في الربع الأخير من العام الماضي، سيطرت على العالم مخاوف من تحوّل تطبيق «تليغرام» الروسي إلى منصة بديلة لما يُعرف بـ«الإنترنت المظلم»، حيث كشفت دراسة أجرتها صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، بالتعاون مع «سايبرنت»، ونُشرت في 17 سبتمبر (أيلول) الماضي، عن أن «تطبيق (تليغرام) أصبح ملاذاً للإنترنت المظلم، ومركزاً لمجرمي (الإنترنت) الذين يتطلعون لبيع وشراء البيانات المسروقة والقرصنة». اتفقت نتائج هذه الدراسة مع مخاوف عربية من استخدام «الإرهابيين» لهذه المنصة التي تتبع نظاماً خاصاً في التشفير، فيما عُرِف بـ«خلية تليغرام».
لكن يبدو أن ممارسة الجريمة والدعوة لها ليست حكراً على منصة «تليغرام»، حيث رصد رواد مواقع التواصل الاجتماعي، في مصر، منشورات تحريضية وفيديوهات على منصات «تيك توك»، و«فيسبوك»، تتضمن تحريضاً مباشراً على القتل والعنف، في أعقاب جريمة قتل شاب في مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية (80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة) زميلته بـ17 طعنة، بشكل علني، وهي الجريمة التي مثَّلت محاكاة لجريمة أخرى، تُعرف إعلامياً بواقعة «فتاة المنصورة»، نيرة أشرف، التي راحت ضحية زميلها بالجامعة أيضاً، في يونيو (حزيران) الماضي، لأنها «رفضت الزواج منه».
لكن رغم أن الجاني نال حكماً بالإعدام شنقاً (ما زالت القضية قيد الاستئناف من قبل الجاني)، فإن ثمة دعوات تحريضية على «القتل والاعتداء على» أي فتاة ترفض الزواج من شاب تقدم لها، حتى «لا تكون لغيره».
ووجهت هذه الدعوات بحالة من الاستهجان من رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، حيث تم تداول المنشورات التحريضية، مع دعوات بإلقاء القبض على ناشريها.
في أحد المنشورات على منصة «تيك توك»، يخاطب شاب نظراءه من الذكور، بقوله: «إذا أحب الشخص فتاة، فما عليه سوى التقدم لطلب يدها، فإذا تم رفضه لأي سبب فعليه الهرب معها؛ وإلا فإن القتل هو الحل النهائي الأخير».
https://twitter.com/osdhazem/status/1557791856611803137
وتضمن منشور آخر تحريضاً على الاعتداء على الفتيات حال رفضهن الزواج.
https://twitter.com/vona48257968/status/1557786840232501248
بينما تضمنت منشورات أخرى تحريضاً غير مباشر، عبر اتباع نظرية «لوم الضحية»، وهي المنشورات التي تتشابه مع ما حدث وقت واقعة «فتاة المنصورة».
https://twitter.com/abdullahrushdy/status/1557716368723697665
دفعت هذه المنشورات التحريضية شخصيات عامة وكُتّاباً لمحاولة الرد عليها، وكتب الكاتب إبراهيم عبد المجيد، الذي فاز أخيراً بـ«جائزة النيل» في الآداب على صفحته في «فيسبوك»، أن «فشل قصة الحب في الستينات والسبعينات لم يكن يستدعي سوى ليلة من البكاء والسهر والاستماع لأغنية عبد الحليم حافظ (تخونوه)»، مترحماً على «أيام زمان».
وتحذر خبيرة علم النفس، الدكتورة أسماء علاء الدين، من «تأثير الصدمات العاطفية المبكرة أو الشعور بالرفض من الجنس الآخر، التي يتعرض لها بعض الأولاد»، مشيرة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «انتشار المواد المخدرة يزيد من انتشار الجرائم».
وتضيف خبيرة علم النفس أن «انتشار منشورات التحريض يخفي (تعاطفاً زائفاً) مع القتلة في هذه النوعية من الجرائم، كما يعكس عقلية (غير سوية) بفكرة (الاستحواذ) و(الاستحقاقية)، بمعنى أنها تريد أن تستحوذ على الفضاء العام المشترك مع الجنس الآخر، كما يرى كل شاب أنه هو فقط من (يستحق) هذه الفتاة أو تلك دون غيره».
مصر: جدل واتهامات بشأن منشورات تحريضية على «السوشيال ميديا»
بعد حادث قتل فتاة الزقازيق
مصر: جدل واتهامات بشأن منشورات تحريضية على «السوشيال ميديا»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة