين يمكن أن تساعدهم في أي خطوات سياسية قد تتخذها في المستقبل، فقد حطمت ليز تشيني الرقم القياسي الخاص بها في الربع الأول من العام، وحصدت تبرعات لحملتها بلغت نحو 3 ملايين دولار، وتابعت ذلك بمبلغ ضخم بلغ 2.9 مليون دولار في الربع الثاني.
بالإضافة إلى التبرعات من الناخبين الداعمين لها، جمعت تشيني الأموال من مانحين بارزين من الجمهوريين والديمقراطيين في جميع أنحاء البلاد؛ بمن فيهم الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش، ومستشاره الأسبق كارل روف، والمنتج السينمائي جيفري كاتزنبرغ، ومدير صندوق التحوط الملياردير سيث كلارمان. إلا إن تشيني قد لا تكون الجمهورية الوحيدة المناهضة لترمب؛ فقد لمح حاكم ولاية ميريلاند الجمهوري لاري هوغان إلى تفكيره في الترشح للانتخابات الرئاسية.
خيارات أخرى
الاحتمالات الأخرى لتشيني هي: مواصلة حملتها الهجومية ضد ترمب، وقد يكون لديها خيار الانضمام محللةً سياسيةً إلى إحدى الشبكات التلفزيونية، وهذا سيمنحها منبراً مهماً لشن هجماتها على ترمب والتنديد بادعاءاته تزوير الانتخابات، وهي طريق سلكها كثير من المشرعين السابقين مما زاد من شعبيتهم. كما يمكن لتشيني العمل في إحدى المؤسسات الفكرية والبحثية. خيار آخر أمام تشيني؛ هو تأليف كتاب، وهي خطوة شائعة لدى كبار الشخصيات الذين يغادرون واشنطن.