خبراء يحذرون من التصعيد بين واشنطن وبكين واحتمالات المواجهة

تدريبات بالذخيرة الحية للقوات الأميركية والإندونيسية وسط تنامي التوترات في الصين

جنود أميركيون وإندونيسيون خلال التدريبات العسكرية (أ.ب)
جنود أميركيون وإندونيسيون خلال التدريبات العسكرية (أ.ب)
TT

خبراء يحذرون من التصعيد بين واشنطن وبكين واحتمالات المواجهة

جنود أميركيون وإندونيسيون خلال التدريبات العسكرية (أ.ب)
جنود أميركيون وإندونيسيون خلال التدريبات العسكرية (أ.ب)

أجرت الولايات المتحدة تدريبات عسكرية مشتركة بالذخيرة الحية مع إندونيسيا أمس الجمعة، شارك فيها الآلاف من الجنود من الجانبين، في إطار ما وصفه جنرال أميركي كبير بأنها جهود أميركية لمنع نشوب صراع إقليمي بعد «الإجراءات المزعزعة للاستقرار» التي اتخذتها الصين حول تايوان. وأعربت الولايات المتحدة وحلفاؤها الآسيويون عن قلقهم بشأن إصرار الصين المتزايد في المحيط الهادئ، لكن واشنطن قالت إن التدريبات لا تستهدف أي دولة رغم أنها تعد أكبر بكثير من التدريبات العسكرية السابقة.
وشارك في التدريبات نحو 4000 جندي أميركي وإندونيسي. وتجري المناورات في جزيرة سومطرة الإندونيسية وفي جزر رياو، وهي مقاطعة إندونيسية مكونة من جزر صغيرة متناثرة بالقرب من سنغافورة وماليزيا. كما شاركت في التدريبات السنوية قوات من أستراليا وسنغافورة، إضافة إلى قوات من اليابان للمرة الأولى. كما شاركت كندا وفرنسا والهند وماليزيا وكوريا الجنوبية وبابوا غينيا الجديدة وتيمور الشرقية وبريطانيا في التمرين كدول مراقبة.
وخلال التدريبات، أطلقت القوات العسكرية المشتركة صواريخ «جافلين» المضادة للدبابات، بينما قامت مروحيات «أباتشي» بمناورات وأطلقت نيران مدافع رشاشة وصواريخ على منطقة تدريب على التلال.
وجاءت التدريبات في إندونيسيا المعروفة باسم «سوبر جارودا شيلد» بعد أن أجرت بكين الأسبوع الماضي مناورات حربية غير مسبوقة حول تايوان، التي تدعي أنها جزء من أراضيها، في رد فعل غاضب على زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى تايوان. وقالت الصين إن هذه الزيارة دمرت أساس الثقة السياسية بين أكبر اقتصادين في العالم. وكان رد الصين الفوري على الزيارة أنها أجرت أكبر تدريبات عسكرية لها على الإطلاق حول تايوان.
وقال قائد القيادة الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ الأدميرال جون أكويلينو، في مؤتمر صحافي بعد التدريبات إن «الإجراءات المزعزعة للاستقرار من قبل جمهورية الصين الشعبية والإجراءات التهديدية ضد تايوان هي بالضبط ما نحاول تجنبه». وأضاف: «نحاول كل يوم منع الحرب».
وكرر قائد الجيش الإندونيسي أنديكا بيركاسا التصريحات نفسها، نافياً أن يكون هدف التدريبات مرتبطاً بالوضع في مضيق تايوان، قائلاً إن التدريبات كان مخططاً لها قبل ذلك بوقت طويل. وقد دفعت التدريبات الجوية والبحرية الصينية التي استمرت أسبوعاً التوترات في المنطقة إلى أعلى مستوى لها منذ سنوات وأثارت شبح الصراع في مضيق تايوان.
ويقول المحللون إن التدريبات العسكرية الصينية التي انتهت، ترسل رسالة واضحة للولايات المتحدة والعالم بأن الجيش الصيني سيدعم بقوة المطالبات الصينية بتايوان، ما يعني استمرار حالة التوتر مرتفعة وهو ما يزيد من أخطار المواجهة مع مخاوف من تحولات في الحسابات العسكرية للصين.
ويقول تشاو تونغ الباحث الأمني في مؤسسة كارنيغي للسلام: «لقد عززت هذه الأزمة وجهة النظر في الصين القائلة بأن الوحدة مع تايوان ربما لا يمكن تحقيقها إلا من خلال الوسائل القسرية». وأشار إلى أن جيش التحريري الشعبي الصيني قام بعمليات عسكرية تستهدف التدريب على حصار تايوان حيث حلقت الصواريخ فوق الجزيرة لأول مرة، وعبرت السفن الخط الوسطي غير الرسمي في مضيق تايوان، الذي حددته الولايات المتحدة في الخمسينات من القرن الماضي، ولكن لم تعترف به الصين رسمياً، وكل ذلك يشير إلى أنه قد يكون خطوة أولى محتملة نحو الغزو.
ويتوقع المحللون الأمنيون أن تحافظ القوات الصينية، ولا سيما البحرية، على تسيير دوريات مكثفة في جميع أنحاء تايوان، ودفع الخط الوسطي وإقامة هيمنة طويلة الأمد على الممر المائي.
ويحذر الخبراء من أن الصين قد لا تخطط لغزو وشيك، إلا أن تعليق بعض قنوات الاتصالات العسكرية بعد زيارة بيلوسي أضعف الحواجز لإدارة الصراع غير المقصود مع الولايات المتحدة، ما زاد من المخاطر العسكرية طويلة المدى.


مقالات ذات صلة

بايدن يستضيف رئيس الفلبين لمواجهة تصاعد التوترات مع الصين

الولايات المتحدة​ بايدن يستضيف رئيس الفلبين لمواجهة تصاعد التوترات مع الصين

بايدن يستضيف رئيس الفلبين لمواجهة تصاعد التوترات مع الصين

في تحول كبير نحو تعزيز العلاقات الأميركية - الفلبينية، يستضيف الرئيس الأميركي جو بايدن، الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس جونيور، في البيت الأبيض مساء الاثنين، في بداية أسبوع من اللقاءات رفيعة المستوى، تمثل تحولاً في العلاقة بين البلدين التي ظلت في حالة من الجمود لفترة طويلة. زيارة ماركوس لواشنطن التي تمتد 4 أيام، هي الأولى لرئيس فلبيني منذ أكثر من 10 سنوات.

هبة القدسي (واشنطن)
العالم الحرب الباردة بين أميركا والصين... هل تتغيّر حرارتها؟

الحرب الباردة بين أميركا والصين... هل تتغيّر حرارتها؟

من التداعيات المباشرة والأساسية للحرب في أوكرانيا عودة أجواء الحرب الباردة وبروز العقلية «التناحرية» التي تسود حالياً العلاقة بين الولايات المتحدة والصين. ومع كل ما يجري في العالم، نلمح الكثير من الشرارات المحتملة التي قد تؤدي إلى صدام بين القوتين الكبريين اللتين تتسابقان على احتلال المركز الأول وقيادة سفينة الكوكب في العقود المقبلة... كان لافتاً جداً ما قالته قبل أيام وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين وشكّل انعطافة كبيرة في مقاربة علاقات واشنطن مع بكين، من حيّز المصالح الاقتصادية الأميركية إلى حيّز الأمن القومي.

أنطوان الحاج
الاقتصاد الشركات الأميركية في الصين  تخشى مزيداً من تدهور علاقات البلدين

الشركات الأميركية في الصين تخشى مزيداً من تدهور علاقات البلدين

تخشى الشركات الأميركية في الصين بشكل متزايد من مزيد من التدهور في العلاقات بين البلدين، وفقاً لدراسة استقصائية أجرتها غرفة التجارة الأميركية في الصين. وأعرب 87 في المائة من المشاركين في الدراسة عن تشاؤمهم بشأن توقعات العلاقة بين أكبر الاقتصادات في العالم، مقارنة بنسبة 73 في المائة في استطلاع ثقة الأعمال الأخير. ويفكر ما يقرب من ربع هؤلاء الأشخاص، أو بدأوا بالفعل، في نقل سلاسل التوريد الخاصة بهم إلى دول أخرى.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد دعوات أميركية للحد من اعتماد الدول الغنية على السلع الصينية

دعوات أميركية للحد من اعتماد الدول الغنية على السلع الصينية

من المتوقع أن يبحث قادة مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى في قمتهم المقررة باليابان الشهر المقبل، الاتفاق على تحديد رد على التنمر الاقتصادي من جانب الصين.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الصين تنتقد «الإكراه الاقتصادي» الأميركي

الصين تنتقد «الإكراه الاقتصادي» الأميركي

انتقدت بكين الجمعة، عزم واشنطن فرض قيود جديدة على استثمارات الشركات الأميركية في نظيرتها الصينية، معتبرة أن خطوة كهذه هي أقرب ما يكون إلى «إكراه اقتصادي فاضح وتنمّر تكنولوجي». وتدرس إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، برنامجاً لتقييد استثمارات خارجية أميركية، بما يشمل بعض التقنيات الحسّاسة التي قد تكون لها آثار على الأمن القومي. وتعاني طموحات الصين التكنولوجية أساساً من قيود تفرضها الولايات المتحدة ودول حليفة لها، ما دفع السلطات الصينية إلى إيلاء أهمية للجهود الرامية للاستغناء عن الاستيراد في قطاعات محورية مثل أشباه الموصلات. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ونبين، إن «الولايات المتحد

«الشرق الأوسط» (بكين)

