تشكيك في دور «الطفرات الجينية» بتفشي «جدري القردة»

باحثة أميركية: «انتشار الفيروس هو الأسرع تاريخياً»

جرعات من لقاح إمفانيكس الذي يستخدم للوقاية من فيروس جدري القرود
جرعات من لقاح إمفانيكس الذي يستخدم للوقاية من فيروس جدري القرود
TT

تشكيك في دور «الطفرات الجينية» بتفشي «جدري القردة»

جرعات من لقاح إمفانيكس الذي يستخدم للوقاية من فيروس جدري القرود
جرعات من لقاح إمفانيكس الذي يستخدم للوقاية من فيروس جدري القرود

ينتشر فيروس جدري القرود الحالي أسرع من أي انتشار آخر في التاريخ الحديث، لكن عالمة الفيروسات بجامعة ولاية واشنطن، هيذر كوهلر، لا ترى أن هذا الانتشار السريع له علاقة بالفيروس نفسه.
وكوهلر، هي خبيرة في تفاعلات الفيروس مع المضيف، وتُجرِي أبحاثاً حالية في سلالة جدري القردة التي تنتشر حالياً، وتعمل على فهم الجينات الوراثية للفيروس من خلال دراسة تسلسل الحمض النووي والبروتينات.
تقول كوهلر في حوار نشره الموقع الرسمي لجامعة ولاية واشنطن أول أغسطس (آب) الجاري: «لا توجد طفرات كبيرة جديدة يمكن أن تفسر التغيير في انتقال العدوى، ويمكن أن يكون السبب، أن استراتيجيات الاحتواء لا يتم تنفيذها بشكل مناسب أو بقوة كافية، أو أن الأشخاص المصابين لا يتعرفون على الأعراض ويسعون للعلاج في الوقت المناسب».
وكانت حالات تفشي المرض في الماضي صغيرة نسبياً وتم احتواؤها بسرعة، لكن هذه المرة، انتشر الفيروس إلى أكثر من 16500 حالة حتى أواخر يوليو (تموز) الماضي، معظمها في البلدان التي لم تسجل فيها حالات إصابة بالفيروس، ومع ذلك لم يتغير شيء يذكر في جينوم جدري القرود، كما تؤكد كوهلر.
وفي حين أنه من الممكن أن يؤدي تغيير طفيف إلى انتشار المرض، لم تجد كوهلر وفريقها البحثي أي تغيّرات واضحة يبدو أن لها هذا التأثير الكبير.
وأظهر التحليل الذي أجرته كوهلر أنّ هناك أقل من 100 من بين أكثر من 197 ألف «نيوكليوتيد»، وهو نوع من أزواج قواعد الحمض النووي، التي تختلف في الفيروس الحالي عن تلك الموجودة في تفش أصغر في عام 2017 في المملكة المتحدة، وهذا يعني «أنه الفيروس نفسه إلى حد كبير».
وتدرس كوهلر تفاعلات الفيروس مع المضيف على المستويات الجزيئية، وكانت تحقق في طريقة تفاعل البروتينات البشرية مع بروتينات سلالة جدري القرود المنتشرة حالياً والتي تعود أصولها إلى غرب أفريقيا.
وتعتبر منطقة غرب أفريقيا مستوطنة من فيروس جدري القرود، مما يعني أن لديها أنواعاً حيوانية تعمل كمستودع للأمراض الحيوانية المنشأ التي يمكن أن تنتقل من الحيوانات إلى البشر.
وفي الماضي، شهدت البلدان غير الموبوءة حالات مرتبطة بالسفر إلى البلدان الموبوءة، أو مضيفات حيوانية غير تقليدية، أو انتشار من إنسان إلى آخر، لكن التفشي الحالي يبدو أنه يعتمد بشكل أساسي على انتقال العدوى من إنسان إلى إنسان، كما توضح كوهلر.
وتسبب حجم التفشي الحالي لجدري القرود في إعلان مدير منظمة الصحة العالمية حالة طوارئ صحية عالمية، وفي 28 يوليو، أعلن البيت الأبيض عن المرحلة الأولى من استراتيجية اللقاح الوطنية ضد جدري القرود في الولايات المتحدة.
تقول كوهلر: «الفيروس ينتشر بشكل أسرع مما توقّعه أي عالم فيروسات بناءً على حالات تفش سابقة تم احتواؤها بسرعة، واستناداً إلى الطبيعة الواسعة الانتشار لهذا التفشي غير المسبوقة».
وكانت هناك الكثير من المواقف في الماضي، حيث عاد الأشخاص الذين يسافرون إلى المناطق الموبوءة بالمرض، لكن تم احتواؤها من خلال عزل مخالطي الأشخاص وتطعيمهم. وتمتلك الكثير من البلدان مخزوناً من اللقاح، بما في ذلك المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، فوزعت جرعات على المناطق المتأثرة بشدة، مثل مقاطعة كينغ في ولاية واشنطن، ومع ذلك، لم تكن الاستجابة كافية لوقف الانتشار.
وتعتقد كوهلر أن إحدى المشكلات قد تكون أن الناس لم يعرفوا أنهم تعرضوا لجدري القرود، فالمرض له فترة حضانة، ولكن الأشخاص لا يكونون عادة معديين حتى تظهر الأعراض، وتشمل الأعراض الحمى والتعب العضلي والصداع الشديد، لكن الآفات الجلدية هي علامة منبهة للفيروس.
تقول كوهلر: «الآفات مميزة أو مميزة إلى حد ما، ليس هناك مجال كبير للتفسير، فعلى سبيل المثال، يمكن أن تظهر آفات جدري القرود في أي مكان من الجسم بما في ذلك راحتا اليدين وأسفل القدمين، على عكس الآفات الناجمة عن أمراض أخرى مثل الهربس أو جدري الماء».
وتخشى كوهلر أيضاً من أنّ التفسير الخاطئ للمرض – الاعتقاد بأنّ جدري القرود ينتشر بشكل أساسي من قبل الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال - يزيد المشكلة سوءاً.
وتشير إلى أنّ «جدري القرود يمكنه الانتقال من خلال أي نوع من أنواع الاتصال الوثيق بما في ذلك المصافحة أو العناق، وفي الآونة الأخيرة، تم تحديد حالتين في الأطفال، وهي علامة مقلقة لأن الأطفال والنساء الحوامل هم من بين الأكثر عرضة لأسوأ آثار المرض».
وانتقدت الطريقة التي تتحدث بها بعض وسائل الإعلام عن جدري القرود، واصفة إياها بأنها ليست منحازة وغير دقيقة فحسب، بل قد تمنع الناس أيضاً من التماس العناية الطبية. وقالت: «لا ينبغي أن نضع أي نوع من الملصقات على مرض ينتقل عن طريق الاتصال، ولا يهم توجهك الجنسي، ولا يهم نوع المشاركة الجسدية التي تتعرض لها، فإذا كنت على اتصال جسدي طويل الأمد بآفة مصابة، فلديك القدرة على التقاطها».
وقد يعاني الشخص المصاب من بعض الأعراض أو جميعها بأي ترتيب، رغم أن معظمهم سيصابون بالطفح الجلدي، والأعراض هي حُمى، صداع الرأس، آلام في العضلات والظهر، تورم الغدد الليمفاوية، قشعريرة، إنهاك، بالإضافة إلى أعراض الجهاز التنفسي، مثل التهاب الحلق واحتقان الأنف والسعال.


مقالات ذات صلة

حمدوك يخشى «إبادة جماعية» في السودان على غرار رواندا

شمال افريقيا رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (غيتي)

حمدوك يخشى «إبادة جماعية» في السودان على غرار رواندا

حذر رئيس وزراء السودان السابق، عبد الله حمدوك، من انزلاق الوضع في السودان إلى ما هو أسوأ من الإبادة الجماعية التي شهدتها رواندا في تسعينات القرن الماضي.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
المشرق العربي مؤيدون للفلسطينيين أمام عناصر الشرطة الهولندية خلال مواجهات مع مشجعي فريق مكابي الإسرائيلي في أمستردام الليلة قبل الماضية ( أ.ف.ب)

حرب غزة في شوارع أمستردام

شهدت مدينة أمستردام الهولندية مواجهات شوارع ليلة الخميس بين مشجعي كرة قدم إسرائيليين ومجموعات من الشبان العرب والمسلمين المؤيدين للفلسطينيين، وُصفت بأنها.

نظير مجلي (تل أبيب) «الشرق الأوسط» (أمستردام)
يوميات الشرق «SRMG Labs» أكثر الوكالات تتويجاً في مهرجان «أثر» للإبداع بالرياض (SRMG)

«الأبحاث والإعلام» تتصدّر جوائز مهرجان «أثر» للإبداع

تصدّرت وكالة الخدمات الإبداعية والإعلانية (SRMG Labs)، ذراع الابتكار في المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG)، مهرجان «أثر» للإبداع، الأكبر من نوعه.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومديرة حملته الانتخابية سوزي وايلز بعد إعلان انتصار ترمب بالانتخابات في فلوريدا (أ.ب)

ترمب يُدشّن تعيينات فريقه الانتقالي

بإعلانه تعيين مديرة حملته الانتخابية لنحو 4 سنوات، سوزي وايلز، في منصب كبيرة موظفي البيت الأبيض، أطلق الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، عملية اختيار.

إيلي يوسف (واشنطن) علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​  ABD'nin 2. kez seçilen başkanı Donald Trump (Reuters)

واشنطن تكشف تفاصيل خطة إيرانية لاغتيال ترمب

كشفت وزارة العدل الأميركية أمس، عن تفاصيل خطة إيرانية لاغتيال دونالد ترمب قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية.

«الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن)

للمرة الأولى منذ حريق 2019... أجراس كاتدرائية «نوتردام» في باريس تُقرع مجدداً (صور)

أحد الأجراس التي تبرعت بها لجنة تنظيم الألعاب الأولمبية في باريس سيتم تثبيتها في كاتدرائية نوتردام قبل إعادة افتتاحها (إ.ب.أ)
أحد الأجراس التي تبرعت بها لجنة تنظيم الألعاب الأولمبية في باريس سيتم تثبيتها في كاتدرائية نوتردام قبل إعادة افتتاحها (إ.ب.أ)
TT

للمرة الأولى منذ حريق 2019... أجراس كاتدرائية «نوتردام» في باريس تُقرع مجدداً (صور)

أحد الأجراس التي تبرعت بها لجنة تنظيم الألعاب الأولمبية في باريس سيتم تثبيتها في كاتدرائية نوتردام قبل إعادة افتتاحها (إ.ب.أ)
أحد الأجراس التي تبرعت بها لجنة تنظيم الألعاب الأولمبية في باريس سيتم تثبيتها في كاتدرائية نوتردام قبل إعادة افتتاحها (إ.ب.أ)

دقت الأجراس الثمانية لبرج الجرس الشمالي لكاتدرائية نوتردام في باريس، التي تستعد لإعادة فتحها في 7 ديسمبر (كانون الأول)، اليوم (الجمعة)، بعد أكثر من خمس سنوات على الحريق الذي أتى على أجزاء واسعة من الكاتدرائية.

أعمال الترميم تستمر في كاتدرائية نوتردام التي دمرها حريق عام 2019 قبل شهر واحد من إعادة افتتاحها (رويترز)

وقبيل الساعة 10:30 صباحاً (09:30 ت.غ)، دقت الأجراس واحداً تلو الآخر، إثر تشغيلها بواسطة محركات، لتقرع معاً بصورة متناغمة، وفق ما أفاد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية» في الموقع.

وقال فيليب جوست، رئيس المؤسسة العامة المسؤولة عن ترميم الكاتدرائية، الذي كان حاضراً للمناسبة: «إنها خطوة جميلة ومهمة ورمزية».

وشدد على أن «هذه أول مرة (تقرع) كل الأجراس معاً» منذ حريق أبريل (نيسان) 2019، وذلك قبل أقل من شهر من إعادة فتح الكاتدرائية.

أجراس تظهر أمام كاتدرائية نوتردام في باريس قبل إعادة افتتاحها (إ.ب.أ)

وقال ألكسندر غوجون، من شركة «غوجون»، وهو مدير مشروع إعادة تجهيز الأجراس، إن «كل شيء ليس مثالياً بعدُ. سنحل هذه المشكلة بشكل مثالي ولكن هذه المحاولة الأولى كانت ناجحة»، متحدثاً عن «نتيجة عظيمة» للتجربة. وكانت تجارب أجريت لكل جرس على حدة، الخميس.

تمثل هذه المحطة خطوة إضافية على طريق إحياء كاتدرائية نوتردام، المدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو، وهي من أكبر الكاتدرائيات في الغرب، ومن أكثر المعالم استقطاباً للزوار في أوروبا.

طوني استانجيه رئيس دورة الألعاب الأولمبية في باريس 2024 يقرع الجرس الذي قرعه الفائزون بالميداليات الأولمبية قبل تركيبه بكاتدرائية نوتردام (أ.ب)

وخلال حريق 15 أبريل 2019، وصلت النيران إلى جزء من برج الجرس الشمالي للمبنى، الذي كان لا بد من ترميمه.

وفي يوليو (حزيران) 2023، تولت «مجموعة شكّلتها 5 شركات» متخصصة «نزع أجراس البرج الشمالي الثمانية، وهي: غابريال (4162 كيلوغراماً)، وآن جنفييف (3477 كيلوغراماً)، ودوني (2502 كيلوغرام)، ومارسيل (1925 كيلوغراماً)، وإتيان (1494 كيلوغراماً)، وبنوا جوزيف (1309 كيلوغرامات)، وموريس (1101 كيلوغرام)، وجان ماري (782 كيلوغراماً)»، وفقاً «لوكالة الصحافة الفرنسية».

الأجراس التي سيتم تعليقها على كاتدرائية نوتردام في باريس (أ.ف.ب)

وأوضحت أن الهدف من نزعها كان «إتاحة ترميم برج الجرس الشمالي» المخصص «لدعم وزنها وحركتها» و«لامتصاص اهتزازاتها كي لا تتسبب بتداعيات على البناء».

أجراس جديدة من المقرر وضعها بكاتدرائية نوتردام في باريس (أ.ف.ب)

إلى ذلك، كشف فيليب جوست، الجمعة، عن أنّ «فنانين كباراً يتمتعون بشهرة عالمية» سيشاركون في مراسم إعادة فتح كاتدرائية نوتردام في السابع من الشهر المقبل.

لكن رئيس المؤسسة العامة المسؤولة عن ترميم الكاتدرائية لم يسمّ أيّاً من الفنانين المتوقع حضورهم، ولم يؤكد الأنباء عن توجه عضو فريق البيتلز السابق بول مكارتني للمشاركة في الحدث، وهو احتمال أوردته مقالات صحافية عدة في الأسابيع الأخيرة.

عناصر من الشرطة يرافقون وصول الجرس الذي تبرعت به اللجنة المنظمة لدورة الألعاب الأولمبية 2024 في باريس إلى كاتدرائية نوتردام (إ.ب.أ)

وقال جوست عبر إذاعة «أر تي إل» الفرنسية: «سيحضر فنانون جيدون جداً، وفنانون كبار يتمتعون بشهرة عالمية، وهذا ما تستحقه الكاتدرائية»، لكنه أكد أن التفاصيل في هذا الشأن ستُكشف «عندما يحين الوقت».