عودة التوتر الأمني والعسكري مجدداً للعاصمة طرابلس

انتشار مفاجئ لميليشيات مسلحة تابعة لـ«الوحدة»

الحداد وزينينغا خلال اجتماعهما في طرابلس أمس الأول (مكتب رئيس أركان القوات الموالية لحكومة الدبيبة)
الحداد وزينينغا خلال اجتماعهما في طرابلس أمس الأول (مكتب رئيس أركان القوات الموالية لحكومة الدبيبة)
TT

عودة التوتر الأمني والعسكري مجدداً للعاصمة طرابلس

الحداد وزينينغا خلال اجتماعهما في طرابلس أمس الأول (مكتب رئيس أركان القوات الموالية لحكومة الدبيبة)
الحداد وزينينغا خلال اجتماعهما في طرابلس أمس الأول (مكتب رئيس أركان القوات الموالية لحكومة الدبيبة)

عاد التوتر الأمني والعسكري مجددا إلى العاصمة الليبية طرابلس، إثر تحركات لميلشيات مسلحة بالأسلحة المتوسطة والمدرعات تابعة لحكومة الوحدة المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، بهدف التصدي لـ«هجوم محتمل» قالت إنه لميلشيات موالية لحكومة الاستقرار الموازية برئاسة فتحي باشاغا.
تزامنت هذه التطورات، مع توقع مصادر عقد اجتماع بين عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الذي يزور القاهرة منذ بضعة أيام لإجراء فحوصات طبية، مع خالد المشري رئيس مجلس الدولة الذي يتخذ من العاصمة طرابلس مقرا له.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر أن الاجتماع المرتقب في القاهرة، الذي يعد أحدث محاولة للتوصل إلى حل وسط لحسم الخلافات العالقة بين الطرفين، سيناقش مستجدات الوضع السياسي والبدائل بشأن الصراع القائم حاليا على السلطة بين حكومتي الدبيبة وباشاغا.
ولم يعلن مجلسا النواب والدولة رسميا عن عقد هذا الاجتماع، الذي يأتي بعد إخفاق محادثات جرت بين المشري وصالح في القاهرة وأنقرة على التوالي مؤخراً.
وطلب المجلس الأعلى للقضاء من إدارة القضايا التابعة له، بعدم التعامل أو الترافع عن حكومة الدبيبة، باعتبارها منتهية الولاية، وفقاً لرسالة تم تسريبها أمس.
في غضون ذلك، أقامت ميلشيات محسوبة على حكومة الدبيبة عدة بوابات أمنية مساء أول من أمس بصورة مفاجئة في عدة ضواحٍ بالعاصمة، تزامنا مع انتشار ميلشيات أخرى حتى حدود مدينة ترهونة (90 كيلومترا جنوب شرقي طرابلس)، قيل إن هدفها منع أي تقدم لقوات مصراته الموالية لباشاغا باتجاه طرابلس.
https://twitter.com/libyapress2010/status/1558564524206219264?s=20&t=NOR2mpADGfw86-DMCDGZ6Q
ورصد ناشطون وسكان محليون ظهورا غير معتاد لبوابات بمنطقة طريق المطار وقصر بن غشير طرابلس، فيما أبلغ شهود عيان وسائل إعلام محلية بانتشار مسلح لـما يعرف باسم اللواء 51 مشاة تاجوراء بقيادة بشير خلف الملقب بـ«البقرة» من الطريق الساحلي القرة بوللي إلى ترهونة، بهدف منع ما وصفوه بـ«زعزعة استقرار طرابلس ومنع أي تصادم».
https://twitter.com/alsaaa24/status/1558567997756817410?s=20&t=iduEVD8Xp0CJcgRcTG6eiA
إلى ذلك، قال جهاز دعم الاستقرار التابع لحكومة الدبيبة إن إدارته لمكافحة التوطين والهجرة غير القانونية أنقذت عدداً من المهاجرين غير الشرعيين من جنسيات مختلفة قبالة السواحل غرب العاصمة طرابلس، وأوضح في بيان أنه تم نقل المهاجرين إلى المصحة التابعة لمركز الإيواء بالجهاز لتلقي الإسعافات والعلاجات الأولية اللازمة. وجدد الجهاز تعهده بالوقوف بحزم ضد عصابات تهريب البشر والحد من ظاهرة الهجرة غير القانونية.
بدورها، أعلنت وزارة الداخلية بحكومة الدبيبة اعتقال الفرقة الثالثة لمجموعة من الأشخاص داخل محطة وقود بمنطقة طريق المطار يقومون بمضايقة المواطنين وافتعال المشاكل داخل المحطة، مشيرة في بيان لها أمس إلى أنه تم إغلاق المحطة واتخاذ الإجراءات القانونية حيال المعتقلين، على خلفية ورود العديد من الشكاوى والبلاغات من قبل المواطنين.
وجاءت هذه التطورات بعد ساعات فقط من إعلان محمد الحداد رئيس أركان القوات الموالية لحكومة الدبيبة أنه ناقش مساء أول من أمس في بطرابلس مع القائم بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة ريزدون زينينغا آخر التطورات الأمنية في طرابلس والمناطق المجاورة بالإضافة إلى التقدم في المسار العسكري والأمني.
وقال بيان وزعه مكتب الحداد أن زينينغا أشاد بجهوده في نزع فتيل التوترات وتهدئتها في العاصمة والمنطقة الغربية، كما رحب بالخطوات الرامية نحو توحيد المؤسسات العسكرية. كما أكد الحداد لدى اجتماعه برئيس البعثة العسكرية الإيطالية على أهمية التعاون العسكري المشترك بين البلدين، وأشاد بدور البعثة في مجال التدريب.
إلى ذلك، أعلن فرحات بن قدارة رئيس المؤسسة المكلف أن مصفاة رأس لانوف المغلقة منذ عام 2012 أصبحت قيمتها السوقية صفرا، وقال إن التركيز سيكون على التخلص من الأجسام التي لا توجد لها قيمة مضافة على عملية إنتاج النفط.
لكن المؤسسة قالت في بيان لاحق، إن تصريحات فرحات فهمت خطأ، وأوضحت أن قصده هو الإسراع بتشغيل مصفاة راس لانوف تفاديا لتآكلها، فيما حذر مصطفى صنع الله الرئيس السابق للمؤسسة من تخريب مجمع راس لانوف الذي يعتمد في وجوده على المصفاة مؤكدا أن ذلك غير عقلاني وله آثار كارثية ويهدد وجود المدينة نفسها.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

