كشفت تقارير جديدة في تل أبيب، بينها رسالة سرّية وجّهها الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، بنيامين نتنياهو، وتقارير عن لقاءات سرية أجراها صهر ترمب وكبير مستشاريه، جاريد كوشنر، أن كل شيء كان جاهزاً في واشنطن للموافقة على ضم حوالي ثلث الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية إلى إسرائيل.
والمقصود بذلك الثلث، منطقتا غور الأردن وشمالي البحر الميت التي تشكل 30 في المائة، والمستوطنات اليهودية في شتى أنحاء الضفة الغربية وتشكل 3.5 في المائة من مساحة الضفة، مقابل موافقة إسرائيل على قيام دولة فلسطينية في الثلثين الباقيين من الضفة الغربية، وبضمنها جزء من القدس الشرقية يصبح عاصمة للدولة الجديدة.
فقد وافق الطاقم الأميركي كله على ذلك، وبعث الرئيس ترمب برسالة تؤكد موافقته، وسافر نتنياهو إلى واشنطن للاتفاق النهائي على ذلك، وسافر وفدان من قيادة المستوطنات إلى واشنطن، أحدهما حاول مساندة نتنياهو والثاني اعتبر القرار خطأ؛ لأنه يقيم دولة فلسطينية. ولكن كوشنر الذي كان يعتبر الشخصية المركزية الأولى في فريق ترمب، كان يخطط لإسرائيل هدية استراتيجية، وهي إقامة علاقات تطبيع وسلام مع دول عربية جديدة. وقد وجد أن الإمارات تشترط إلغاء الضم لكي تنضم إلى مشروع التطبيع مع إسرائيل. فراح كوشنر يماطل في إعطاء الموافقة على الضم، في البداية بحجة «كورونا»، وفي النهاية كشف حقيقة اتفاقه مع الإمارات على إلغاء الضم.
ونشرت صحيفة «جيروزاليم بوست» اليمينية التي تصدر في إسرائيل باللغة الإنجليزية، أن رسالة لم يتم الإعلان عنها سابقاً، جاءت في 3 صفحات، وتحمل تاريخ 26 يناير (كانون الثاني) 2020، تسلمها نتنياهو قبل يومين من إعلان ترمب عن خطته المعروفة بـ«صفقة القرن» لتسوية القضية الفلسطينية.
وتورد الصحيفة مقاطع من رسالة ترمب التي جاء فيها أنه عرض بعض تفاصيل رؤيته للتسوية، ويشمل ذلك أن إسرائيل «ستكون قادرة على بسط السيادة على أجزاء من الضفة الغربية، كما هو محدد في الخريطة المدرجة في الخطة (صفقة القرن)، إذا وافق نتنياهو على دولة فلسطينية في الأراضي المتبقية على تلك الخريطة». كما أن ترمب طلب من نتنياهو تبني «السياسات الموضحة في الرؤية، فيما يتعلق بأراضي الضفة الغربية التي تم تحديدها على أنها ستصبح جزءاً من دولة فلسطينية مستقبلية».
وأضاف الرئيس الأميركي -بحسب الصحيفة- أنه مقابل تنفيذ إسرائيل لهذه السياسات واعتماد خطط إقليمية مفصلة بشكل رسمي «لا تتعارض مع الخريطة التوضيحية المرفقة برؤيتي»، ستعترف الولايات المتحدة بالسيادة الإسرائيلية على تلك المناطق من الضفة الغربية التي تتصور رؤيته أنها جزء من إسرائيل.
ونقلت الصحيفة عن مصدر في مكتب نتنياهو (لم تسمّه)، قوله إن رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، رد آنذاك على رسالة ترمب، بقوله إن «إسرائيل ستمضي قدماً في خطط فرض السيادة في الأيام القادمة»، في إشارة إلى الضم. وكان نتنياهو قد أعلن اعتزامه ضم أكثر من 30 في المائة من الضفة الغربية إلى إسرائيل، ويشمل جميع المستوطنات، وأراضي في محيطها، وغور الأردن، ومنطقة شمالي البحر الميت حتى مشارف أريحا.
وحدد نتنياهو في حينها، الأول من يوليو (تموز) 2020، للبدء في عملية الضم؛ لكنه اضطر إلى تأجيل العملية لأجل غير مسمى، بطلب من كوشنر.
جاء الكشف عن الرسالة بعد نشر مقتطفات من كتاب جاريد كوشنر، بعنوان «كسر التاريخ: مذكرات البيت الأبيض». وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن كوشنر في كتابه كشف أن السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان، ذهب من دون علمه وعلم ترمب، و«أكد لبيبي (نتنياهو) أنه سيطلب من البيت الأبيض دعم الضم على الفور». وأشار إلى أن نتنياهو «لم ينقل هذا لي، أو لأي شخص في فريقي».
وبحسب الصحيفة، فقد كتب ترمب في رسالته: «لقد أدرك كثيرون في العالم العربي، أن إسرائيل ليست عدوهم؛ بل هي حليف أساسي في ردع عدوان إيران. أعتقد أنه بسبب العلاقات القوية التي أقامتها إدارتي معكم، ومع عديد من القادة العرب، فإن الولايات المتحدة اليوم في وضع فريد للمساعدة في تحريك إسرائيل والمنطقة نحو سلام أوسع».
وكانت هذه مقدمة لفكرة كوشنر في ألا يكون التطبيع مجانياً؛ بل على حساب التنازل عن شيء من خطة ترمب، فالمعروف أن هذه الخطة تنص على ضم ثلث الضفة مقابل إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح على قطاع غزة، وأجزاء (غير مترابطة جغرافياً) من الضفة الغربية، دون سيطرة على المعابر المؤدية إليها. كما تنص على إقامة عاصمة الدولة الفلسطينية في بعض ضواحي القدس الشرقية، وتحديداً في منطقة أبو ديس، دون السماح بعودة اللاجئين الفلسطينيين.
وقد رفض الفلسطينيون الخطة بشكل قاطع. وعندما حاول كوشنر إقناع نتنياهو بموقف الإمارات بالتخلي عن فكرة الضم، نجح في ذلك، وانطلق الجميع نحو التطبيع.
وكان يفترض أن يسعى الفلسطينيون في ذلك الوقت إلى العودة لحل الدولتين على الضفة برمتها مع تبادل أراضٍ، وينطلق المستوطنون من جهتهم في معركة لضم المستوطنات على الأقل. لكن الأوراق ارتبكت من جديد، فقد ذهبت إسرائيل لجولة انتخابات أخرى، وسقط ترمب في الانتخابات الأميركية، وابتعد الرئيس الجديد جو بايدن عن الملف الفلسطيني، ولم يفِ حتى بوعوده الانتخابية بشأنها (إعادة فتح قنصلية للفلسطينيين في القدس، ومكتب منظمة التحرير في واشنطن). واكتفى بتصحيح بعض الجوانب في خطابه نحوهم. وقامت في إسرائيل حكومة جديدة تضع في برنامجها الرسمي بنداً يمنع التفاوض مع السلطة الفلسطينية حول التسوية.
«جيروزاليم بوست»: وعد كوشنر للإمارات أربك خطة «ضم الضفة»
تسريبات جديدة في تل أبيب عما دار وراء الكواليس
«جيروزاليم بوست»: وعد كوشنر للإمارات أربك خطة «ضم الضفة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة