كنيسة الجيزة: أمهات يبكين أطفالهن ومشاهد «بطولية» وعزاء بدموع صامتة

سيدة مصرية تبكي خلال جنازة ضحايا كنيسة أبو سيفين أمس (أ.ف.ب)
سيدة مصرية تبكي خلال جنازة ضحايا كنيسة أبو سيفين أمس (أ.ف.ب)
TT

كنيسة الجيزة: أمهات يبكين أطفالهن ومشاهد «بطولية» وعزاء بدموع صامتة

سيدة مصرية تبكي خلال جنازة ضحايا كنيسة أبو سيفين أمس (أ.ف.ب)
سيدة مصرية تبكي خلال جنازة ضحايا كنيسة أبو سيفين أمس (أ.ف.ب)

خلال الساعات الأولى لوقوع حريق كنيسة «أبو سيفين» بمحافظة الجيزة المصرية، لم ينتبه أحد إلى أي عائلة ينتمي المصاب أو المتوفى؛ فتلك اللحظة كان الجميع تحت الصدمة من هول الحادث.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1559126503606165504?s=20&t=5g1p1hLYIvRvRlShckUsLQ
كانت السيد ماجدة نبيه (61 عاماً) ذاهبة للصلاة صباح الأحد برفقة ابنتيها إيرينا (34 سنة) وميرنا (25 سنة)، وأحفادها بارثينا ومريم تامر وجيه (توأم 5 سنوات) وإبرام تامر وجيه (3 سنوات)، ولا تعلم أنها صلاتهم الأخيرة ومساءً سوف يودعهم الأحبة بحزن يحرق القلوب كما التهمت النيران أخشاب الكنسية.

ورغم المأساة الإنسانية لعائلة السيدة ماجدة، فإن الأصعب انهيار الأم التي فقدت ثلاثة أطفال معاً، وهم، مهرائيل باسم (5 سنوات) ويوسف (4 سنوات) وفلوبيتر (3 سنوات)، الذين كانوا في حضانة الكنسية وكانت أدخنة الحريق أسرع من محاولات إنقاذهم من داخل مبنى الكنسية ولقوا حتفهم على الفور.

وقع الحريق صباح أمس (الأحد) في منطقة المنيرة بالجيزة شمال العاصمة المصرية القاهرة، وأسفر عن 41 قتيلاً و14 مصاباً على الأقل، بسبب خلل كهربائي بأجهزة التكييف، بعد انقطاع الكهرباء وتشغيل مولد الكهرباء الاحتياطي الخاص بالكنسية، وأدى الحريق إلى انبعاث كمية كثيفة من الدخان كانت السبب الرئيسي في حالات الإصابات والوفيات.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1558846920524701699?s=20&t=CEKEJcPqyPhkiVVw2DrHug
ومن بين المصابين الشاب المصري محمد يحيي (38 سنة)، والذي يعيش أمام مبنى الكنسية في إمبابة، وأصيب يحيي بكسر في ساقه أثناء عملية الإنقاذ الأهلية فور وقع الحريق.
وقال يحيي في مداخلة هاتفية من مستشفى إمبابة العامة، مع برنامج «الحكاية» مساء أمس «استيقظت على صوت صراخ عال ونظرت من نافذة غرفتي ورأيت دخاناً كثيفاً ونيراناً تخرج من الكنيسة، لم أشعر بنفسي إلا وأنا أهرع جارياً إلى الكنيسة».

وأكمل «بمساعدة الأهالي والشباب استطعنا كسر الباب، وحاولنا إخراج الأطفال قدر المستطاع؛ فالحضانة كان فيها ما يقرب من 80 - 90 طفلاً، واعتصر قلبي وأنا أشاهد الأطفال مغطاة بالرماد الأسود معتقداً أنهم فاقدي الوعي... إلا أنهم اختنقوا وتوفوا».
وساعد يحيي في عمل بطولي بإنقاذ العديد من الأطفال من داخل الكنسية.

وقال يحيي «لم أهتم بالنيران أو كيف سأنجو من هنا، كل ما كنت أفكّر فيه الأطفال والناس، وأثناء إنقاذي للعم جورج، أحد رواد الكنيسة، سقطنا على السلم الضيق وكُسرت ساقي وأُصِبت بالاختناق وفقدت الوعي».
واختتم يحيي حديثه «لدي أربعة أطفال صغار، بعمر من كانوا بالحضانة».
لم ينتهِ اليوم عند هذا، ففي المساء كان هناك فصل آخر من الألم والوجع في انتظار أهالي وذوي الضحايا خلال مراسم الجنازة وتوديع احبائهم.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1559110649065742336?s=20&t=-V9_jiW0hkcqcDdRwe7VXA
وانقسمت الجنائز على مجموعتين بكنيسة السيدة العذراء الأثرية بالوراق، والأخرى في كنيسة السيدة العذراء ورئيس الملائكة ميخائيل بالوراق.
ومن داخل كنيسة العذراء بالوراق (محافظة الجيزة)، اتشح الجميع بالأسود، رجال ونساء، والبكاء كان من نصيب الجميع.
واحتضن الشاب عادل، ابن كاهن كنيسة أبو سيفين، القمص عبد المسيح بخيت، تابوت والده وهو يبكي صامتاً وسط دعم وتقدير لجهود والده البطولية والذي لقي حتفه أثناء محاولات إنقاذه رواد الكنسية والأطفال.

وانهارت سيدة خلال القداس، وهي تحتضن أحد التوابيت وتشير بثلاث أصابع بيديها قائلة «اليوم فقدت ثلاثة... ثلاثة مرة واحدة».
وقدم البابا تواضروس التعزية في الضحايا، مشيراً إلى أنه يتابع مع الأجهزة المعنية جميع الأمور المتعلقة بالحادث.
ووفقا لتوجيهات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بدأت أعمال الترميم مباشرة بعد الحريق.

وكان رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة المصرية اللواء هشام السويفي، قدم خلال اتصال هاتفي التعزية للبابا تواضروس الثاني، في ضحايا الحادث، مشيرا إلى أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أصدر توجيهاته للهيئة بإعادة إعمار الكنيسة المحترقة.

 


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

عدّدت مصر «إنجازاتها» في ملف حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة، قبل مناقشة «تقرير المراجعة الشاملة» أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف، في يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكدت القاهرة «هدم السجون (غير الآدمية) وإقامة مراكز إصلاح حديثة».

وتقدمت الحكومة المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتقريرها الرابع أمام «آلية المراجعة الدورية الشاملة» التابعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي، تمهيداً لمناقشته الشهر المقبل، وهو تقرير دوري تقدمه مصر كل 4 سنوات... وسبق أن قدّمت القاهرة 3 تقارير لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان في أعوام 2010، و2014، و2019.

وقال عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» بمصر، رئيس «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» (مؤسسة حقوقية)، عصام شيحة، إن «الحكومة المصرية حققت (قفزات) في ملف حقوق الإنسان»، وأشار في تصريحات تلفزيونية، مساء الخميس، إلى أن «السنوات الأخيرة، شهدت قنوات اتصال بين المنظمات الحقوقية والمؤسسات الحكومية بمصر»، منوهاً إلى أن «مصر هدمت كثيراً من السجون القديمة التي كانت (غير آدمية) وأقامت مراكز إصلاح حديثة».

وأوضح شيحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الجمعة، أن «الحكومة المصرية تبنت فلسفة عقابية جديدة داخل السجون عن طريق الحد من العقوبات السالبة للحريات، وأنها هدمت نحو 15 سجناً، وقامت ببناء 5 مراكز إصلاح وتأهيل وفق أحدث المعايير الدولية، وتقدم برامج لتأهيل ودمج النزلاء».

عادّاً أن تقديم مصر لتقرير المراجعة الدورية أمام «الدولي لحقوق الإنسان» بجنيف، «يعكس إرادة سياسية للتواصل مع المنظمات الدولية المعنية بملف حقوق الإنسان».

وشرعت وزارة الداخلية المصرية أخيراً في إنشاء «مراكز للإصلاح والتأهيل» في مختلف المحافظات، لتكون بديلة للسجون القديمة، ونقلت نزلاء إلى مراكز جديدة في «وادي النطرون، وبدر، و15 مايو»، وتضم المراكز مناطق للتدريب المهني والفني والتأهيل والإنتاج، حسب «الداخلية المصرية».

ورغم الاهتمام الحكومي بملف حقوق الإنسان في البلاد، وفق مراقبين؛ فإن عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» يرى أن «هناك ملفات تحتاج إلى تحرك مثل ملف الحبس الاحتياطي في التهم المتعلقة بالحريات».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستعرض التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» في مصر (الرئاسة المصرية)

وفي وقت سابق، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استجابته لتوصيات مناقشات «الحوار الوطني» (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية الحبس الاحتياطي، داعياً في إفادة للرئاسة المصرية، أغسطس (آب) الماضي، إلى «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس، وتطبيق بدائل مختلفة للحبس الاحتياطي».

ويرى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أيمن أبو العلا، أن «الحكومة المصرية حققت تقدماً في تنفيذ محاور (الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان) التي أطلقتها عام 2021»، ودلل على ذلك بـ«إلغاء قانون الطوارئ، وتشكيل لجان للعفو الرئاسي، والسعي إلى تطبيق إصلاح تشريعي مثل تقديم قانون جديد لـ(الإجراءات الجنائية) لتقنين الحبس الاحتياطي».

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد عرض على الرئيس المصري، الأربعاء الماضي، التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، متضمناً «المبادرات والبرامج التي جرى إعدادها للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي».

وحسب إفادة للرئاسة المصرية، وجه الرئيس المصري بـ«استمرار جهود نشر الوعي بحقوق الإنسان في مؤسسات الدولة كافة، ورفع مستوى الوعي العام بالحقوق والواجبات»، وشدد على «تطوير البنية التشريعية والمؤسسية لإنجاح هذا التوجه».

عودة إلى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بـ«النواب» الذي قال إن ملف حقوق الإنسان يتم استغلاله من بعض المنظمات الدولية سياسياً أكثر منه إنسانياً، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ازدواجية في معايير بعض المنظمات التي تغض الطرف أمام انتهاكات حقوق الإنسان في غزة ولبنان، وتتشدد في معاييرها مع دول أخرى».