أزمة بيع مواد الإغاثة تتفاقم في السودان... وتبرؤ حكومي

أطفال يحملون حزماً من المساعدات الإنسانية في مدرسة للنازحين بمدينة القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)
أطفال يحملون حزماً من المساعدات الإنسانية في مدرسة للنازحين بمدينة القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)
TT

أزمة بيع مواد الإغاثة تتفاقم في السودان... وتبرؤ حكومي

أطفال يحملون حزماً من المساعدات الإنسانية في مدرسة للنازحين بمدينة القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)
أطفال يحملون حزماً من المساعدات الإنسانية في مدرسة للنازحين بمدينة القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)

تبرَّأت «مفوضية العون الإنساني» التابعة للحكومة السودانية، من بيع المواد الإغاثية في الأسواق، مؤكدةً أنه «لا يوجد تسريب للمساعدات الإنسانية (من جهتها)، وأن تصرفات بعض المواطنين لا يمكن أن تُحسب عليها»

وتفاقمت أزمة بيع المواد الإغاثية في الأسواق خلال الفترة الماضية، وأفاد سودانيون بأنهم شاهدوا في عدد من الولايات مواد غذائية مخصصة للمساعدات معروضة للبيع في الأسواق العامة، دون رقابة من السلطات.

لكنَّ مفوضة العون الإنساني، سلوى آدم بنيه، قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «بيع مواطن لحصته من الإغاثة في السوق ليست مسؤوليتنا»، مشيرةً إلى أن «بعض المتلقين للمساعدات يضطرون إلى بيعها لشراء معونات أخرى يحتاجون إليها مثل دقيق حبوب الذرة والدخن».

وتَسبب الصراع الدائر بين الجيش و«قوات الدعم السريع» الذي تعدّه الأمم المتحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في التاريخ الحديث، في مقتل ما بين 20 ألفاً و150 ألف شخص، بالإضافة إلى إجبار نحو 11 مليون شخص على النزوح.

لجنة للمراجعة

وكشفت المسؤولة الحكومية عن «تشكيل لجنة مكونة من ممثلي عدد من المؤسسات ذات الصلة لمراجعة مخازن تابعة لبعض المنظمات لمعرفة ما يوجد بها من مواد إغاثة، ولماذا لم يتم توزيعها؟».

وأكدت أن «اللجنة ستقف على تنفيذ المشاريع الخاصة بالمنظمات، وسترفع تقريرها إلى المفوضية في غضون أسبوعين لاتخاذ الإجراءات تجاهها».

وقالت الأمم المتحدة، الاثنين، إن أكثر من 30 مليون شخص، أكثر من نصفهم من الأطفال، يحتاجون إلى المساعدة في السودان بعد عشرين شهراً من الحرب المدمرة.

جانب من مساعدات الإغاثة في السودان (الأمم المتحدة)

ووجهت الأمم المتحدة نداءً لجمع 4.2 مليار دولار لتوفير المساعدات لـ20.9 مليون شخص داخل السودان من إجمالي 30.4 مليون شخص قالت إنهم في حاجة إلى المساعدة فيما سمتها «أزمة إنسانية غير مسبوقة».

وفي سبتمبر (أيلول ) 2023 أصدر مجلس الوزراء قراراً بإقالة مفوض العون الإنساني، نجم الدين موسي، وكان ذلك بعد نشر تقارير إعلامية أشارت إلى «فساد كبير» في ملف الإغاثة.

وتفيد وسائل إعلام محلية سودانية برصد بيع مواد غذائية «بكميات كبيرة» في أسواق ولاية بورتسودان التي تعد العاصمة المؤقتة للبلاد، في حين يشكو ملايين النازحين في مراكز الإيواء بعدد من الولايات من نقص المساعدات.

ورغم وصول آلاف الأطنان من المساعدات الإنسانية بعد أشهر قليلة من اندلاع الحرب في السودان أبريل (نيسان) 2023، فإن مئات الآلاف من النازحين في مراكز الإيواء بالولايات التي تقع تحت سيطرة الجيش السوداني لم يتلقوا المعونات، ويعتمدون على توفير معاشهم من إمكانات ذاتية.

تسريب مُسبق

وقال ناشطون ومتطوعون في مجال العمل الإنساني لـ«الشرق الأوسط» إن «تسريب المساعدات الإنسانية قد يحدث مسبقاً قبل وصولها إلى مراكز الإيواء».

وشرح بعضهم أن «المواد الغذائية لا تصل إلى كل المحتاجين إليها بسبب تسريبها إلى الأسواق»، ورجحوا «تورط مسؤولين» في عملية التسريب تلك، من دون أن يحددوا أسماء.

لكن الناشطين أنفسهم أكدوا كذلك أن «بعض المواطنين يبيعون الفائض عن حاجتهم من المواد الغذائية في الأسواق»، وأفادوا بأنهم رصدوا «بعض تلك المواد في منازل لمواطنين».

لاجئون سودانيون فروا من العنف يتلقون المساعدات بالقرب من الحدود بين السودان وتشاد (رويترز)

وقال نشطاء آخرون في مدينة حلفا الجديدة شرق السودان، أنهم سألوا بعض أصحاب المحال التجارية عن مصدر البضائع (المصنَّفة مساعدات) التي تحصلوا عليها، لكنهم رفضوا الإفصاح عنها.

وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي وصلت أولى المساعدات الإنسانية إلى جنوب العاصمة السودانية الخرطوم، للمرة الأولى بعد 21 شهراً من اندلاع الحرب في البلاد بين الجيش و«قوات الدعم السريع».

وفي حين ترفض الحكومة السودانية الإقرار بحدوث مجاعة في البلاد، يشير أحدث تقرير للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، إلى أن 24 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة.

ومنذ بداية الحرب، توجَّه اتهامات إلى طرفي الحرب بتعطيل المساعدات الإنسانية كجزء من استخدام «سلاح التجويع».