أكراد سوريا يعتبرون الهجمات التركية «تستهدف وجودهم»

في ظل تصعيد الضربات بالطائرات المسيّرة

جانب من تشييع في مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا في 26 يوليو الماضي لأربع مقاتلات كرديات من جناح «وحدات حماية المرأة» بعد استهدافهنّ بضربة من مسيّرة تركية في شمال محافظة الحسكة (الشرق الأوسط)
جانب من تشييع في مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا في 26 يوليو الماضي لأربع مقاتلات كرديات من جناح «وحدات حماية المرأة» بعد استهدافهنّ بضربة من مسيّرة تركية في شمال محافظة الحسكة (الشرق الأوسط)
TT

أكراد سوريا يعتبرون الهجمات التركية «تستهدف وجودهم»

جانب من تشييع في مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا في 26 يوليو الماضي لأربع مقاتلات كرديات من جناح «وحدات حماية المرأة» بعد استهدافهنّ بضربة من مسيّرة تركية في شمال محافظة الحسكة (الشرق الأوسط)
جانب من تشييع في مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا في 26 يوليو الماضي لأربع مقاتلات كرديات من جناح «وحدات حماية المرأة» بعد استهدافهنّ بضربة من مسيّرة تركية في شمال محافظة الحسكة (الشرق الأوسط)

اتهمت أحزاب سياسية كردية الحكومة التركية بتصعيد هجماتها ضد مناطق الإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا مستخدمة طائرات «الدرون» والمدفعية الثقيلة، معتبرة أن ذلك يضرب استقرار المنطقة وينشر الفوضى ويهدد السلم الأهلي. وأكد رئيس «مجلس سوريا الديمقراطية» رياض درار، من جهته، أن التصعيد التركي هدفه ضرب الحاضنة الشعبية لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، مشيراً إلى أن تأجيل العملية العسكرية التركية جاء في مقابل تصعيد الضربات بالطائرات المسّيرة وتكثيف استهدافاتها.
وتهدد تركيا منذ شهور بإطلاق عملية عسكرية ضد «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تشكل عماد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، على الشريط الحدودي بين تركيا وسوريا. وتعتبر أنقرة «الوحدات» الكردية تنظيماً إرهابياً.
واستنكر «الحزب التقدمي الكردي» و«حزب الوحدة الكردي»، في بيان مشترك نشر أمس (السبت)، استمرار الهجمات التركية ضد مناطق الإدارة الذاتية شرق الفرات. واعتبر الحزبان أن ما يحصل بمثابة «حرب» تستهدف الوجود الكردي. وقالا: «بذريعة حماية أمن تركيا القومي، تصعد أنقرة سلوكها (...) شمالي سوريا بقصف مدفعي يومي وشن هجمات جوية مستخدمة طائرات (درون) طالت حتى الآن العديد من الأماكن المكتظة بالمدنيين». وتابع البيان بأن الضربات التركية «أدخلت حالة من القلق بقلوب عموم أبناء مكونات الشعب السوري من كردٍ وعربٍ وسريان وآشوريين»، معتبراً أن تركيا ماضية في «سياساتها التوسعية» وتهدد «السلم الأهلي» و«استقرار المنطقة».
وقال أحمد سليمان عضو المكتب السياسي لـ«الحزب التقدمي»، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إن المطلوب من «القوى الديمقراطية في الداخل التركي وكافة الفعاليات الوطنية السورية رفع صوتها لردع تركيا». وأضاف: «نناشدها رفع أصواتها وتحمل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية لمنع تركيا عن أعمالها العدائية ضد شعبنا وبلدنا». كما دعا قادة الحركة الكردية السورية وجميع الأحزاب السياسية العاملة في شمال شرقي سوريا لعقد لقاء تشاوري عاجل «للخروج بخطاب سياسي مسؤول يرقى إلى مستوى المخاطر الجدية التي تهدد حاضر ومستقبل أبناء المنطقة».
وشدد السياسي الكردي على أن الهجمات التركية استهدفت الأماكن المدنية وراح ضحيتها أطفال ونساء ومسنون، مشيراً إلى أنها «طالت محيط القامشلي مروراً بتل تمر وعين عيسى وكوباني (عين العرب)، وصولاً إلى مناطق تل رفعت والشهباء وشيراوا شمالي حلب». وقال إن «هذه التحركات الميدانية تفسح المجال أمام خلايا وأنشطة تنظيم (داعش)، وتعقّد مجمل القضايا الوطنية السورية العالقة... وهنا يجب الحذر واليقظة وتجنب ردود الأفعال».
وشهدت المناطق الحدودية شمال شرقي سوريا مؤخراً تصعيداً عسكرياً متزايداً بعد هجمات المدفعية والطائرات المسّيرة التركية على نقاط ومواقع عسكرية ومدنية خاضعة لنفوذ قوات «قسد»، ما أسفر عن مقتل مدنيين وقادة عسكريين وإصابة آخرين بجروح بليغة وتسببت بحركة نزوح، في تطور لافت من شأنه إعادة تلك المناطق إلى دائرة المواجهات العسكرية ونسف اتفاقات خفض التصعيد بين الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية من جهة، وروسيا وتركيا من جهة ثانية.
أما رئيس مجلس «مسد» رياض درار فرأى، من جهته، أن التصعيد التركي الأخير جاء بعد قمة رئيسي روسيا وتركيا في مدينة سوتشي الروسية في 6 من الشهر الحالي. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن هناك أكثر من اتفاقية بين الجانبين، حيث تريد موسكو كسب أنقرة في حربها ضد أوكرانيا. وتحدث عن قضية تطبيع العلاقات بين النظام السوري وتركيا، قائلاً إن «تركيا تغيّر من تحالفاتها ما دامت تأتي ضد الكرد ومشروعهم الناجح في شمال شرقي سوريا»، في إشارة إلى مناطق الإدارة الذاتية التي يهيمن عليها الأكراد.
وذكر درار أن الإدارة الذاتية وقوات «قسد» طلبت من الجيش السوري «حماية الحدود الشمالية» مع تركيا التي ردت بعرض «التوسط للمصالحة بين دمشق والمعارضة حتى لا ننجح في أي مسار نقوم به في شمال شرقي سوريا». وانتقد موقف المعارضة السورية من التصريحات التركية عن لقاء بين وزيري خارجية تركيا وسوريا ودعم أنقرة للمصالحة بين نظام الرئيس بشار الأسد ومعارضيه، قائلاً إن «هذه التصريحات قد تنعكس على علاقات المعارضة بالداخل وعلى علاقات المعارضة المقيمة في تركيا... كثيرون كانوا يصدقون أن تركيا في خصومة مع النظام السوري، وأنهم يستفيدون من هذه الخصومة».
ولم يستبعد تسليم تركيا ملف المعارضة السورية للنظام الحاكم في دمشق والتخلي عنهم لصالح عودة القوات الحكومية الموالية للرئيس السوري إلى كامل الأراضي السورية، بما في ذلك مناطق العمليات العسكرية الخاضعة لنفوذ الجيش التركي وفصائل سورية مسلحة موالية لها. وختم رئيس مجلس «مسد» حديثه ليقول: «سوف تتخلى تركيا عن المعارضة وتطالب بشكل أو بآخر بعودة اللاجئين والمهاجرين إليها، لرسم سياسات جديدة لعودة النظام إلى كافة المناطق حتى تلك الخاضعة لنفوذ تركيا شمالي البلاد».


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.