وزير الدفاع الروسي: العلاقات العسكرية مع كوريا الشمالية تتوسع بسرعة

عند وصول وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف إلى مطار بيونغ يانغ الدولي بكوريا الشمالية... وفي استقباله وزير الدفاع الكوري الشمالي نو كوانغ تشول يوم الجمعة 29 نوفمبر 2024 (أ.ب)
عند وصول وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف إلى مطار بيونغ يانغ الدولي بكوريا الشمالية... وفي استقباله وزير الدفاع الكوري الشمالي نو كوانغ تشول يوم الجمعة 29 نوفمبر 2024 (أ.ب)
TT

وزير الدفاع الروسي: العلاقات العسكرية مع كوريا الشمالية تتوسع بسرعة

عند وصول وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف إلى مطار بيونغ يانغ الدولي بكوريا الشمالية... وفي استقباله وزير الدفاع الكوري الشمالي نو كوانغ تشول يوم الجمعة 29 نوفمبر 2024 (أ.ب)
عند وصول وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف إلى مطار بيونغ يانغ الدولي بكوريا الشمالية... وفي استقباله وزير الدفاع الكوري الشمالي نو كوانغ تشول يوم الجمعة 29 نوفمبر 2024 (أ.ب)

قال وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف، اليوم الجمعة، خلال زيارة لكوريا الشمالية، إن التعاون العسكري بين البلدَين يتوسّع بسرعة. واتهمت الولايات المتحدة كوريا الشمالية بإرسال آلاف الجنود إلى منطقة كورسك الروسية، حيث تحاول القوات الروسية طرد الجنود الأوكرانيين. ولم تؤكد موسكو أو تنفِ هذا الادعاء.

وزير الدفاع الكوري الشمالي نو كوانغ تشول (يسار) يتصافح ووزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف خلال اجتماعهما في بيونغ يانغ بكوريا الشمالية يوم 29 نوفمبر 2024 (أ.ب)

ونقلت وزارة الدفاع الروسية عن بيلوسوف قوله، لنظيره الكوري الشمالي نو كوانغ تشول، إن معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي وقَّعتها موسكو وبيونغ يانغ هذا العام تستهدف تقليص مخاطر الحرب في شمال شرقي آسيا و«الحفاظ على توازن القوى في المنطقة». وأضاف بيلوسوف أن محادثات، اليوم (الجمعة)، قد تعزز الشراكة الاستراتيجية في المجال العسكري بين موسكو وبيونغ يانغ. وذكرت وكالات أنباء روسية أن بيلوسوف سيجري محادثات مع القيادة العسكرية والسياسية لكوريا الشمالية.

وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف (الثاني من اليسار) مع وزير الدفاع الكوري الشمالي نو كوانغ تشول (الثاني من اليمين) خلال لقائهما في بيونغ يانغ بكوريا الشمالية يوم 29 نوفمبر 2024 (أ.ب)

وفي وقت سابق اليوم، قالت وزارة الدفاع الروسية إن وزير الدفاع، أندريه بيلوسوف، وصل إلى كوريا الشمالية، اليوم (الجمعة)؛ لإجراء محادثات مع القادة العسكريين والسياسيين في بيونغ يانغ، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

حلَّ بيلوسوف، الخبير الاقتصادي السابق، محلَّ سيرغي شويغو وزيراً للدفاع في مايو (أيار) بعد أن بدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فترة ولايته الخامسة في السلطة.

وجاءت الزيارة بعد أيام من لقاء الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول، وفداً أوكرانياً بقيادة وزير الدفاع رستم عمروف، ودعا البلدَين إلى صياغة تدابير مضادة غير محددة رداً على إرسال كوريا الشمالية آلاف القوات إلى روسيا؛ لدعم حربها ضد أوكرانيا.

عند وصول وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف إلى مطار بيونغ يانغ الدولي بكوريا الشمالية... وفي استقباله وزير الدفاع الكوري الشمالي نو كوانغ تشول يوم الجمعة 29 نوفمبر 2024 (أ.ب)

وقالت الولايات المتحدة وحلفاؤها إن كوريا الشمالية أرسلت أكثر من 10 آلاف جندي إلى روسيا في الأسابيع الأخيرة، وإن بعض هذه القوات بدأت بالفعل في الانخراط في القتال. كما اتُّهمت كوريا الشمالية بتزويد روسيا بأنظمة مدفعية وصواريخ ومعدات عسكرية أخرى قد تساعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تمديد الحرب الدائرة منذ نحو 3 سنوات.

وتتخوَّف سيول من أن كوريا الشمالية قد تتلقى مقابل إرسال قواتها وإمداداتها إلى روسيا، نقلاً للتكنولوجيا الروسية من شأنه أن يعزز التهديد الذي يشكِّله برنامج الأسلحة النووية والصاروخية للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون.